في برج المركز داخل قلعة الملك المطلة على مدينة الأسوار في قلب العاصمة، وُجدت “غرفة الذهب”؛ حيث كان الملك يجتمع مع خمسةٍ من مستشاريه المقرّبين في مجلسٍ صغير.
كان داخل الصّندوق جزء من جثّة محفوظة مغلقة بعد مسحها بالمرّ واللّبان.
على ذراع رجل مقطوعة، ظهر وشم واضح.
وشم يُصوّر عملة معدنيّة مثقوبة بنهاية سيف.
أدار الكونت ليستر الضّعيف عادةً نظره غير قادر على التّحمّل.
ارتعشت شفتا ماركيز نوكس.
“هذا، هذا…”
“هو للقاتل الّذي اقتحم قصر ميرماجندي قبل أسبوع.”
تبادل المستشارون النّظرات صامتين. استمرّ نيكولاس:
“كما ترون، أصبحت باهال تشارك الآن في اغتيال الدوقة دون تردّد. هذه خيانة واضحة، ويجب على المجلس الصّغير إعدام رئيس الشّركة علنًا ليكون عبرة.”
ضرب قائد الجيش الدوق لونغفيل، ‘أحد أعمدة فصيل الملك’ الطّاولة بقوّة.
“تكلّم بوضوح، أيّها الدّوق الصّغير.”
الّذي أرسل ابنه البكر إلى ساحة المعركة بدلاً منه، كان يحرس مقعد الملك بثبات.
حدّق الدّوق ذو اللّحية البيضاء الكثّيفة في نيكولاس وقال:
“إن كانت هذه الجثّة لقاتل درّبته باهال حقًّا، فهي إهانة للنّبلاء لا خيانة. الآنسة ناتانيا ليست مرتبطة بالعائلة الملكيّة. إلّا إن كانت مرشّحة لمنصب زوجة الأمير.”
أطلق الدّوق ضحكة ساخرة واستمرّ:
“وأيضًا… كيف كانت الآنسة العمياء الّتي يُقال إنّها تتعالج في الرّيف موجودة في إقليم الدّوق ذلك اليوم، هذا أيضًا مشكوك فيه.”
“دع وريث ميرماجندي يكمل كلامه، أيّها الدّوق.”
قالت الملكة أوليفيا ذات الشّعر الفضّيّ المربوط نصفين بصوت رسميّ للدّوق.
انحنى نيكولاس للملكة.
“شكرًا، جلالتك. أختي جاءت إلى المنزل مؤقّتًا لحضور مراسم التّأبين فقط. كما سأكشف بالتّأكيد خاطف الآنسة وأطلب مبارزة علنيّة. مستعدّ لفعل أيّ شيء لردّ إهانة العائلة الّتي تلقّاها.”
سألت أوليفيا نيكولاس بأسف:
“أيّها الدّوق نيكولاس. هل أختك حيّة؟”
“بالتّأكيد. عائلتنا تبذل قصارى جهدها للعثور على الآنسة.”
“نعم، يجب ذلك. سمعتُ أنّ الخاطف الحقيقيّ اختفى في دورن. مهما كان الدّاعم… التّوقيت يجعله مقصودًا جدًّا.”
عضّ نيكولاس على أسنانه.
كلام الملكة صحيح.
حاول التّفاوض مع الخاطفين، لكنّ البرج في دورن كان فارغًا عند وصوله.
أعضاء النّقابة اللّعينة قالوا إنّه مكان غير مأهول أصلاً، وتظاهروا بالبراءة.
علت همهمة في غرفة الذّهب فجأة.
“قلتَ دورن الآن؟”
“بما أنّ نقابة الظّلام متورّطة… الآنسة ميتة عمليًّا. كاتب الرّسالة الّتي جلبها الدّوق الصّغير سابقًا هو الجاني الحقيقيّ.”
عندما بدأ القاضي وأمين الدّاخليّة المحايدان يهتمان بكلام الملكة، سعل الملك لتهدئة الجوّ.
“كحم! لم يمرّ عشر سنوات على حادثة مؤسفة في عائلة الدّوق… اختطاف آنسة مملكة، الأمر خطير. أيّها القاضي، اجلب مسؤول شركة باهال إلى المحكمة الملكيّة. ولا تبخل بالدّعم في البحث عن الآنسة المفقودة.”
انحنى نيكولاس بعمق للملك عند سماع الأمر.
كان جسده النّحيل كشجرة الشّتاء، يكشف عينين حادّتين تحت شعره البنّيّ المحمرّ.
فكّر معظم الحاضرين المجمّعين بغرفة الذهب في الشّيء نفسه.
‘ميرماجندي ترسل واحدًا آخر.’
بهذا الاتّجاه، لن يبقى منافس لميرماجندي في العالم آخر الأمر.
سأل الملك آرين الأوّل دوق لونغفيل:
“قيل إنّ قبيلة نير تقدّمت إلى ضفاف النّهر الجنوبيّة؟ سمعتُ أنّ فيلق كريس متمركز هناك.”
“نعم، جلالتك….. ابني يساعد صاحب السّمو. وصل الحمام الزاجل صباح اليوم، نجح مقاتلونا في أسر بقايا العدوّ. انتصرنا مرّتين في معركة أرديل مؤخّرًا.”
ابتسم الملك راضيًا.
“جيّد. جيش الأمير سيعود قريبًا.”
التفت الملك إلى زوجته وقال:
“أيتها الملكة. أعدّي مع أمين الدّاخليّة احتفال انتصار للجيش المنتصر قريبًا. يجب أن يكون فخمًا دون نقص أمام الشّعب.”
أجابت الملكة أوليفيا بامتعاض أنّها ستفعل.
عندها، ظهر شخص في غرفة الذّهب.
رحّبت الملكة بالشّابّ الجالس في آخر مقعد فرحة:
“لافيير!”
انحنى الرّجل ذو الشّعر الرّماديّ مرصّعًا بروبي في معطفه للملك.
“عذرًا، جلالتك. تأخّرتُ قليلاً.”
رغم أنّ لافيير الأمير الرّابع، إلّا أنّه يدخل غرفة الذّهب المحدودة بفضل عائلة والدته النّافذة فالوا.
ابتسمت الملكة بعينيها وقالت:
“أيّها الأمير. تعبتَ في مقابلة سفير الدّولة الحليفة وحدك،، مستشار الكان المقبل معروف بتشدّده، أليس كذلك؟”
“لا. ساعدني خادم الكونت ليستر.”
نظر نيكولاس إلى الأمّ والابن المتآلفين بهدوء.
عادةً كان سيقول كلامًا معسولاً أمام الملك ليبرز لافيير، لكنّه جلس صامتًا.
فتحت أوليفيا عينيها المستديرتين أمام نيكولاس .
* * *
في مكتبة القصر لـ دوقية ميمجاندي
في مكان سرّيّ مغلق لا يدخله الخدم، تجمّع أفراد العائلة.
نهض الدّوق كايل من الفراش.
كانت أوّل أخبار عن ابنته البكر المفقودة منذ ذلك اليوم.
تحت السّقف المقنطر، صفوف لا حصر لها من الخزائن تشكّل دائرة، وسلّم مزدوج على نصف قطرها الجنوبيّ.
جلس الدّوق وأبناؤه حول طاولة بلوط أمام السّلّم.
دُعي نيكولاس وجين، وحتّى ثيودور إلى المكتبة.
جاء جين مسرعًا من كتابة نوتة مسرحيّة، فألصق قلم ريش غير جافّ في جيب صدره.
تساقط ضوء الشّتاء من نافذة السّقف المفتوحة على رؤوسهم.
كان كايل يسترق النّظرات إلى الباب المؤدّي إلى رواق القصر.
عندما ظهر المنتظر، مشى نحوه دون عصا، فحاول ثيودور مساعدته فجأة.
“أبي، اجلس. سأفعل بدلاً منك…!”
“اصمت! ماذا تفعل، شنييل. أحضرها فورًا.”
عند غضب الدّوق العجوز، سلّم الخادم شنييل الرّسالة مسرعًا.
الرّسالة المجهولة وصلت فجر اليوم إلى قلعة ميرماجندي الدّوقيّة دون صوت.
كُتب على الظّرف اسم المستلم ناتانيا بوضوح.
وقف شنييل الّذي ركض و شعره الأماميّ مرفوع، دون ترتيب ملابسه، يراقب الدّوق يرفع السّكّين.
التعليقات لهذا الفصل " 25"
ناتانيا لو كنت مكانك كنت هربت مع ديفون وتركت كل شيء وراي 🗿🫶🏼🩷