الفصل 7 :
كان يُول إيل لو=لووميس رجلًا جميلًا.
خُصلات شعره الذهبيّ المموّج، المربوطة بشريط بُنيّ داكن، انسدلت طويلة على ظهره وهي تتلألأ تحت الشمس.
ملامحه ذات العينَين الزرقاوَين بلون سماء الربيع كانت متناسقة وعذبة.
في وجهه الجميل، ظهرت مسحة طفيفة من الخفّة، لكنّها كانت بدرجةٍ تجذب النساء بدل أن تنفّرهُن.
يداه وساقاه الرشيقتان مشدودتان دون أيّ لحم زائد.
طوله يُقارب طول فيليكس.
يرتدي زيّ الفرسان الأبيض الذي يُسمح به فقط للفئة الأولى، والمزيّن بخيوط ذهبيّة طقسيّة.
وفوق هذا، فهو من عائلة نبيلة تضاهي عائلة كلافيس.
ويبدو أنّه الابن البكر لعائلة ماركيسيّة.
بمعنى آخر، من رأسه حتى قدميه، كان تجسيدًا حقيقيًّا لـ’أمير الحكايات الرومانسيّة’ الذي تحلُم به الفتيات.
الأمير الذهبيّ والفارس الفضيّ.
هذا ما كانت الفتيات الصغيرات يُطلقنه عليه.
وكان يتقاسم شعبيّة الحرس مع فيليكس.
لكن أورورا رأت أنّه على الأرجح أكثر جذبًا للنساء.
كان رجلًا جميلًا بهذا القدر.
ولكن —
رغم أنّ أورورا ظلّت تحدّق فيه لفترة، فإنّها ما لبثت أن عقدت حاجبَيها بعمق.
في عيني أورورا، بدا ميدان التدريب صامتًا على نحوٍ غريب.
رغم أنّ ضرب السيوف دوّى كالرعد، ورغم امتلاء المكان بهالة قتاليّة مرعبة، لم يُسمع صوتٌ آخر غير صيحات الفتيَين.
وفي ذلك الصمت، بدت زقزقة الطيور في ظهيرة صيفيّة منعشة نشازًا غريبًا.
ثمّ دوّى صوتٌ غريب.
“زاش”.
شهقت أورورا.
كمّ فيليكس تمزّق، وخطٌّ أحمر ظهر على جلده.
لكن فيليكس لم يُفلِت سيفه.
بل صدّ الهجوم وكأنّه لم يُصب.
دار بجسده.
زمجر ذراعه.
شقّ السيف الهواء.
دوّى صوت ثقيل.
“غاكيين!”
ومع ذلك، قفز الاثنان بخفّة.
أعادا وضعيّة السيف، وفي اللحظة التالية، اندفعا.
رفع يُول سيفه.
وهبط سيف فيليكس.
ضرب سيف فيليكس خصر يُول.
بينما خدش سيف يُول خدّ فيليكس.
لم يسقط أيّ منهما.
على خدّ فيليكس الأبيض، ظهرت تدريجيًّا خطوطٌ حمراء.
‘—كيف يمكن لسيف مزيّف أن يُمزّق الجلد؟’
ضيّقت أورورا عينيها.
حتى لو كان السيف مزيّفًا، ربّما تُحدِث القوّة تمزّقًا.
لكن، هل يُمكن أن يُجرَح الجلد بتلك النظافة؟
لكن يبدو أنّ الجميع قد أدرك الأمر قبلها.
تجمّدت ساحة القتال تمامًا، وصوت المعادن وحده كان مسموعًا.
السبب في هذا الصمت، كان واضحًا.
الجميع أدرك أنّ سيف يُول لم يكن مزيّفًا.
شهقت أورورا واقفةً، وبدأت بالنزول.
فيما التفت إليها إنغيلس، ارتفع صوت خطواتها وصوت السيوف.
غطّاها الغبار، ثمّ قبضت كفٌّ كبيرة على ذراعها.
“لا تفعلين ذلك يا آنسة.”
“لكن…”
“لا بأس، هو قويّ.”
“هل هذه هي المسألة؟”
“هذا ليس غريبًا، لا على فيليكس ولا غيره.”
“هذا غير معقول.”
“العدوّ لا يلتزم بالقوانين.”
“لو لم يستطع صدّ هذا القدر من الشرر، فلن يصعد للأعلى.”
“ذاك الشاب يعلم أنّه سيخسر بسيف مزيّف، لذا استخدم الحقيقيّ.”
“لم يكن يقصد القتل.”
“هل الفوز بهذه الطريقة له معنى؟”
“من يدري؟”
“هل ستسامحه؟”
“لا، سأُعاقبه لاحقًا.”
“لكن قذارة البشر جزء من التدريب أيضًا.”
قالها ببساطة.
فعقدت أورورا حاجبَيها.
نظر إليها إنغيلس بعينَين ضيّقتَين.
وقد كانت تجاعيدها أعمق من تجاعيد فيليكس.
“……لَمْ أقتنعْ.”
“حسنًا، هذا متوقَّع.”
“……لَنْ، أقتنعَ، بهذا.”
سادَ الصمتُ أورورا وهي تُكابِد شعورًا لا يُمكنها تبديده.
كانت تُدرِك الموقف، لكن لم تكُن قادرة على تقبّله.
فرغم أنّ الأمر قد لا يبدو كبيرًا، فإنّ الشخص الواقف أمامها كان قد أُصيب فعلًا،
والذي ألحق به الأذى كان يرمقه بنظرات أشبه بنظرات الشياطين.
فهل يجوز التغاضي عن هذا فقط لأنه جزء من العادات؟
لكن، لم يكن لديها ما يكفي من الحجج لتُجادل بصوت عالٍ.
فصمتت أورورا.
وفيليكس، الذي لا يُجيد التعبير بالكلام، من المؤكّد أنّه سيلتزم الصمت حتى لو خسر.
ولو أنّ الشخص المصاب نفسه هو من رفع صوته، لربما حدث شيءٌ ما.
‘لكن، حتى لو كان أمرًا شائعًا، أليس من الخطأ ألّا يقول أحدهم شيئًا؟
فإذا ما حدثت إصابة خطيرة، سيكون الأوان قد فات.’
‘أهذا الإنسان… ألن يُطيح به أحد أعدائه السياسيين ذات يوم؟
ألن يُغتال في النهاية؟’
راودتها مخاوف فجائية، فعضّت أورورا شفتيها.
مستقبلٌ يُحمِّلهُ الناس ضغائنَ فقط لأنه صمت،
ويُبغَض فيه لأنه لم يجد الكلمات المناسبة،
ويُتَّهم فيه زورًا لأنه لم يُدافع عن نفسه…
كان من السهل جدًّا تخيّله.
‘هل يُمكن لابن الماركيز البكر أن يكون بخير وهو على هذه الحال؟’
رغم أنّها لم تتعرّف عليه سوى منذ شهر تقريبًا،
فقد بات واضحًا لأورورا، وبما لا يدع مجالًا للشكّ، أنّ هذا الشاب لا يُجيد التعامل مع الناس.
ومع ذلك، ومن خلال القليل من الحديث الذي دار بينهما،
أمكنها أن تشعر بصدق أنّه إنسانٌ مستقيمٌ ونزيه،
بل إنسانٌ يُمكن أن يُقال إنّه مثاليّ، خاصةً بصفته فارسًا.
لكنّه الابن البكر لعائلة ماركيزيّة.
لا يُمكنه أن يتخلّى عن العلاقات الاجتماعيّة والمجاملات.
‘……لكن، حتى الآن، لا أملك ما أقولُه له حقًّا.’
كتمت أورورا تنهيدة في أعماق حلقها.
فهي لا تعرف شيئًا عن شؤون الفُرسان.
وبصفتها خطيبةً “مؤقتةً”، لا يحقّ لها أن تتدخّل في عمله.
شخصٌ مثل فيليكس، الذي اختار أن يكون فارسًا رغم أنّه الابن البكر، نادرٌ جدًّا.
ومن المؤكّد أنّ وراء هذا اختلالات أو صراعات ما.
وربّما، مضايقةٌ بهذا المستوى—
والتي لم ترَها أورورا سوى كـ’مضايقة’—
ليست شيئًا غريبًا أصلًا.
فالعمل، أيًّا كان نوعه، له تقاليده الخاصّة.
وتجاهل التفاهمات الضمنيّة قد يُعرّض المرء لمخاطر لا يمكن لمن هم خارج ذلك العالم إدراكها.
في كلّ مكانٍ يوجد انحراف وظلمة،
لكن محاولة تصحيح ذلك لا تكون دائمًا الأمر الصائب.
ولهذا السبب، قال شقيقها الأكبر، الذي بدأ يُساعد والدهم في إدارة الإقطاعية منذ كان في الثامنة عشرة،
إنّه لا يحقّ لأحد التدخّل في عمل غيره إن لم يكن لديه الاستعداد لتحمّل العواقب حتى النهاية.
أورورا لا تعرف شيئًا عن عمل الفُرسان.
وهي ما تزال مجرد خطيبة مؤقتة.
وليس لديها أدنى استعداد لتحمّل المستقبل إلى جانب فيليكس.
لذا، لا يحقّ لها التدخّل في تقاليد الفُرسان أو موقعه بينهم.
‘لذلك، الشيء الوحيد الذي يُمكنني فعله الآن هو—’
ولأجل هذا الشيء الوحيد، رفعت أورورا رأسها.
لكن في تلك اللحظة،
دوّى صوت معدنٍ مُتموّج: “غيوين”،
وحلّق نصلٌ أبيض في الهواء،
ثم—
“آه؟”
كلّ ما استطاعت أورورا فعله هو التحديق بذهول،
بينما السيف الفضيّ الحقيقيّ كان يهبط نحوها من السماء.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《قناة التيلجرام مثبتة في التعليقات 》
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
التعليقات لهذا الفصل " 7"