إذا أراد شخص ما الزواج عن حب، هناك صيغة محددة: اللقاء الأول ← بناء علاقة ← اعتراف (ربما حتى قبلة) ← آخر محنة ← وأخيراً الزواج.
الصيغة بسيطة و فعاليتها أثبتت عبر التاريخ، لكن لازلت لا أفهم ما حدث للتو.
أنا لا أشتكي من النتيجة، لكن كيف انتهى الأمر بنا هكذا؟
كان لقاؤنا الأول فظيعاً. لكننا بطريقة ما أصبحنا زميلين. اعترفت ورُفضت، ومع ذلك استمر في لإنقاذي. والآن نحن مخطوبان.
ألم نتخطى بعض الخطوات؟
كنت أشعر بالدوار، محاولاً معرفة ما حدث، وعندما عدت إلى رشدي، كان ثيودور قد وضعني على مقعد في مكان ما في الحديقة.
“الهواء النقي سيصفي ذهنك”، قال، وقرب وجهه من وجهي لدرجة أنه كان بإمكاني الشعور بأنفاسه.
“إنه موردن.” سم يشل الناس مؤقتاً. لحسن الحظ، لا يبدو أنكي ابتلعتي الكثير. ستتمكنين من التحدث بشكل طبيعي مرة أخرى خلال ثلاث ساعات.” شرح ثيودور السم بتفصيل كما لو كان موسوعة شاملة للسموم.
“لماذا؟… أح..” أردت بشدة أن أسأل لماذا قال ذلك للملك، لكن لم أستطع تكوين جملة مفهومة.
“لا تجبري نفسك على الحديث. احصلي على بعض الراحة. سآخذك إلى عائلتك عندما تكونين مستعدة.” حاول الابتعاد عني، محاولاً بوضوح تجنب الموضوع، لكنني أمسكت يده بيأس وحدقت فيه.
“لن تتركي هذا يمر، أليس كذلك؟” تنهد ثيودور. “كانت الطريقة الوحيدة لإنقاذك. لهذا السبب قلت ذلك.”
جلس على المقعد بجانبي واستمر.
“لا أستطيع تصديق ما قلته هناك أيضاً”، قال ثيودور، واضعاً يده على وجهه بيأس. “بما أنني لا أستطيع سحب ما قلته أمام الملك، أعتقد أننا مخطوبان الآن.”
في تلك اللحظة، حتى رياح الشتاء الباردة لم تستطع تهدئة قلبي الثائر.
‘ما المشكلة في تخطي بعض الخطوات؟’ كنت أفكر بإيجابية. بهذا المعدل، قد يكون لدينا طفل العام القادم.
لكنني أريد الزواج في الربيع. هل هذا يعني أنه يجب علينا تأجيل الزفاف لمدة ثلاثة أشهر؟ وبأي سرعة يمكن أن تصل الدعوات إلى أبناء عمومتي في ليتاريا؟
بينما كان ثيودور غير مرتاح بوضوح لما حدث للتو، كنت أخطط بالفعل للسنوات الـ 15 القادمة من حياتنا.
ثم، كما وعد، أخذني ثيودور إلى عائلتي وشرح الموقف.
هنأنا أمي وأبي بدموع الفرح.
من الواضح أن ثيودور لم يتوقع رد الفعل هذا و بدا مرتبكاً. في المقابل كانت عائلتي متحمسة على الرغم من أن ثيودور قال بوضوح أن الخطوبة كانت عرضاً لحمايتي من ولي العهد.
أجبره والدي على الشرب للاحتفال بالخطوبة، وفجأة، عند منتصف الليل، دقت الساعة اثنتي عشرة مرة، مشيرة إلى نهاية عام وبداية عام جديد.
‘وهكذا خُطبت لثيودور. تبدوا كرواية رومانسية، وستكون قصة رائعة لنرويها لأطفالنا يوماً ما.’ فكرت في نفسي داخل العربة في طريق العودة و أنا اشاهد تساقط الثلوج من النافذة.
لم تكن تثلج بقوة بل كانت ندف ثلج صغيرة تتساقط بلطف من السماء، واحدة تلو الأخرى، تتلألأ مثل غبار النجوم.
كان مشهداً جميلاً لن أنساه أبداً.
أخذني والداي إلى غرفتي، وقبل أن يغادروا، تحققوا لمعرفة ما إذا كنت بحاجة إلى أي شيء.
على الرغم من أنني استعدت القدرة على المشي والتحدث قبل ساعة، رفضوا تركي وحدي. حتى أنهم أبقوا خادمة تنتظر خارج غرفتي في حال احتجت إلى أي شيء ليلاً.
ويبدو أنهم كانوا محقين…
حوالي الساعة الخامسة صباحاً، بدأت درجة حرارتي في الارتفاع وتباطأ معدل ضربات قلبي.
استيقظت في عرق بارد وحاولت الوصول إلى الجرس بجانب سريري لأنادي الخادمة، لكنني بدلاً من ذلك سقطت من السرير.
بمجرد أن سمعت الخادمة الصوت، ركضت لمساعدتي.
بعد ذلك،فقدت وعيي عدة مرات.
في للحظة كنت أرى أمي تبكي، وكانت الغرفة مضاءة بوضوح، ثم في لحظة أخرى صارت الغرفة مظلمة و كان الطبيب يجبرني على تناول الدواء.
رفض جسدي الأكل، وتقيأت عدة مرات في اليوم.
بين صوت والدي يصرخ على الطبيب و بكاء أمي، تمنيت أن أبقى فاقدة الوعي لفترة أطول قليلاً.
في كل مرة تصل فيها صحتي إلى نقطة الانهيار، أردت أن أستسلم وأنهي هذه المعاناة، لكنني لم أستطع.
أحياناً، عندما كنت أستيقظ ليلاً، كان بإمكاني سماع أختي تصلي بجانب سريري. مراراً وتكراراً.
لانني كنت أضعف من أن أخبرها أن تتوقف، كنت ققط أغلق عيني المتعبتين و أستمع إلى صوتها المرتجف.
ولا يمكنني أيضاً نسيان ابتسامة أخي المزيفة كلما حاول اقناعي بتناول وجباتي.
كان يطعمني الحساء و مع كل ملعقة أتناولها، وعد بأعطاعي هدية.
مع أنه كان يجب أن يعود إلى ليتاريا لإنهاء بحثه الأكادمي، بسببي، بقي لفترة أطول من المخطط له.
عائلتي دائماً تقدم التضحيات من أجلي. و أشعر أنني أصبحت عبء عليهم.
لكن حتى مع معرفة ذلك، ما زلت أريد أن يكونوا هنا.
إذا كانت إحدى هذه اللحظات المؤلمة ستكون الأخيرة لي، أود أن أقضيها مع عائلتي.
لحسن الحظ، تحسنت صحتى تدريجيا وبحلول اليوم الخامس.
تمكنت من إنهاء وعاء كامل من الحساء.
وتمكنت من المشي إلى الحمام دون مساعدة.
الأهم من ذلك، تمكنت من التحدث إلى عائلتي مرة أخرى وشكرهم على رعايتهم.
وبحلول نهاية الأسبوع الأول من العام الجديد، تحسنت و عدت كالسابق.
كالعادة، جاءت عائلتي بعد العشاء إلى غرفتي للعب الورق.
لرفع معنوياتي، يأتون للعب الألعاب وإجراء محادثات طويلة حول ما فعلوه، حتى لا أشعر بالوحدة.
وحوالي الساعة العاشرة مساءً، تمنوا لي أحلاماً سعيدة و تركونني للراحة.
بعد مغادرتهم ،أغلقت الخادمة الباب و استدرت إلى صورة ثيودور.
“لم ترسل لي رسالة واحدة.” تمتمت لنفسي وأنا أنظر إلى تعبير ثيودور البارد.
أعتقد أنه كان صادقاً عندما قال إن الخطوبة كانت مجرد عرض.
سمعت من والدي أنه أرسل رسالة إلى برج السحر يخبرهم بغيابي دون ذكر السبب الحقيقي. لكن حتى مع ذلك، كيف يمكن ألا يسأل عني؟
حتى لو كان مجرد عرض، ما زلت خطيبته، وقد غبت لمدة أسبوع، ولم يفكر حتى في المجيء لرؤيتي.
بما أن والدي طلب عشرة أيام إجازة في رسالته، كان لا يزال هناك ثلاثة أيام قبل أن أتمكن من مقابلة ثيودور، وكنت متوترة.
كيف يجب أن أحييه؟ كيف يجب أن أخبر أصدقائي؟ ما هي حدود علاقتنا؟
والأهم من ذلك، كم ستستمر هذه الخطوبة؟ هل سنتزوج في النهاية، أم سيتعين علينا الانفصال عندما يتزوج ولي العهد أخيراً؟
ولي العهد مخطوب للأميرة أديلين من كاردينا، لكنها بعمر الثالثة عشرة فقط، وسيتعين عليه الانتظار بضع سنوات على الأقل قبل أن يتمكن من الزواج بها رسمياً.
هذا يعني أن لدي ثلاثة الى خمس سنوات مع ثيودور. لكن كيف سنقضي ذلك الوقت؟
هل سنكون قريبين كالازواج الآخرين ام انه سيرسم حدودا بيننا؟
كنت خائفة من معرفة الإجابة، لكن في نفس الوقت، كنت متحمسة لهذا الفصل الجديد في حياتي مع ثيودور.
في بعض الليالي، كنت أتدرب على التحدث إليه بشكل طبيعي أمام صورته، لكن حتى ذلك كان مرهقاً للأعصاب.
لكن في اليوم السابق لعودتي إلى برج السحر، وصلت رسالة وصندوق صغير من ثيودور.
بالداخل كان خاتم خطوبة وعقد.
*****
Instagrm: Cinna.mon2025
لرؤية غلاف أعمالي التالية و الصور التوضيحية لرواياتي القديمة تابعوني على الانستاجرام
التعليقات لهذا الفصل " 20"