2
كان يوم جمعة، كنت في الفصل الدراسي الأول من الصف الحادي عشر، وكنت أكره الجميع.
معلمي؟ نعم، كنت أكرهه.
كان يحدثنا عن ضرورة أن ندرس كما لم ندرس من قبل إذا أردنا أن نحقق نتائج جيدة في منتصف الفصل.
سيدة المقصف؟ نعم، أكرهها أيضًا.
اضطررت لشراء الغداء في ذلك اليوم وكانت الأسعار مرتفعة بشكل سخيف.
الولد الذي يملك الخزانة المجاورة لخزانتي؟ نعم، أكرهه هو الآخر.
لم نستخدم خزاناتنا إلا منذ شهرين، ومع ذلك بدأ شيء داخل خزانته يصدر رائحة كريهة.
الفتاة التي أرسلت لي رسالة نصية في منتصف حصة الرياضيات؟ نعم، كنت أحتقرها تمامًا.
لم يكن لدي سوى حصة فراغ واحدة في ذلك اليوم، وكانت في الحصة قبل الأخيرة.
لم تتح لي الفرصة لفتح كتاب إيفاندر حتى ذلك الوقت.
ذهبت إلى المكتبة، ووجدت مكانًا مريحًا في الزاوية على أحد الأرائك، وأخرجت الكتاب من حقيبتي.
كانت رائحته رائعة وكان يبدو رائعًا أيضًا تمامًا مثل تلك الكتب الفاخرة ذات الأغلفة الجلدية التي تراها في مكتبات القرن التاسع عشر.
كنت متحمسة وأنا أقلب الغلاف لأجد عنوان الجزء الأول مكتوبًا فيه «سيد الجديّين».
(صرخة أنثوية مكتومة)
أُخمدت فورًا بنظرة حادة من أمينة المكتبة المتجهمة.
بدأت القراءة.
كان يا ما كان، في أرضٍ خضراء لا مثيل لها.
لم تكن تحدها بحار، ولا صحارى، ولا جبال. كانت أرضًا لامسها حُسن إلهة المطر، فسطعت عليها شمس ذهبية غمرت سهولها بالضياء والجمال.
كانت أرض سلامٍ لم تشرب تربتها دماء الحروب، ولم تُدفن فيها أجساد المحاربين.
كانت الأزهار فيها توازي الجواهر في قيمتها، وكانت الصور المنعكسة على سطح بحيراتها الصافية أغلى من تلك التي تظهر في المرايا الغريبة.
كان اسم المملكة ليليكين. وفي قلب كل تلك النعمة والخير، كان هناك جوهرتهم الأثمن الأميرة سرافينا.
كانت من فرط جمالها تُثير لوعة الشوق في صدور رجال البلاد المجاورة كافة.
كان شعرها ناعماً يلتقط ضوء الشمس، منساباً في خصلاتٍ متموجةٍ كثيفةٍ حتى خصرها النحيل.
وكانت حين ترتدي الخواتم في أصابعها، تبدو الخواتم ضخمة فتُبرز نعومة يديها وتزيدها أناقة.
أما عيناها فكانتا خضراوين، بلون الورقة الوليدة حين تنبثق من غصنها في الربيع.
كان الوقوع في حبها أمراً محتوماً.
قراءة ذلك جعلتني أكره إيفاندر أيضًا.
بالطبع كان ذلك هو نوع الفتيات الذي يُعجبه كأنها نسخة أنثوية منه، باستثناء عينيها الخضراوين.
لكن رغم أنني شعرت بالاشمئزاز لتأكد شكوكي نحوه، إلا أن ذلك لم يمنع فضولي من الاستمرار في القراءة.
عندما بلغت سرافينا الرابعة عشرة من عمرها، كانت تقف في مكتبتها الخاصة غرفة رائعة التصميم، سقفها مصنوع من ألواح زجاجية ضخمة تسمح بدخول الضوء ليغمر النباتات المتسلقة التي تعانق الرفوف، فتملأ المكان لونًا وحياة.
كان من المقرر أن تستقبل أميرًا في تلك الصبيحة، لكنه لم يكن أي أميرٍ عادي، بل الأمير الثاني لمملكة بيليك وهي دولة ذات نفوذٍ سياسي قوي على ليليكين.
كانت بيليك تقع إلى الجنوب، دولة ضخمة منحنية كالقوس، تمتد على طول الساحل القاري وتضم في حِضانها العديد من الممالك الصغيرة.
كانت على شكل هلال، بينما بدت ليليكين كنجمةٍ متدلية من طرفه العلوي.
لكن وضع بيليك كان صعبًا، إذ كانت تتعرض باستمرار لغزوات من البلاد الواقعة خلف البحر.
امتلأت أرضها بالدماء حتى احمرّت تربتها، ولتظل ليليكين وجاراتها بعيدة عن الحروب، كان عليهن دفع جزيةٍ باهظة.
كانت تلك الأموال تُبقي جنود بيليك ممولين، وأسلحتهم حادة، وسفنهم عائمة.
كل مواطنٍ من ليليكين كان يدفع جزءًا من دخله لإبقاء آلة الحرب البيليكية دائرة.
في الصباح الذي استقبلت فيه سرافينا الأمير مورمور من بيليك، كانت ملكة ليليكين تراقب المشهد باهتمامٍ بالغ من شرفةٍ عالية.
دخل مورمور القاعة.
وقفت سرافينا بجانب مدفأةٍ خالية، لا يشغل بالها شيءٌ على وجه الخصوص.
كانت قد تعلمت منذ زمن أنها لا تحتاج إلى بذل جهدٍ كبير حين تتعامل مع الخطّاب المحتملين. لم تكن مضطرة للتفكير في أحاديث ذكية أو مرحة.
كانوا دومًا سعداء بالحديث عن أنفسهم، وسرعان ما يمضي الوقت دون عناء.
كان وقع جمال سرافينا على الأمير مورمور مدمّرًا.
ولأنها لم تكن تتحدث كثيرًا، أطلقت العنان لخياله ليتخيل ما يمكن أن تكون عليه، بدلاً من أن يدرك ما كانت عليه حقًا فتاة ضجرة، لم تنضج بعد، وطفولية في جوهرها.
لم يكن يعرف ذلك.
مزيج قبولها الواضح له وكمالها الخارجي جعله يعتقد رغم صِغَر سنّه واستحالته الزواج منها آنذاك أنه لا يمكن أن يتخذ زوجة غيرها.
في اليوم التالي، أُعيد الأمير مورمور إلى عاصمة بيليك الحصينة، لكن بعد شهرين وصلت رسالة ملكية رسمية إلى ملك وملكة ليليكين طلب خطوبة رسمي.
كان عرضًا ممتازًا، إذ نصّ على أن تُخفّض الجزية السنوية المرسلة إلى بيليك إلى النصف طوال فترة زواج سرافينا من مورمور.
لكن الملك والملكة لم يقبلا العرض.
كانت الملكة تعرف جيدًا ما تملكه مملكتها ، ابنة قادرة على سحر أمير في غضون بعد ظهرٍ واحد.
ومنذ تلك اللحظة، بدأت الملكة تخطط لزواجٍ أفضل لسرافينا.
فماذا ينفعهم مورمور؟ إنه ليس ولي العهد، ولن يصبح ملكًا أبدًا.
وجهت الملكة أنظارها إلى شقيقه الأكبر، الأمير ترِمور.
كان ترِمور أسطورة.
لم يكن مورمور هو من يحمي القارة بأسرها من خطر الغزاة خلف البحر، بل كان ذلك عمل ولي العهد.
فإذا كانت سرافينا قادرة على خفض الجزية إلى النصف بزواجها من أميرٍ لن يصبح ملكًا، فكم ستنخفض لو تزوجت من الرجل الذي سيصبح ملكًا فعلاً؟
كان ترِمور جنديًا أعزب، جنرالاً، وأميرًا سيعتلي العرش قريبًا.
كتبت الملكة رسالةً تدعو فيها الأمير ترِمور إلى ليليكين.
لم يأتِ أي ردٍّ لستة أشهر كاملة، وحين وصل أخيرًا، كان يحمل رفضًا قاطعًا.
لم يكن يستطيع مغادرة حصنه في سيلوخ من أجل المغازلة.
لكن بالنسبة للملكة، لم يكن ذلك أكثر من عقبةٍ بسيطة.
فهذا نوعٌ آخر من الحروب، والحرب من هذا النوع كانت الملكة تجيدها تمامًا.
أقسمت أنها ستُزوّج ابنتها من سيد سيلوخ نفسه!
توقفتُ عن القراءة قليلاً لأفكر.
إن كانت هذه القصة نافذةً على حياة إيفاندر، فهل كان يخاف أن يفرض عليه خاله وخالته من يتزوج؟
أم أنه هو من لا يستطيع أن ينال الفتاة التي يريدها؟ بدأت أنقر بقدمي وأنا أفكر، حين لفت انتباهي احتكاك ناعم لقماشٍ ثقيل على جلدي. تجمّدت.
لم أكن أرتدي تنورة في المدرسة ذلك اليوم.
رفعتُ عيني عن كتاب إيفاندر، فرأيت أنني أرتدي ثوبًا أصفر طويلًا، ولم أكن في مكتبة المدرسة بعد الآن.
وقفتُ ببطء، مذهولة، لأجد نفسي داخل غرفة دائرية بجدران حجرية.
اقتربت من النافذة، فرأيت أمامي سهولًا خضراء مذهلة تمتد بلا نهاية.
ومن تحت البرج الذي كنت أقف فيه، امتد قصرٌ ضخم، يتوهج بجماله مثل فستاني تمامًا. كنت في برجٍ من أبراج القلعة، أستطيع أن أرى أبراجًا أخرى، وساحات داخل الأسوار، وأناسًا يسيرون بثياب فاخرة، وأقواسًا حجرية، وجمالًا يملأ المكان من كل اتجاه.
نظرتُ حولي في الغرفة فرأيت سريرًا ذي أعمدةٍ وستائر مربوطة إلى الجانبين، وخزانةً ضخمة، وطاولة تزيينٍ فوقها فرش فضية ومِرآة كبيرة تستند إلى الحائط.
اقتربت منها، ونظرت إلى انعكاسي فيها فكدتُ لا أتعرف إلى نفسي.
لم يكن وجهي مختلفًا، كان وجهي ذاته، لكن شعري كان أشقر فاقعًا يتدلّى في خصلاتٍ ذهبيةٍ متموّجةٍ ببهاء.
وكان ضوء الشمس ينعكس على وجهي فيمنحه لونًا دافئًا مشرقًا لونًا لم أره أبدًا وأنا أضع مساحيقي تحت الأضواء الفلورية الباهتة في حمّام شقتنا.
هل يمكن أن تكون هذه حقًّا أنا؟
في اللحظة التالية، سُمِع طَرقٌ خفيفٌ على الباب، ودخلت فتاة صغيرة في الثانية عشرة تقريبًا، وقالت بصوتٍ مفعم بالحيوية
“لقد جئتُ لأُجهّزكِ، أميرة سرافينا.”
تجمدت في مكاني. اسمي سارة، لا سرافينا.
قلت بلطف “عذرًا، ما اسمك؟”
“تريبسي.”
“حسنًا، تريبسي… كيف وصلتُ إلى هنا؟”
نظرت إليّ الفتاة حول الغرفة بعينين حائرتين، كأنها لم تفهم ما أعنيه.
فقلتُ “أنا لست من هذا المكان.
كنت أقرأ كتابًا في مكتبة مدرستي… ثم وجدت نفسي هنا.”
تجمّدت الفتاة في الحال كأنها تحوّلت إلى تمثال حجري.
توقّف تنفّسها، وجمدت عضلاتها، حتى لمحتها عيناي كأنها دمية بلا حياة.
اقتربت منها، ولوّحت بيدي أمام وجهها، لكنها لم ترمش.
صرخت “استيقظي، تريبسي!”
وفجأة، عادت إلى الحياة، وكأن شيئًا لم يحدث. قالت بابتسامةٍ مطمئنة
“بم تودّين أن أُلبسكِ الليلة في الحفل الراقص؟”
ثم فتحت بابي الخزانة وأخذت تسحب فساتين من كل لونٍ وشكلٍ يمكن تخيّله.
كانت الأقمشة تلمع كالذهب والحرير واللآلئ المنثورة.
لم أرَ شيئًا كهذا في حياتي حتى عندما كنت أتسلّل إلى محلات فساتين الزفاف فقط لأتفرّج على ما تشتريه الفتيات الثريات.
على الرغم من أن فكرة ارتداء فستانٍ فاخرٍ والنزول إلى قاعة الحفل كانت مغرية جدًا، فإنّ كل ما كان يحدث بدا غريبًا بشكلٍ يفوق الاحتمال.
ألستُ في مكتبة المدرسة؟ أليس كل ما أراه وأشعر به مجرد خيالٍ نسجه عقلي ليتماشى مع قصة إيفاندر؟
وماذا لو كان القصر هذا في ذهني فقط، بينما جسدي ما زال جالسًا هناك، في تلك الزاوية الهادئة من المكتبة؟
إن كان الأمر كذلك، فلا يمكنني خلع ملابسي وارتداء فساتينٍ وهمية أمام الجميع! يكفيني أنني سأتّهم بالجنون لمجرد حديثي مع تريبسي الخيالية بينما يسمعني كل من في المكتبة.
تشبثتُ بظهر الكرسي بجانبي، متمنّية أن يكون في الواقع أريكة المكتبة وأن أكون ببساطة قد فقدت صوابي.
نظرتُ حولي أبحث عن كتاب إيفاندر، لكنه لم يكن في أي مكان.
هل وضعته على الطاولة؟ نظرتُ في كل أركان الغرفة، ولم أجده.
كانت تريبسي تقف ممسكةً بفستانين من فساتين الحفل، تنتظر أن أختار أحدهما.
بدأ القلق يتسلل إليّ. في لحظة يأس، قرصتُ نفسي في الذراع.
آلمني ذلك، لكن لم يتغير شيء.
اللعنة! ماذا يفترض بي أن أفعل الآن؟ أصدق هذا الهلوسة المتأنقة وأبدأ في خلع ثيابي؟
أغمضتُ عينيّ، وقررت أن أجرب طريقة أكثر فعالية صفعت نفسي على وجهي.
تألمتُ فعلًا، لكن حين فتحت عيني، كان كل شيء كما هو.
نفس الغرفة الحجرية، نفس الضوء الذهبي، نفس الفتاة الصغيرة تمسك بالفستانين وتنتظر.
الغريب أن تريبسي لم تُبدِ أي دهشة من تصرفاتي.
لم ترمش، لم تسأل، وكأنّ ما أفعله طبيعي تمامًا في نظرها.
فقلتُ في نفسي، حسنًا، ربما عليّ أن أبدو مجنونة تمامًا، لكن لا بأس وسلكت طريقًا آخر.
رفعت صوتي قليلًا، وناديت الهواء من حولي
“أيًّا كان من يراقبني وأنا أتصرف كالحمقاء، أرجوك أوقفني! خذني إلى مكتب المدير! لست على ما يرام! دع أحدًا يوصلني إلى البيت… أحتاج إلى الراحة.
فقط لا تصفعني، لقد جرّبت ذلك ولم ينجح! أرجوكم… ساعدوني! من فضلكم!”
صمت تام.
لم يحدث شيء.
لا أحد جاء.
فقط أنا… والأميرة التي لا يفترض أن أكونها… في عالمٍ لا أعرف كيف دخلتُه.
صرخت مرة أخرى، أعلى هذه المرة
“حقًا! أنا مجنونة! أحتاج إلى مساعدةٍ طبية عاجلة!”
لكن بدل أن يظهر أحد من فراغ المكتبة الوهمي أو أن ينتهي الحلم، تقدمت تريبسي نحوي بهدوء ولمست ذراعي بلطف.
قالت بصوتٍ حنونٍ كما لو كانت تُهدئ طفلة مضطربة
“لماذا لا ترتاحين قليلًا يا صاحبة السمو؟ يمكنكِ اختيار الفستان الذي يعجبك من مكانك.”
تجهم وجهي في يأس.
كنت أشعر كأنني على وشك أن أشارك في لعبة أميرات سخيفة أمام نصف طلاب مدرستي. لو أن كل ما سيحدث هو أن أتكلم وأنا نائمة، لكان ذلك أهون بكثير.
لكن المشكلة أنني لم أشعر أنني نائمة.
لم تكن هذه الأحلام الغامضة التي تتبدد عندما أحاول الإمساك بها.
كل شيء هنا كان حادًا، واضحًا، حقيقيًا إلى حدٍ يخيف.
وهكذا لم يبقَ أمامي إلا احتمالٌ واحد ,إمّا أنني أصبت بالجنون… أو أنني أعيش داخل كتاب.
أغمضتُ عينيّ، تنفستُ ببطء، ثم قررت أن أساير الموقف.
‘حسنًا يا خيالي المفرط النشاط، خذ الدفّة.’
نظرتُ إلى الفساتين التي كانت تريبسي ترفعها أمامي.
لا أنكر أن المشهد كان آسرًا.
فساتين وردية حريرية، وأخرى كحلية مرصّعة بالجواهر، برتقالية مطرزة بالزهور، مرجانية يغطيها آلاف الخرزات الصغيرة، وأرجوانية تنسدل عليها طبقاتٌ شفافة من الدانتيل.
لم أرَ في حياتي شيئًا بهذه الفخامة، لا في المتاجر، ولا حتى في أعراس الأثرياء التي كنت أراها عبر النوافذ.
‘أيها العالم، لو كنتُ سأجنّ، فعلى الأقل لنجعل الجنون أنيقًا.’
رفعتُ الفستان المرجانيّ برفق، أتفحّص بريقه تحت الضوء.
قالت تريبسي من جديد
“أيُّها ترغبين أن ترتديه الليلة؟ الجميع بانتظارك في الأسفل بعد نصف ساعة.”
تمتمتُ بلا وعي وأنا أحدّق في الأقمشة المبهرة
“سيضطرّون للانتظار إذن… فبمجرد أن أبدأ بخلع ثيابي في المكتبة، سيسحبونني مباشرةً إلى مستشفى الأمراض العقلية.”
لكن تريبسي لم تلتقط كلماتي.
لم تومئ، لم تستغرب.
كانت فقط… تبتسم بلطف، كأن صوتي انقطع عن عالمها تمامًا.
كانت تلك اللحظة التي اقتحمت فيها الملكة الغرفة.
لم يكن هناك شك في هويتها لا يمكن أن تكون غير الملكة، ليس مع تاجٍ ذهبيٍّ بثلاث طبقات يلمع فوق رأسها، وثوبٍ أسودَ مزينٍ بأهدابٍ خضراء تتدلى على الجانبين وتتقاطع فوق صدرها في خطوط ملكيّة صارمة.
كانت أقرب إلى ملكة القلوب من أوراق اللعب،
(م/م: تقصد ملكة القلوب الشريرة تبع قصة اليس فبلاد العجائب)
لكن مع كل ذلك الأخضر، بدت كأنها ملكة نباتات النفل، ملكة الحظّ والهيمنة في آنٍ واحد.
“ما الذي تفعلينه؟!”
همست بصوتٍ حادٍ كأنها تزمجر من بين أسنانها.
“ألم أقل لكِ إن الأمير مورمر سيحضر الليلة؟ كان عليك أن تكوني في الأسفل منذ زمن! تريبسي، اخرجي. سأتولى تجهيز الأميرة بنفسي!”
تريبسي لم تنتظر ثانية واحدة ركضت خارج الغرفة وكأن الشيطان يطاردها، وأغلقت الباب خلفها بإحكام.
تقدمت الملكة نحوي بخطواتٍ جعلت الأثواب تهمس على الأرضية الحجرية.
“لا يمكنك ارتداء هذا!”
قالت بازدراء، وهي تحدق في الفستان الأصفر الذي كنت مترددة أصلًا في خلعه.
رفعت رأسي بعنادٍ يائس.
“ولمَ لا؟”
قلت وأنا أحاول أن أبدو شجاعة، لكن في الحقيقة كنت أبحث عن أي مخرجٍ يُجنبني تغيير الملابس أمام خيالي الجامح.
نظرتها كانت قادرة على إذابة الجرأة من العظم.
“لستُ في مزاجٍ للمزاح،”
قالت بصوتٍ عالٍ كأنها تُخاطب البلاط بأسره،
“اختاري ثوبًا في الحال!”
أشرت إلى فستانٍ أبيضٍ كان أقرب ما يمكن لذوقي.
“لا!”
انتزعته من يدي بسرعةٍ مذهلة.
“ذلك لزفافك.”
تنفست ببطء، وحاولت مجددًا. مددت يدي نحو فستانٍ ورديٍّ فاتح.
“ولا هذا.”
قالت وهي تضرب الهواء بكفها كأنها تطرد ذوقي الرديء.
“حقًا يا عزيزتي، أين ذهب إحساسك؟ هذا هو الأنسب.”
وانحنت تلتقط فستانًا من أسفل الكومة.
كان فخمًا على نحوٍ مقلق صدرٌ أبيض ضيق مزين بصفوفٍ من الخرز اللؤلئي، وتنورةٌ خضراء زاهية تتسع إلى ما لا نهاية.
رائحة القماش كانت عطرة، وملمسه ناعمٌ كأنها نسجته يدُ إلهة المطر نفسها.
ترددت، ثم استسلمت. تسللت إلى داخل الثوب بمساعدة الملكة التي لم تُظهر أي حرجٍ وهي تشد الأربطة بإتقانٍ قاتل.
في تلك اللحظة، شعرت كأنني أقف أمام مرآةٍ مزدوجة
في عالمٍ كنتُ فيه الأميرة سرافينا، وريثة ليليكين…
وفي العالم الآخر، كنت فتاة في مكتبةٍ مدرسية ترتجف من الخجل، تتخيل أن ثلاثين زميلًا يراقبونها وهي تغيّر ملابسها في الهواء الطلق.
يا رب، لو أن هذا حلم… فدعني أستيقظ الآن.
قالت الملكة وهي تنفخ بغضبٍ وهي تُعدّل ياقة ثوبي
“بالطبع لا يمكنك ارتداء الورديّ! نحن في احتفالٍ وطنيّ!”
نظرتُ إليها بارتباك.
“وما الذي نحتفل به؟”
لم تجبني فورًا بل شدّت خيوط المشدّ بقوةٍ جعلتني أصرخ من الألم.
تابعت كلامها دون أن ترفّ لها عين
“برسالة الأمير تريمور، بالطبع. أخيرًا، بعد كل هذه السنوات من الانتظار، وافق على الزواج منك.
مجرّد التفكير بالأمر يملؤني بنشوة الانتصار. احذري الليلة أن تغازلي مورمر يا عزيزتي، فهو لن يحتمل رؤيتك ككنّته المستقبلية وملكة بيليك القادمة. سيكون تعيسًا.”
“إذًا… سأتزوج الأمير تريمور؟”
سألتُها بصوتٍ متردد، بينما تتردد في رأسي فقرات افتتاحية من كتاب إيفاندر.
“بالطبع.”
“هل الأمير تريمور هنا أيضًا؟”
“بالطبع لا!”
ردّت الملكة بازدراءٍ وهي تُديرني نحو المرآة.
“إنه مع جنوده في سيالوك. ولمَ قد يكون هنا؟ ستذهبين إليه غدًا. أستطيع أن أراكِ الآن واقفة على شرفة قلعته هناك…”
دفعتني لتجلسني على كرسيٍّ أمام طاولة الزينة، وبدأت تلفّ خصلات شعري وتثبّتها بدبابيس براقة.
“سترين، يا صغيرتي. سترتدين الأحمر حينها، لون بيليك الملكي، وسيرفع الجنود سيوفهم تحيةً لكِ، يفكرون في جمالك وهم يلقون بأنفسهم في أتون الحرب لأجلكِ.”
شهقتُ.
“لأجلي؟!”
ابتسمت بتعالي وهي تصحّحني
“من أجلنا جميعًا. وبعد المعارك، ستنزلين إلى المعسكرات مع حاشيتكِ لتعتني بالجنود الشجعان الذين يقاتلون من أجل حريتنا. سيكون ذلك مجدًا خالدًا، وستكونين، يا حبيبتي، أجمل وأشهر امرأة في التاريخ.”
استغرقتُ لحظة لأستوعب ما قالت.
فتاة مراهقة بائسة من شقةٍ صغيرة تصبح أشهر جميلة في التاريخ؟
لم أحلم يومًا أن أكون كليوباترا أو بوكاهونتاس.
كل ما أردته هو أن أتوقف عن الشعور بأنني دون مستوى إيفاندر… أن أنال إعجابه فحسب.
لكن خطر لي سؤالٌ مفاجئ
“وهل… الأمير تريمور يحبّني؟”
رفعت حاجبيها في دهشةٍ ساخرة
“يحبكِ؟! لم يركِ من قبل، لكن ذلك لا يهم. شهرة جمالكِ وصلت إلى مسامعه، ولا بد أنه مفتونٌ بكِ حتى أعلن رغبته في الزواج منكِ. لا تقلقي بشأن شروطه، وافعلي ما يُطلب منك.”
“شروط؟ أي شروط؟”
ابتسمت ابتسامةً غامضة وهي تُثبّت آخر قطعة من الزينة في شعري.
“لا شيء مهم، لا تقلقي. فقط يريدكِ أن تذهبي إليه بالقارب عبر النهر إلى سيالوك. ستكون رحلةً قصيرة، نزهة صغيرة لأميرتي الشجاعة.”
“أجل…” تمتمت وأنا أتنفس بصعوبة داخل فستانٍ يكاد يخنقني.
ثم أعلنت الملكة أنني أصبحت جاهزة، وأمسكت بيدي برشاقةٍ ملكية لتقودني عبر الدرج الحلزوني الطويل.
هبطنا من البرج إلى رواقٍ فخم يمتد حتى شرفة تطل على قاعة الرقص.
كانت القاعة فاتنة أقواسٌ عالية رشيقة، وستّ ثرياتٍ كريستالية تتدلّى من السقف الذي تتقاطع عوارضه الخشبية في أشكالٍ تشبه الزهور المرسومة بالأخضر.
أما الأرضية فكانت مرصوفة ببلاطٍ كريميّ وأخضر زمرديّ، لامعٍ كالماء.
في طرفٍ من القاعة، جلست مجموعة من عازفي القيثارة تعزف ألحانًا ناعمة،
وفي الطرف الآخر، كانت الحشود ترقص في دوائر من الأقمشة الملوّنة والأحذية اللامعة، تدور تحت ضوء الشموع المتراقص.
يا إلهي… إلى أيّ عالمٍ سحبتني يا إيفاندر؟
توقّف الجميع عمّا كانوا يفعلونه عندما دخلتُ مع الملكة، وعلى الفور تقدّم رجل يرتدي معطفًا غريبًا باللونين الأخضر والأصفر ليقف بجانبي. ومن هناك أعلن بصوتٍ رسمي
“الملكة روزاري الرابعة والأميرة سارافينا”
شعرتُ بنوعٍ من الأهمية رغم ارتباكي، إذ انحنى جميع من في القاعة احترامًا لنا.
ثم قادتني الملكة عبر درجٍ آخر إلى أرضية قاعة الرقص.
وبمجرّد وصولي، تقدّم إليّ عدد لا يقل عن اثني عشر شخصًا ليتحدثوا معي، بعضهم ليقدّم تهانيه، وآخرون ليعبروا عن حزنهم لأنهم سيفتقدونني بعد ذهابي إلى سيالوك. وفجأة، انشقّ الحشد مفسحًا الطريق لرجلٍ واحد.
في البداية لم أعرف من يكون. كان أكبر سنًّا، ذا لحية كثيفة، ويرتدي حلقةً ذهبية حول رأسه. ثم أدركت الحقيقة إنّه الملك، والد سارافينا.
أمسك بيدي بقوة وقبّل خديّ كليهما.
لسوء الحظ، تراجعت خطوةً إلى الوراء. كنتُ أساير حلمي الخيالي المبالغ في واقعيته، لكنّي لم أستطع التصرّف على نحوٍ طبيعي في ذلك الموقف.
كان يملك لحية! ولم يسبق أن قبّلني رجل أو فتى من قبل، فأن تكون البداية مع رجلٍ أكبر سنًا وذو شعرٍ على وجهه كان أمرًا مبالغًا فيه بالنسبة لي.
ولحسن الحظ، لم يبدو منزعجًا من ردّة فعلي، بل بدا عليه شيء من التسلية، وأمسك بذراعي ليساعدني على الاتزان.
قال بفرحٍ غامر
“كنت أعلم أنّ فتاتي العزيزة ستؤمّن مستقبل مملكتنا”
كانت عيناه تلمعان، وقد استقرّت قطراتٌ صغيرة من الدموع بين رموشه.
نظرتُ إليه بذهول وسألته “لماذا تبكي؟”
مسح وجهه بباطن يده وقال
“سيالوك أرض بعيدة، وتريمور كان واضحًا جدًا بأننا لا يجب أن نسافر إلى ساحة المعركة. إن تزوجتِه، فسيتعيّن عليكِ البقاء معه هناك، إلا إذا سمح لكِ بالذهاب إلى العاصمة. لا أدري متى سنلتقي مجددًا”
حدّقتُ فيه مذهولة. كان ذلك شرطًا آخر، على ما يبدو.
كدت أقول له ‘إذًا لِمَ ترسلونني؟’ لكنني تذكّرت ما قرأته في الكتاب أنهم كانوا يأملون تقليل الجزية التي تدفعها ليليكين لمملكة بيليك مقابل إبقاء جيشها على الساحل.
وعندما تُقارن الأمرين، فإن الاحتفاظ بابنتك في بيتك بدلاً من تخفيف الضرائب عن جميع المواطنين يبدو أنانيًا للغاية بالنسبة لملك. ابتسمتُ له، غير مصدّقة أن هناك شخصًا غير والدتي يتأثر إلى هذا الحد بفكرة أنّه قد لا يراني مجددًا.
ما إن استوعبت ما يجري، حتى كان رجل آخر يتقدّم نحوي.
بدا أقرب إلى سني. كان شعره داكنًا وناعمًا، يتدلّى على جبهته ويمتد حتى عينيه البنيّتين. للحظةٍ قصيرةٍ خُيّل إليّ أنه يشبه إيفاندر قليلًا، لكنّ هذا الإحساس تلاشى فور أن بدأ يتحدث. لم يكن يشبه إيفاندر على الإطلاق.
قال بغضب وهو يضغط على شفته السفلى بأسنانه ويده مرفوعة
“هل تتذكرينني؟”
لم أعرف ماذا أقول. كيف يُفترض بي أن أعرف من يكون؟ ثم تذكّرت أن الملكة قالت إن الأمير مورمر ينتظر في الأسفل أخو خطيبي المستقبلي.
فخمنت محاولةً أن أبدو واثقة مثل الملكة وقلت
“بالطبع أتذكّرك يا مورمر، كم مضى من الوقت؟”
ردّ بتجهم “حوالي ثلاث سنوات”.
تذكّرت حينها أنني قرأت في الكتاب أنه كان يريد الزواج من سارافينا.
بدا غاضبًا إلى حدٍّ يجعلك تتخيّل أنه يجب أن يُكبّل لا أن يُترك طليقًا.
كان على وشك افتعال شجار، وكان من المفترض أن أجد الأمر مقلقًا، لكنّي وجدته ممتعًا للغاية.
فكرة أن هناك رجلًا يذوب غيظًا بسببي بدت لي ممتعة جدًا. لا بد أن أُقرّ لإيفاندر بأنه حقًّا يعرف كيف يكتب قصة.
قلت بصوتي الأكثر أنوثة وأنا أستمتع بالموقف
“نعم، أتذكّر”
ربما يهدأ إذا أوليته بعض الاهتمام لولا أن الملكة حذّرتني من مغازلة أحد.
سألني بسرعة
“هل تعرفين ما هو الكابريكورن؟”
أجبت بعجلة وأنا أحاول مجاراته
“لا، أليس برجًا من الأبراج؟ لكني لست متأكدة، برجي هو…”
قاطعني بصوتٍ أعلى
“إنهم وحوش البحر! مملكة ليليكين محاطة باليابسة، فلا عجب أنك لم تسمعي عنهم من قبل”
تنحنحت وسألته
“وهل يوجد الكثير منهم في مياه سيالوك؟”
صرخ قائلًا، وقد نفحني بنفسٍ تنبعث منه رائحة الخمر
“الآلاف! بعضهم ينمو ليصبح أطول من الإنسان بخمس مرات، ولهم عيون بحجم صحون التقديم صفراء اللون”
سألته
“ما الذي لونه أصفر؟”
قال “عيونهم! إنهم وحوش، أقول لكِ وحوش! وهم جميعًا يسكنون النهر”
“أي نهر؟”
“النهر الذي أمرك تريمور بالسفر عبره غدًا؛ أعشاشهم ممتدة على طوله بأكمله.”
قال ذلك بنبرةٍ خبيثة واضحة.
“في الغالب، الصغار هم من يعيشون في النهر، لكن أحيانًا قد تصادفين أُمًّا. وقد تظنكِ تقتحمين منطقتها لمجرد وجودك هناك.”
ثم أمسك بكتفيّ وأجبرني على النظر في عينيه مباشرةً.
قال بجدّية “يجب ألا تذهبي. ارفضي الزواج منه.”
توقّف قليلًا قبل أن يضيف “وتزوجيني أنا بدلًا منه. سأضمن لكِ تقليل الضرائب التي يحتاجها شعبك. ثقي بي.”
وبنظرةٍ واحدةٍ نحوه، أدركت أنه ليس بطل القصة.
لم يكن مقدّرًا لسارافينا أن تتزوجه وتنتقل إلى عاصمة بيليك لترى والديها أكثر.
كان مقدّرًا لها أن تلتقي تريمور فهو البطل الحقيقي.
هززتُ يديه عن كتفيّ، وفتحت مروحتي بخفة، وقلت بسخرية
“يومًا ما، قد أصبح أرملة.”
وبينما كان مورمر يحاول استيعاب كلامي، سمعت مناداة تأتي من بعيد
“سارة ريغان! سارة ريغان!”
يا إلهي، الحمد لله! أدرت رأسي، وقبل أن أدرك ما يحدث، وجدت نفسي جالسةً من جديد في مكتبة المدرسة.
كانت إحدى أمينات المكتبة واقفة فوقي تقول
“هل تنوين النوم خلال آخر حصتين من اليوم الدراسي؟ إذا كنتِ ستفعلين ذلك، فالأفضل أن تعودي إلى المنزل.”
نظرتُ إليها كما لو كانت ملاك رحمة وقلت ممتنّة
“شكرًا جزيلًا لأنكِ أيقظتِني!”
ثم همست بخجل
“هل فعلتُ شيئًا غريبًا أثناء نومي؟”
رمقتني بعينين ضيّقتين مستغربة وسألت “مثل ماذا؟”
“كنتُ أتكلم؟ أمشي؟ أحدث ضوضاء؟”
قالت بنبرة واقعية خالية من الانفعال
“لا”.
ثم رمقتني مجددًا وقالت بدهشة
“هناك لعاب على ذقنك”
مسحته بسهولة.
كان يمكن أن يكون الموقف أسوأ بكثير.
حمدًا لله أني لم أخلع ملابسي في العلن! ولكن إن لم أفعل ذلك، فهذا يعني أن كتابه كان قصة يمكنني أن أكون إحدى شخصياتها، لا مجرد قارئة لها.
كان ذلك كثيرًا لأستوعبه دفعة واحدة، لكنني من النوع الذي لا ينسى أبدًا أين يجب أن يكون.
كانت الساعة على الجدار تشير إلى أن ما تبقى من اليوم الدراسي هو عشر دقائق فقط.
تبعت أمينة المكتبة إلى مكتب الإعارة وسألتها
“لماذا لم توقظيني في وقتٍ أبكر؟”
أجابت ببرود
“هل أبدو لك كمنبّه؟ ألا تنامين ليلًا؟”
قلت
“أنام، بالطبع. هذه أول مرة أنام فيها في المدرسة”.
قالت وهي تهز رأسها
“فات الأوان لتبرير ذلك الآن. أي حصة كان يُفترض أن تكوني فيها؟ سأتصل بمعلمتك وأخبرها أنك كنتِ هنا.”
قلت لها شاكرة وأنا أفتح كتاب إيفاندر لأرى إلى أين وصلت
“شكرًا لكِ”
كنت قد أنهيت الفصل الأول.
وكانت آخر جملة على الصفحة تقول
فتحت سارافينا مروحتها البيضاء المزخرفة بالدانتيل بخفّة، ونظرت إلى مورمر مباشرةً قائلةً بنبرةٍ هادئة
“يومًا ما، قد أصبح أرملة.”
لم أفهم مغزى العبارة، لكن على الأقل لم أفعل شيئًا مُحرجًا في المكتبة.
نظرت سريعًا إلى بداية الفصل الثاني، فرأيت سطورًا كثيرة من النص.
كان لا يزال أمامي الكثير لأقرأه، ومن عرض الكتاب بدا واضحًا أنني لم أقطع سوى جزءٍ بسيط منه.
وضعت إشارة بين الصفحات وأغلقت الكتاب.
ما حدث آنفًا كان على الأرجح حادثًا لمرةٍ واحدة ربما غفوت بعد إنهاء الفصل وابتكرت كل تلك التفاصيل في حلمي.
ومع ذلك، بدا كتاب إيفاندر أكثر تشويقًا من أي تجربةٍ مررت بها في حياتي.
Chapters
Comments
- 2 - سيد الجديين منذ يوم واحد
- 1 - الفتى الذي يسكن بجوارنا منذ يوم واحد
- 0 - مقدمة منذ يوم واحد
التعليقات لهذا الفصل " 2"