كان يسند إحدى يديه على الطاولة، بينما انحنى قليلًا ليجعل عينيه بمستوى عيني.
“إذًا…”
“لا تكذبي.”
عينيه الأرجوانية الفاتحة اللامعة كانت تراقب وجهي بدقةٍ وإصرار.
“أخبرتُكِ من قبل أن كل شيء ينكشف، أليس كذلك؟”
لم يكن يحمل سلاحًا، ولم تكن هناك أيّ طاقة مانا نشطة حوله، ومع ذلك شعرتُ بضغطٍ خانق. لم أستطع التحمل أكثر فصرخت.
“كنت سأطلب منه أن يخرجني من هنا، لماذا!”
“لأيّ سبب؟ هل لديكِ مشكلةٌ في العيش هنا؟”
“وهل تنوي اعتبار هذا الأمر غير مهم؟”
رفعت يدي التي كانت تمسك الكتاب، ولوّحت بالقيد أمام عينيه.
“افتحه فورًا، ولا تجعلني أغضب أكثر.”
لكن رغم تحذيري، لم يتراجع فيليون. بل تجاوز نظري إلى القيد، ثم أعاد النظر إلي.
“في الحقيقة لم أكن أنوي منعكِ من الخروج…”
خرجت الكلمات منه بنبرةٍ خفيفة، فاتسعت عيناي دون إرادة. لوّحت بالقيد من جديد أمامه، لكنه ابتسم ابتسامةً خفيفة.
ظننت أن هذا إقرارٌ منه بالموافقة—
“لكن بما أنكِ قلتِ إنكِ تريدين الخروج، فقد غيّرتُ رأيي.”
“ما هذا الهراء؟”
“لا يوجد ضمان أنكِ لن تقفزي من تلك الشرفة.”
ارتجف جسدي قليلًا لا إراديًا. لم أقل هذا أمام جيس أبدًا، فكيف عرف؟
“باستخدام السحر، يمكنكِ النزول من هذا الجرف دون أي خدش، لكنكِ دائمًا ما تكونين جيدة في البداية، وتفسدين الأمر في النهاية. لو اختل تحكمك في المانا قليلًا، ستسقطين…”
توقف عن الكلام وهو يلمس القيد بأطراف أصابعه. اصطدام ظفره بالجزء المعدني أحدث صوتًا رنانًا صافيًا.
“فهمتِ ما أقصده، أليس كذلك؟”
“… إذًا اجعلني لا أقفز من الشرفة.”
قطبت حاجبي وأنا أحدّق به.
“لماذا حبستني هنا أصلًا؟”
“أخبرتكِ، هناك مشكلة. فقط أحتاج أن أعرف ما هي.”
نقر القيد مرةً أخرى بإصبعه.
“هذا أيضًا… سأفتحه قريبًا.”
كانت نظراته مليئةً بالمرح، مِما زاد من استيائي، خصوصًا أنني قضيت الصباح بأكمله أحاول فهم الأمر بلا جدوى.
ومع أنه فقد ذكريات سنة ونصف، فمِن المؤكد أنه لم يعد يحبني…
لكن فجأة، خطر ببالي احتمال. احتمالٌّ ضعيف، لكنه موجود.
‘ماذا لو… كان فيليون يحبني حتى قبل خمس سنوات؟’
لم تكن هذه أول مرةٍ أفكر فيها بهذا الاحتمال، لكنني كنت أتجاهله في كل مرة.
بعد أن رأيت كيف احتفظ بمختبري كما هو، فكرتُ في الأمر مجددًا، لكن الأحداث الكثيرة شغلتني فلم أعد أفكر فيه كثيرًا.
وكان السبب أيضًا أنني كنت منشغلةً بفيليون الذي كان أمامي وقتها.
‘لكن أليس هذا الاحتمال ضعيفًا جدًا؟ مجرد احتفاظه بالمختبر لا يعني ذلك بالضرورة.’
كما أن الكونت قال إنه بالتأكيد لم يسرق الكتاب المحرّم من أجلي، وبالتالي لم يكن لدي أيُّ دليلٍّ آخر.
ربما كان لديه سببٌ آخر للاحتفاظ بالمختبر. فما هو؟ تساؤلاتي كانت تتشابك وتتعقد حتى شعرتُ وكأني أدخل متاهة.
ربما طال صمتي أكثر من اللازم، فقد كان فيليون ينتظر ردي طويلاً قبل أن يطلق تنهيدة عميقة.
“حسنًا، سأدعكِ تخرجين.”
فتحت عيني بسرعةٍ لأنظر إليه. كان يبدو منزعجًا قليلًا وهو يقول:
“لكن بشرط، لا تحاولي مغادرة هذا القصر. إن خرجتِ من الحديقة فسآتي فورًا لأمسك بكِ.”
“…..”
“وأنتِ لا تظنين أن بإمكانكِ الهروب مني وأنتِ بلا سحر، أليس كذلك؟”
وأضاف بنبرةٍ ساخرة: “حتى مع السحر، لم تكوني لتنجحي.”
أزعجتني كلماته، لكن لم يكن مخطئًا.
في الحقيقة، ما آلمني أكثر كان قوله: ‘وأنتِ بلا سحر’.
اللعنة، كيف وصل بي الحال لأكون بلا سحر!
“… حسنًا.”
خرج صوتي ضعيفًا بلا إرادة. لم أعتد قط أن أبقى بلا استخدامٍ للمانا لهذه المدة الطويلة، وكان الأمر محبطًا للغاية.
ثم فجأة، فتح فيليون فمه مجددًا.
“في مكتبة الطابق الأول، هناك ذَلك الشيء.”
رفعت رأسي فورًا والتقت عيناي بعينيه.
أبعد يده عن الطاولة وقال:
“كتاب ‘سر الهومونكولوس وبدايته’ النسخة الأولى، من تأليف إيدن رافيل.”
“أحقًا حصلتَ على ذلك الكتاب النادر؟”
“هناك أيضًا كتبٌ أخرى لإيدن، مثل ‘مصدر السحر والتعاويذ المفقودة’، و’مذكرة عن السحر البدائي وأصوله’…”
“أين قلت انها موجودة؟ في المكتبة؟”
كانت هذه الكتب قد بحثتُ عنها طويلًا عبر الوسطاء ولم أجدها. كنت مستعدةً لدفع ثروتي كلها مقابل قراءتها، لكن بلا جدوى.
حتى مكتبة برج السحر التي كانت مشهورة بجمع الكتب النادرة لم تكن تملكها!
“يمكنكِ قراءتها كما تشائين… طالما أنكِ لا تغادرين هذا المكان.”
لكنني لم أوافق مباشرة. لم أرغب أن أبدو وكأني أتنازل فقط من أجل بعض الكتب. كان لدي بعض الكبرياء.
ومع ذلك، يبدو أن فيليون قرأ الفرحة في وجهي بالفعل، فقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة. وعندما يكون على هذا النحو—
‘في المرة السابقة، كان يمسك يدي أو يقترب أكثر…’
وكان يمرر أصابعه برفق في شعري أحيانًا.
ربما لأن ذكريات تلك اللحظات كانت جميلة، فقد وجدت نفسي أنتظر رد فعله هذه المرة أيضًا.
لكن بدلًا من ذلك، حرّك يده قليلًا ثم قال:
“… سأخرج قليلًا.”
لم يلمسني، بل رتّب وضع معطفه وأضاف:
“سأعود بسرعة، فكوني هادئة.”
وغادر الغرفة بسرعة قبل أن أتمكن من إيقافه، وتبعه جيس.
على عكس المرات السابقة، لم يُغلق الباب.
أمسكت بمقبضه وفتحته، فرأيت ممرًا فارغًا.
خرجت بحذر إلى الخارج، وأثناء نزولي الدرج سمعت صوت انطلاق عربةٍ من بعيد.
“يبدو أنه خرج فعلًا.”
أثار الأمر استغرابي. كيف يصرّ على بقائي هنا ثم يخبرني بوضوح أنه سيخرج، حتى أنه جعلني أعرف توقيت مغادرته؟
بالطبع، السحر هو أهم ما لدي، لكن حتى بدونه ليس من المستحيل أن أهرب من هنا. يمكنني أن أجد من يفك هذا القيد إن سألت قليلًا.
“سيتبعني لو خرجت من الحديقة؟ مضحك. كيف ستفعل ذلك وأنت لست هنا؟”
رأيت بعض الخدم في طريقي، لكن لم يمنعني أحد، بل انحنوا باحترام فقط.
بدأت أتجول في القصر وأخطط ذهنيًا لمحاولة هروبي الثالثة.
إن وجدت حصانًا أركبه، فيمكنني المغادرة فورًا. الوقت نهار، وهذا مناسب.
وبينما كنت أفتح الأبواب هنا وهناك، وجدت المكتبة أخيرًا.
… حسنًا، حتى لو أردت المغادرة، عليّ أن ألقي نظرة على هذه الكتب النادرة أولًا!
وجدتها على مقربة. كانت أكثر سماكة مما توقعت، وإلى جانبها الكتب الأخرى التي ذكرها فيليون.
بدأت أتردد: هروب؟ كتاب؟ هروب؟ كتاب؟ هروب…
“… سأقرأ المقدمة فقط وأقرر بعدها.”
جلست على كرسي كبير وفتحت الكتاب بحذر.
كان المحتوى أعقد مما توقعت، وكلما كان أصعب كان أكثر متعة في القراءة.
فانغمست في القراءة حتى جاؤوا—جيس وبعض الخدم—ليحضروا لي الغداء. لم أطلب شيئًا، لكنهم أحضروه دون سؤال.
وهكذا استطعت مواصلة القراءة في أفضل الظروف: كرسي مريح، هواء جاف معتدل…
‘هذا أشبه بعطلةٍ مجانية أكثر من كونه حبسًا.’
عطلةٌ فاخرة على نفقة شخص آخر.
‘لكن لا أظن أن فيليون أحضرني هنا لأعيش في رفاهيةً كهذه.’
إذًا، لماذا يصر على إبقائي هنا؟
‘ما الذي يخطط له بالضبط؟’
***
كان الكونت ديللايك يعض شفتيه بقلق، وقد مر وقتٌ طويل وهو يتجول في المكتبة بانتظار خبرٍ ما.
وأخيرًا، جاءه أحد الخدم بالخبر الذي كان ينتظره:
“لقد وصل.”
دخل فيليون الغرفة بعدها مباشرةً.
لم يعد في وجهه أيُّ أثرٍ للبراءة أو التردد، بل صار حادًا ومهيبًا كالسيف المصقول. تمامًا كما كان الكونت يريده، بل كما ربّاه ليكون.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات