زيرون التنين الذهبي، هكذا كان شعب أمة التنين يسمون ملكهم.
والآن بعد أن رأيته يمكنني أن أفهم لماذا يسمونه بذلك.
كان لديه شعر أشقر طويل يبدو كما لو أن شخصاً قد نسجه من أشعة الشمس، وكانت عيناه ذهبية مثل ماسة صفراء نادرة.
عادة ما يكون راكبو التنانين سمر البشرة بسبب التعرض المستمر للشمس، لكن بشرته كانت فاتحة وبدون أي شائبة.
جلس هناك على العرش كما لو أنه صُنع من أجله.
كانت لديه هالة مخيفة لم أرَ مثلها من قبل، انه بالفعل ملك.
“يا مولاي لقد أحضرت لك هدية، حورية بحر.” قال راكب التنين وهو يدفعني للمشي إلى الأمام.
حورية بحر؟ من؟
كان الملك صامتاً للحظة وكان ينقر على ذراع كرسيه مراراً وتكراراً كما لو أنه يفكر فيما قاله جنديه.
“همم، لكنها ليست حورية بحر.” قال أخيراً بعد بضع دقائق.
بالطبع لست حورية بحر، هل كان راكب التنين أعمى؟ انتظر، بوجهي وجسدي الجميل كيف يمكن أن يخطئ ويعتبرني مخلوقاً أسطورياً نصفه سمكة؟ فكرت في نفسي وحدقت في راكب التنين بغضب.
“لكن عيونها الوردية؟” تمتم بتوتر.
“انها مجرد إنسانة عادية.” رد الملك بنبرة هادئة.
لكن حتى تلك النبرة الهادئة أخافت راكب التنين وسقط على ركبتيه معتذراً.
“أنا آسف يا مولاي، سأزيلها من نظرك على الفور، من فضلك لا تقتلني.”
استدرت إلى راكب التنين الذي كان يرتجف دون توقف وابتسمت.
هذا الأحمق كان يخطط لكسب معروف لدى ملكه والآن انقلب الامر عليه.
“اخرج…” قال الملك ثم نهض من كرسيه.
“شكراً لك يا مولاي الرحيم.” قال راكب التنين ونهض بأسرع ما يمكنه للخروج من القاعة قبل أن يغير الملك رأيه، وشد الحبل الذي كان مربوطاً حول يدي. “تحركي” صرخ في وجهي.
“اتركها هنا.” قال الملك، وانحنى راكب التنين وغادر على الفور.
ماذا؟! لماذا؟ فكرت في نفسي بينما رأيت الملك يقترب أكثر فأكثر مني.
“على الرغم من أنكِ ليست حورية بحر، لقد أعجبت بك كثيراً، أن يكون لي محظية بشرية ليست فكرة سيئة، خاصة شخص بهذه العيون الوردية الجميلة.” قال زيرون وهو يرفع ذقني عالياً لفحص وجهي.
كان لديه ابتسامة مخيفة على وجهه وبدأ جسدي يرتجف من الخوف.
“لكن لدينا مشكلة صغيرة، أنت متزوجة.” قال وهو ينظر للأسفل ويرى الخاتم في يدي.
“حسناً لن تكون تلك مشكلة لأنني سأدمر أمتك قريباً وأقتل زوجك.” ابتسم ثم ابتعد عني.
كنت أحبس أنفاسي من الخوف طوال الوقت الذي كان فيه قريباً مني، والآن بعد أن ابتعد تمكنت من التنفس مرة أخرى.
“جهزوها وضعوها في الحريم في الوقت الحالي.” أمر خدمه وجلس مرة أخرى على كرسيه ليستمع إلى المسألة التالية التي تحتاج إلى مناقشة.
بعد لقائي مع زيرون شعرت بخدر في رأسي واستمر جسدي في الارتجاف من الخوف كما لو كنت أتجمد من البرد.
ماذا يجب أن أفعل؟ ماذا يجب أن أفعل؟ استمريت في سؤال نفسي وعض شفتي من الخوف بينما جهز الخدم حماماً لي ثم ألبسوني زي أمتهم.
كان فستاناً طويلا مصنوع من قماش خفيف، لكن التنورة كان فيها شق على الجانب وأعلى الفستان كان يظهر كتفي.
استمريت في الإمساك بقماش الفستان وعصره لأنني شعرت بعدم الارتياح و أنا ارتديه.
كنت على وشك أن أفقد عقلي حقاً، لكن عندما فتحوا الباب إلى مبنى الحريم تغير كل شيء.
كان المبنى مليئاً بنساء أخريات وأطفال وخدم وجميعهم كانوا نساء.
عندما أغلقوا باب المدخل خلفي، لم يكن أحد مندهشاً أو ينظر إلي بغرابة، على العكس، اقترب بعضهم مني ورحبوا بي بحرارة.
حتى أن بعض الأطفال استمروا في التحديق بي، دون قول أي شيء.
“يا مسكينة، لا تخافي تعالي اجلسي معنا.” قالت امرأة جميلة عرّفت نفسها باسم منار.
كان لديها شعر أسود طويل حريري، بشرة سمراء وعيون خضراء، كانت جمالاً لم أرَ مثيلاً له في حياتي.
شدت يدي، وتركتني أجلس معها وعرّفتني على صديقاتها.
كان هناك الكثير من الطعام على الطاولة، وصوت الأطفال يركضون ويضحكون بالقرب هدأني قليلاً.
وعندما كنت مستعدة للتحدث أخيراً ، بدأت بطرح الأسئلة.
“آسفة للسؤال لكن هل يمكنك إخباري قليلاً عن هذا المكان؟”
“بالتأكيد.” قالت منار بابتسامة دافئة، وبدأت بشرح النظام.
“هذا هو الحريم، حيث يتم الاحتفاظ بنساء الملك وحمايتهن.
الملك حالياً لديه 8 زوجات و4 محظيات.
أما بالنسبة للأطفال كما ترين هؤلاء جميعهم أطفال الملك، يعتبر الملك جميع أطفاله شرعيين سواء وُلدوا من نبيلة أو خادمة، لهذا السبب نحن جميعاً على نفس المستوى.
وسيتم اختيار ولي العهد أو ولية العهد منهم عندما يحين الوقت، وليس الأمر يتعلق بمن وُلد أولاً، لهذا السبب لا حاجة لنا للقتال مع بعضنا البعض.”
“انتظري، هل قلت 8 زوجات؟؟؟”
“نعم.”
“إذن لماذا يحتاجني؟”
“الملك وحده يعرف لماذا…” أجابت منار بنبرة هادئة ثم تابعت الدردشة مع الجميع الجالسين على الطاولة.
“آنسة، هل أنت حورية بحر؟” سألت فتاة صغيرة كانت تحدق بي منذ لحظة دخولي إلى الحريم.
“لا، لماذا يعتقد الجميع أنني واحدة؟” سألت محولة رأسي نحو منار التي يبدو أنها المسؤولة عن هذا المكان.
“في الحكايات الشعبية والأساطير القديمة لمملكتنا، كانت حوريات البحر تعيش بالقرب من أمتنا وفي الوصف قيل أن لديهن عيون وردية تماماً مثل عينيك.”
بدأت أداعب شعر الفتاة الصغيرة بلطف، فعانقتني.
ضممتها إليّ، كنتُ بحاجة ماسة لهذا العناق بعد ما حدث اليوم.
عادة أنا ذكية عندما يتعلق الأمر بحل المشاكل، لكن ليس هذه المرة.
كان عقلي فارغاً ولم أستطع التفكير في طريقة للهروب من هذا المكان.
كان هناك الكثير من الأعين في المنطقة، وكان لدي خادمتان تتبعانني طوال الوقت وفي كل مكان.
كنت محاصرة مثل طائر الكناري.
لحسن الحظ كان الحريم مسالماً وعاملت النساء بعضهن البعض كأخوات.
بحلول اليوم الثالث كنت على دراية بالجميع في المبنى الكبير.
ويبدو أن لدي الكثير من المعجبين، لأن الأطفال استمروا في متابعتي ويطلبون مني اللعب معهم طوال الوقت.
على الرغم من أنني كنت أمشي وآكل وأنام دون مشكلة، من الداخل كنت بالكاد أتماسك.
المسألة هي أنني لن أقبل أبداً رجلاً آخر في حياتي إلى جانب ثيودور، وأفضل أن أنهي حياتي بدلاً من أن أكون زوجة زيرون.
وكل ليلة أضع رأسي على الوسادة كنت أبكي بصمت وأفكر في ثيودور وعائلتي لأنني قد لا أراهم مرة أخرى.
إذا فشل ثيودور في إنقاذي في الوقت المناسب، يجب أن أنهي كل شيء.
وفي اليوم الرابع حدث ما كنت أخافه وطلب الملك مقابلتي.
التعليقات لهذا الفصل " 32"