في عيد ميلاد غلوريا العشرين، كُشف عن وصيّة الكونت، وكان محتواها أنَّ “اللقب وجميع الثّروة تُورّث إلى غلوريا ماكين”.
وكانت هناك ملاحظةٌ مرفقة بالوصيّة، تنصّ على: “إذا حصل أمرٌ غريب يتعلّق بسلامة غلوريا قبل الكشف عن الوصيّة، أو إذا لم تتمكّن من استلام الإرث خلال ثلاث سنوات من تاريخ إعلان الوصيّة، تُمنَح جميع الممتلكات إلى الدّير”.
ولذا، لم يكن أمام الشّخصَين سوى العثور على غلوريا بأيِّ ثمن.
‘لو كنتُ أعلم بهذا، لَكنتُ حبستُها في العليّة!’
كان اختفاء غلوريا مفاجئًا وصادمًا للبارونة كورتيس، التي شعرت بارتياحٍ سرّي حين رأت ابنها الوحيد غير مرتاحٍ لاهتمامه بفتاة مثل غلوريا.
“ألا يخطر ببالكِ مكانٌ قد تذهب إليه؟”
“لقد اتّصلنا بكلّ مكانٍ قد تذهب إليه! لم نجدها!”
“فكّري جيّدًا، قد يكون هناك احتمالٌ غفلتِ عنه.”
“أُفكّر في ماذا؟ تلك الفتاة لم يكن لديها أيُّ مكانٍ تذهب إليه، والكلّ يقول إنّه لا يعلم!”
صرخَ جوناثان وهو يقطع حديثها فجأة.
ثمّ، بعد تفكيرٍ عميق، قفز واقفًا واندفع نحو غرفة غلوريا، وبدأ يفتّش منضدة الزّينة وخزانة الملابس. فتح الأدراج بجنون، يُنقّب بين الرّسائل والهدايا المتبادلة مع أصدقائها، ثمّ عبس وجهه فجأة.
“إنّها مفقودة.”
“ما الذي فُقِد؟”
“طلب الزواج. ذلك الذي أرسله أحد الدّوقات.”
أجاب جوناثان، الذي سبق واطّلع على الرّسائل خفيةً أثناء غياب غلوريا. بادرت البارونة كورتيس بالقول.
“دوق شولتسمير؟”
“آه! نعم، صحيح. كيف علمتِ أنتِ بذلك؟”
“سمعتُ الكونت يذكر الأمر سابقًا.”
تذكّرتْ تعليقًا عابرًا من الكونت ماكين، حين قال: “مهما بلغ شأنه، فلن أرسل ابنتي إلى مكانٍ كهذا!”
“أيمكن أن تكون قد ذهبت إليه؟”
“مستحيل.”
إلى أراضي دوق شولتسمير؟ كيف لها أن تذهب إلى هناك وهي لا تملك شيئًا!
“لقد بحثنا في كلّ مكانٍ ممكن.”
هزّت البارونة رأسها، لكنّ جوناثان كان واثقًا تمامًا.
“لنذهب.”
“أ-أين بالضّبط؟”
“إلى أراضي دوق شولتسمير، طبعًا.”
فهم يبحثون عنها في أنحاء الإمبراطوريّة على أيِّ حال.
“بهذا الجسد الهزيل الذي يبدو وكأنّه سيسقط من لمسةٍ خفيفة، كيف تقولين هذا؟! لقد نحفتِ كثيرًا بسبب التوتّر.”
“آه…”
هل هذا صحيح؟
نظرت غلوريا إلى معصمها البارز بالعظام وضحكت بخفّة.
“لكنّ هذا يناسب ارتداء الفساتين، أليس كذلك؟”
فالجسد النّحيف هو أول ما تعتني به آنسةٌ نبيلة قبل الزّواج، أو هكذا كانت تقول سيّدات المجتمع دائمًا.
لكنّ السيّدة ميري ويذر، التي لم تكن تجهل هذه العبارات المتداولة، هزّت رأسها وقالت:
“المرأة، إن لم تكن بصحّةٍ جيّدة، فلن تُنجب أطفالًا بسهولة.”
ثمّ نظرت إلى جسد غلوريا من أعلى إلى أسفل كأنّها حماتها المُستقبليّة.
“حين يتحسّن الطّقس، سنستدعي الخيّاط فورًا.”
“الخيّاط؟ لماذا؟”
“علينا أن نُفصّل فستان الزّفاف، ونشتري لكِ بعض الملابس اليوميّة أيضًا.”
هزّت السيّدة رأسها وهي تنظر إلى غلوريا، التي كانت ترتدي عباءةً شتويّة فضفاضة.
في عمرٍ كهذا، لا يليق بها ارتداء هذا الطّراز البالي من الفساتين. مهما كانت جميلة، فإنّها لن تبدو ساحرةً في ثيابٍ تبدو كما لو كانت لجدّتها.
“من حسن الحظّ أنَّ الدّوق ليست لديه ذوقٌ جمالي…”
“نعم؟”
“آه، لا شيء… بالمناسبة، هل قرّرتم إلى أين ستكون وجهة شهر العسل؟ أهناك مكانٌ تحلمين بزيارته؟”
“لستُ واثقة… لم أفكّر في الأمر بعد.”
“لِمَ لا تذهبان إلى مكانٍ دافئ؟ فالدّوق نادرًا ما غادر هذه الأراضي.”
“آه، صحيح…”
“لكن، في الحقيقة، المكان لا يهمّ كثيرًا، أليس كذلك؟ فحتى إن كان الجنّة أمامكما، فلن تجدا وقتًا لرؤيتها.”
ضحكت السّيّدة ميري ويذر بصوتٍ عالٍ وهي ترى وجنتي غلوريا تحمرّان.
***
كان أستان يكتب رسالة في مكتب الدّوق حين سمع ضحكاتٍ بهيجة تتسرّب إلى المكتب. بدا أنَّ الحديث يدور حول الزّواج وشهر العسل.
توقّف عن الكتابة، ونهض وأغلق باب المكتب بإحكام، ثمّ عاد إلى مكانه وتنهد بعمق.
رغم أنَّ إصاباته لم تلتئم بعد، فإنَّ الجميع تصرّف وكأنَّ زواجه من غلوريا أصبح أمرًا مُسلّمًا به.
مهما أنكر أو صاح، لا أحد يُصغي. ثمّ إنَّ أغلب الخدم يعملون في قصر الدّوقيّة منذ عشر سنوات على الأقلّ، بعضهم حتّى قبل ولادته، لذا التّهديد بالطّرد أو الخصم لا يجدي نفعًا.
‘في النّهاية، أجبرتموني على استخدام هذا الأسلوب.’
فرك عنقه المتيبّس، ثمّ تابع كتابة الرّسالة.
مزّق أوراقًا كثيرة أثناء محاولاته، وتكوّمَت على الأرض أكوامٌ من الرّسائل المرفوضة.
وأخيرًا، أنهى الرّسالة التي رضِيَ عنها، نفخ على الحبر، ثمّ وضعها في ظرف وأغلقه بالشّمع الأحمر.
تمتم وهو يلمس الظرف المُحكم: “لقد حُسِم الأمر.”
شدّ الجرس واستدعى أحد الخدم.
لم يمضِ وقتٌ طويل حتى سُمع طرقٌ خفيف على الباب.
“ادخل.”
دخل أصغر خادمٍ في القصر، وظهر عليه التوتّر الواضح.
“أين كولين؟”
“ذهب إلى السّور الشّمالي لتفقّده.”
“ولوغان؟”
“رافقه أيضًا.”
أومأ استان برأسه.
لو عرف هذان بالأمر، لاعترضا بشدّة. من الأفضل أن أُوكِل المهمّة إلى هذا الصبي.
ناول الخادم الظّرف وقال:
“أرسل هذه الرّسالة إلى قصر دوق بيرنشتاين. بأقصى سرعة.”
“أ-أمر سيدي… هل قلت بيرنشتاين؟”
“نعم. وبالتّحديد إلى السيّدة سيلفيا فون بيرنشتاين. هل هناك مشكلة؟”
“لا، لا، أبدًا، فقط…”
تردّد الصّبي، ثمّ ألقى نظرةً جانبيّة إلى الباب المغلق، حيث لا تزال الضّحكات تتردّد.
أشار له أستان بذقنه وقال:
“يمكنك الانصراف.”
“نعم، سيّدي.”
وحين همّ بالخروج، أوقفه صوت أستان مجدّدًا.
“لا تُخبر أحدًا بهذه المهمّة.”
“أمرك، سيدي.”
***
“عندما يتحسّن الطّقس، سنُغيّر السّتائر والأثاث أيضًا. طوال السّنوات الماضية، لم يكترث الدّوق لأيٍّ من هذه الأشياء، لكنّكِ الآن ستُزيّنين القصر كما تشائين.”
“هل هذا مسموحٌ لي فعلًا؟”
“بالطّبع. لا تقلقي من النّفقات، افعلي ما شئتِ.”
تمتمت السيّدة ميري ويذر.
“من يصدّق أنَّ هذا هو قصر الدّوق؟”
نظرت حولها إلى الغرف الكئيبة.
“منذ وفاة السيّدة، لم يتغيّر شيءٌ هنا. كلّ ما فعلناه هو تبديل أغطية الفِراش مع تغيّر المواسم. ستائر داكنة طوال العام وأرائك مهترئة… كم أكره هذا المكان.”
“الأريكة بدت مهترئةً فعلًا.”
قالت غلوريا وهي تتحسّس الأريكة المهترئة وتبتسم.
“أرأيتِ؟ لهذا السبب، حين نُعدّ غرفة الزّفاف، يجب أن نُعيد تزيين القصر بأكمله وفق ذوقكِ أنتِ.”
“بأيِّ حقّ؟”
رفعت غلوريا رأسها فجأة.
أستان يحدّق فيهما بعينين ساخطتين.
“ما الذي تفعلانه؟”
“ما عسانا نكون نفعل؟ نحضّر للزّفاف، طبعًا.”
“زفاف؟ هل ستتزوّجين من جديد دون أن تُخبِريني؟ إليز؟”
“ماذا تقول؟ طبعًا نتحدّث عن زفافكَ أنتَ، يا دوق.”
رمق أستان الفوضى على الأرض بوجهٍ عابس.
“غرفة الزّفاف ستكون تلك التي أعددناها للآنسة سيلفيا…”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 17"