قبل عدّة أشهر، عندما التقيتُ بـ بريدين في القارّة الشرقيّة.
في ذَلك الوقت، كنتُ مرهقةً جدًّا. كنتُ أعمل دوّن أيِّ عطلةٍ لأُسدّد دُيوني في أسرع وقتٍ مُمكن.
كانت وضعيّتي جيّدةً مقارنةً بمعظم المدينين الآخرين.
فقد ساعدني أصدقائي في تأمين المال العاجل، وكان موعد السداد مريحًا، كما أنني كنتُ أتلقّى الكثير مِن الطلبات، إذ كانت جهاتٌ كثيرة تبحث عنّي. وكنتُ أكرّر على نفسي كلّ يوم: لا تتذمّري، فقط اجتهدي.
لكن في ذَلك اليوم الذي شربتُ فيه الكحول مع بريدين بعد وقتٍ طويل، لَمْ أتمكّن مِن التوقّف عن التذمّر. ربّما لأنّه مضى وقتٌ طويل على آخر مرّةٍ خرجتُ فيها لمثل هَذا اللقاء.
وعندما رأتني بريدين على هَذهِ الحال، تنفّست بعمقٍ وقالت:
“هاه، لَمْ أكُن أنوي إخباركِ، لكن… في الحقيقة، حصلتُ على طلب عملٍ جيّد في القارّة الغربيّة هَذهِ المرّة. وأنا عُدتُ الآن لأبحث عن ساحر يُشارك فيه. وفي نفس الوقت أزور عائلتي.”
“لا طبعًا، ما هَذا الكلام… أنتِ تكرهين القارّة الغربيّة! مجرّد الحديث عنها يجعلكِ، ماذا أقول… عيناكِ تُصبحين كعيني سمكةٍ ميّتة.”
“ماذا؟! لا أعتقد أنني وصلتُ لتلكَ الدرجة!”
“بل وصلتِ. أتذكّر أنّكِ انسحبتِ في كلّ مرّةٍ بدأنا الحديث فيها عن القارّة الغربيّة بحجّة أنكِ تشعرين بالنعاس.”
رغم أنني أنكرتُ بحماس، إلا أنّني لم أكُن مرتاحةً داخليًّا فعلًا. وكنتُ قد سألتها عن تفاصيل الطلب بدافع الفضول فقط. ما محتوى المهمّة؟ وكم شخصًا سيشارك فيها؟
“المُهمّة يُجهّز لها العميل بنفسه. أمّا أنا… إنْ أردنا وصفًا دقيقًا، فأنا مسؤولةٌ عن الوحوش.”
“الوحوش؟”
“أجل. يبدو أنَّ العميل يريد استكشاف أحد الآثار، لكنّ المنطقة مليئةٌ بالوحوش. ويحتاج إلى مرتزقٍ مخضرم يملك خبرةً في التّعامل مع الوحوش، ليضع الخطط ويُصدر التّعليمات لِمَن معه.”
وأشارت إلى نفسها وهي تبتسم. “إنّه المنصب الأنسب لي، أليس كذلك؟”
“أمرٌ غريب. أليس هُناك مرتزقةٌ في القارّة الغربيّة أيضًا؟ لماذا يجب أنْ تكوني أنتِ بالضّبط؟ هل هَذا فخّ؟”
“فخّ ماذا! لا، هُناك… ظروفٌ معيّنة.”
“ما هي هَذهِ الظروف؟”
“ذَلك الأثر لَمْ يعثر عليه أحد مِن قبل. والعميل هو أول مَن اكتشفه. كما أنّه يُريد أنْ يكون أوّل مَن يستكشفه.”
قالت إنّها تعرّفت إلى العميل مِن خلال أحد رؤساء عملها السّابقين. ورغم أنَّ المقابلة كانت صعبة، فإنَّ العميل قرّر الوثوق بها واعتبرها شخصًا يُمكن الاعتماد عليه.
“هممم، لا بدّ أنّكِ نجحتِ في المُقابلة بامتياز إذًا.”
“أجل، أنا بارعةٌ بالكلام، لكن أعتقد أنْ كوني مِن القارّة الشرقيّة كان له أثرٌ كبير. فعميلٌ مِن القارّة الغربيّة قد يشعر براحة أكبر مع شخصٍ لا علاقة له بالمصالح المحليّة هناك، ويظنّ أنَّ فرصته في التعرّض للخيانة أقلّ.”
“ولماذا يبحث عن ساحر؟”
“لأنّ الأثر محميّ بحاجزٍ سحريّ، ويحتاج لِمَن يتمكّن مِن فكّه. على الأرجح أنّه يبحث عن ساحر بالفعل مِن ناحيته. صحيح أنّه طلب منّي أنْ أرشّح له شخصًا مناسبًا، لكن بدا الأمر وكأنّه قالها بلا اهتمامٍ حقيقي.”
“إذًا… لماذا اخترتِني أنا؟”
“أنا مَن سيُدرج اسمكٍ، أيتُها الغبية.”
كانت كلماتها مؤثّرةً فعلًا. وشعوري بالامتنان تضاعف أكثر عندما رأيتُ أجر هَذهِ المهمّة. فقد كان مبلغًا يُعادل سنةً كاملة مِن العمل المتواصل!
وكان مِن المقرّر أنْ يجهّز العميل السّاحر بنفسه، لذا لَمْ تكُن هُناك واجباتٌ كثيرة عليّ. كنتُ سأُعرَف كمساعدةٍ سحرية أو كصديقة بريدين فقط.
ولأنّ دوري لا يشمل القتال، فلَن يكون هناك خطرٌ حقيقيّ عليّ. بريدين لَمْ تكُن تبالغ عندما قالت إنَّ المهمّة أسهل مِن تلكَ التي خضناها في الصحراء قبل ثلاث سنوات.
لكنّني في ذَلك اليوم رفضتُ، لأنَّ الذهاب إلى القارّة الغربيّة كان مزعجًا جدًّا بالنّسبة لي. وبريدين قبلت قراري وعادت وحدها.
غير أنّني مع مرور الوقت، بدأتُ أشعر بالنّدم.
مهما حاولتُ البحث، لَمْ أتمكّن مِن العثور على عملٍ جيّد وسهل وبأجرٍ مُماثل.
وفي النهاية، وبعد تفكيرٍ طويل، أرسلتُ إلى بريدين رسالةً أُخبرها فيها أنني أرغبُ في المشاركة معها.
لم تكُن رسالةً جميلة. لأنّني كنتُ قلقة مِن احتمال وجود شخصٍ أعرفه ضمن الفريق.
فلَمْ أجرؤ على السّؤال بشكلٍ مُباشر عمًّن سيُشارك، بل بدأتُ أُدير الكلام وأتذرّع بأعذارٍ كثيرة.
كتبتُ أشياء مثل أنّني لا أرتاح مع المرتزقة الخشنين، وأنّني سمعت أنَّ أهل جنوب القارّة الغربيّة مُخيفون، هل هَذا صحيح؟ وبدأتُ بالتذمّر بشتّى الطّرق. لو كنتُ أنا المتلقّية لتلكَ الرسالة، لانزعجتُ كثيرًا.
لكن لحُسن الحظ، أرسلت لي بريدين قائمة المشاركين. مرفقةً بوظائفهم ومكان ولادتهم بالتفصيل. وشرحت لي مرّةً أخرى تفاصيل المهمّة وجدولها الزمني.
لكن لَمْ يكُن هناك أيُّ ذكرٍ في القائمة… أنَّ العميل هو وليّ العهد.
* * *
لكنّ ذَلك العميل كان وليّ العهد!
“يبدو أنكِ تفاجأتِ كثيرًا.”
قال ذَلك وهو يجلس على الأريكة بهدوء، يبتسم وينظر إليّ.
جلستُ أمامه، وأعدتُ تذكر رسالة بريدين. إنّها لَمْ ترد فيها عن العميل سوى سطرٍ واحد:
[لا أستطيع أنْ أقول بالتفصيل، لكنّه شخصٌ موثوق.]
موثوق… نعم، موثوق إلى حدٍّ لا يُصدَّق. إلى حدٍّ يُثير الصّدمة فعلًا!
“أنا نفسي تفاجأتُ. كنتُ أظنّ أنّها أخبرتكِ بهويّتي. يبدو أنّها أرادت رؤية ردّة فعلكِ عند لقائنا.”
“أعتقد… أنَّ هَذا صحيح.”
“هاها، كنتُ أمزح فقط.”
“لكنّي كنتُ جادّة.”
ضحك وليّ العهد مُجددًا بصوتٍ عالٍ.
حتى البارون كروديس رفع زاوية شفتيه ليجامل الموقف… لكن كان مِن الواضح أنّه يضحك فقط لمجاراة الجوّ. بدا كأنّه يريد أنْ يُغمى عليه ويهرب مِن هُنا.
كنتُ أشعر بالمثل عندما دخلتُ هَذهِ الغرفة… لكن الأمر اختلف الآن.
هَذا الرّجل هو عميل بريدين.
ما سأفعله هنا سيؤثّر على علاقة بريدين بوليّ العهد. عليَّ أنْ أكون حذرة للغاية.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 26"