كان الابن الوحيد للدوق الحالي، الذي خُلع من ولاية العهد بسبب طبيعته الوحشية، رغم كونه الابن البكر للإمبراطور السابق.
بسبب طمع والده الذي لَمْ يُرِد التخلّي عن السّلطة الإمبراطوريّة، كان داميان يُجبر على حضور جميع المناسبات الرسميّة، لكن لَمْ يكُن أحدٌ يجرؤ على الاقتراب منه.
لا الكبار، ولا الصّغار.
الكبار كانوا يتهامسون عن والده وهم ينظرون إليّه، أمّا الصغار فكانوا يتجنّبونه بشكلٍ طبيعيّ.
رغم أنّهم ظنّوا أنّهم يتهامسون، إلّا أنّه كان يسمع جيّدًا كلماتهم التي تقول إنَّ ‘الولد مثل والده، لا بُدّ أنّه وحشيّ أيضًا’.
ولأنّه كان دوقًا، لَمْ يجرؤ أحدٌ على إظهار الازدراء صراحة، لكنّ الأطفال لَمْ يكونوا ماهرين بما يكفي لإخفاء الاحتقار في نظراتهم.
ورغم رؤية والده لتلكَ الأوضاع، إلّا أنّه استمرّ في دفعهِ إلى الاختلاط ببقيّة الأطفال مِن أجل تحقيق أطماعه.
شعرتُ بالغثيان، وبدأ لون وجهي يفقد إشراقه تدريجيًا.
“…عودي سالمة.”
عندما أدرتُ رأسي قليلًا، رأيت ثيو يقف مودّعًا. كان يُلوّح بيدٍ واحدة كطفل، لا كأبن دوق.
“أجل.”
عندما رددتُ عليه، ابتسم ثيو ابتسامةً عريضة. وبدأ الغثيان الذي في داخلي يهدأ قليلًا.
نعم، يجب أنْ أتحمّل لأجله.
لأجل إنقاذ ثيو وإستيل.
فقط عليَّ أنْ أتحمّل قليلًا حتى أصل إلى نهاية سعيدة.
وإذا ما قام ثيو وإستيل بتطهير أرض الموت، فرُبما يُمكننا الانتقال للعيش في إمبراطوريّةٍ أخرى.
أيُّ إمبراطوريّةٍ ستجرؤ على رفض الأبطال؟
سأتحمّل حتى ذَلك الحين.
أغمضتُ عينيّ بقوّة، ثمّ فتحتهما مِن جديد.
وسرعان ما لحقتُ بوالدي إلى خارج البوابة.
***
كانت العربة تسير بهدوء على الطريق الممهّد جيدًا.
كنتُ أُحدّق في المشهد الخارجي الذي غطّاه ضوء أزرق باهت.
والدي الجالس مُقابلي لَمْ يتفوّه بكلمة لمدّة طويلة. كانت العربة في طريقها إلى القصر الإمبراطوري.
بالأمس، وصلتنا رسالة دعوةٍ لحضور عشاءٍ رسميّ.
إقامة مأدبة قبل الزواج لتوطيد علاقة العائلتين أمرٌ شائع. لَمْ أكُن أعلم أنهم سيُقيمونها رغم ضيق الوقت، لكن بما أنَّ الأمر يخصّ العائلة الإمبراطوريّة، فلَمْ يكُن غريبًا جدًا.
دارَت العربة حول سورٍ حجريّ مرتفع وتوقّفت عند البوّابة الجانبيّة.
فتح الحراس البوّابة الحديديّة فور أنْ رأوا شعار العربة.
ومع فتح البوّابة، شعرتُ بتوتّرٍ طفيف. سأقضي العشاء بأكمله وأنا أُمثّل مشاعر الحبّ تجاه داميان.
وسأُجسّد فتاة نبيلة رقيقة يبدو عليها أنّها ستموت إنْ تأجّل الزفاف حتّى يوم واحد.
“لا تفقدي كرامتكِ.”
صوتٌ منخفض جاء مِن الجهة المقابلة. نظرتُ إلى والدي، وكانت عيناه الذهبيّتان، المُختلفة عن عيوننا، تحدّقان بي بوضوح.
حتى في هَذهِ اللحظة، لَمْ يجد ما يقوله لي سوى هَذا. أنزلتُ رأسي.
“نعم….”
كان الردّ بنبرةٍ مترددة بعض الشيء. وماذا عساي أنْ أفعل؟ إنْ تأجّل الزفاف، فسيكون هو أوّل مَن يقع في مرمى داميان.
سأبذل جهدًا للحفاظ على كرامتي كما قال، لكنّ التظاهر بالوقوع في الحب أكثر أهميّة مِن الكرامة.
التعليقات لهذا الفصل " 11"