خفايا القصر المؤلم - 23
الفصل : تحت أضواء الشتاء
بعد يوم طويل من تعليم إيثان، عادت إيلينا إلى غرفتها، وقلبها مليء بالأفكار والذكريات حول ما مر به إيثان.
كان اليوم مختلفًا عن كل الأيام الأخرى، ولكن كانت هناك خطوة جديدة قد قطعت في طريقه نحو تعلم العالم من حوله.
تنهدت بإرهاق وهي تسحب الغطاء على جسدها، وأغمضت عينيها لتغرق في نوم عميق.
لكن رغم التعب، كانت مشاعرها متشابكة.
كانت تفكر في ديمتري، في زيارته الأخيرة لها، في ابتسامته الخجولة وطريقة حديثه.
لم تكن تعرف تمامًا ما كان يدور في رأسه، ولكنها كانت تشعر بشيء مختلف عنه عن بقية من حولها.
شعرت بشيء من الارتياح في وجوده، ربما لأنه كان الشخص الذي جعلها تبتسم بلطف في لحظات صمتها.
استفاقت إيلينا على ضوء الشمس الخفيف الذي كان يتسرب عبر نافذتها، معلنًا بداية يوم جديد.
كانت الساعة قد تجاوزت الفجر، لكن الجو كان لا يزال باردًا، وهو ما يجعل الصباح أكثر برودة.
نهضت من سريرها بحركة هادئة، وعينيها ما زالتان تحملان آثار النوم.
أخذت نفسًا عميقًا ثم توجهت إلى الحمام.
كان الماء البارد ينعشها ويساعدها على التخلص من شعور الإرهاق الذي كان يلاحقها منذ الأمس.
بعد أن انتهت من الاستحمام، ارتدت ثوبًا بسيطًا، فستانًا بلون أزرق فاتح يليق بموسم الشتاء.
لم تكن تحب المبالغة في ملابسها، فالأبسط كان الأنسب لها.
بينما كانت إيلينا تتناول الإفطار في قاعة الطعام، دخل ديمتري فجأة إلى القاعة.
كانت عيناه تلمعان بالحماس، ولكنها لاحظت أيضًا تلك اللمسة من الخجل التي كانت دائمًا تظهر في ملامحه عندما يتحدث معها.
ديمتري: (بتردد) إيلينا، هل لديك وقت اليوم؟ أردت أن أسألك إذا كنتِ تودين الخروج إلى المهرجان الشتوي. شتاء قريب جدًا، وأعتقد أننا يمكننا الاستمتاع بوقت جيد معًا.
إيلينا: (بتفكير، وهي تبتسم برقة) المهرجان الشتوي؟ يبدو ممتعًا. حسنًا، سأذهب معك.
كان قلب ديمتري يخفق بسرعة، لم يعرف لماذا كان يشعر بهذا الارتباك في صدره كلما كانت إيلينا قريبة.
لكنه لم يستطع أن يمنع نفسه من الابتسام عندما وافقت على الذهاب.
كانت تلك اللحظات معه تحمل شيئًا غريبًا من السعادة التي لم يشعر بها من قبل.
ما إن وصلوا إلى المهرجان الشتوي حتى شعرت إيلينا بالحيوية والمرح الذي كان يملأ المكان.
كان الجو باردًا، ولكن الأضواء الملونة التي تزين المكان كانت تضفي على الأجواء نوعًا من السحر والدفء.
الضحكات من هنا وهناك، رائحة الأطعمة المنتشرة، والموسيقى التي تنبعث من كل زاوية جعلت المكان يبدو أكثر حيوية من أي وقت مضى.
كان ديمتري يسير بجانب إيلينا، وهو يبدو أقل ارتباكًا الآن ولكن مع ذلك كان ينظر إليها بين الحين والآخر بحذر.
كانت تبتسم وتستمتع بكل لحظة، وعينيها تتأمل كل شيء من حولها.
توقفوا عند العديد من الأكشاك، تذوقوا الأطعمة الساخنة من الحلوى والشراب الدافئ، وكان الجو مليئًا بالضحك والمزاح.
إيلينا: (تأخذ قضمة من حلوى القرفة) هذه الحلوى لذيذة! لم أتذوق شيئًا كهذا من قبل.
ديمتري: (يبتسم بلطف) أنا سعيد أنكِ تحبينها. هناك الكثير من الأشياء التي يمكننا اكتشافها في المهرجان.
ثم توقفوا عند أحد الأكشاك التي تعرض أشرطة الزينة.
كانت إيلينا قد توقفت لتراقب الأشرطة الجميلة المتلألئة تحت أضواء المكان، وعينيها تلمعان بفضول.
ديمتري: (يبتسم بخجل) هل تحبين هذه الأشرطة؟ أعتقد أن هناك واحدة يمكن أن تعجبك.
إيلينا: (تنظر إليه بابتسامة لطيفة) نعم، هي جميلة جدًا.
أخذ ديمتري الشريط الذي أعجب إيلينا واشتراه لها بحذر.
لم يكن يعرف كيف عبر عن مشاعره تجاهها، لكنه شعر بشيء خاص وهو يرى ابتسامتها.
كانت تلك اللحظة مؤلمة بالنسبة له، حيث كان قلبه يملؤه مشاعر خفية لم يكن يستطيع التعبير عنها.
كان يود لو أنه يستطيع أن يعبر عن كل شيء، ولكن مع كل كلمة كان يراها إيلينا، كان قلبه يزداد تعقيدًا.
إيلينا: (تأخذ الشريط منه) شكراً، ديمتري. هذا لطيف منك.
كان ديمتري يشعر بالخجل أكثر الآن، وعيناه تهربان عن عينيها. “ديمتري: أنتِ تستحقين كل شيء جميل، إيلينا.”
قالها بصوت منخفض، محاولًا إخفاء تلك المشاعر التي كان يشعر بها.
لم تلاحظ أي شيء غير ذلك، لأن مشاعرها تجاهه كانت ترتكز على تلك الصداقة التي نشأت بينهما.
لم يكن هناك شيء أكثر من ذلك في قلبها.
بعد قضاء وقت ممتع في المهرجان، حان وقت العودة.
كان الجو قد أصبح أكثر برودة، ولكن إيلينا كانت تشعر بالراحة، كما لو أن شيئًا غير تقليدي قد حدث اليوم.
وصلوا إلى القصر، وكانت الأضواء تنير المكان بأناقة.
دخلوا من البوابة الكبيرة، وكان ديمتري يقودها بخطوات هادئة، حتى وصلوا إلى الباب الرئيسي.
ديمتري: (ينظر إليها بابتسامة خجولة) كان يومًا رائعًا، إيلينا. أعتقد أنه كان من الأفضل أن نذهب معًا مرة أخرى في المستقبل.
إيلينا: (تبتسم برقة) بالطبع، كانت رحلة جميلة. شكرًا لك على كل شيء.
ثم التفتت للداخل، وعينيها تلمعان بارتياح. كانت قد قضت وقتًا ممتعًا، لكنها شعرت في الوقت ذاته أن يومها قد انتهى.
ديمتري كان يقف عند الباب، وقد بدت على ملامحه تلك الابتسامة الخجولة، وكان يبتسم لها بلطف.
ديمتري: (بصوت خافت) وداعًا، إيلينا.
إيلينا: (تبتسم بلطف) وداعًا، ديمتري.
بينما كانت تدخل إلى القصر، شعر ديمتري بشيء غريب في قلبه.
كان يود أن يبقى معها، أن يقول لها أكثر، ولكن في نفس الوقت شعر بخوف غريب.
ومع ذلك، تذكر ابتسامتها اللطيفة، وكان هذا يكفي ليجعله يبتسم في نفسه.
ثم أغلق الباب بهدوء، وترك كل مشاعره تتداخل مع ضوء الليل الباهت.
يتبع…..