في لحظة، أضاء المكان من حولنا، وظهر فيليون بوضوح. بدا وكأنَّ البرق قد اخترق جسده، إذ ارتسمت على وجهه صدمةٌ لا تُوصف.
‘هل رأيتُ خطأ؟’ وبينما كنتُ أظنّ ذلك، لمع الضوء من جديد! كان فيليون ما يزال متجمّدًا في مكانه.
“لا، لا أقصد أنّي أكرهكَ أو شيءٌ من هذا القبيل…….”
“…….”
“أقصد أنّي لا أنظر إليك بعاطفة بين رجل وامرأة. هذا هو المقصود بـ’أحبّك’، تفهمُ قصدي، أليس كذلك؟”
عندها، مرّر فيليون يده ببطء على وجهه. وهو مغمورٌ في الظلام الكثيف، سأل بصوتٍ خافت:
“ألم تُحبّيني قط؟”
“لم أحبك.”
وبتلك الكلمات الحاسمة، خيّم الصمت مجدّدًا على الغرفة.
توك، توتوك. وحده صوت المطر الذي يضرب النوافذ ملأ الأرجاء. جعلني ذلك الصوت أشعر بالنعاس شيئًا فَشيئًا، حتى أنّني تثاءبت.
“إذًا، لماذا……”
“لماذا…… هاه، لا أعلم. اشعر بالنعاس. سأخلد للنوم.”
سحبتُ الغطاء واستدرت إلى الجهة الأخرى.
ظننتُ أنني سمعتُ صوتًا خلف ظهري، لكنني تجاهلتُه. تركتُ نفسي تنجرف مع موجة النعاس وأغلقتُ عيني.
وعندما فتحتُها مجدّدًا، كان الصباح قد حلّ.
‘رائع……. لم أنم بهذا العمق منذ زمن طويل.’
هل يُصدر البطل هالةً سحريّة تساعد من حوله على النوم العميق؟ على كل حال، نمتُ بشكلٍ مريح جدًا. كان رأسي صافيًا وجسدي مرتاحًا.
وبينما كنتُ أتمطّى وأهبط من السرير، التقطتْ عيناي فيليون في الزاوية.
ربّما سمع حركتي، فتوقّف جسده فجأةً. كانت يداه منشغلتين بحقيبة على ما يبدو، لكنّه لم يُكمل ما كان يفعله.
ولم يلتفت نحوي أيضًا.
‘هل يشعر بالحرج لأنّه يراني أوّل شيءٍ في الصباح؟ أم أنّه لا يريد رؤية وجهي النعسان؟ أجل، هو من النوع النظيف جدًّا بعد كلّ شيء.’
لكن على الأقل، كان يجدر به أن يُلقي التحيّة…….
“متى استيقظت؟ كنتُ سأوقظ……”
“سأنزل أوّلًا.”
واختفى فيليون كالريح. ما هذا؟
ما به؟ يُشبه شخصًا يفرّ هاربًا.
‘هل فعلتُ شيئًا خاطئًا؟’
لكن الغرفة لم تتغيّر عن الأمس. الفرق الوحيد أنَّ الغطاء كان مرتبًا بشكلٍ جميل.
حتى الحقيبة التي كان يعبث بها قبل قليل بقيت في مكانها. فتّشتها بدافع الفضول، لكن لم أجد فيها شيئًا مميزًا.
تذكرت ملامحه قبل قليل. كان يرتدي ملابسه كاملة، ويبدو أنّه استحمّ بالفعل لأنَّ شعره كان مبلّلًا قليلًا. لم أرَ وجهه لأنّه كان يدير لي ظهره.
‘بدا محمرًّا قليلًا.’
هل هو مريض؟
***
لكن لم يكن مريضًا.
راقبتُ فيليون طوال فترة الصباح، ولم ألاحظ عليه أيَّ علاماتٍ غير طبيعيّة.
راقبتُ مشيته وجلسته، حتى خطر لي أنَّ أسنانه تؤلمه، فراقبتُه وقت الطعام أيضًا، لكن بدا طبيعيًّا.
ومع ذلك، كان مختلفًا عن المعتاد.
حين تلتقي عينانا، يلتفت فجأةً بعيدًا. وإذا اقتربتُ منه قليلًا، يتسلّل ويختفي. حتى حين أبدأ بالكلام:
“فيل، أريد أن……”
“أعتذر، عليّ المغادرة للحظة.”
يقولها بحزم ويغادر، مِما يجعل من المستحيل ألّا أفكّر بالأمر.
‘هل قلتُ شيئًا غريبًا في نومي؟ لا، استيقظتُ وأنا على نفس الوضعيّة. إذًا هل…….’
‘هل تذكّر أنني رايلي فولكس؟’
إن كان الأمر كذلك، فذلك أمرٌ لا يمكن تجاهله أبدًا. لذلك أمسكتُه بالقوّة وسألته بسرعة إن كان تذكّر شيئًا.
“لا، لم أتذكّر.”
“حقًا؟ إذًا لماذا……”
“أعتذر، السيّد هاربر ناداني.”
وانتهى بي المطاف بتركه يرحل مجدّدًا.
بصراحة، شخصيّتي تميل إلى أن أمسكه من مؤخرة رقبته وأقول له: ‘لن تذهب حتى تشرح لي كلّ شيء!’، لكن تعابير وجهه كانت…….
‘لم يكن يبدو بخير.’
وكلّما حاولتُ أن أتحدّث معه، ازدادت حالته سوءًا.
‘هل قلتُ شيئًا مزعجًا وأنا نائمة؟’
بسبب ذلك، بدأتُ أنا نفسي أشعر بعدم الارتياح تجاهه.
ولم نتبادل أيِّ كلمةٍ بعد ذلك.
حتى أثناء رحلتنا على الخيول، ذهبنا في مجموعاتٍ مختلفة.
فيل كان مع هاربر (على ما يبدو لم يكذب بشأن مناداته)، وأنا بقيتُ كعادتي بين المجموعة في المنتصف.
هذه أوّل مرّةٍ لا أرافقه، لكن لم أشعر بالوحدة. فقد أصبحتُ قريبةً من باقي الأعضاء، وكانوا يتحدّثون معي باستمرار.
أما إيان، فكان ملازمًا لوليّ العهد، ولم أستطع رؤية سوى رأسه من حين لآخر. وكان الطريق سهلاً بما يكفي حتى أتمكّن من ركوب الخيل، والطقس كان صافيًا تمامًا.
‘لكن ما به؟ لماذا يتصرّف هكذا؟’
مع مرور الوقت، بدأ الغضب يتجمّع بداخلي.
‘ما المشكلة في أن أقول شيئًا غريبًا أثناء النوم؟ يا ضيّق الأفق.’
عشنا سويًّا لأكثر مِن شهرين، نرى وجوهنا يوميًّا، وفجأةً يبني جدارًا بيننا! هذا سخيف. طوال هذه المدّة، كنتُ……
‘كنتُ…… لم أفعل له شيئًا يذكر.’
كلّ ما أتذكّره أنّه كان يطعمُني باستمرار. ولم أطبخ له شيئًا حتى مرّةً واحدة.
ولا مرّة نظّفتُ مكانًا جلس فيه. كنتُ أجمع أوراق بحثي وأغادر، لكنني لم أكن أُنظّف بعد نفسي.
ولا حتى أعددتُ له الشاي بيدي. صحيح أنّه غالبًا ما يسبقني إلى تحضير الأشياء لأنّه يلاحظ متى أحتاجها، لكنني لم أفعل ذلك بنفسي أبدًا.
لم أُزِل اللعنة الموجودة في جسده، ولا حتى بدأتُ البحث لرفع التحجير، لأنَّ الأوراق كانت مفقودة.
‘بصراحة، لم أقدّم له شيئًا يُذكر.’
لذا، بعد تراكم الانطباعات السيّئة، جاء كلامي أثناء النوم كالقشّة التي قصمت ظهر البعير.
‘حسنًا، فليرحل إن أراد. من يهتم؟’
غمغمتُ بكلماتٍ غاضبة لا يسمعها أحد، محاوِلةً مسح فيليون من ذهني بصعوبة.
حتى بقيّة الرفاق لم يسألوا عن السبب. من الواضح أنَّ هناك شيئًا ما، لكنّهم تجاهلوا الأمر احترامًا.
لكن وليّ العهد لم يكن كذلك.
“غريب أنكِ لا تسيرين مع فيل.”
كان ذلك في وقت الظهيرة، أثناء استراحة قصيرة في إحدى الحقول.
بينما كان الجميع متناثرًا في المكان، ظهر وليّ العهد مرتديًا لباسًا خفيفًا مثل الآخرين.
رغم ذلك، وسامته كانت بارزةً كعادتها. لم أعد أشعر أنه أمير، بل يمكن أن يكون تاجر شابّ ثري.
“هل تشاجرتما؟”
“لا. أنا نفسي أريد أن أعرف سبب تصرّفه الغريب.”
“هممم، هل يمرّ بمرحلة مراهقة؟”
مراهقة؟ حقًّا؟
“……لا أعلم. فليفعل ما يريد.”
لحسن الحظ، لم يُكمل الحديث. وسرعان ما تحوّل الموضوع إلى الحديث عن إيان.
كان من المفترض أن نلتقي به في مكانٍ آخر، لكن ازدادت الوحوش في تلك المنطقة، فسبقنا بالحضور.
المسار الذي نسير عليه الآن تمّ تعديله حسب المعلومات التي حصل عليها إيان، ولهذا السبب لم نواجه وحوشًا في الطريق. لكن، عند الوصول إلى الموقع الأثري، سيكون من الضروري مواجهتهم مرّةً على الأقل.
رغم علمه بأنني سمعتُ كلّ ذلك من هاربر، أعاد شرحه بهدوء، وكأنّه يريد أن يُطمئنني بنفسه.
“هل يمكنني أن أساعد بشيء؟”
“آمل ألا تضطرّي لذلك. تركيزكِ يجب أن ينصبّ على الحاجز، أليس هذا ما اتفقنا عليه منذ البداية؟”
“لكن……”
“لا تقلقي. الأشخاص الذين اخترتهم يتمتّعون بقدراتٍ عالية.”
وفي تلك اللحظة، سُمِع صوت جلبةٍ من مكان قريب.
كان ليون يتدحرج على التلّ بعد أن فقد توازنه بينما كان يمازح هاربر، فأطلق وليّ العهد تنهيدةً طويلة.
“مظهرهم يوحي بالفوضى قليلًا.”
“بالفعل.”
“تحمّلي الأمر. أنا جديد على قيادة هذه المجموعة بهذه الطريقة.”
“ماذا؟ سمعتُ أنّكَ كنت تخرج في مهمّاتٍ منذ سنّ المراهقة.”
“صحيح. لكن جلالته كان يرافقني دائمًا.”
آه، تذكّرت أنَّ فيليون أخبرني بذلك من قبل.
“هذه هي المرّة الأولى التي أقود فيها مجموعةً اخترتها بنفسي، وأخطّط للعملية بنفسي.”
ربّما لهذا السبب، يبدو أصغر سنًّا مِما هو عليه. أظنّه يكبرني بثلاث سنوات، لكن أحيانًا أشعر أنّه طالبٌ مبتدئ في برج السحرة.
وربّما السبب أنّه دائم الابتسام.
“أظنّ أنَّ اختيارك كان موفّقًا. حسب رأيي، طبعًا.”
“حقًّا؟”
“نعم، يبدو أنَّ الجميع يتمتّع بشخصيّةٍ جيّدة.”
“ولديهم مهاراتٌ ممتازة أيضًا.”
“لم أرَ مهاراتهم بعد، لذلك لا يمكنني الحكم.”
“باردةٌ كالجليد.”
ضحك ولي العهد. بدا وجهه شابًا جدًا، كما لو أنّه لم يذق طعم المشقّة من قبل.
“……لكن، هل من الحكمة أن تذهب بنفسك إلى الموقع الأثري؟ أليس هناك الكثير من الوحوش هناك؟”
“هممم؟ ألم نتحدث قبل قليل عن خبرتي في المهام؟”
“لكنّها تظلّ خطرة. ماذا لو أصبتَ وأُجبرنا على سحبك معنا؟”
“لن يحدث شيء من هذا. لا تقلقي.”
قالها بنبرةٍ منخفضة.
“لأنَّ عليّ التأكّد بنفسي من الأمر هذه المرّة…….”
وفي تلك اللحظة، اختفت الابتسامة من وجهه.
نظر إليّ بجدّيّةٍ عميقة، وبدت في عينيه نيّةٌ حقيقية في أن يرفع سيفه إن اضطرّ إلى ذلك.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات