كانت النّقابة المظلمة في دورن تحافظ على الحياد حسب الاعتقاد السّائد في المملكة.
لا يمكن لمكان كهذا أن يكشف هويّة البطلة طواعية، لذا فالبطل، كما يليق به، بحث عن هويّتها حتّى لو وقع في الحبّ.
حسناً، هذا ليس مهمًّا الآن.
على أيّ حال، بدوتُ وكأنّني نجوتُ من يد نقابة الظّلام.
بدلًا من أن أُسحب هكذا ويقتلني الأمير الثّاني، أليس من الأفضل أن أفعل شيئًا؟
أنهيتُ تفكيري وصرخت نحو الفرسان.
“الدّوق نيكولاس يعرف بالفعل أنّ اختطافي عمل الأمير الثّاني.”
التفتتْ عيون واسعة من خلال فتحات الخوذ نحوي.
توقّف الفارس ذو العباءة الزّرقاء الّذي يقود المجموعة.
علّق لجام حصانه على شجرة قريبة، ثمّ شقّ الثّلج متّجهًا نحوي.
وجّه عينيه الزّرقاوين كلون عباءته نحوي.
“معذرة، هل يمكنني تغطية فم الآنسة؟”
رغم تهديده النّاعم لكن الواضح، واصلتُ.
“إن أردتم إشعال حرب أهليّة في المملكة، فافعلوا. يا فارس مجهول الاسم. إن لم أعد إلى المنزل هكذا، سيقوم نيكولاس بتجنيد تابعي عائلتنا بموجب أمر التّعبئة. عندها، ستتفرّق البلاد في وقت يجب أن نتحدّ فيه ضدّ القبائل البربريّة.”
حدّق الفارس الأزرق فيّ بهدوء.
خلال السبع سنوات، جمع نيكولاس قوّات دعم من أنحاء المملكة لتعزيز موقفه كوريث، وتواصل مع الّذين عبر البحر.
لأنّه يعرف أنّ الاعتماد على الأمير الرّابع أو الملكة خطأ.
لم يكن هناك أيّ اتصال مع عائلة الدّوق بعد الاختطاف، لكنّني تظاهرتُ بمعرفة تحرّكات نيكولاس. بالتّأكيد، هو يشكّ في الأمير الثّاني أوّلًا.
لم أعتقد أنّ نيكولاس سيتحرّك من أجلي.
لكنّه بالنّسبة لمن يقف في الطّرف المعاكس للأمير الثّاني فرصة جيّدة بالتّأكيد.
تمتم فارس آخر يمسك الخريطة ويستمع لحديثنا.
“حرب أهليّة. الملك جالس بثبات، كيف تقول مثل هذا الهراء……”
“على أيّ حال، من الصّعب تجنّب صراع الخلافة الملكيّة في هذا الوضع. الآنسة تدوِّر رأسها لإنقاذ نفسها. لا داعي لنا للاهتمام بكلامها.”
رغم كلام الفارس الأزرق، لم يهدأ اضطراب المجموعة بسهولة.
بخلاف القتلة العاديّين، بدا أنّهم يدركون أنّ أخذي ليس أمرًا مشروعًا.
أخيرًا، قال الرجل العابس لي.
“إن كان لديكِ ما تقولينه، قوليه بنفسك مباشرة. سنوصلكِ إلى هناك بأمان. لكن حتّى ذلك الحين، حافظي على الصّمت.”
أشار الفارس بعينيه، فوضع شخص يقف بجانبه شيئًا في فمي.
شعرتُ بقطعة قماش تُربط خلف رأسي بإحكام، فابتلعتُ تنهيدة داخليّة.
‘…… مزعج.’
بدأت مجموعة الفرسان في نزول الدّرب الثّلجيّ بحذر مرّة أخرى.
* * *
نيكولاس، الأذكى بين الأبناء، كان مفضّلًا لدى الأب.
تجاوز الأكبر بفارق خمس سنوات وأصبح الوريث، فلا داعي للمزيد من الكلام.
أُقيمت حفلة عيد ميلاده أكثر فخامة من أيّ وقت.
أجمع الحاضرون في الحفلة على مدح نيك.
“كيف يشبه نيك جدّه بهذا الشّكل.”
“بالفعل، الذّكاء فطريّ. يتقن ثلاث لغات في الخامسة عشرة!”
“سيصبح أفضل وزير ماليّة في التّاريخ……. مستقبل ميرماجندي مشرق.”
تذكّرتُ أنا الّتي تجسدتُ في ناتانيا البالغة عشر سنوات آنذاك مظهر نيكولاس الّذي يلمع كجوهرة خام.
وناتانيا الّتي تجسدت فيها……
“ماذا قلتُ لكِ صباح اليوم أثناء تمشيط شعرك؟”
أدرتُ عينيّ محاولةً الظهور كطفلة وأجبتُ.
“عند رؤية الأب، لا تتكلّمي وفقط سلّمي؟”
أطرقت المربيّة حاجبيها بأسف.
“نعم، هذا صحيح أيضًا…… لكن من الآن، لا تركضي وتلعبي كعادتك في القصر. خاصّة أمام النّاس. مفهوم؟”
كنتُ ألعب الاختباء تحت الطّاولة قبل مجيء المربيّة.
أخفيتُ أسفي للتّوقّف عن اللّعب وأومأتُ برأسي فورًا.
لم يُذكر في الكتاب، لكن ناتانيا نشأت وحيدة في الواقع.
لأنّ والدة الدّوق توفّيت عند ولادتها.
كان الدّوق يلوم ابنته علانية، وحتّى لو أبدت موهبة في الدّراسة، يتجاهلها قائلًا إنّها موهبة غير ضروريّة.
كان إخوتها يدلّلون الأخت الصّغرى، لكنّ ذلك فقط تحت افتراض أنّها أصغر وأغبى منهم.
“أوم…… حسناً.”
ابتسمت المربيّة بارتياح وداعبتْ رأسي.
“آه، ما ألطفك، يا آنستي. عندما ينتهي كلّ شيء، سأعطيكِ حلوى حليب الفراولة.”
أخذتني المربيّة إلى غرفة معزولة خلف غرفة الاستقبال.
هناك، كان الأخ الأكبر ثيودور يدخّن سيجارًا سرًّا عن الأب.
نحن الأشقّاء الأربعة ولدنا من رحم واحد، لكنّنا لا نشبه بعضنا إطلاقًا.
ثيودور كان فاسدًا يحبّ الخمر، نيكولاس طالب متفوّق قاسي، والأخ الأصغر جين فنان حسّاس.
أشار جين إشارة إطفاء السّيجارة عند رؤيتي، لكن ثيودور تجاهل.
التعليقات لهذا الفصل " 13"