كان وجه فيليون يبدو انه يصعب عليه تقبّل الموقف بسهولة.
حقًا، هذا مفهوم. فقد اندفع مسرعًا لإنقاذي من السقوط، ليجد نفسه فجأة مقيّدًا بالأصفاد.
لكن بالنسبة لي، كان هذا تمامًا ما خططتُ له.
حتى سقوطي من الشجرة كان جزءًا من الخطة. فقد استخدمتُ السحر بنفسي لقطع الغصن أسفل قدمي.
‘إنه فيليون… سيهرع نحوي فورًا لإنقاذي.’
ولماذا أُخاطر بهذا رغم أنني كنت قد أمسكتُ به بالفعل؟ في الحقيقة، لا يمكن القول إني أمسكتُ به جيدًا أصلاً.
فيليون خرج إليّ بعد أن اخترق جدار الطين والحاجز السحري.
ومع أن طاقته السحرية غير مستقرة، مِما يجعله غير قادرٍ على التحرك فورًا، إلا أنني كنتُ واثقةً أنه سينجح في ذلك.
بقائي فوق الشجرة للحظات كان فقط لأحسب التوقيت الذي سيخترق فيه الحاجز.
تحقّقتُ أيضًا من أن الحاجز مُحكم الإغلاق، حتى لا يخطر بباله سبب ما وراء أفعالي.
كل هذه المسرحية كانت لسبب واحد فقط.
‘هذه الأصفاد.’
كما قلت، شرطي للفوز هو أن أنتزع منه إعلان استسلام.
ولكي أفعل ذلك، كان عليّ أولاً أن أقيّده سحريًا.
المشكلة كانت في الطريقة.
لأضع هذه الأصفاد عليه، عليّ الاقتراب منه، وهو أقوى مني جسديًا بكثير.
ولو حاولتُ إجباره مباشرة، فالاحتمال الأكبر أنني سأقع فريسةً لتعويذته للنوم قبل أن أنجح.
لذلك رتّبت هذه المسرحية.
دفعتُه بالسحر ثم تظاهرتُ بغباءٍ أنني سقطت من الشجرة، لأجعله يهرع إليّ.
أما عن قلقي من أن يلمسني فيلقي عليّ تعويذة النوم فورًا؟ لم أشعر بالقلق أبدًا.
لأن استخدام السحر بطاقةٍ غير مستقرة يجعل إطلاق التعويذة التالية يحتاج وقتًا، وفيليون كان قد استهلك سحره بالفعل لاختراق الحاجز.
‘لن يستطيع استخدام تعويذة النوم فورًا… ثم إنه سيكون غاضبًا من تصرفي الأحمق ولن يفكر بذلك.’
وهكذا كانت النتيجة.
رغم أن الظروف كانت في صالحي تمامًا، واضطررتُ في النهاية للتظاهر بالخطأ، إلا أن…
‘لقد فزت.’
١٥٤ مباراة، تعادلان، ١٥١ هزيمة.
وفوز واحد.
‘أخيرًا، هزمت فيليون!’
لو كنت وحدي، لرفعت قبضتي في الهواء وقفزت بحماس. والحقيقة، ما زال لديّ رغبةٌ بفعل ذلك…
…حتى التقت عيناي بنظرة فيليون الباردة.
“الذي فك هذه الأصفاد كان ذلك الصغير، أليس كذلك؟”
تذكّرت ما قاله الصبي فيل قبل أن يختفي من بين يدي.
-“إذا سألكِ السيّد فيليون كيف فككتِ الأصفاد، اخبريه إنكِ ذهبت للحداد وفتحتها بالقوة. لا تذكري إنني أنا من فعل.”
-“لماذا؟”
-“لأنها مُصمَّمةٌ لتتلف إذا فُتحت بالقوة. أريدكِ أن تخدعهِ ليظن أنها أصبحت بلا فائدة.”
-“هذه الأصفاد قادرةٌ على التعرف على صاحبها، أليس كذلك؟ لقد عدّلها لتعمل هكذا.”
-“نعم. ولهذا استطعتُ أنا أن أفتحها…”
-“والآن، أنا مسحت تمامًا تسجيل الملكية السحرية لهذه الأصفاد.”
نظر إليّ بابتسامةٍ خفيفة عندما اتسعت عيناي دهشة.
-“الآن، أول شخصٍ يحقنها بالسحر سيُصبح مالكها.”
بعد موته، قمت أنا بحقنها بسحري، فأصبحت ملكي.
إلا إذا ذهب أحدٌ إلى الحدادة وفتحها بالقوة، فلن يستطيع فيليون استخدامها دون إذني.
… لكن لم تكن لديّ نيةٌ لاحتجازه كما فعل بي.
“فيليون.”
كنت أعرف أن هذا هو السبيل الوحيد لإيقافه، لكن لم أرغب بذلك. أردت أن أقنعه بطريقةٍ أو بأخرى…
“اهدأ ولنجرِ حديثًا. لديّ طريقـ…”
“لا.”
… هذا الرجل، هل يُحبني فعلاً؟
“افتحها فورًا. ثم غادر إلى القارة الشرقية.”
“لماذا تُصرّ؟ أنا المعنية بالأمر! أنا أعارض بشدة! فلماذا؟!”
“لا وقت لديّ لأفكر بهذا. قد تموتين يا رايلي.”
رغم صرامة وجهه، كان صوته يرتجف قليلاً.
“لقد رأيتكِ بأم عيني تعودين حيّةً بعد عناء… وبعد ذلك…”
ارتعشت يده قليلاً، وظننتُ أنه سيقترب ليمسكني، لكنه لم يفعل.
أبعد نفسه عني تمامًا، ومسح وجهه بيده.
“أنا أستطيع حل الأمر.”
وعندما أنزل يده، كان في عينيهِ بريق جنون.
“سأتكفل بكل شيء. فقط اتركي الأمر لي و…”
“لا، هذا لن ينفع.”
تجمّدت ملامحه قليلاً من الاستغراب، فأضفت:
“لا أعتقد أنكَ ستقتنع.”
عينيه سألتني بصمت إن كنتُ سأحرره.
لم تكن لديّ نية لذلك أبدًا، ولا أملك وسيلةً لإقناعه.
إذن، سأستخدم وسيلةً أخرى… كما علّمني فيل.
-“هذه الأصفاد لديها وظيفةٌ أخرى غير تسجيل المالك. بسيطةٌ جدًا: تضعها على الطرف الآخر، ثم تستدعي طاقتك السحرية…”
“لا تقولي أنك ست…”
“فيليون.”
وأيِّ أمرٍ أريد…
“اركع.”
بمجرد أن خرجت الكلمة من فمي، انحنى على ركبةٍ واحدة.
كفارسٍ مخلص.
“أوه، أنها فعّالةٌ فورًا. يعجبني ذلك.”
لكن وجهه لم يكن كوجه فارس، بل مزيجٌ من الدهشة والاستغراب، ثم نظر إلى ساقه وكأنه غير مصدق.
“أنت تعرف ما صنعته جيدًا. طالما هذه الأصفاد عليك، فقد خسرت. عليك أن تطيع أوامري.”
بصراحة، لم أخلُ مِن شعور بالنشوة.
لو رأى فيليون ذو الخمسة عشر عامًا هذا المشهد، لجنّ غضبًا.
وبالطبع، لم أرغب أن تصل الأمور إلى هذا الحد لو كان يطيعني… لحظة.
نظراته نحو الأصفاد بدت غريبة.
“لا تقل لي أنكَ تفكر بقطع ذراعك؟”
“كنت أفكر أن الاستغناء عن واحدةٍ ليس أمرًا صعبًا ما دام لدي السحر.”
…هل أصابك خللٌ في الدماغ أيضًا يا فيليون؟
“الإمبراطور يجب أن يموت.”
قالها بحزم، ثم نظر إليّ من أسفل.
“أما ولي العهد… حسنًا، إن كان الأمر يضايقكِ فلن أقتله. لكن الإمبراطور؟ مستحيل. طالما هو حي، سيسعى ولي العهد لإنقاذه، وسيكتشف أمركِ مجددًا.”
“……”
“سأمسح ذاكرة ولي العهد والأمير الثاني. وأيضًا هاربر والآخرين. صحيح أن هناك مَن قد يفلت مني، لكن ولي العهد لن يلاحقكِ كما يفعل الآن. فالإمبراطور سيكون قد مات.”
رغم أن وضعه كان أشبه بمرؤوسٍ ينصح قائده، إلا أني شعرت بضغطٍ مخيفٍ منه.
“لا يوجد حلٌ آخر.”
“..…”
“أنتِ تعرفين كم هو عنيدٌ ولي العهد. هل تظنين أنه سيتخلى عنكِ بسهولة؟”
“…..”
“ما حصل اليوم؟ نعم، قد يشكركِ لإنقاذ حياة الإمبراطور. لكن هذا هو كل شيء، يا رايلي. بعدها سيعود لمطاردتكِ.”
“فيليون أنت…”
حدقت فيه وقلت:
“أنتَ تتحدث تمامًا مثل جدّك.”
“ماذا؟”
كنت أمزح قليلاً، لكن تعبيره أصبح بالغ الجدية.
“ماذا تعنين؟”
“كما قلت. جدّك قال لي نفس الكلام، بنفس هذه النظرات الجادة، محاولاً إخافتي.”
“…..”
“هناك حلٌ آخر، فيليون.”
ابتسمتُ بخفةٍ ومددتُ له يدي.
“هيا، انهضّ.”
لم يطعني، فاضطررت لاستخدام السحر في أمري، فنهضّ أخيرًا.
أمسكتُ يده وسحبته معي.
“هيا بنا.”
كانت يده دافئة جدًا بعد طول غياب.
***
عاد ولي العهد إلى القصر وهو شبه منهار.
كنت أراه وسيمًا في الماضي، لكن اليوم… مظهره يرثى له. يبدو أن لياقته سيئةٌ جدًا.
“حقًا… هاه… هل هناك فعلاً… هاه… حلّ؟”
“لندخل ونتحدث.”
بإصراره، كان هو في المقدمة، يليه راول وإيريون، ثم أنا وفيليون في الخلف.
كان فيليون يتبعني بهدوء، ولم يكلمني بكلمة، لكنه كان يحدّق في مؤخرة رأسي طوال الطريق وكأنه أسير يُقتاد إلى السجن.
سألته بقلق:
“هل تشعر بعدم ارتياح؟”
“نعم. فلماذا لا تزيلينها عني؟”
ابتسمُ بلطف، فأجبته بابتسامة.
“أتذكر ما قلتَ لي حين طلبتُ أنا ذلك منك؟”
… وأخيرًا، دخلنا غرفة الإمبراطور.
كان حاله كما تركناه: عيناه مغلقتان وأنفاسه بالكاد تُسمع.
اقتربتُ منه بحذر.
وبسبب اعتراض ولي العهد الشديد، تركنا فيليون واقفًا عند باب الغرفة، وبقيت أنا وإيريون نفحص الإمبراطور.
من قرب، بدا الوضع أسوأ.
“لا أعلم ما نوع هذه اللعنة. رغم أنني عملت كمرتزقة ورأيت العجائب…”
“حتى سحرة القصر لم يتمكنوا من تحديدها. أتظنين أنكِ ستعرفين بمجرد النظر؟”
قال ولي العهد بسخرية، وعيناه تقولان: سنرى.
تنهدتُ باختصار، وأدخلت يدي في حقيبتي…
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
حسابي ✿《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 111"