كان ليون يرتعد خوفًا منه، من تلك البرودة التي اجتاحته وهو يواجه حقيقة أن وفاة والدته لم تثر فيه أي انفعال يذكر. كان يخشى أن تكتشف إيلين، تلك الفتاة ذات العينين المتلألئتين، أن قلبه ظل جامدًا أمام هذا الحدث المروع، وأنها قد تشعر بشيء من الاشمئزاز أو الغرابة تجاهه. أما سيزار، فقد كان يتوق في أعماقه إلى أن تبقى عيناها الذهبية الخضراء، المتلألئة كالنجوم، تنظران إليه بنفس الدفء والبراءة دون أن تتغيرا أبدًا.
في لحظة نادرة، استغرق سيزار في استذكار الماضي، وانفلتت منه ضحكة خافتة ساخرة وهو يتذكر أفكاره الساذجة عندما كان في الثامنة عشرة. أمسك بقلم الحبر الأنيق، وتحركت يده بسلاسة ليوقّع اسمه بخط واثق: [الإمبراطور سيزار تراون كارل]
بهذا التوقيع، أصبحت والدته الراحلة الآن، رسميًا، معترفًا بها كعضو في العائلة الإمبراطورية، وستُدفن في مقبرة الإمبراطورية بمراسم تليق بمكانتها. لم يكن سيزار يكن لها أي عاطفة خاصة، لكن كإمبراطور، كان عليه أن ينهي هذه المهمة. كان من المفترض أن يتولى ليون، الإمبراطور السابق، هذا الأمر بعد زواجه من أورنيلا بارفيليني، لكن المهمة وقعت الآن على عاتق سيزار.
وضع سيزار القلم جانبًا، ونهض من مقعده بثقة، ثم سأل بنبرة هادئة: “أين تتواجد الإمبراطورة الآن؟”.
أجاب الخادم على الفور: “سأتحقق على الفور، جلالتك.” ثم انسحب بهدوء. بينما كان سيزار ينتظر عودته، بدأ يتخيل الأماكن التي قد تكون إيلين فيها: ربما في مختبرها، أو ربما تتجول في الحديقة المليئة بالزهور المتفتحة تحت شمس الصباح، أو ربما في مكتبها بالقصر الإمبراطوري، منهمكة في أوراقها. لكن عندما عاد الخادم، جاءت إجابته مفاجئة: “الإمبراطورة تستقبل ضيفًا في قاعة الاستقبال.”
رفع سيزار حاجبًا في دهشة. حسب علمه، لم يكن في جدول أيلين أي موعد مع ضيوف اليوم. للحظة، اجتاحه فضول ممزوج بشيء من القلق، فاتجه نحو قاعة الاستقبال بخطوات واثقة، يتساءل من قد يكون هذا الزائر الغامض.
***
استيقظت إيلين في الصباح الباكر، قبل موعدها المعتاد، وأصدرت أنينًا خفيفًا وهي تمد ذراعيها وساقيها في محاولة لاستعادة نشاطها. لكن جسدها بدا وكأنه مثبت في مكانه، محاصرًا بوزن ثقيل يمنعها من الحركة. بدلاً من الذعر، انزلقت إيلين بحركة مألوفة إلى حضن الشخص الذي كان يحيطها، مستمتعة بالدفء الذي يلفها. رفعت رأسها برفق لتنظر إلى وجه سيزار النائم. حتى مع حركتها المتقلبة، لم يبدُ عليه أي علامة للاستيقاظ، فكان غارقًا في نوم عميق، وكأن عالمه توقف عند لحظة من السكينة النادرة.
تأملت إيلين رموشه السوداء الكثيفة التي تحيط بعينيه المغلقتين، وابتسمت دون وعي. شعور دافئ وناعم كالقطن ملأ قلبها، كأن موجة من الراحة تجتاحها. في الماضي، كان سيزار بالكاد ينام. كان يقضي الليالي ساهرًا، وإذا نام، كان نومه متقطعًا، يستيقظ بسرعة حتى عندما تكون إيلين إلى جانبه. لكن الآن، تغير كل شيء. أصبح بإمكانه النوم بعمق، وإن كان ذلك يتطلب احتضانها بقوة كشرط أساسي. كانت هذه علامة واضحة على أن الكوابيس التي عذبته لسنوات طويلة قد تلاشت أخيرًا، تاركة وراءها سلامًا لم يعهده من قبل.
لم تستطع إيلين مقاومة اندفاعها، فرفعت رأسها أكثر قليلاً، محاولة تقبيل شفتيه. لكن بسبب فارق الطول، لم تصل إلا إلى ذقنه، حيث تركت قبلة خفيفة. تحركت رموش سيزار قليلاً، كأنه على وشك الاستيقاظ، لكنه بدلاً من فتح عينيه، شدها إليه بقوة أكبر، محيطًا برأسها بيده الكبيرة ومثبتًا إياها على صدره العريض. ثم، بصوت خافت لم يزل محملًا بنعاس الصباح، قال: “صباح الخير.”
كان صوته أعمق من المعتاد، مشبعًا بنبرة ناعمة جعلت قلب إيلين يرفرف. أجابت وهي تضع خدها على صدره: “صباح الخير، سيد سيزار.”
كان صوت دقات قلبه يتردد في أذنيها كنغمة مريحة، تذكّرها بأنه حي، نابض بالحياة. استمتعت إيلين بهذا الشعور للحظات، ثم قررت أن الوقت قد حان للنهوض. كإمبراطور لتراون، كان سيزار غارقًا في جدول أعمال مزدحم، حيث كل دقيقة في يومه أثمن من الذهب. وكإمبراطورة، كان على إيلين مساعدته في أداء واجباته. لذا، حاولت إيقاظه بحذر: “أم… ألا تعتقد أن الوقت قد حان للنهوض؟”.
أجاب سيزار بنعومة، وهو لا يزال مغمض العينين: “حسنًا، ربما.”
أربكها رده الغامض، فلم تعرف كيف تستجيب. تململت وهي تقول: “أقصد… يجب أن تنهض حقًا الآن.”
لم يكن الخدم أو الخادمات يجرؤون على دخول غرفة نوم الإمبراطور لإيقاظه. كان سيزار دائمًا دقيقًا كالساعة، ولم يكن بحاجة إلى مساعدة، كما أنه أصدر أوامر صارمة بألا يدخل أحد غرفته دون إذن، باستثناء إيلين. لكن مؤخرًا، بدأ سيزار يتباطأ في الصباح، خاصة عندما يقضي الليل معها، مما جعلها تشعر بالحيرة في مثل هذه اللحظات.
نادته مرة أخرى: “سيد سيزار…”.
فتح عينيه أخيرًا، ونظر إليها بعينيه الحمراوين اللتين بدتا أكثر نعومة في ضوء الصباح. ابتسم بخفة وهو يعبث بخصلات شعرها، التي تلألأت بألوان متداخلة تحت أشعة الشمس، مشكلة تناقضًا جميلًا مع شعره الأسود. انتقلت يده من شعرها إلى رقبتها، لكنها لم تتوقف هناك كما كان يفعل في الماضي. بدلاً من ذلك، انتقلت إلى خدها، حيث شعر بدفء بشرتها التي استيقظت للتو. اقترب منها وقبّل جبهتها برفق، مما أثار صوتًا خافتًا جعلها تشعر بالحرج قليلاً. ثم تراجع قليلاً، ينظر إليها بنظرة عميقة، بينما كانت عيناها الكبيرتان تملآن بصورته.
كانت إيلين تتأمل وجهه كل صباح، لكنها كانت تشعر دائمًا كأنها تراه للمرة الأولى، غارقة في إحساس يشبه الحلم. بعد لحظات، نادت اسمه مرة أخرى، فخفف من احتضانها قليلاً. استغلت الفرصة لترفع نفسها وتقبّل شفتيه بسرعة. ضحك سيزار بخفة، ثم نهض أخيرًا، وحملها بسهولة إلى الحمام. رغم أنها كانت قادرة على المشي بنفسها، لم تعترض، مستمتعة بدفء حضنه. تبادلا النظرات والضحكات الصغيرة في الطريق، لحظات بسيطة لكنها كانت كفيلة بجعل يومهما مميزًا.
***
مع إطلاق دواء مورفيوس بعد أسبيريا، ارتفعت شهرة إيلين إلى عنان السماء. كان الذين جربوا فعالية هذه الأدوية يتسابقون للإشادة بها بحماس غير مسبوق. وكنتيجة طبيعية، بدأت دول أجنبية تظهر اهتمامًا كبيرًا بهذه الأدوية التي هزت إمبراطورية تراون. لكن الإمبراطورية كانت بالكاد قادرة على تلبية الطلب المحلي، فأصدرت قرارًا صارمًا بمنع تصدير الأدوية إلى الخارج.
ومع ذلك، كما هو متوقع، لم تمنع القوانين الصارمة التهريب. انتشرت أسبيريا ومورفيوس في الأسواق السوداء خارج الإمبراطورية، وأصبح الطلب عليهما، وخاصة مورفيوس، محمومًا بسبب استخداماته الخاصة التي كانت ضرورية في حالات معينة. تدفقت الطلبات من دول العالم بأشكال مختلفة، من الرسائل الدبلوماسية الرقيقة إلى المطالبات العلنية الصريحة. كان هذا الضغط الدولي كافيًا لشل حركة الدبلوماسية الإمبراطورية.
تصرف سيزار بحزم، فأمر بحماية إيلين من هذا الصخب، مضمنًا ألا تشعر بأي ضغط أو واجب يعيق تركيزها على أبحاثها. ثم أمر بإجراء مفاوضات دبلوماسية استراتيجية، مستغلاً الطلب الهائل على الأدوية لتعزيز موقف الإمبراطورية. كانت إيلين تعلم أن أسبيريا ومورفيوس يحظيان بشعبية كبيرة، لكنها لم تكن على دراية بحجم الفوضى التي أحدثتها هذه الأدوية على الساحة الدولية، وكيف أنها أصبحت محور اهتمام عالمي.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات