كان ما سمعته من إيان الليلة الماضية هو الأمر نفسه.
“إن تزوَّجتِ من صديقي المقرَّب، ستتمكَّنين من الإفلات من طوق وليِّ العهد. سيقوم بإخفائكِ.”
“لكنَّه رجل لا أعرفه إطلاقًا، فهل سيساعدني؟”
“لا تقلقي، فله هو أيضًا ظروفٌ لا مفرَّ منها تجبره على ذلك.”
وضع البارون لويانس فنجان الشاي على الطاولة.
“لن يكون عليكِ القيام بشيءٍ خاص، يكفي أن تجلسي هادئةً إلى جانبي. أنا سأتولَّى الباقي.”
“لكن إن كانت زوجة المستقبل هي من فولكس، ألن يعترض أفراد العائلة؟”
“يمكننا استخدام هويَّةٍ أخرى. لدي هويَّةٌ اعتدتُ استعمالها في تعاملاتي مع العالم السفلي، وهي مشهورةٌ بكون صاحبها غنيًّا، لذا لن يجرؤ أحد على الاعتراض.”
إذًا، ليست هويَّةً لشخصٍ ظهر فجأة، بل اسمٌ كان نشطًا من قبل.
“أنتِ كزوجتي، سنسافر معًا إلى القارّة الشرقيّة لغرض العمل، وسنعيش هناك قرابة السنتين ثم…”
“……”
“ستموتين أثناء الولادة، وسأعود أنا إلى القارّة الغربيّة مع الطفل الذي أنجبتِه. هذا هو مخطّطي.”
بالطبع، أنا لن ألد هناك.
ذلك الطفل سيكون ابن البارون لويانس. لقد قالت إنَّ الحبيب ينتظر في القارّة الشرقيّة، وهي تقصد أن تعيش معه هناك إلى حين الولادة، ثمَّ تعود.
أما الزوجة المزيَّفة فستنهي قصَّتها بالموت في القارّة الشرقيّة، وتعود هي مع الحبيب إلى القارّة الغربيّة.
خطةٌ ليست سيئة.
“بالطبع، هذا كلامٌ مبدئي فقط، وإلّا فسأواصل رعايتكِ حتى بعد ذلك…”
“لا.”
قلتُ بصرامة، مقاطعةً له.
“بعد الوصول إلى القارّة الشرقيّة، لا داعي لأن تهتمّ بي. سننفصل فورًا.”
وبحسب ما قاله إيان، فإن البارون سيأخذ معه إلى القارّة الشرقيّة عددًا قليلًا من معاونيه المقرَّبين الذين يعرفون هويَّته الحقيقيّة.
أي أنَّه في القارّة الشرقيّة لن يكون بحاجةٍ إلى زوجةٍ مزيَّفة، ولذا من الأفضل أن أتحرَّك وحدي. إذ قد يكتشف حقيقتي إن بقيتُ قريبةً منه.
لكن لا يمكنني أن أبوح له بالحقيقة كاملة.
“أنا ذاهبةٌ إلى القارّة الشرقيّة لأبدأ حياةً جديدة. في مكانٍ لا يعرفني فيه أحد، حيث أبدأ من الصفر… هذا هو حلمي.”
“…..”
“أقدّر عرضك، لكن لا يمكنني العيش معك، يا سيادة البارون.”
ثم ابتسمتُ بمرارة.
“والسبب… أنَّك تعرف أنني من عائلة فولكس، أليس كذلك؟”
قال تالون بعينين يملؤهما بعض الحزن.
“يبدو أنَّكِ قريبةٌ لكونت فولكس، أليس كذلك؟”
“نعم، بعد إعدامه، حصلت الكثير من الأمور.”
قال إيان إنَّه حين ترك الجيش، مرَّ بمشاكل بسبب ذلك الكونت. والبارون، كونه زميله في الأكاديميّة العسكريّة، فلا شك أنَّه يعرف تفاصيل ما جرى أكثر من أيّ شخص.
ربما لهذا السبب لم يسأل أكثر. بل بدا أنَّه أكمل تخيُّل الصورة في ذهنه.
على الأقل وفَّر عليَّ عناء الشرح.
“أريد أن أعيش في مكانٍ لا يعرف فيه أحدٌ حتى بوجود فولكس. والقارّة الشرقيّة مثاليّة لذلك.”
“صحيح… لكن هذا مؤسف قليلًا. رغم أننا التقينا اليوم فقط، أشعر أننا نتوافق جيدًا.”
“أشكرك على كلامك. لكن أظنّ أنَّني أفضل العيش بمفردي.”
عندها اتَّسعت عينا البارون بدهشة.
ثم تحوَّلت نظرته إلى إيان الجالس بجانبي، فأجبته أنا بكلِّ سرور عن تساؤله.
“أخي لن يذهب معي.”
“أ… حقًا أنتِ بخيرٍ مع هذا القرار؟”
“قلت ذلك، أريد أن أعيش في مكانٍ لا يعرفني فيه أحد.”
“وأنا أيضًا… أرجو أن تعتني بي، أيها العريس المستقبلي.”
صافحني بخفَّة.
أخيرًا، سأذهب إلى القارّة الشرقيّة… شعرتُ برضًا كبير وابتسمت.
مع ذلك، هناك أمرٌ واحد يثير قلقي.
“لكن، هل علينا حقًّا إقامة حفل زفاف؟”
“بالطبع! يجب أن أُري أقاربي وجه العروس لأثبت لهم ذلك!”
يبدو أنَّ إلغاء الأمر غير ممكن بسبب إصراره.
زفافٌ مزيَّف إذًا… سيكون أمرًا نادر الحدوث فعلًا.
“فلنبدأ التحضير إذًا! أولًا، لنقِس الفستان!”
***
كانت تحضيرات الزفاف أسهل مِما توقَّعت.
ذلك لأنَّ تالون تولّى كلَّ شيء بنفسه. حتى قاعة الحفل حجزها سريعًا عبر معارفه، وحدَّد موعدًا قريبًا قدر المستطاع، وتكفّل بكلّ الأمور الأخرى.
“يبدو أنَّه يريد الذهاب إلى القارّة الشرقيّة بأسرع وقت.”
لم يكن هناك ما أجد فيه عيبًا، فاقتصر دوري على الإيماء بالموافقة حين يخبرني بشيء.
حتى اختيار الفستان جرى بسلاسة، وكان الخدم يقدّمون المساعدة باحترامٍ كامل، فجعلوا الأمر مريحًا.
حتى حين قابلت أقاربه، لم أجد صعوبة تُذكر، فقد كان تالون يردُّ على جميع أسئلتهم مباشرةً.
“لكن، أليس الأمر مبكِّرًا جدًّا؟ أن تتزوجا الشهر القادم مباشرة؟”
“أريد ذلك في أقرب وقت. فلو هربت، ستكون مصيبة!”
لم أضطر إلى التدخّل، بل اكتفيت بابتسامةٍ هادئة وموافقة لطيفة.
كانت هناك ردود فعل غريبة أحيانًا.
“رايتشل هولدن؟ تلك… تلك التي تتحدث عنها الشائعات؟”
… حتى هذه لم أسأل عنها. فأنا لن أعيش بهذا الاسم طويلًا.
‘كما أنَّ الحفر وراء الأمر قد يجرّ مشاكل.’
حتى إيان شارك أحيانًا في التظاهر بأنَّه أخي باستخدام اسم مستعار، وحضر بعض لقاءات أقارب تالون معي، حتى أنه صبغ شعره بالأسود مثل شعري لنبدو كالعائلة.
لكنَّه لم يستطع الحضور دائمًا، إذ كان رجال وليِّ العهد يتواصلون معه دوريًّا ليلتقي بهم.
كنت أعطيه المهدّئات كلَّ مرةٍ يذهب فيها.
أعطيته الترياق مرة، لكنَّه رفض بشدّة.
“أنا بخير، أعطني إياه بعد أن تنتهي الأمور.”
لا أفهم ما الذي يفكّر به.
‘أنا لم أعد أشكّ في إيان أصلًا.’
فهو من جعلني أستمع إلى حديث وليِّ العهد في الغابة، وخلال قرابة شهرٍ أمضيته في قصر تالون، لم تقتحم قوات وليِّ العهد المكان أبدًا.
كلّ المؤشّرات تقول إنَّ إيان في صفي، لكنَّه مع ذلك يرفض أخذ الترياق.
لذا، لم يكن أمامي إلا أن أصنع مهدّئًا جديدًا بنفسي باستخدام المكوّنات التي حصلت عليها من تالون.
“شكرًا لكِ، رايلي.”
لكنه بابتسامةٍشش مشرقة لأجل مجرّد مهدّئ جعلني أشعر بالحرج قليلًا.
أنا مَن يجب أن يشكره، لا العكس.
“سأعود سريعًا، وإن احتجتِ شيئًا فأخبري تالون.”
في اليومين السابقين للزفاف، خرج إيان منذ الصباح الباكر.
أقلقني الأمر، فتبعته حتى الباب. التفت إليَّ مبتسمًا.
“ادخلي الآن، لقد تأخرتِ البارحة في مقابلة أقارب تالون، فلا بد أنكِ متعبة.”
“… وأنت، لا تُجهد نفسك كثيرًا. أخذت المهدّئ، أليس كذلك؟”
“نعم، شكرًا لاهتمامك.”
غادر إيان، وبقيت أراقبه حتى غاب عن الأنظار، ولا زال القلق يساورني.
“لماذا يرفض الترياق يا ترى؟”
عزمت على سؤاله الليلة مهما كان. ثم عدت إلى القصر.
بعد إفطارٍ بسيط، ولم يكن لدي ما أفعله، ذهبت إلى المكتبة. كان تالون يلوّح لي وهو يقرأ الصحيفة.
“هل هناك أخبارٌ مهمّة؟”
“لا شيء يثير الاهتمام، لكن الهدوء أفضل دائمًا.”
جلست في المقعد المقابل له، وأخرجت الكتاب الذي كنت أقرأه البارحة.
رغم أننا كنا وحدنا دون إيان، لم أشعر بأي حرج، فقد كان تالون لطيفًا جدًا معي طوال الأيام الماضية.
إنه يظنّ أنني هنا فقط لأساعده، بينما أنا أحتاجه بدوري، لكنني لم أفصح عن ذلك. فهو يعتقد أنني مجرّد امرأة تريد الذهاب إلى القارّة الشرقيّة، وتلبّي رغبة قريبها إيان بمساعدته.
‘امرأةٌ يمكنها الذهاب وحدها في أي وقت، لكنها تبقى فقط من أجل صديق قريبها … لذلك يجب أن أُحسن معاملتها حتى لا تغيّر رأيها.’
هذا على الأرجح ما يدور في ذهنه تجاهي.
ولهذا أعيش الآن بارتياحٍ أكبر.
أشعر ببعض الوخز لكوني أخفي الحقيقة، لكن لا يمكنني كشف كل شيء.
‘فما أمرُ حياتي طبيعي أصلًا؟’
أرسلت له اعتذارًا صامتًا، وفتحت الكتاب.
بعد وقتٍ قصير، دخل أحد الخدم إلى المكتبة.
“سيّدي، وصل خطابٌ من السيّد الكبير.”
نهض تالون وتوجَّه إلى الباب ليأخذ الرسالة.
كنت أراقبه بفضول، فرفع نظره إليَّ بعد أن قرأها.
“آه، إنَّه من جدي. يقول إنه سيحضر حفل الزفاف.”
“… فهمت.”
“كنت أظن أن صحته لن تسمح له بالمجيء، فهو يعيش في مكانٍّ بعيد. لكنَّه يقول إنه سيأتي مهما كان.”
ابتسم تالون ابتسامةً هادئة. لم أسمع بذلك من قبل، لكن يبدو أن تالون يحبُّ جدَّه كثيرًا.
راقبتُه بصمت وهو يقرأ الرسالة.
‘لا أدري لماذا… لكنَّه يذكّرني قليلًا بـ فيليون.’
ولست أعني المظهر، بل الانطباع العام.
حتى في لقائنا الأول، شعرت بشيءٍ مشابه، وكلما طالت صحبتنا، زادت صورة فيليون وهي تتراكب على ملامحه.
تُرى، أين هو الآن، وماذا يفعل؟
أتمنى أن يكون بخير.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 85"