“آرتين؟” 

فتح ألتايون عينيه مندهشًا. 

إذا كانت الرسالة قد وصلت إليه هنا مباشرة، فلا بد أنها أمر عاجل للغاية. عادةً ما كانت الرسائل الموجهة إليه تتراكم في قصر ولي العهد. 

“رسالة؟ أعطني إياها على الفور.” 

“نعم!” 

أعطاه الخادم الرسالة وهو يتنفس بصعوبة. 

كانت الرسالة تحتوي على رسالة قصيرة من إيكيان تقول: [لقد نجحنا في المهمة وسنعود إلى العاصمة على الفور.] 

“ميلاني.” 

قال ألتايون بعيون مرتجفة: 

“هذه أخبار جيدة حقًا، ولقد كنت أنتظرها بفارغ الصبر، ولكن…” 

أومأت ميلاني برأسها وكأنها تفهم شعور ألتايون. ثم ابتلعت ريقتها الجافة وتمتمت بالباقي: 

“لماذا… لماذا هذا مخيف جدًا؟”

* * *

“بما أنه استعان بقبائل البرابرة، ولم يكن هناك حاجة إلى مبرر، شعر إيكيان بالراحة. ربما كان هذا يتناسب تمامًا مع ميوله منذ صغره في التحرك سرًا. 

بعد أن قُتل سيد آرتين وأتباعه الذين لم يتوقعوا وجود إيكيان، استولت قبائل البرابرة على القلعة بسهولة. لم تكن القبائل البربرية على دراية بجغرافية القلعة، لذا بدأت في النهب بشكل عشوائي، بينما كان إيكيان يختبئ خلف البوابة الخلفية الموجودة في كل قلعة. كان سكان القلعة يفرون عبر البوابة الخلفية كالفيضان. 

كانت تعابير الدهشة والخوف بادية على وجوه السكان، لكنهم لم يبدوا في حالة من الذعر الشديد. 

لأن غزوات البرابرة لم تكن نادرة. في مثل هذه الحالات، عادة ما كانت قوات الإقطاعيات المجاورة تأتي للمساعدة، أو يعود سيد آرتين من حملاته البعيدة لاستعادة القلعة، لذا كان بإمكان السكان الذهاب إلى الجبل الخلفي الذي اعتادوا اللجوء إليه والعودة إلى منازلهم في غضون يوم أو يومين. 

كان النهب أمرًا لا مفر منه، ولكن كان هذا جزءًا من الحياة اليومية التي لا مفر منها لأولئك الذين يعيشون في الإقطاعيات القريبة من البرابرة. 

في الواقع، كان هذا يحدث كثيرًا لدرجة أن الجميع بدا عليهم التعب من ذلك.”

“اختبأ إيكيان خارج البوابة الخلفية وانتظر. كان الجميع يرتدون ملابس اللاجئين العاديين. 

‘لن يعتقدوا أن سيد آرتين قُتل في غارة صغيرة كهذه. سيعتقدون أنهم ذهبوا لمهاجمة القاعدة الرئيسية، وسيعتقد الجميع أن النهب سينتهي بعد يوم من الانتظار.’ 

بالتأكيد، لم يتم تعبئة جميع القبائل البربرية، لذا كان حجم الغارة صغيرًا. لكن جميع القوات الفعالة كانت قد غادرت بالفعل. 

إذن، كيف سيتصرف الإمبراطور الموجود داخل القلعة؟ الإجابة كانت واضحة. سيختلط باللاجئين ويذهب إلى الملجأ، ثم يبقى في أأمن مكان. وبالطبع، لم يكن إيكيان يعرف المكان الأكثر أمانًا في ملجأ آرتين. 

لذا، كان عليه التعامل مع الأمر في الطريق إلى ملجأ آرتين. 

“ماذا نفعل؟” 

همس أحد الخدم بجانب إيكيان. 

“حتى حراس الإمبراطور الذين يحمونه سيكونون كثيرين. هناك الكثير من الناس أيضًا… سيكون من الصعب العثور على الإمبراطور بينهم. بالإضافة إلى ذلك، من المؤكد أنه سيكون متنكرًا بشعر مستعار أو نظارات لا يمكن التعرف عليه من بعيد.” 

“هذا صحيح.”

“تمتم إيكيان. لكنه لم يكن بدون خطة. 

“أخبرهم أن يطلقوا السهام كما لو كانت غارة. لكن تأكد من عدم إلحاق الضرر بالمدنيين، وأن يتم نشر السهام بشكل عشوائي لتضرب الأشجار على الجانب الآخر.” 

“حسنًا.” 

تفرق الخدم الخمسة تقريبًا بعد سماع أوامر إيكيان. انتظر إيكيان بهدوء بعيون غائرة. وبعد وقت قصير، بدأ الخدم الذين تلقوا أوامر إيكيان بإطلاق السهام بشكل منفصل. وبدأت الفوضى. 

“آههه!” 

“إنهم البرابرة!” 

“اركضوا! إنها السهام!” 

بينما كان الناس يتفرقون في حالة من الفوضى، لاحظ إيكيان مجموعة تتجمع لحماية شخص ما. قد لا يلاحظها الشخص العادي، ولكن بالنسبة لشخص يتمتع برؤية حادة يمكنها رؤية التشكيل من الأعلى، كان تحرك التشكيل واضحًا. 

‘فرصة واحدة فقط…’ 

بالطبع، حتى مع ذلك، كان تحرك المجموعة كبيرًا لدرجة أنه كان من الصعب تحديد من يتم حمايته بالضبط. كان الجميع يرتدون قبعات كبيرة تخفي وجوههم، لذا كان من الصعب تحديد الإمبراطور من بينهم. إذا قتل شخصًا آخر غير الإمبراطور، فسيكون فريقه في وضع غير مؤاتٍ على الفور.”

“ولكن إذا تم اغتيال الإمبراطور في لحظة، فمن الواضح أنهم سيصابون بالفوضى دون قائد. 

نظر إيكيان بعيون حادة إلى مجموعة الإمبراطور، ثم انحنى واندفع نحوهم وألقى خنجرًا على شخص واحد. 

‘الشخص ذو الأحذية الأكثر نظافة.’ 

لم يكن من المعتاد أن يمشي الإمبراطور في طرق موحلة كثيرًا. لذا، كان من المؤكد أن الشخص الذي يرتدي الأحذية الأكثر نظافة هو الإمبراطور.

* * *

“كانت خطة ألتايون وإيكيان كما يلي: 

قرروا ألا يتم الكشف عن التاريخ الدقيق لاغتيال الإمبراطور. سيتم التعامل مع الأمر كما لو أن الإمبراطور اختفى خلال غارة البرابرة، وبعد فترة طويلة سيتم العثور على جثة الإمبراطور بشكل طبيعي، مما يسمح لألتايون بالصعود إلى العرش. 

كانت فكرة ألتايون هي الإعلان عن وفاة الإمبراطور بعد عودة إيكيان مايوس إلى العاصمة. كان من المزايا أيضًا أنه يمكن التخلص من بقية مؤيدي الإمبراطور في هذه الأثناء، ولكن الأهم من ذلك كان تجنب الشكوك حول تورط إيكيان في اغتيال الإمبراطور. بما أن عائلة مايوس الدوقية كانت من أبرز العائلات النبيلة المعارضة للإمبراطور، فإن غياب إيكيان كان يمكن أن يثير الشكوك. 

وبشكل أكثر شخصية، لم يكن ألتايون يريد أن يُلصق بإيكيان مايوس تهمة قتل الإمبراطور، كما كان يرغب في الكشف بشكل طبيعي عن أن إيكيان كان شقيقه. 

كانت وفاة الإمبراطور، الذي كان يومًا ما سيد الإمبراطورية، مفاجئة ومهينة بنفس القدر. 

أصيب حراس الإمبراطور بالذعر عندما تعرضوا للهجوم من قبل شخص غامض.”

“بمجرد أن أُطلق صاروخ الإشارة الذي يشير إلى هجوم على الإمبراطور، بدأت قبائل البرابرة بالتجمع نحو البوابة الخلفية، وأصبح طريق الإخلاء أكثر فوضوية. 

في هذه الأثناء، تعامل إيكيان وخدمه بسرعة مع الإمبراطور الذي سقط بعد الهجوم. 

“الإمبراطور ميت على أي حال.” 

قال إيكيان، الذي كان يرتدي قناعًا ورداءً يغطي جسده بالكامل، بهدوء للحراس الذين كانوا يحرسون الإمبراطور. 

“سيكون من الأفضل لبقائكم على قيد الحياة أن تفرقوا الآن.” 

فهم الحراس الذين كانوا يحرسون الإمبراطور معنى الكلمات على الفور. كان عليهم أن يخاطروا بحياتهم لمواجهة هؤلاء الأشخاص. حتى إذا نجوا، فمن الواضح أنهم سيُحاسبون لاحقًا من قبل العائلة الإمبراطورية لفشلهم في حماية الإمبراطور. 

ولكن إذا تفرقوا في هذه المرحلة، فإن القصة ستكون مختلفة. بما أن الإمبراطور الميت لن يعود إلى الحياة، فمن الأفضل أن يهربوا الآن لينقذوا حياتهم. وهكذا، تفرق الحراس الذين لم يكن لديهم أي ولاء حقيقي للإمبراطور مثل الفئران التي تهرب من سفينة تغرق بين اللاجئين. 

“انظر، أبي.” 

همس إيكيان بهدوء.”

“لم يكن أحد يتبعك حقًا.” 

لم يكن هناك أي رد من الإمبراطور الذي كان قد فارق الحياة بالفعل. ألقى إيكيان الجثة على طريق جبلي مهجور. 

تمامًا كما أمره والده قبل 20 عامًا بقتله وإلقائه في النهر. 

“لقد كانت نبوءة أمي صحيحة.” 

قال إيكيان بلا تعبير. 

“ولكنك أنت من صنع هذا الأمر.” 

في الحقيقة، لم يكن يريد حتى أن يناديه بأبي، ولكن عندما فكر في الأمر، كان يناديه بأبي فقط بعد موته، مما أعطى معنى لتنفيذ لعنة والدته. 

الآن، سيعلن ألتايون بعد بضعة أيام أن الإمبراطور مفقود، وبعد العثور على جثة الإمبراطور، سيعلن وفاته ويصعد إلى العرش. في هذه الأثناء، سيعلن إيكيان أنه مختلط بدم الإمبراطور ويصبح دوق آرتين. 

لقد رش موادًا تمنع التحلل على جثة الإمبراطور لإرباك تاريخ الاغتيال. كلما تأخر التحلل، كان بإمكان إيكيان مايوس إنشاء أدلة تثبت براءته. 

كل شيء انتهى الآن. لم يعد هناك أي شخص يجرؤ على لمس جوديث، التي كانت تعتبر أضعف نقطة في عائلة مايوس الدوقية.”

ترجمة: هيسسسسسو