الفصل 18 :
“يبدو أنَّ الحفل الخيري قد انتهى بالفعل.”
وضعتُ يدي على خدي وتنهدتُ بعمق.
“الخروج الآن سيكون صعبًا. الشوارع مزدحمة بعربات العائلات النبيلة.”
“إذًا علينا المغادرة ليلًا.”
“همم، ألن يكون ذلك خطرًا؟ الجميع سيرونكِ وأنتِ تغادرين.”
تغيّرت ملامح إستيل حين فهمت المعنى الخفي في كلامي. لم يكن ينبغي أن تظهر في أعين باقي النبلاء بعد.
“لماذا لا تبيتين الليلة وتغادرين في الصباح الباكر؟”
اتسعت عيناها بدهشة.
“نعم؟”
“فكّري بالأمر كتجربةٍ مسبقة، بما أنّكِ ستبقين هنا لاحقًا. لا تضغطي على نفسك.”
رغم أنني قلتها ببساطة، إلا أنَّ إستيل بدت مترددة، ولم تُجب بسهولة.
فحسمتُ الأمر.
“ثمّ إنَّ الفستان الذي كنتُ أريد أن أقدّمه لكِ كهدية قد اكتمل. ما رأيكِ أن تجرّبيه؟”
أخيرًا، أومأت إستيل برأسها. فناديتُ على الخادمات اللواتي كنّ ينتظرن بالخارج.
قماشٌ وردي باهت يلمع تحت الضوء، مع دانتيل يتموج عند الأطراف.
شريطٌ أصفر شاحب يرفرف أسفل الكتفين المكشوفتين، وحجرٌ أحمر متوسّط يزيّن الصدر.
درتُ حول إستيل بابتسامةٍ عريضة وصفقتُ بيديّ.
“كما توقعت! يليق بكِ كثيرًا! المقاس مثالي أيضًا.”
“بالفعل، آنستنا تملك ذوقًا راقيًا.”
شاركت الخادمات بالإطراء أثناء تعديلهنّ للفستان.
إستيل شعرت بالحرج، فلم تتمكن من النظر إلى المرآة لوقتٍ طويل.
“أنـا أرتدي شيئًا كهذا……؟”
“لا تُقللي من شأنكِ أمامي. قولي فقط: شكرًا.”
تذمّرتُ متعمدة، فأومأت إستيل برأسها. وارتسمت على وجهها ابتسامةٌ هادئة.
“شكرًا لكِ، أختي.”
“هذا ما أحبّه.”
غطّيتُ فمي بالمروحة وأشرتُ إلى الخادمات.
“ما رأيكِ أن تُسرّحي شعركِ للأمام؟ أودّ رؤيتكِ بتلكَ الهيئة أيضًا.”
الفستان الذي أعددتُه لها كان مكشوف الظهر. فكرتُ كثيرًا بكيفيّة رؤية ظهرها دون إثارة الشكوك، حتى توصّلت إلى هذه الحيلة.
رغم أن شعرها الطويل والناعم كان يُخفي ظهرها، إلا أنّه لم يكن من الصعب رؤية الندبة.
ترددت إحدى الخادمات.
“هذا……”
“ما الخطب؟”
“سيكون من الصعب كشف ظهر الآنسة إستيل…….”
!!!!
قرّبتُ المروحة من وجهي أكثر حتى لا نظهر ابتسامتي.
“هل من مشكلة ما؟”
نظرتُ إلى وجه إستيل، لكنها كانت تبدو وكأنّها لا تفهم ما يجري.
كتمتُ ضربات قلبي المتسارعة.
“لديها ندبة.”
قالت الخادمة بتلعثم. فأومأتُ بصمت. حين التقت أعيننا، أسرعت الخادمة بتمشيط شعر إستيل إلى الأمام.
اقتربتُ من الخلف.
‘ندبة…’
ما حجمها؟ كيف شكلها؟
تفاصيل لم تذكُر بدقّة في اليوميّات. معلومةٌ عن هذا العالم.
‘هل هذه هي؟’
رأيتُ تحت لوح الكتف الأيسر خطًا بحجم عقلة إصبعين. باهت اللون، يبدو أنّه قديم.
“……حقًا. يجب أن أُغيّر التصميم.”
كان من الصعب جدًّا أن أفتح فمي مجددًا. رتّبتُ شعر إستيل مجددًا ليغطي ظهرها، وأخذت نفسًا عميقًا حتى لا يُلاحظ تسارع أنفاسي.
“الآن، ألبسوها ملابسها.”
أخذت الخادمات إستيل وغادرن.
جلستُ على الكرسيّ بانتظار عودتها بهدوء.
ما الذي عليّ فعله الآن؟ شعور بالبهجة لأنَّ اليوميات كانت صحيحة، وشعورٌ بالخوف لأنني لا أعلم ما يأتي لاحقًا.
‘ميخائيل……’
حين هدأت أنفاسي، عادت إستيل مرتديةً ملابسها المنزلية. كانت مترددة.
فتحت فمها وقالت:
“بما أن الفستان مكتمل بالفعل، ألن يكون تعديل التصميم أمرًا مزعجًا؟”
رغم كلامها، كانت ملامحها مترددة. هززتُ كتفيّ بخفة.
“لا أريد أن أقدّم لكِ هديةً تُظهر عيبًا في جسدك. ثمّ إنَّ الأمر بسيط، فقط قطعة قماشٍ من الداخل.”
أنا لا أعتبر الندبة عيبًا، لكن في عالم النبلاء، سيستخدمون أيَّ شيءٍ للإساءة إلى زوجة الدوق مِن أصولٍ عامّيّة.
كلامي جعل إستيل تقتنع، لكنها لم تكن مرتاحةً تمامًا، وجلست أمامي.
“إستيل.”
رفعت رأسها ونظرت إليّ.
“نعم؟”
“هل كنتِ تعلمين أنَّ لديكِ ندبةً على ظهركِ؟”
هزّت رأسها.
“لا…… هل هي كبيرة؟”
“لا، صغيرةٌ جدًا. في الحقيقة، لدرجة أنّه مِن الظلم أن نقلق بشأنها.”
“لم أكن أعلم بها مطلقًا.”
ثمّ أمالت رأسها بتعجّب.
“لا أذكر أنني جرحتُ ظهري من قبل… متى حصل ذلك؟”
كما توقعت، لم تكن تعرف. وهذا أيضًا ذُكر في اليوميات.
إذًا، هل حادثة القتل ستمضي كما كُتب؟ عضضتُ شفتي.
أنا قلقة.
لو كان السبب فقط الحب، فلا مشكلة. لكن هل كان الأمر كذلك في اليوميات؟ هل كان الحب فقط؟
“على كل حال، دعينا نرى الفساتين الأخرى. لا يمكنني أخذها جميعًا إلى القصر، وسأحتار بماذا أفعل بها. لكن إن كنتِ سترتدينها، فلا مشكلة.”
رغم توترها، لم أتنازل. كان عليّ إضاعة الوقت حتى عودة ثيو بعد انتهاء الحفل.
“جرّبي واحدًا فقط بعد، أظنّه سيبدو رائعًا عليكِ.”
تبديل عشرات الفساتين كان مرهقًا. فسرعان ما أُنهكت إستيل.
أخيرًا، جعلتها ترتدي فستانًا أزرق من الساتان، ثم عدتُ إلى الغرفة.
“إستيل.”
استدعيتُها اليوم لسببين. وقد حقّقتُ أحدهما. لم يبقَ سوى الآخر.
أجلستها على الأريكة، وتوجّهتُ إلى المكتب.
“هل تريدين رؤيةٍ شيء مميز؟”
إن كانت اليوميات حقيقية، فقد حان وقت إهمال القصة الأصلية والتركيز على لقاء ميخائيل بأيِّ طريقة.
‘عليّ أن أعرف علاقة روزالين بالإمبراطورية السحرية.’
لكن، قبل ذلك، هناك ما يجبُ التأكّد منه.
‘ثيو – أحد الأبطال – لم يكتشف شيئًا. فماذا عن إستيل؟’
حتى لو قرأت المذكرات، لن تكون هناك مشكلةٌ. سأقول الحقيقة. لكن، ليس كلّها، بل جزءًا فقط.
“وجدتُ كتابًا غريبًا.”
هذا فقط. وستصدقني. قد تشكّ في الكتاب، لكنّها لن تشكّ بي.
لأنّ إستيل فتاةٌ كهذه. وستبذل جهدها لمنع المستقبل السيّئ.
بلعتُ ريقي. ثم أمسكتُ باليوميّات على المكتب. وعين إستيل تحوّلت تلقائيًّا إلى الكتاب.
“الكتاب يبدو جميلًا.”
“هل ترغبين بقراءة محتواه؟”
“هل يمكنني؟”
أومأتُ وسلّمتها إيّاه.
فتحت إستيل اليوميّات أمام عينيها.
تقلّبت الصفحات.
وكأنّها لا تقرأ شيئًا.
“الغلاف مميز وجميل، لكن الداخل عادي. يبدو كدفتر ملاحظاتٍ عادي.”
رمشت إستيل وقالت:
“لا أعني أنه عادي بالمعنى الحرفي، هل اشتريته من مكانٍ خاص؟”
“لا، فقط غلافه هو ما جذبني. لم أرَ تصميمًا كهذا من قبل.”
“صحيح.”
أومأت إستيل. من الواضح أنها لم تُظهر أيَّ اهتمام. وأعادت لي الدفتر.
هززتُ كتفيّ وأعدته إلى الدرج.
إن لم تستطع هي أيضًا قراءته، فربّما أنا الوحيدة التي تراه.
وربما، لأنّه كُتب من قبل روزالين، فهو لا يظهر إلا لها فقط.
“كنت أفكر أن أكتب فيه يومياتي.”
“فكرةٌ رائعة! غلافه جميل وسيمنحكِ شعورًا جيدًا كلّما رأيتِه.”
وافقتني بابتسامة. فابتسمتُ بدوري.
“أليس كذلك؟ فقط… إن رأيتِه لاحقًا، تجاهليه، وضعيه في أيِّ درج.”
طرقتُ على الدرج بأصابعي. ثم أسندتُ ذقني على يدي وأملت رأسي.
“الوقت مرّ بسرعة. أظنّ أنَّ ثيو سيعود قريبًا. هل نلعب الورق في غرفة الاستقبال؟”
بدا أنَّ إستيل كانت تشعر بالملل، فأومأت بحماس. لم نتوقع أن مشاهدة الفساتين ستأخذ وقتًا طويلًا.
نزلتُ مع إستيل إلى غرفة الاستقبال.
يبدو أن والدي قد عاد، فالخدم كانوا يتحرّكون بنشاط.
حين وصلنا إلى الطابق الأرضي، رأيت كبير الخدم يسير بسرعةٍ إلى مكانٍ ما.
“كبير الخدم.”
“أه، آنستي.”
حين ناديته، انحنى باحترام.
“هل دخل والدي إلى مكتبه؟”
جاء الرد من خلفي.
“كنت على وشك الدخول الآن.”
حين التفتّ، رأيتُ الدوق مور واقفًا، ويداه خلف ظهره.
‘لم أكن أنوي السؤال لأجل لقائه…’
انحنيتُ بسرعة.
“أبي.”
“سموّ الدوق.”
انحنت إستيل أيضًا.
“هل استمتعتَ بالحفل يا أبي؟”
أجاب بنبرة هادئة، ثم ألقى علينا نظرةً سريعة واستدار.
“سأدخل الآن. كونا على راحتكما.”
“شكرًا.”
اهتزّ صوت إستيل قليلًا في نهايته. فقد كانت تخشاه دائمًا منذ الطفولة.
وهو أمرٌ يمكن تفهّمه. فهو من كبار النبلاء، وكان راعيها لسنواتٍ طويلة. لرجلٍ في مكانته، لا بدّ أن يبدو كجدارٍ لا يُقهر.
علاقتهما كانت رسميّةً وباردة. وهو أمر اعتدتُ رؤيته… لكن هناك شيءٌ غريب.
وسرعان ما أدركت ما هو.
… لماذا يحاول والدي أن يجعل من فتاةٍ عامّيّة مثل إستل… زوجةً لدوق؟
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 18"