كنتُ أرتدي دائمًا نظّارات إخفاء الإدراك، لكن لا بدّ أنَّ هناك مَن لا يزال يتذكّر وجهي حين كنتُ رايلي فولكس.
لكنّ هَذهِ المخاوف لا يُمكن أنْ تطرأ على أحد، إلّا إذا كان يعرف بأنّني رايلي فولكس. ما الذي قد يُزعج ريكس إيميل عند لقائها بساحرٍ مِن برج السّحر أصلًا؟
‘لا يُمكن أنْ يكون… هَذا الفتى…’
هل استعادت ذاكرته…!
“هل كان البارون كروديس أحد سحرة برج السّحر في السّابق؟”
…يبدو أنّه لا.
فمَن غير المعقول أنْ يكون فيليون لا يعرف إنْ كان ابن عمّه ساحرًا أم لا.
“هَذا غير صحيح. لو كان البارون ساحرًا، لكان أحد معارفي قد أخبرني بذَلك.”
وأنا كذلك، لا أتذكّر شيئًا مِن هَذا القبيل. فأنا أعرف جميع السّحرة مِن ديلاريك.
لأنّهم ظلّوا يتحدّثون عني بالسّوء كثيرًا.
“ما الذي يثير قلقكَ؟ هل هناك ما يخطرُ في بالك؟”
“لستُ أنا، بل أنتِ، حين قلتِ في المرّة الماضية…”
“أنا؟”
“ريكس، هل تعرفين البارون كروديس؟”
“ماذا؟ لا! هَذهِ أوّل مرّةٍ أسمع باسمه.”
رغم ذَلك، ظلّ فيليون يُحدّق بي طوال الوقت.
حدّق بي بنظراتٍ جادّة وكأنّه يُحاول معرفة ما إذا كنتُ صادقة، مِمّا جعلني أعبس بوجهه. ماذا؟ ما بك؟ ماذا تُريد؟ وعندها هو أيضًا ضيّق حاجبيه. سُمِع صوت نقر لسانه القصير.
“إذًا لا بأس؟ هل أطلب المساعدة مِن أحد معارفي؟”
“أرجوك. هيميل.”
“لا حاجة للرّجاء، فهَذا واجبي. كنتُ أشعر دائمًا بعدم الارتياح لأنّي تركت الأمر كلّه بين أيديكم. سعيدٌ لأنّي أستطيع المساعدة.”
وبينما كان هيميل يهمّ بالنّهوض بعد انتهاء المحادثة…
“ما رأيكُم بسرقته؟”
تجمّدنا أنا وهيميل في مكاننا مِن وقع هَذهِ الكلمات التي قالها فيليون ببرود.
“أظنّ أنَّ ذَلك أسرع مِن انتظار كرم البارون.”
“لا! ذَلك المكان… هو، لا، أعني… إنّه قصر الكونت ديلاريك!”
“ما رأيكَ أنْ نُناقش الأمر مِن جديد إنْ رفض البارون مساعدتنا؟”
فيليون لَمْ يُصرّ، واكتفى بالإيماء برأسه، بينما ابتسم له هيميل كأنّه يراه طفلًا نجيبًا، ثمّ ارتدى معطفه.
سرتُ خلفه ونحن نتّجه نحو المدخل.
“لماذا لًمْ تُخبره برفضك بشكلٍ واضح؟”
“لو نجح الأمر، ألا ترى أنّها ستكون طريقةً فعّالة؟”
“إذا افترضنا النجاح، فكلّ شيءٍ يُصبح مُمكنًا، هل ستغادر مباشرة؟”
“ألم أُخبركِ أنّه صديقٌ لصديقي؟ لذا عليَّ أنْ ألتقي بذَلك الصّديق في أسرع وقت.”
“ألَمْ تصل لتوّك إلى العاصمة؟ فلنتناول الطّعام سويًّا. عشاء اليوم سيكون لحم بقر.”
توقّف هيميل فجأة.
“نتناوله… سويًّا؟ العشاء؟”
“نعم. أنه يُجيد الطّبخ إلى حدٍّ ما.”
وحين أشرتُ إلى فيليون خلفي، بدت الدّهشة واضحة على وجه هيميل.
فجأةً، تذكّرتُ أوّل لقاء بين الاثنين. ذاك الرّجل المربوط بعصابة سوداء هو مَن سيطهو له بنفسه. لو كنتُ مكانه، لَتفاجأتُ أيضًا.
“أفهم الآن، لذا لَمْ يكن الجوّ متوتّرًا بينكما.”
“كنتَ تتوقّع أنْ يكون متوتّرًا؟”
“حين غادرت، كانت تعابيركما لا تُنسى. خصوصًا ذَلك الرّجل، كانت نظراتُه تقول بأنّه يُريد أنْ يقتلع عنقكِ.”
“همم، أتساءل مَن كنتَ تتوقّع أنْ يفوز.”
“تعادل. كنتُ أظنّ أنَّ كُلًّا منكما سيأخذ تمثال بريدين ودايل كرهينة، وقد تصلان إلى طريقٍ مسدود.”
ثمّ ابتسم هيميل ابتسامةُ خفيفة.
“سعيد لأنّكما انسجمتما على ما يبدو.”
“…ليس شخصًا سيّئًا.”
حتّى في الماضي، لَمْ أعتبره شخصًا سيّئ الطّبع.
لكنّه كان مزعجًا، على الدّوام، معي فقط.
“سأتناول الطّعام في وقتٍ لاحق. عليّ زيارة النقابة اليوم. شكرًا على الدّعوة، وآسف.”
“آه، إن كان لديكً موعد، فلا بأس.”
ابتسم بلُطف وقال: “سأعود بعد ثلاثة أيّام.”
***
لَمْ يستغرق لقاء البارون كروديس وقتًا طويلًا.
جزءٌ مِن السّبب يعود لتحرّك هيميل السّريع، لكنّه قال أيضًا إنَّ البارون ليس شخصًا مشغولًا مِن الأساس.
كان كلّ ما يفعله هو رعاية ابنته فقط.
“هل يُمكنني معرفة اسم مرض الآنسة؟ أو على الأقل، اسم المكوّن الّذي سيُحاول صديقكَ إيجاده؟”
“يبدو أنّكِ تُفكّرين بإجراء صفقة. آسف، لكن هَذا غير مُمكن.”
“هل لَمْ يتمكّنوا مِن معرفة المرض حتّى الآن؟”
“البـارون يعرفه بالتّأكيد. لكنّه لَمْ يُفصح عنه لأحد.”
“قال معارفي أيضًا إنّهم لا يستطيعون إخباري بنوع المكوّن بسبب شروط العقد.”
“واو، هَذا شديد الحذر.”
“رُبّما لحماية أنفسهم مِن أيِّ صفقاتٍ مجحفة.”
“وماذا عن المال؟ أليسوا بحاجةٍ إلى المال؟”
“يبدو أنَّ كونت ديلاريك يتكفّل بكلّ شيء.”
ويبدو أنَّ أمر إبقاء اسم المرض سرًّا هو أيضًا بأمرٌ مِن كونت ديلاريك.
“فلنُقلّل مِن حديثنا في ما بيننا الآن. هناك مَن قد يُصغي لنا.”
وبالكاد أنهى هيميل جملته حتّى ظهر الخادم مِن الداخل.
“أهلًا بكم. البارون بانتظاركم.”
كان منزل البارون كروديس في المدينة أبسط مِمّا توقّعتُ.
رافَقَنا الخادم إلى الطابق الثاني، ورحتُ أتفقّد المكان بعناية، لكن باستثناء بعض تعاويذ الحماية، لَمْ يكُن هناك ما يلفت الانتباه. لا الممرّات ولا باب غرفة الاستقبال كان فيها شيء مميز.
وحين فُتح الباب، ظهر رجلٌ ذو ملامح هادئة.
“تشرفتُ بلقائكم، اسمي ويل ديلاريك.”
كم هو مؤدّبٌ في حديثه مع عامة الناس. حتى إنني شعرتُ أنْ عليّ أنْ أبادله التّحيّة بأدب أكبر.
نبرته وهو يدعونا للجلوس كانت أيضًا لطيفة جدًّا. من بين كلّ مَن قابلتهم مؤخرًا، هَذا أفضل انطباعٍ أوّل على الإطلاق.
“لذا، كنتُ أتساءل، إنْ كانت عائلة ديلاريك تحتفظ بأيِّ كتب أبحاثٍ عن ذَلك، فهل يُمكنني استعارتها؟”
أخذ البارون يُدلّك ذقنه بتفكير عميق.
“لا أعلم إنْ كان هناك شيءٌ مِن هَذا القبيل. قضيتُ طفولتي في قصر كونت ديلاريك، لكنّني لا أعرف شيئًا عن السّحر…”
“ح، حسنًا؟”
“نعم. حين كنتُ صغيرًا، قيل لي إنّني لا أملك موهبة، فتخلّيتُ عنه تمامًا. هاهاها!”
ضحكته الصّاخبة ملأت الغرفة. يا هَذا، لا شيء يدعو للضّحك!
“ألَمْ تصادف شيئًا مشابهًا مِن قبل؟”
“لا أظنّ، لا شيء يخطر ببالي.”
“ألَمْ يكُن فيليون إلفيرت يُجري أبحاثًا في هَذا المجال؟”
في تلكَ اللحظة فقط، اتّسعت نظرات البارون الحادّة بعد أنْ كان يضحك طوال الوقت.
“إذًا أنتِ مهتمّةٌ بفيليون.”
يا للهول، لقد أفرط هيميل في الصّراحة مِن شدّة انزعاجه.
ويبدو أنّه أدرك خطأه متأخّرًا، لكنّ الكلام قد قيل ولا يُمكن التّراجع عنه.
“عذرًا، لكن لا أرغب في قول أيِّ شيءٍ عن فيليون.”
“س، سيّدي البارون…”
“مِن الأفضل أنْ ترحلا. كما تعلمان، قريبي متورّطٌ حاليًّا في قضيّةٍ مشينة.”
“لا، لَمْ نكُن نقصد فيليون إلفيرت تحديدًا…”
تقدّمتُ وأمسكتُ بذراع هيميل، الّذي كان يُحاول الرّدّ بسرعة وارتباك، إذ بدأت تعابير البارون تزداد سوءًا.
نظر إليّ هيميل مُعتذرًا، وأومأتُ له برأسي. لا بأس، سأُصلح الأمر. ونظرتُ إليه أيضًا بعينين تقولان: “أتركني أتولّى هَذا.” وكنتُ قد بدأتُ أستقرئ ما يُمكن فعله.
…رغم أنّني لَمْ أحبّ الفكرة أبدًا.
لكنّها تبقى أفضل مِن السّرقة، فما باليد حيلة.
“لَمْ نأتِ لنسأل عن فيليون إلفيرت يا سيّدي البارون.”
اهتزّ حاجباه قليلًا. فتابعتُ كلامي:
“بالطّبع، فكّرنا بالأمر. لكنّه ليس كما تتوقّعونه إطلاقًا.”
“وما الّذي يُخالف توقّعاتي؟”
“أنا كنتُ أبحثُ بشدّةٍ عن طريقةٍ لإعادة بريدين… أغلى صديقاتي إلى الحياة. ولحُسن الحظّ، كما أخبرتكم، لقد وجدتُ تلكَ الطّريقة.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات