13
الفصل 13 : ميلاني وكوين
“ميلاني، آسفٌ لأنني تركتُكِ وحدكِ وجعلتُكِ تنتظرين.”
ابتسم كوين بلطفٍ نحو ميلاني وهو يُحيط كتفها بذراعهِ برفق.
ثم التفتَ نحو جوليان وإميليا وبدأ يُراقبهما بعنايةٍ.
“آه… إذن، أنتَ الابنُ الأكبر لعائلة أولسن. وهَذهِ التي بجانبكَ هي الآنسة مِن عائلة لورنس، أليس كذَلك؟”
كانت نظراتُ كوين الباردة حادةً بما يكفي لإسكات الاثنين اللذين كانا يتحدثان بلا توقف منذُ لحظة.
“يبدو بأنني يجبُ عليَّ أنْ أشكركما.”
“ماذا؟”
أعربَ كوين بابتسامةٍ مُشرقة عن امتنانهِ، مِما جعل الدهشة تعلو وجهيهما.
ــ كوين-ساما؟
نظرت ميلاني إلى كوين وهي ما تزال تشعرُ بحرارة حضنهِ حول كتفها.
“شكرًا لأنكما تركتُما ميلاني. بفضلكُما، استطعتُ التعرف عليها، وأنا مُمتنٌ حقًا لهَذا. كُل هَذا لأنكما تعاونتما لإنهاء تلكَ الخُطبة. لقد وفرتما لي فرصةً عظيمةً للحصول على تلميذةٍ موهوبة وخطيبةٍ محبوبةٍ في آنٍ واحد. حقًا، ليس لدي سوى الامتنان لكُما.”
كانت كلماتُ كوين مليئةً بالابتسامات، لكن عينيهِ لَمْ تحمل أيَّ دفئ.
تحت نظرتهِ الحادة التي تُشبه الجليد، بقي جوليان وإميليا مُتجمدين في مكانِهُما، غيرَ قادرين على الرد.
أكمل كوين حديثهُ بلهجةٍ أكثر حدة، كما لو كان يضغطُ عليهما.
“أوه، وبالمناسبة، سمعتُ شيئًا مُثيرًا للاهتمام للتو. صحيح أنْ ميلاني قد تكون ذات طاقةٍ سحريةٍ قليلة، لكن موهبتُها في السحر لا تُضاهى. في الواقع، مِن العجيب كيف بقيت موهبتها مدفونةً طوال هَذا الوقت.
… وأيضًا، رغم أنني كنتُ أريد إبقاء هَذا الأمر سرًا لبعض الوقت، لكن تقديرًا لفضلكما سأخبركُما بشيء.
خلال السنوات القليلة القادمة، ستُطوَّر أنواع جديدةً مِن السحر واحدةً تلو الأخرى، وكُلها ستكون مِن إبداع ميلاني. ستُعيد السحر القديم إلى الواجهة مِن جديد. للأسف، يبدو أنْ عائلة لورنس ستواجهُ تحدياتٍ، حيثُ ستُصبح تقنيات السحر الحديثة شيئًا مِن الماضي.
جوليان أولسن، لقد ارتكبت خطأً فادحًا بتركها.”
***
غادر كوين وميلاني قاعة الحفلة، تاركين وراءهما جوليان وإميليا المصعوقين.
كانت خُطة كوين هي الرحيل قبل أنْ يُحيط بِهم الحضور الفضوليون من النبلاء.
رُغم أنْ الحفلة كانت في ذروتها، إلا أنْ الممر الطويل المُظلم المؤدي للخارج كان خاليًا تمامًا، عدا عن وجودهما.
ومنذُ مُغادرتهما القاعة، كان كوين يحتضنُ كتف ميلاني وهي تَسيرُ بجانبهِ.
كان قلبُها ينبضُ بقوةٍ، لكنها لَمْ تكُن مُتأكدةً إنْ كان ذَلك بسبب قرب كوين الشديد منها أو بسبب كلماتهِ السابقة.
ــ “خطيبةٌ محبوبة”.
إذا لَمْ تكُن مُخطئة، فإنْ كوين قال تلكَ العبارة حقًا.
هل يعقل أنْ كوين-ساما يشعرُ بشيءٍ ما تجاهي؟
لكن رُبما قال ذَلك فقط للدفاع عني أمامهُما…
“…..”
أغمضت ميلاني عينيها بإحكامٍ، وتوقفت فجأةً.
“ما الأمر، ميلاني؟”
“أ… أريدُ أنْ أسألكَ شيئًا، كوين-ساما، بشأن ما قُلتَه سابقًا…”
وضعت يدها على صدرها وهي تُحاول تهدئة دقات قلبها، وسألت بترددٍ.
“ذَلك الأمر… هل كان صحيحًا؟”
“آه، بالطبع. أنتِ ساحرةٌ مُوهوبةٌ للغاية.”
بصدق، لَمْ يكُن هَذا هو الموضوع الذي أرادت ميلاني التحدُث عنه، لكن كوين بدا جادًا بشكلٍ مُدهش وهو يتحدث، مِما جعلها تلتقطُ أنفاسها دوّن وعيّ.
“أ-أنا؟”
“نعم. المعرفة والتقنيات التي تمتلكينها بلا شك ستُحدثُ تغييرًا كبيرًا في مُستقبل هَذا البلد. قد لا تكونين مُدركةً لذَلك الآن، لكنكِ تملكين هَذهِ القُدرات بالفعل.”
“…أنا؟”
“حقًا. عدمُ إدراككِ لهَذا الأمر أمرٌ مُقلق. ستُصبحين في المستقبل محط أنظار الكثيرين. لكن لا تقلقي. سأحميكِ بكل ما أوتيتُ مِن قوة.”
“…كوين-ساما…”
“هل هَذا مُزعجٌ بالنسبة لكِ؟”
“لا، ليس مُزعجًا على الإطلاق… بل، أشعرُ… بالسعادة.”
“…..”
نظرَ كوين بصمتٍ إلى ميلاني، التي كانت تحمرُ خجلًا وقد امتلأت عيناها بالدموع مِن التأثر.
ثم أحاطها كوين بذراعيهِ برفقّ وسحبها إليّه.
“ك-كوين-ساما؟”
رفعت ميلاني صوتها المُرتبك قليلاً بعدما ضمها كوين إلى صدرهِ بإحكام.
“ميلاني، ما قلتُه سابقًا يُعبر عن مشاعري الحقيقية. سواء كتلميذةٍ لي أو كخطيبة، أنا أعتبركِ شخصًا ثمينًا جدًا بالنسبة لي.”
“….!”
كان صوت كوين، الذي همسَ بهِ بالقُرب مِن أذنها، حلوًا لدرجة أنْ قلبها كاد أنْ يتوقف مِن شدة الخفقان.
“ميلاني، ما رأيكِ بي؟”
“أ-أنا…”
ــ كوين-ساما يشعرُ نحوي بِهَذهِ المشاعر.
قد لا أكون مُناسبةً لهُ الآن،
لكنني أريدُ الوقوف بجانبهِ.
أريدُ أنْ أكون معه!
ارتفعت عاطفةٌ دافئة مِن أعماق قلبها، وامتلأت عينا ميلاني بالدموع بينما مدت يدها ببطءِ لتلُفها حول ظهر كوين.
“أ-أنا أيضًا أحبكَ يا كوين-ساما. سواء كمُعلمٍ أو كخطيب. لذا، أنا… سأبذلُ قصارى جهدي، لذا أرجو أنْ تعتني بي.”
بينما كانت تقول كلماتها بصعوبةٍ بسبب نبضات قلبها السريعة، شد كوين ذراعيهِ حولها.
“ميلاني، أعدكِ أنْ أجعلكِ سعيدة.”
“…أمم، كوين-ساما؟”
“ما الأمر؟”
“أنا بالفعل سعيدةٌ للغاية الآن…”
بينما كانت تستمعُ إلى الموسيقى التي تعزفُها الأوركسترا وتتسلل مِن قاعة الحفل، ابتسمت ميلاني بسعادةٍ وهي بين ذراعي كوين.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة