في هذا اليوم ، و بمناسبة هذه المناسبة السعيدة ، فتح معبد سول جميع أبوابه منذ الصباح الباكر.
عُلق على الجدران الخارجية للمعبد أعلام الإمبراطورية جنبًا إلى جنب مع أعلام ترمز للحاكم إيسيس ، و تطايرت بتلات الزهور في الهواء.
تحولت جميع أرجاء المعبد ، التي كانت تتسم عادة بالوقار و الرهبة ، إلى مكان يضج بحيوية الناس.
كان الأطفال يركضون و يضحكون و كأنهم في مهرجان ، حتى الكبار تغاضوا في هذا اليوم عن الضجيج المعتاد داخل المعبد.
و بالنظر إلى منصات الوجبات الخفيفة المنتشرة في كل مكان ، بدا الأمر و كأنه احتفال حقيقي.
تنوعت الأطعمة بين الذرة المشوية و البطاطس و الفاصوليا ، إلى لحم الدجاج و السمان المشوي ، وصولاً إلى الحلويات السكرية التي يحبها الأطفال.
أما داخل المصلى ، فكان المشهد أكثر روعة.
الإضاءة الفاخرة التي تمتد بشكل شعاعي من الثريا الضخمة في المركز كانت مذهلة ، لكن الزهور التي ملأت السقف و تدلت للأسفل بين تلك الأضواء كانت منظرًا مهيبًا حقًا.
و ماذا عن الرائحة؟
امتزجت رائحة الزهور الطبيعية المنعشة مع رائحة المعبد العميقة و الرزينة ، مما جعل المصلى يبدو كغابة غامضة.
كانت مقاعد الضيوف على جانبي الممر الأبيض الناصع ممتلئة بالفعل.
أعضاء “البوم” ، نبلاء حزب الإمبراطور ، النبلاء المحايدون ، الكهنة ، الإداريون من القصر ، أفراد العائلة الإمبراطورية الفرعية ، و الوفود الأجنبية.
بدا الجميع و كأنهم بذلوا جهدًا كبيرًا في مظهرهم ، من الملابس و تسريحات الشعر وصولاً إلى الأحذية الأنيقة.
اجتمع هؤلاء الذين نادرًا ما يلتقون في مكان واحد ، يتبادلون النظرات و التحايا.
و على عكس هذا المكان المليء بالحرارة و الحماس ، كانت آثا في غرفة انتظار العروس في حالة من التوتر الشديد.
في الحقيقة ، كان حالها اليوم أفضل من الأمس.
لا ، بل كلما اقترب موعد الزفاف ، زاد شعورها بالضغط.
منذ أسبوع و حتى يوم أمس ، كانت ترغب فقط في الإغماء و الهروب من كل هذا.
كانت تفكر كم سيكون رائعًا لو أغمي عليها ثم استيقظت لتجد أن الزفاف قد انتهى بالفعل.
لكنها كانت أمنية مستحيلة.
فروحها القوية و المتماسكة لم تخذلها ، و انتهى بها الأمر و هي تعاني من توتر كل يوم بيومه حتى وصلت لصباح يوم الزفاف.
كان الأمر كذلك.
كان الضغط الذي تشعر به تجاه “مراسم” الزفاف بحد ذاتها أكبر من ضغط كونها ستصبح إمبراطورة و تدير الشؤون الداخلية.
لا تدري.
شعرت أن أمور ما بعد تنصيبها كإمبراطورة يمكن التفكير فيها لاحقًا.
على الأقل حينها ستعمل في مساحتها الخاصة ، و حتى لو أخطأت قليلاً ، فلديها مساعدون موثوقون ، لذا ربما لا داعي للقلق كثيرًا؟
و لكن الزفاف؟
إنه أول حدث رسمي تظهر فيه أمام حشود غفيرة من الجماهير.
لنتحدث بصراحة.
كل من سيحضر هذا الزفاف اليوم سيقوم بتقييمها.
سواء كان ذلك بطريقة جيدة أو سيئة.
“آه .. أشعر بالغثيان من شدة التوتر”
عندما ضربت آثا صدرها فجأة ، فزعت روبي الواقفة بجانبها و نادت تشينو.
“تشينو!”
“آه ، لا ، لا تنادي ..”
و قبل أن تنهي جملتها بطلب عدم مناداته ، ظهر تشينو عند باب الغرفة.
و كأنه كان ينتظر هناك.
اقترب تشينو بسرعة من آثا ليفحص حالتها و أعراضها و مدى شعورها بعدم الارتياح.
و لم تكن أذن تشينو هي الوحيدة التي التقطت نداء روبي.
فمن غرفة انتظار العريس ، اندفع أليستو الذي لم يكن يشغل باله سوى ما يحدث في غرفة العروس ، كالسهم نحوها.
“ماذا حدث؟”
ابتسمت آثا بحرج و هي تراه يظهر عند الباب ، بينما حبس أليستو أنفاسه للحظة و كأنها سحبت روحه بجمالها.
لم يدرِ ماذا يقول.
رؤيتها و هي ترتدي فستان الزفاف و تنتظر مراسيم زواجهما جعلته يشعر بشعور غريب.
بالطبع آثا جميلة بشكل استثنائي اليوم ، لكنها كانت دائمًا جميلة ، لذا لم يكن هذا هو السبب الوحيد.
إذا أردنا الدقة ، فالحقيقة بأنه سيصبح أخيرًا “حاميها الرسمي” أعطته شعورًا بمسؤولية جسيمة.
امتلأ قلبه بالمشاعر و الشجاعة.
شعر أنه قادر على فعل أي شيء من أجلها و من أجل طفلهما ، و كان هذا الحماس و المسؤولية مفعمين بالأمل فقط.
كيف يمكن للأمر أن يكون هكذا؟
بعد أن انسحب تشينو بعد فحص حالة آثا ، اقترب أليستو منها و جثا على ركبة واحدة ليلتقي بعينيها.
“هل أنتِ متوترة جدًا؟”
أومأت آثا برأسها و هي تبتسم بارتباك: “نعم. قلبي يخفق بشدة”
“هل يفضل أن نلغي الأمر؟”
كان صوته جادًا ، فشهقت آثا بذهول: “لا طبعًا؟!”
عندما مال أليستو برأسه تساؤلاً أمام رفضها القاطع ، شرحت آثا لهذا الرجل الذي لا يفهم شيئًا: “أين يوجد إمبراطور يعيش دون إقامة حفل زفاف؟ يجب أن نفعل ذلك يومًا ما على أي حال. هل تريدني أن أعاني من هذا التوتر مرة أخرى في المستقبل؟ لا أستطيع. أريد فقط أن نقوم بالأمر بسرعة اليوم و ننتهي”
حينها ابتسم أليستو الذي فهم مقصدها تمامًا: “إذن سآمرهم بالبدء فورًا”
لم تمر سوى عشر دقائق على خروج أليستو من غرفة الانتظار حتى دوت أجراس المعبد معلنةً بدء الزفاف.
كان الشخص الذي جاء لاصطحاب آثا من غرفتها هو إيسيس.
اتسعت عينا آثا من المفاجأة: “هل ستبدأ المراسيم بالفعل؟ لا يزال هناك ساعة كاملة!”
أطلق إيسيس ضحكة خفيفة و هو يمد يده إليها: “لقد صدر أمر من جلالة الإمبراطور ببدء الفقرات بأسرع ما يمكن. لنذهب”
بمجرد وصولها إلى الممر الأبيض و هي تمسك بيد إيسيس ، بدأت معزوفة “الأورغن” المهيبة.
اختفى ضجيج الناس في لحظة.
و في وسط ذلك الهدوء حيث لا يُسمع سوى صوت الأورغن.
بمجرد أن بدأت خطوات آثا ، امتزجت أصوات “الجوقة” مع عزف الأورغن.
سقط الضوء من مكان ما ليضيء الممر الأبيض ، فبدا الأمر و كأن بركة من السماء تلمس الأرض.
قداسة .. أو نبل.
أيًا كان المسمى ، فقد حبس الناس أنفاسهم حتى لا يفسدوا اللحظة.
و عندما وصلت أمام أليستو الذي كان قد دخل مسبقًا ، مسح إيسيس ظهر يد آثا بإبهامه و همس: “مبارك لكِ الزفاف”
“شكرا لك”
انفصلت يد آثا عن يد إيسيس ، لتستقر في يد أليستو.
توقف العزف و الغناء.
بينما أُعطيت لحظة للتأثر ، أشار أليستو للمسؤول عن المراسيم بيده: ‘أنهِ الأمر بسرعة’
“مراسم الزواج و عهد الإخلاص ..”
‘بسرعة’
“بـ-بركة الحاكم و عظمة الإمبراطورية ..”
‘أسرع’
“كحم! الآن سننتقل لمراسم تبادل الخواتم”
بعد أن وضع أليستو و آثا الخواتم في أصابع بنصر اليد اليسرى لبعضهما—
‘توقف عن الكلام الآن. أعلن الزواج و أنهِ الموقف’
“.. منذ هذه اللحظة ، أعلنكما زوجًا و زوجة”
بمجرد انتهاء إعلان المسؤول ، دوت الأجراس معلنةً نهاية المراسيم.
و ملأ التصفيق و الهتاف المدوّي أرجاء المصلى.
و حتى بعد انتهاء المراسم ، لم تهدأ الأجواء بسهولة.
بل على العكس ، أصبحت أكثر صخبًا.
فمن المقرر أن تستمر احتفالات زفاف الإمبراطور في جميع أنحاء العاصمة لمدة سبعة أيام قادمة.
***
داخل العربة المتجهة إلى بلوسوم بعد انتهاء كل شيء—
انفجرت آثا بالضحك و. هي تتذكر المراسيم فائقة السرعة التي حدثت في القاعة.
“لا حقًا ، هل يعقل أن تتم المراسيم هكذا؟ لقد رأيتك تلوح بيدك قبل قليل ، كانت تلك إشارة للإسراع ، أليس كذلك؟ أم كانت إشارة لإنهاء الأمر فورًا؟”
ضحك أليستو و هو ينظر إلى آثا التي استرخت تمامًا الآن و علت الحمرة وجنتيها: “كلاهما. أي شخص سيرى حبيبته و قد شحب وجهها من التوتر سيفعل الشيء نفسه”
ضحكت آثا و كأن الأمر غير معقول أو مضحك جدًا: “حتى مع الشخص الذي يلقي خطاب التهنئة في زفافك؟”
رغم علمه بأنه سؤال مزاح ، إلا أنه تظاهر بالقلق و جاراها في الحديث: “ألم يعجبكِ الأمر؟”
التعليقات لهذا الفصل " 127"