كما قلتُ، لم ألتقِ مطلقًا بالكونت ديلاريك بشكل مباشر.
لم نتبادل حديثًا واحدًا، ولا أتذكر أنني مررتُ بجانبه عن قرب حتى. لو لم يكن فيليون موجودًا، لكنت اليوم لو رأيته فقط ظننتُ أنه “شخصٌ له هالةٌ غير عادية” وفقط.
لكن الكونت ديلاريك كان مختلفًا.
فكرتُ في اللحظة التي القيت عليه التحية فيها من العربة أنه قد يكون مختلفًا.
لأن نظراته التي أتجهت نحوي كانت باردةً جدًا.
“يبدو أنكَ قد رأيتني في برج السحر.”
“رأيتكِ عدة مراتٍ من بعيد أثناء الحصص. ربما أنتَ لا تعلمين.”
في الواقع، هو أتى ليتأكد من أنْ فيليون يدرس جيدًا، وربما رأيتُه أنا أيضًا بالمصادفة.
حتى لو كنت أرتدي نظارات تمنع التعرف، كان سيخترقها بنظره. فمستواه السحري مرتفعٌ جدًا.
“لقد عشتِ ولم تمُتِّ.”
“نعم، وماذا عن الكونت فولكس؟”
“أُعدم قبل خمس سنوات. المعلومات التي أعطيتها لإيريون كانت ذات فائدةٍ كبيرة. رأيتُ نهايته بأم عيني، فلا تقلقي.”
“…شكرًا لك.”
كنتُ أعرف هذا الأمر بالفعل، لكني شعرتُ بالارتياح مرةً أخرى.
لن ألتقي بالكونت فولكس مرةً أخرى.
“هل تود الدخول والجلوس؟”
دخل الكونت ديلاريك دون تردد.
راقبتُه وهو يجلس في المكان الذي كان يجلس فيه فيليون، وأنا أجلس في الأريكة المقابلة له.
لم أبدأ الحديث أولًا.
بينما أنتظرته، رتبتُ بعض الأسئلة في رأسي، لكن عندما حان الوقت، أصبح ذهني فارغًا تمامًا.
ماذا أقول؟ ترددتُ في البداية، ثم قال الكونت ديلاريك:
“كيف التقيتِ بفيليون؟”
كسر الكونت ديلاريك الصمت الطويل وسألني.
“…كنت في مهمةٍ للتخلص من وحوش، وصادفتُه بالصدفة. كان يتبع رجلاً يدعى دايل كصاحبٍ له.”
“هل هو الشخص الذي تحدث عنه هيميل، الملعون بلعنةٍ التحجّر؟”
“نعم. صديقتي أيضًا، لذا قضيت وقتًا مع فيليون. وكانت الأوراق المسروقة ضروريةً لفك اللعنة.”
“حقًا، أنتِ لا تستخدمين سوى سحر العناصر فقط.”
شعرتُ ببعض الوعيّ يعود إلى ذهني الذي كان مشوشًا.
أنا أجيد أيضًا فنون الحواجز، وليس فقط العناصر.
“وكيف التقيتِ بالأمير؟”
“…حصلتُ على عقدٍّ معه عن طريق صديق. كانت مهمتي فك الحاجز الذي يخفي المكان الذي خبأ فيه فيليون الكتاب المحرّم.”
لكن الآن ليس الوقت المناسب للجدل في هذا الأمر.
“هل تعرف أين هذا المكان؟”
“لا. لم يخبرني حتى بوجود مكانٍّ كهذا. هو شخصٌ متمردٌ للغاية.”
“…أفهم.”
فجأةً خطر لي ماذا سيكون رد فعل الكونت ديلاريك لو رأى مختبري داخل الحاجز. بما أنه يكره الكونت فولكس بشدة، ربما يغضب جدًا.
كيف انتشرت شائعة أن فيليون يُحبني؟
لو كان الكونت ديلاريك، لأرسل لقتل كل من يتحدث بهذا الكلام، وربما بدأ بمنعها منذ البداية. لكن مع ذلك انتشرت الشائعة…
“إذًا.”
انقطع تفكيري بصوت الكونت الذي دعا انتباهي فجأة:
“ما هو ‘السر’ الذي يريد الأمير معرفته عنكِ؟”
شعرت ببعض الارتباك عندما قال ذلك، لأن ما قلته لهيميل قد خرج من فمي.
-لدي سرٌ مهمٌ جدًا، والأمير يريد سماعه.
آه، إذًا هيميل أخبر الكونت ديلاريك بذلك.
عندما جاء أقارب فيليون، لم يكن موجودًا، يبدو أنه خرج ليحادث الكونت ديلاريك.
‘على أيِّ حال، كان يجب أن أخبره.’
لكني تمنيت لو أبلغني بعد ذلك… لم يكن الوقت ضيقًا جدًا. كنتُ نائمةً في الغرفة فور دخولي.
لكن ذلك ماضٍ أيضًا.
نظرتُ إلى الكونت ديلاريك مباشرةً وقلت:
“لا أستطيع أن أخبرك.”
“هل يمكنني مساعدتكِ في شيء…”
“لا أستطيع قول شيء. آسفة، سيدي.”
“…حسنًا، إذًا لا مفر.”
أظهر الكونت ديلاريك علامات خيبة أملٍّ واضحة، لكن قلبي لم يهتز.
لقد قررتُ ألا أخبر أحدًا بعد الآن.
“ماذا ستفعلين الآن؟”
“…سأتوجه إلى القارة الشرقية. سأعيش هناك بهدوء، دوّن لقاء أيِّ أحد.”
“فهمت.”
أومأ الكونت برأسه مرة، ثم صمت قليلاً قبل أن يتكلم مجددًا:
“سأساعدكِ.”
“…ماذا؟”
“إذا أردت، سأجهز لكِ السفر إلى القارة الشرقية هذا الشهر. وسأستمر في دعمكِ بعد وصولك. ليس عليكِ أن تعيش وحيدة، سأرعاكِ وأخفيكِ حتى الموت.”
“…..”
“أقسم باسم شرف العائلة.”
كان عرضًا غير معتادٍ على الإطلاق.
قوة عائلة ديلليك المالية قادرةٌ بسهولة على رعايتي بمفردي. لديهم علاقاتٌ قوية مع العائلة الملكية أيضًا.
لكنني من فولكس. أنا الابنة المُتبنى للكونت فولكس الذي ظل في خصومةٍ دائمة مع الكونت ديلاريك طوال حياته.
أقسم أنني لم أشارك أبدًا في أعمالٍّ شريرة للكونت فولكس، لكن بالنسبة للكونت ديلاريك، سيكون من الصعب أن يراني بعين طيبة. كما قلت، علاقاته مع العائلة الملكية جيدة. هذا قرارٌ صعبٌ حقًا.
تنفست الصعداء تلقائيًا.
لقد فكرتُ لساعات في ماذا لو سلموني للأمير على الفور، لكن الأمور بدأت تسير بأمل.
كنت على وشك أن أشكره، لكن…
“لكن، فيليون لا يُمكن.”
خفض الكونت صوته أكثر من أي وقتٍ مضى.
سألتُه بصوتٍ مرتعش قليلًا.
“…هل قال إنه سيتبعني؟”
“قال إنه سيذهب مهما حدث.”
يبدو أنه التقى بفيليون بعد محادثته مع هيميل.
وجاء بعد أن رتّب أفكاره للقاء بي.
“لكن ذلك مستحيل. لا أستطيع قبول ذلك. لم أسأله، لكن أعتقد أن ابنتي تشاركني الرأي.”
“فيليون سيكون عنيدًا.”
“سأحاول إقناعه. وإذا لم ينجح الأمر…”
ماذا يفعل إذا لم ينجح؟ هل سيُسلمني للأمير؟
يبدو أن الكونت يعلم أن الأمر صعب. لن أبقى صامتة، وكذلك فيليون.
‘فيليون في جانبي.’
شددت شفتيّ وأنا أنتظر كلامه التالي.
فيليون إلى جانبي، يثبت ذلك بنظرته وتصرفاته، ويطلب مني طوال الوقت.
الأمر مختلفٌ عن أيام برج السحر، قضينا وقتًا أطول معًا الآن، لذا قررتُ أن أثق به. أخبر الكونت أيضًا أنه سيتبعني.
لذا، أنا أيضًا…
“ستُمسح ذاكرة فيليون.”
رفعتُ رأسي بدهشة.
سمعتُ هذا بوضوح بأذني، لكن عقلي لم يستطع استيعابه.
ماذا يقول هذا الرجل الآن؟
“سمعت أن ذاكرته الجديدة لا تتجاوز السنةً ونصف، وكلها تتعلق بالمتابعة لذلك الشاب دايل. لذا حتى لو حُذفت تلكَ الذكريات، فلن يواجه صعوبةً كبيرة.”
حتى بينما كنتُ مشوشة، واصل الكونت حديثه. لم يكن مجرد كلامٍ عابر.
كان صادقًا.
“إنه أمرٌ مؤلمٌ لي أيضًا أن أمسح الذكريات التي تعب في استعادتها، لكن لا مفر. من أجل سلامة فيليون…”
“انتظر لحظة.”
بصعوبةٍ جمعت صوتي وأوقفته. بالطبع، لم أستطع أن أفهم الأمر جيدًا بعد.
“كيف يُمكن مسح الذكريات؟”
هل يستطيع الكونت ديلاريك استخدام السحر العقلي؟ لكن التلاعب بالذاكرة هو من السحر العقلي المُتقدم جدًا، لا يمكن أن يحدث فجأة.
ما لم يكن قد زرع تعويذة تلاعب بالذاكرة داخل جسده بالفعل…
‘هل زرعها بالفعل؟’
في تلك اللحظة أدركت، وقال الكونت:
“فيليون ملعون. قوته السحرية تكبحُ تلك اللعنة الآن.”
“…هل تقصد…”
“تلك اللعنة هي التي مسحت ذاكرة فيليون.”
“…..”
“حتى لو لم توافقي، سأعيد تفعيل اللعنة. سأمسح ذاكرته لأبقيه هنا.”
كان صوته حازمًا، كأنه لا حاجة للمزيد من التفكير.
“الآن هذا هو العرض. إذا تعاونتِ في مسح ذاكرة فيليون، ستضمن عائلة ديلاريك سلامتكِ في المستقبل. ماذا ستفعلين؟”
***
فجأة تذكرت أول مرةٍ أدركت فيها لعنة فيليون.
كنت أشعر بالدوار، ونزفتُ من أنفي، لكن فضولي لمعرفة من فعل ذلك كان يفوقني.
ما زلت كذلك الآن، لكن لم يعد مجرد فضول.
أعرف أنني لستُ في وضعٍ لأقلق على أحد، لكن مع ذلك…
“من فعل ذلك؟”
“…..”
“لقد تأكدت من لعنة فيليون أيضًا. كانت لعنةٌ مثيرة للاشمئزاز لم أشعر بها من قبل في حياتي. أليس من المفترض أنكم لم تستخدموا مثل هذا السحر، أليس كذلك؟”
“…..”
“أكدت أنها تم تفعيلها مرةً واحدة على الأقل، لكن هذا لم يكُن كافيًا لأستنتج كل شيء. من هو؟ وماذا حدث بالضبط؟”
لكن الكونت ظل صامتًا رغم استجوابي، يراقبني ببرود سواء شعرتُ بالقلق أم لا.
‘ربما لا يريدُ إخباري.’
لم أكن ألومه على ذلك. لم أخبره بسرّي أيضًا.
لكن في عينيه كان هناك أكثر مِن مجرد الحذر، كانت هناك مشاعرٌ عميقة من الغضب القديم جدًا.
‘…هل لأنه أنا من فولكس؟’
وبما أنني من فولكس، فهو لا يريد أن أقضي الوقت مع فيليون.
مهما كان الأمر، لكن مسح الذاكرة…
“هل ستُمسح كل الذكريات حقًا؟”
“نعم. لقد استعددتُ لذلك.”
“…هل فيليون موافق؟”
“لا أعرف. ولن أسأله أساسًا.”
هذا الرجل العجوز اللعين.
“سوف يكرهني فيليون إذا استعاد ذاكرته لاحقًا. لكني سأفعل ذلك. من المهم أن أحتفظ به الآن.”
عضضت أسناني بشدة. لم يكن هذا الشيء خاصًا بي فقط. حتى أنني ضحكتُ بسخرية من الدهشة، لكن…
“أن يهرب طوال حياته من الإمبراطورية، من سيبقى مكتوف الأيدي أمام ذلك؟”
“…..”
“أنتِ تعتقدين ذلك أيضًا، أليس كذلك؟”
لم أستطع الرد، وكنتُ أمسك بركبتي بإحكام. كانت تلك الكلمات التي قلتها لنفسي عندما أطلقت فيليون لوحده.
“أنا… أنا…”
ومع ذلك، لم أرد أن أتراجع.
لم أرد أن أخون اللحظات التي اعتنى بي فيها فيليون. لم أعد أستطيع تجاهل حبهِ لي.
‘إذا قال فيليون إنه يريد أن يأتي معي، فسأذهب معه.’
في تلك اللحظة التي استجمعت فيها كل شجاعتي في حياتي،
“هل تعتقدين حقًا أنكِ ستذهبين معه؟”
قال الكونت ديلاريك وهو يكشر بوجهه.
“هل تتعمدين تدمير حياة حفيدي؟”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات