“هل ترغبين بتناول هذا؟” 

ظهر بسكويت فجأة أمام عيني ليتريشا. 

كان بيتر، الذي تسلل خلفها، يقدّمه. 

“لاحظتُ أنكِ لم تتناولي الكثير من العشاء. هذا لذيذ جدًا، وسأشاركه مع سمو الدوقة فقط.” 

“شكرًا، لكنني سأكتفي بنيتك.” 

“حسنًا؟ إذن سآكله أنا.” 

كأن الخاسر هو من يرفض، قضم بيتر البسكويت بنشاط أمامها.

فكّرت ليتريشا في المغادرة، لكنها غيّرت رأيها. 

“مهلًا؟ لمَ تبقين معي اليوم؟ عادةً تتحدثين قليلًا ثم تغادرين بسرعة.” 

هل كان ذلك واضحًا؟ عبثت ليتريشا بأذنها بحرج. 

“لم أكن أعلم أن الدوق الصغير ساحر. هل هذا سبب معرفتك الواسعة ببرج شوتن؟” 

“أثار ذلك اهتمامكِ؟ حسنًا، جزء منه. وأيضًا لأن شخصًا ما كان يحكي عنه حتى أصابني بالملل.” 

“من؟” 

تردد بيتر وهو يمضغ، ثم أفصح: 

“الأمير كيندريك.” 

“ظننت أن أخي أخبرني وحدي عن برج شوتن. يبدو أنه تحدث مع الدوق الصغير أيضًا.” 

انضم كيليان، الذي كان يبحث عن ليتريشا، للحوار. كان يحمل وجبة خفيفة، لأنه لم يفته أنها لم تتناول عشاءها. 

“على عكس قولك أنكما لم تكونا مقرّبين، يبدو أنكما كنتما قريبين جدًا.” 

اقترب كيليان من بيتر، الذي أغلق فمه. 

“دوق صغير، لا أحب من يكتم عني شيئًا. لقد جُرحتُ بشدة من قبل.” 

شدّد كيليان على تجربته المؤلمة. 

انحنى ليواجه بيتر، وقال بهدوء مخيف: 

“قال عمي إن لون طاقتك السحرية في طفولتك كان يشبه شعرك.” 

“وه، يتذكر المعلم هذه التفاصيل؟ مؤثر.” 

“لكن الغريب، عندما هربتَ من السجن، كانت الطاقة في الكرة التي كسرتها زرقاء، أليس كذلك؟” 

“…؟” 

“هيا، أخبرني. ماذا تخفي خلف هذا الوجه الماكر؟” 

“ههه.” 

ابتلع بيتر ريقه تحت ضغط كيليان.

—

“هكذا، أشعر وكأنني في غرفة استجواب القصر.” 

حاول بيتر المزاح، لكنه تراجع أمام نظرة كيليان الحادة. 

“هذه ليست أجواء يمكن تجاوزها بسهولة، أليس كذلك؟” 

هل عليه زيارة معبد للصلاة؟ حياته الهادئة بدأت تتعقد مؤخرًا. 

بدون نيرو ليحميه، شعر بالحرج. 

“صحيح، امتصصت طاقة شخص آخر. نوع من… التنازل، إن صح التعبير.” 

استسلم بيتر، رافعًا يديه. 

“والذي نقل إليّ طاقته هو الأمير كيندريك.” 

تشقق طبق الوجبة في يد كيليان من قبضته. 

“إن لم ترغب أن تصبح مثل هذا الطبق، اشرح بوضوح. ماذا فعل أخي؟” 

أمسك بيتر وجهه، خائفًا من نبرة كيليان القاسية. 

حسنًا، لا يهم. 

لم يتغير قراره أن يكون بلا ضمير لحياة هادئة، لكنه لا يريد كسر عظامه. 

بفضل بيتريك، اختفت حياته الهادئة منذ زمن. 

بدأ بيتر الحديث بيأس: 

“كانت علاقة أحادية. كان كيندريك يتضايق، لكنني تبعته كثيرًا. كان الوحيد الذي عاملني كزميل عادي.” 

عندما التحق بالأكاديمية في الثالثة عشرة، أحضر الدوق جودوين عشيقته وابنها غير الشرعي إلى القصر. 

أصيبت الدوقة بمرض نفسي وتوفيت. 

أصبح بيتر، الابن الأكبر، مادة للقيل والقال. 

كان الناس يواسونه ظاهريًا، لكنهم يفرحون لأن المصيبة لم تصبهم. 

سئم نفاقهم، ثم التقى كيندريك. 

ربما لتشابه ظروفهما، لم يواسِ كيندريك بيتر أو يشفق عليه. 

كان ذلك مريحًا. ظن بيتر أنهما قد يصبحان أصدقاء. 

“لو لم يفعل والدي ذلك، لكان صديقًا رائعًا.” 

غرق بيتر في ذكرياته، هادئًا بشكل نادر. 

“ربما لهذا شعرتُ بالذنب تجاه أفعال والدي، فتبعت كيندريك في نزهته.” 

لكن المكان كان فوضى. الحادث وقع، والجنود حاولوا حماية كيليان من الخيول الهائجة. 

في تلك الفوضى، وصل بيتر إلى كيندريك المدمّر، الذي، كأنه توقّع الحادث، نقل طاقته لبيتر بسرعة. 

قال شيئًا عن الاعتناء بأخيه، لكن بيتر، مرعوبًا، هرب دون استيعاب كلامه. 

“إن كنتَ ستبقي ذلك سرًا، فلمَ تكشفه الآن؟” 

لمع الغضب في عيني كيليان، الذي دعم ذقنه. 

“اغتيال الأمير جريمة كبرى. ألا تعلم أنها قد تدمرك وعائلتك؟” 

“بالفعل. لستُ صادقًا عادةً، فكيف انتهى بي الأمر هكذا؟” 

عبس كيليان، مذهولًا من سؤال بيتر. 

“رد جميل لإخراجك من السجن؟ أم تحاول تأمين مخرج؟ ربما تعتقد أن كلامك سيجعلني أتساهل معك لاحقًا.” 

بدت كلماته بلا جدوى أمام وجه كيليان الحجري، لكن بيتر قرر التمادي. 

“صراحة، سمو الأمير يعلم أن معلوماتي سلاح قوي ضد الإمبراطورة أستارا.” 

حتى أستارا، المتلاعبة من فوق الإمبراطور، لن تنجو إن كُشف هذا. 

لم يستطع كيليان الرد، فضيّقت عيناه كوحش غاضب. 

“هل تركت الإمبراطورة أستارا دليلًا يمكن أن يُمسك بها؟” 

“صحيح. لكن هناك متغير لم تتوقعه.” 

“متغير؟” 

تنفّس بيتر بعمق.

“لا أعلم لمَ تهتم بحادث قديم، لكنني رأيته! عندما انتهيتُ من التنظيف في مكان الحادث، لاحظتُ حصانًا يقود عربة عائلة إيستا يلعق ماءً ممزوجًا بمنشط ملقى على الأرض! لم أخبر أحدًا، لأن الأمر مرّ بسلام، وخشيتُ أن يُعاقب بريء إن سمع الأعلى.”

تذكّر بيتر اعترافًا انتزعه من يمين الدوق جودوين بعد هروبه من السجن، ونظر إلى ليتريشا بحذر. 

“عائلة سمو الدوقة ستكون هذا المتغير.”

—

“ليتريشا، من الأفضل عودتكِ إلى الملجأ. يمكنني التعامل مع هذا بمفردي.” 

خفّض كيليان صوته، مرتديًا قلنسوة سوداء مثل ليتريشا. 

كانا أمام جدران قصر الكونت إيستا العالية. 

قرر بيتر كشف كل شيء، فأفصح حتى عن قصة الكونتيسة إيستا. 

كان مصيرها قاسيًا، متورطة في صراع السلطة. 

لكنهما لم يأتيا للتعزية. الهدف كان العثور على دليل الحادث المذكور، المخفي في القصر. 

لم يتقبّل الكونت إيستا وفاة زوجته، فحفظ شظايا العربة والحصان بسحر التجميد لكشف سبب الحادث. 

بمعنى آخر، هناك دليل محفوظ تمامًا لأحداث قبل 18 عامًا، لا تعلم عنه الإمبراطورة أستارا شيئًا. 

“أعرف مكان الغرفة التي تحتوي تلك الأدلة.”

المترجمة:«Яєяє✨»