“غريب؟ لم تمطر الليلة الماضية أيضًا.” 

جلست ليتريشيا على حافة السرير المغمور بأشعة الشمس، تنظر إلى الخارج. 

كان العشب يتمايل بنعومة، دون أي أثر للرطوبة. 

لكن لماذا لا تزال هناك حرارة باقية في الجانب الآخر من السرير؟ 

تأملت ليتريشيا الملاءة المبعثرة التي تحمل آثار نوم كيليان، وهي تفكر. 

منذ متى وهو يفعل هذا؟ يترك سريره المريح وينام هنا؟ 

السرير هنا ليس فسيحًا كما في قلعة الدوق الكبير، فلماذا يتحمل هذا الانزعاج؟ 

في البداية، ظنت أن المطر ربما هطل وهي نائمة، لكن يبدو أن هذا ليس صحيحًا. 

“هل هذه الغرفة تعجبه أكثر؟” 

قالت ليتريشيا كلامًا لو سمعه كيليان لأمسك برأسه، ثم أدخلت يدها بين المرتبة وإطار السرير.

أخرجت الكتاب الذي أعطاها إياه بيتر، وفتحت الصفحة التي وضعت فيها علامة. 

خلافًا لتوقعاتها أن تجد شيئًا مميزًا، لم يكن في الكتاب سوى محتوى عادي. 

كان معظمه يشبه كتب التاريخ المملة، مثل تاريخ تأسيس المملكة وما شابه. 

لكن الجزء المتعلق بسحر الزمن، الذي كان أساس المملكة، كان مثيرًا للاهتمام بسبب تفاصيله. 

“هل يمكن حقًا تطبيق مثل هذا السحر؟” 

بينما كانت على وشك قراءة الجزء المتعلق بسبب بناء برج شوتن، سمعت طرقًا ثقيلًا على الباب. 

أعادت الكتاب إلى مكانه وقالت “ادخل”، فظهر كيليان بمظهر مثالي منذ الصباح. 

“كيليان، إلى أين أنت ذاهب؟” 

“…؟” 

تمايلت خصلات شعره الفضي الناعمة على جبهته الملساء. 

“ألم يكن من المفترض أن يزورنا الماركيز فيرناندو وابنته اليوم؟” 

تذكرت ليتريشيا أنها لا تزال ترتدي ملابس داخلية خفيفة. 

“لم أتوقع أن أراكِ تتأخرين هكذا. هذا نادر.” 

اتكأ كيليان على إطار الباب، فعلقت عباءته على كتفه. 

“هل أنتظركِ هنا، أم أساعدكِ في الاستعداد؟ أيهما تفضلين؟ أنا لا أمانع الخيار الثاني.” 

“لا، كلاهما غير مناسب! سأستعد بسرعة، فاذهب أنت أولاً!” 

“كيف يترك الزوج زوجته ويذهب وحده؟” 

“إذن، انتظر بالخارج…!” 

جرّت ليتريشيا كيليان بسرعة إلى الممر، كأنها نابض قفز من السرير. 

“كح.” 

مر خادم في تلك اللحظة، ورأى كيليان مطرودًا، ففتح فمه بدهشة. نظر كيليان إلى السماء بحرج. 

ثم تذكر ليتريشيا وهي جالسة على السرير دون حذر، فميل رأسه متعجبًا. 

“كنت أظنها دائمًا هادئة، لكنها تكون متسرعة أحيانًا. هذا مفاجئ.”

***

“قلت لك اذهب أولاً، فكيف تنتظرني حقًا؟ ألا تؤلمك ساقيك؟” 

عبث كيليان برباط شعر أسود يتدلى بين خصلات شعرها الوردية، ثم أدار عينيه. 

يقدر قلقها، لكن ساقيه ليستا ضعيفتين لهذا الحد.

يمكنه الوقوف لنصف يوم آخر بسهولة، لكن هل ستصدقه لو قال ذلك؟ 

لف كيليان الرباط حول أصابعه الطويلة. 

تجنب يد ليتريشيا التي حاولت منعه من العبث بشعرها، واستمر في اللعب بينما يتوجهان إلى غرفة الاستقبال. 

عندما دخلا، لمعت عينان في انتظارهما. 

“سمو الدوق الكبير!” 

نهض الماركيز فيرناندو وابنته بسرعة لاستقباله، فتجعّد جبين كيليان. 

كان الماركيز وابنته متشابهين بشكل لافت، ببشرتهما الداكنة قليلًا وعينيهما الخضراوين الداكنين الجذابتين. 

“أوه، عندما أوصى سمو الدوق الكبير بالماركيز فيرناندو لهذا الأمر، تساءلت إن كانا يعرفان بعضهما. ويبدو أنني كنت محقًا!” 

لم يكن من الشائع أن يرحب نبيل مركزي بكيليان بهذا الوضوح، لذا كان تفكير بيتر منطقيًا. 

لكن، على عكس المتوقع، كانت هذه المرة الأولى التي يلتقي فيها الماركيز فيرناندو بكيليان وجهًا لوجه. 

“هذه أول مرة ألتقي به مباشرة.” 

انحنى الماركيز فيرناندو بعظمته البارزة. 

“إنه شرف عظيم أن ألتقي بكم، سمو الدوق الكبير، وسمو الدوقة الكبرى.” 

كان تحيته مبالغًا فيها من حيث الآداب، فأدار كيليان رأسه. أظهرت فكه المتشنج انزعاجه. 

“ها، اخترته لأنه الأنسب، لكن رؤية وجهه تجعل ضغط دمي يرتفع.” 

شعر كيليان بألم في مؤخرة رأسه لأول مرة منذ زمن، فمدّ رقبته. 

قد لا يعرف الطرف الآخر، لكن كيليان لم يكن غريبًا عنهم. فقد تعامل معهم كثيرًا في حياته السابقة قبل الارتداد. 

كيف كان ذلك؟ 

“آه! بما أننا التقينا، دعني أعرف بنفسي رسميًا.” 

“ما الحاجة؟ لا يوجد هنا من لا يعرف عائلة فيرناندو.” 

بدت استجابة بيتر المحيرة وكأنها دعوة، فخفض الماركيز فيرناندو صوته بسرية. 

“صحيح. أنا زعيم عائلة فيرناندو، وزعيم فصيل معارضة الإمبراطور أيضًا.” 

أومأ بيتر برأسه للتعريف المعروف، ثم هز رأسه كدجاجة تقتات، محاولًا استيعاب هذا الإعلان المفاجئ. 

“كيف تكون زعيمًا وأنت تحضر اجتماعات القصر الإمبراطوري بانتظام؟ منذ متى؟ هل كان سمو الدوق الكبير يعلم؟” 

أمسك بيتر جبهته بعينين ذاهلتين. 

“كان يجب أن أشك عندما اختار عائلة فيرناندو تحديدًا. واه… هل أنا متورط في تمرد الآن؟” 

“تمرد؟ لا تبالغ.” 

وضع كيليان وسادة خلف ظهر ليتريشيا، وفك أزرار سترته وجلس بجانبها.

“لكن الجميع يتحدثون بهدوء، أليس هناك نبيل لا يعلم أن فصيل معارضة الإمبراطور يريد تنصيب سمو الدوق الكبير إمبراطورًا؟” 

“لن أجلس على ذلك العرش، فما الفائدة؟” 

سخر كيليان. 

رد بيتر بـ”أوه، حسنًا” بنبرة خافتة، بينما بدا الماركيز فيرناندو محبطًا. 

“ظننت أن سمو الدوق الكبير يشاركنا نفس الهدف بما أنكم اتصلتم بنا.” 

“آسف لإثارة آمالك، لكن هذا لن يحدث أبدًا. أتمنى ألا يثير الماركيز مشاكل لا داعي لها.” 

‘هذا ليس جيدًا. لقد اتخذ ذلك الشخص قراره بالفعل، لكن سمو الدوق الكبير متشدد جدًا.’ 

تبادل الماركيز فيرناندو نظرات مع ابنته، وكلاهما بدا مرتبكًا. 

على الرغم من تصنيفهم كمعارضين للإمبراطور، فإن وصفهم كمعارضين للإمبراطورة الأم أكثر دقة. 

لأن الإمبراطور أعلن بالفعل نيته التنازل عن العرش، وإن كان ذلك سرًا للماركيز فيرناندو فقط.
 
تساءل لماذا لم يخبر الإمبراطور كيليان بخطته لنقل العرش إليه، لكن تعبير الاشمئزاز على وجه الدوق الكبير أوضح السبب. 

لو ذُكر التنازل الآن، قد يغادر كيليان إلى الشمال، أو إلى ميدان معركة أبعد، ولن يعود أبدًا. 

لا يمكن السماح بذلك. 

أدرك الماركيز أن الوقت لم يحن بعد، فاختار صمتًا حذرًا. 

‘لنكسب ثقته أولاً.’ 

“إذا لم يرغب سموك، فلن نفعل شيئًا. مع ذلك، يسعدني أن أتمكن من مساعدتك.” 

بقصد إتمام المهمة الموكلة إليه بإتقان، أخرج الماركيز فيرناندو بطاقة دعوة من صدره. 

“بطاقة دعوة جاهزة بالفعل؟ هذا أسرع مما توقعت.” 

“لا داعي للتأخير. وهذا سيثير غضب الآنسة روزالين أكثر.” 

أدخلت آنسة الماركيز صحيفة شائعات بجانب بطاقة الدعوة. 

“بفضل هذا، أصبحت الآنسة روزالين غاضبة جدًا، مما جعل نظرة الإمبراطورية إلى السيد بيتريك غير ودية.” 

كانت الصفحة الأولى من الصحيفة تعلن، كأنها حقيقة مؤكدة، أن بيتريك لوث البئر بالسم ليسبب وباءً. 

“حتى عندما حاولت العائلة الإمبراطورية إلصاق وفاة الدوق جودوين بالترياق، شكك الناس. فقد نجا العديد ممن شربوا الترياق. والآن، مع تدخل الآنسة روزالين، تضاعفت الشكوك كالنار في الهشيم.” 

“هل يمكننا حضور هذا الحدث؟” 

لوّح كيليان بالمغلف الذي في يده. 

“بالطبع! بحلول ذلك الوقت، سيكون سبب وفاة الدوق جودوين قد كُشف، لذا يجب أن يحضر كلاكما. لا يمكن تفويت فرصة مشاهدة شيء ممتع!” 

تحت نظرة آنسة الماركيز الملحة، أومأت ليتريشيا برأسها دون تفكير. 

لكن نظرتها المستمرة كانت ثقيلة، ففكرت ليتريشيا في قراءة الصحيفة لتشتيت انتباهها، لكن يد بيتر كانت أسرع. 

“أوه! سمعت أن هذه الصحيفة تحظى بشعبية كبيرة بين شعب الإمبراطورية مؤخرًا. يصعب الحصول عليها لأن عددها محدود، فكيف حصلتم عليها؟” 

كان بيتر يرغب في قراءتها منذ فترة، ففتح الصحيفة بحماس. 

يبدو أن هوية الماركيز فيرناندو لم تعد تهمه. كان شخصًا دقيقًا أحيانًا، ومرحًا بشكل غريب أحيانًا أخرى. 

لم تختلف نظرة آنسة الماركيز إلى بيتر كثيرًا، فابتسمت ابتسامة غامضة وهي تستند إلى ذقنها.

“أنا أملك دار النشر التي تصدر هذه الصحيفة. أليست مفيدة؟”

«لقب آنسة الماركيز يمكن تغيره الي ابنه الماركيز وكلاهما بنفس المعني»

المترجمة:«Яєяє✨»