“مُعلمي. تذكَّرتُ فجأة، ألم تقل إنَّ مراقبة الكتاب المُحرم لم تكُن صارمةً في السابق؟”
“آه، صحيح. كان الأمر كذلك. لذلك في البداية سرقتُه بسهولة.”
“…….”
“لكن مع مرور الوقت، صار الأمر مزعجًا أكثر فأكثر. ربّما لأن ذكريات حياتي السابقة ظلَّت باقيةً في لاوعيي؟ فالمسؤولون عن الكتب المحرّمة كانوا دائمًا الأشخاص أنفسهم.”
ومن ذلك الجواب الذي كان يتدفَّق بلا تردُّد، أدرك فيليون متأخرًا.
أنَّ سيريوس كان أكثر حماسًا من المعتاد.
“مُعلمي…… هذه المرة رقم كم في عودتك بالزمن؟”
“همم، هل كانت الحادية والعشرين؟ لم أُحصِها بدقّة، لذا لستُ متأكدًا.”
“…….”
“لذلك لا داعي للقلق كثيرًا. إذا لم يَسر الأمر على ما يُرام في الحياة القادمة، سأعيدها مجددًا.”
كان يبدو وكأنه يشعر بالبهجة. كطفلٍ أُهدي له لعبةٌ جديدة.
“فيليون؟”
“آه، لا. شكرًا لك…….”
“لم أكن أتوقَّع أن أسمع منك مثل هذا الكلام وأنتَ على قيد الحياة.”
ابتسم سيريوس ابتسامةً قصيرة، ثم أمسك بورقة الخطّة. كانت نبرة صوته، وهو يقول: “إذًا، فلنراجعها مرة أخرى”، مليئة بالسرور.
وكأنَّه لم يكن يُدرك أن سلوكه غريب. لا، بل هو يملك هدفًا واضحًا، على الأقل.
لكن أن يُعيد الزمن 21 مرة؟!
“مُعلمي، بالنسبة لتلك المرأة التي قلتَ إنَّك أحببتَها……”
“هاهاها، هل أنت فضوليٌ بشأنها إلى هذه الدرجة؟ تواصل بالسؤال عنها.”
“إن عدنا بالزمن هذه المرَّة، أرغب في مساعدتكً يا مُعلمي. لذلك يجب أن أعرف ولو القليل عنها، حتى أتمكَّن من فعل شيء.”
رغم أن قلبه كان يضطرب فصار كلامه أسرع قليلًا، إلّا أن سيريوس هذه المرَّة أيضًا لم يشكّ فيه.
“تقول كلامًا لطيفًا للغاية.”
صارت حتى تلك الابتسامة من سيريوس تبعث في نفسه شعورًا بالنفور.
هل يثق بي لهذه الدرجة؟ أم أنَّه، مثلي، مُنهك من الاستعداد للعودة بالزمن؟ أم أنّ الأمر أنّه… لم يعُد بعقله؟
“هل هناك معلوماتٌ يجب أن أتذكرها عن تلك المرأة؟”
عند سؤاله، فكّر سيريوس قليلًا، ثم فتح فمه.
“هممم……. آه، صحيح. إعدام الكونت فولكس أثَّر عليها كثيرًا. لذلك أظنّ أنني سأكون مشغولًا في تلك الفترة وما بعدها.”
“الكونت فولكس؟”
“كانت قريبةً بعيدةً له. المسافة كانت بعيدةً لدرجة أنَّها لم تتورَّط في قضيته، لكنها تأثرت كثيرًا. ربما لهذا السبب، كانت في كل مرةٍ تتزوج مباشرة بعد ذلك.”
“ربما رغبت بالحصول على حماية عائلةٍ أكبر.”
“صحيح. وكان الزوج دائمًا تقريبًا نفس الشخص. لكن في هذه الحياة، تزوجت بشكلٍّ غريب من شخصٍ آخر.”
“…… إذًا لم تتزوجكَ يا مُعلمي.”
“صحيح. رغم أنني سعيتُ وراءها بلهفة، فقد رفضتني.”
أيُّ أفعال ارتكبها ليُرفض 21 مرة؟ لقد أثار هذا فضول فيليون بالفعل.
“بصراحة، هذه المرة لا أعرف حتى أين بدأ الخطأ. كنتُ متأكدًا أنها ستقبل بي.”
“…….”
“زواجها من رجل آخر كان مفاجئًا حقًا. هل كانت على تواصل معه من ورائي؟ هذا أيضًا تصرُّف لم أره منها في أي حياة سابقة، لذا كان الأمر مدهشًا.”
‘يبدو أنه كان يتذكر الكثير من الأمور، بخلاف أوّل لقاء سيء بينهما.’
حسنًا، فمن المستحيل أن ينسى أحد رجلًا يطارده 21 مرة. حتى صبر سيريوس نفسه مثير للإعجاب، فابتسم فيليون بسخرية في داخله، لكن في تلك اللحظة…
“لذلك، جرّبتُ أن أزرع لعنةً في الإمبراطور—.”
قال سيريوس هذا بنبرةٍ خفيفة جدًا.
“الغريب أن الإمبراطور لم يمت سريعًا. في الحياة السابقة، بعد وفاة الكونت فولكس، مات الإمبراطور مباشرةً.”
اتسعت عينا فيليون وهو ينظر إلى سيريوس.
“هذه الحياة مختلفةٌ كثيرًا عن السابق. الأمر أكثر من مجرد خلل سببه دخول رايلي الجديدة.”
كان هذا كلامًا يصعب تصديقه.
“أظنّ أن الانتقال سريعًا إلى الحياة التالية سيكون أفضل حتى من أجل سلامتي العقلية—.”
توقف سيريوس عن الكلام ونظر إلى فيليون.
“فيليون؟ ما بال وجهك هكذا؟”
“قبل قليل، قلت إنك… لعنتَ الإمبراطور…….”
“صحيح. فعلتُ ذلك بيدي هذه.”
تمكّن فيليون بصعوبة من السؤال.
“ما، ما السبب؟”
“قلت لك، أليس كذلك؟ شعرت أن هذه الحياة غريبة، فأردتُ التجربة.”
“ولهذا السبب، لعنتَه؟”
“لا أفهم المشكلة. ما الخطأ؟ على أيّ حال، عندما أعيد الزمن، سيعود إلى الحياة.”
“…… هل تلك المرأة التي أحببتها ما زالت على قيد الحياة الآن؟”
“إنها حية.”
ضحك فيليون بمرارة.
“لكنك قلتَ إنها ماتت…….”
“لقد اختارت رجلًا آخر. لذا بالنسبة لي، هي كالميتة.”
“…… هل حاولتَ إقناعها؟”
“لا حاجة لذلك. لدينا الكتاب المحرّم، أليس كذلك؟”
أمسك سيريوس بكتف فيليون ونظر في عينيه.
“ألا تعتقد ذلك أنت أيضًا؟”
بعد قليل، أجاب فيليون بصوتٍ واهن: “نعم، صحيح.” عندها ارتسمت على وجه سيريوس ابتسامة رضا.
ثم عادت المحادثة إلى خطة سرقة الكتاب المحرّم.
قرأ سيريوس الورقة بصوتٍ عالٍ وهو يستعيد خطوات الخطة ببطء، وفيليون يجيب بهزات رأس موافقة.
وفجأة قال سيريوس:
“بالمناسبة، ذلك الرجل الغريب الذي قالت إنها تزوجته… عندما رأيته أول مرة، انصدمت حقًا. كان الأمر أشبه بإيجاد تعويذةٍ لا أعلم متى استخدمتها أثناء صناعة أداة سحرية. شعرتُ وكأنني أقول: لماذا هو هنا؟”
“…….”
“لذلك، عندما تقابل رايلي مجددًا، كُن حذرًا. تحقق جيدًا، ولا تترك له أيّ مخرج.”
نقر بلسانه وهو يقلب الورقة.
“التصميم كان مثاليًا…… تبا، أين أخطأت؟”
***
بعد أن افترق عن سيريوس، خرج فيليون مباشرةً من برج السحر.
ذلك اليوم بالذات، لم يرغب برؤيته مجددًا. جزءٌ من السبب كان الصدمة من تصرفات مُعلمه، والجزء الآخر خوفه من أن يقرأ سيريوس اضطرابه الداخلي.
وكانت وجهته قبر رايلي.
لم يكن المكان مريحًا له. في الواقع، كلما أتى، زاد شعوره بالقلق.
لكن لم يكن في قلبه رغبة للذهاب إلى أي مكان آخر. كان يحتاج إلى وقتٍ يفكر فيه بمفرده.
أخذ يعيد في ذهنه ببطء كلام سيريوس.
—”الكونت فولكس الذي أعرفه كان رجلًا طيبًا. لا أعلم كيف تغيّر هكذا في هذه الحياة.”
‘هذا كذب، على الأرجح.’
قال سيريوس إن المرأة التي أحبّها كانت دائمًا، في كل حياة، تريد الزواج بعد إعدام الكونت فولكس مباشرةً.
وهذا يعني أن الكونت فولكس كان يُعدم في كل مرة. فكيف يكون رجلًا طيبًا ويُعدم دائمًا؟
‘لابد أن سيريوس ترك الكونت فولكس ليلقى مصيره عمدًا. ثم تتأثر هي، وتبدأ بالبحث عن زوج، وهو يظن أنها ستأتي إليه في النهاية.’
وربما حاول في إحدى الحيوات منع إعدامه، لكنها عندها رفضت الزواج تمامًا.
لذلك قرّر تثبيت هذا السيناريو في هذه الحياة.
‘سيناريو…’
عند هذه الكلمة التي خطرت بباله، مرّر فيليون يده على وجهه.
كان سيريوس يقود حياة المرأة التي يحبها كما يشاء.
إن أرادت البقاء في الغرب، يجعلها تغرق في الديون ليجبرها على المجيء إلى العاصمة، ثم يستخدم تلك الديون كذريعةٍ حتى تلتقيه. وإن مات قريبٌ لها فتأثرت وتزوجت رجلًا آخر…
يعيد الزمن من البداية. وإذا لم يعجبه الأمر مجددًا، يعيد الزمن مرةً أخرى……
“هاه.”
ربما كان انهيار حدود العالم خطأ سيريوس أيضًا. فبعد 21 محاولة، الأمر وارد جدًا.
‘لقد فقد عقله.’
لكن…
‘العودة بالزمن ليست كذبة.’
كانت التعويذة المعقّدة ونظراته المجنونة دليلًا كافيًا.
ربما كان كذبه عن الكونت فولكس لتجنّب سؤال فيليون.
‘إن كنت تعرف، فلماذا لم تمنع ذلك مسبقًا؟’
ولا يعلم لماذا يريد ترك انطباعٍ جيد عنده إلى هذا الحد.
‘إذا تبعتُ كلام سيريوس، سأتمكن من لقاء رايلي مجددًا.’
لم يكن يريد التحدث معها أمام قبر، بل مقابلتها وهي حية تتنفس. حتى رؤيتها في الحلم لم تعد تكفيه.
…… نعم، ذلك الحلم.
‘لولا ذلك الحلم، لما كنتُ في هذا الصراع.’
لم يتحدث مع رايلي في الحلم.
حتى هناك، لم تنظر إليه. لم تُدرك وجوده، ولم تتبادل معه سوى بضع كلمات.
ولكن لماذا أثّرت فيه تلك الكلمات القليلة إلى هذا الحد…؟
مرّر يديه على وجهه عدة مرات، وزفر تنهيدةً تلو الأخرى. ثم، وقد خارت قواه، أسند ظهره إلى شجرة قريبة. وفكر طويلًا…
ثم نظر مجددًا إلى قبرها.
“حسنًا، رايلي.”
تمتم بصوتٍ حزين.
“سأفعل كما تريدين.”
كان صوته ضعيفًا وفارغًا إلى حد أن الريح كادت أن تبتلعه.
عيناه، وقد فقدتا البريق، بدتا كعيني شخصٍ تخلّى عن كل رغبةٍ في الحياة. لكن لم يكن أمامه خيارٌ آخر.
فقد كان دائمًا يفعل ما يريده هو.
“أما المرة الأخيرة…… فستكون كما تريدين أنتِ…….”
لم يستطع أن يبتسم. رفع زاوية شفتيه كعادته، لكن تلك الابتسامة الملتوية اختفت سريعًا بلا قوة.
مسح وجهه مرة أخرى، ثم غادر.
توقف عدة مرات ينظر إلى الوراء، لكن صوتها لم يصل إليه أبدًا.
***
سارت عملية سرقة الكتاب المُحرّم كما كان متوقعًا.
عملت تعاويذ الوهم جيدًا، فانطلق الحراس لمطاردة فيليون كما خطط، فيما بقي الحراس الصغار مسرعين لإبلاغ سيريوس. وفي ظل الفوضى، أخذ سيريوس الكتاب من المخزن دون أن يشك به أحد.
وكان التخلُّص من مطاردة الحراس سهلًا.
وفي اليوم الموعود، وقف فيليون أمام سيريوس دون أي إصابة.
“لقد جئتَ. فلنبدأ إذًا؟”
أومأ فيليون، وخلع معطفه وقميصه.
كانت التعويذات التي رسمها له سيريوس الليلة الماضية تغطي جسده بالكامل.
“الآن، خذ هذا الكتاب وردِّد التعويذة التي علمتُك إياها.”
توجه فيليون إلى وسط الدائرة السحرية المنقوشة على الأرض.
وقف سيريوس عند حافتها، يراقبه بوجهٍ مفعم بالبهجة كما لو أنه حصل على هدية ثمينة.
“فيليون؟ لماذا لا تستخدم السحر؟”
أجاب فيليون وهو يثبت بصره على الكتاب.
“قلتَ إن العودة بالزمن لا تتم إلا بوجود الكتاب الممنوع.”
“صحيح، يجب أن يكون الكتاب موجودًا. كل شيءٍ جاهز. ما عليك سوى ترديد التعويذة، وستعمل حتمًا، لأن……”
“سحر الكتاب… دائمًا يعمل.”
ابتسم وهو يفتح الكتاب.
“حسنًا. فلنجرب إذًا.”
لكن لم يكن في ذهنه أيٌّ من الكلمات التي علّمه إياها سيريوس.
حتى أثناء رسم سيريوس للتعاويذ على جسده، وأثناء هروبه من الحراس، كان يفكر فقط في الحلم الذي رآه قبل أيام…
في كلمات الشيخ العجوز.
—”العالم ينهار.”
—”ربما وصل تأثير قوتي إلى الخارج لهذا السبب.”
وفي إجابة رايلي وهي تنظر إليه مباشرة.
—”أتقلق على العالم أكثر من حياتك؟ هل هذا هو اختياركَ؟”
—”…… نعم، هذا هو خياري.”
ارتسمت على وجه فيليون ابتسامةٌ باهتة.
وفي اللحظة التالية…
فوووش!
اشتعل الكتاب الممنوع بالنيران.
قال فيليون بلهجةٍ يملؤها السرور.
“رائع، قد أحترق جيدًا.”
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات