“على أيّ حال، لن تستمع إذا طلبتُ منكَ العلاج الآن، أليس كذلك؟”
“هم، يبدو أنّكِ تعرفينني جيدًا الآن.”
استعاد كيليان بعض هدوئه المعتاد، وأومأ برأسه بثقة.
لكن، مع كلّ صوت مطر أو رعد، كانت أصابعه ترتجف دون أن يخفيها.
“أدر رأسكَ إلى هنا. كيف أصبحت شفتيكَ بهذا الحال؟”
دهنت ليتريشيا مرهمًا مؤقّتًا على شفتيه الممزّقتين.
“كم أنتِ لطيفة، يا زوجتي.”
“ألم تقل إنّني قاسية قبل قليل؟”
“هل قلتُ ذلك؟”
ضحكا معًا بخفّة، ثمّ وضعت ليتريشيا مرهمًا على جروحه من الخزف.
“بالمناسبة، كيليان، هل هرعتَ للعودة لأنّكَ ظننتَ أنّني اختفيتُ؟ لمَ؟”
جلست ليتريشيا، ضامّة ركبتيها، ووضعت ذقنها عليهما.
“لستُ مقربة منكَ لدرجة تجعلكَ تهرع بسببي.”
“…”.
نظرت عينا كيليان إلى الجدار خلفها، حيث ظهرت كلمات «ممنوع التفوّه» بالدخان الأزرق كتحذير.
“… لنقل إنّها نزوة. كما رأيتِ، المطر يجعلني أفقد صوابي.”
“نزوة؟ حسنًا، فهمتُ.”
تثاءبت ليتريشيا بهدوء، وهي ترمش بعينيها.
كلّما أصيبت بنزيف أو صداع، كان النعاس يغلبها بعد فترة.
“في الحقيقة، لديّ سرّ أيضًا. أخاف من العربات. عندما كنتُ صغيرة، فقدتُ شخصًا عزيزًا في حادث عربة.”
“حقًا؟”
“نعم. لذا أظنّ أنّني أفهم شعوركَ تجاه المطر. لذلك… يمكنكَ القدوم إلى غرفتي في أيّام المطر.”
“كم هذا لطف منكِ.”
ردّ كيليان مازحًا، كأنّها منحته إذنًا عظيمًا.
“لكن، إلى هذا الحدّ فقط، كيليان. لا تعتد عليّ.”
“ماذا تعنين بعدم الاعتياد؟”
“بمعناها الحرفيّ. لا تعتد على الوقت الذي نقضيه معًا، أو محادثاتنا، أو أيّ شيء. حتّى لا تشعر بالفراغ إذا رحلتُ.”
أسندت ليتريشيا رأسها الثقيل على الأريكة.
“لا أريد أن أكون سببًا آخر لخوفكَ من المطر.”
كفى أن يكون إيزيس وكونت إيستا من يعبسان عند سماع اسمها.
لا تريد أن تكون ذكرى كارثيّة لأحد آخر.
إن أمكن، فمع كيليان، الذي منحها هذه الغرفة الرائعة ويستمع إليها دائمًا بجديّة، تريد أن تكون ذكرى خفيفة، مثل “كان هناك شخص كهذا”.
ذكرى لا تثير ألمًا أو حزنًا أو شوقًا، مجرّد ذكرى محايدة.
“سأحاول الرحيل في يوم مشمس قدر الإمكان، لكن، من يدري.”
“لمَ لا تبقين فحسب؟”
“تعلم أنّ ذلك مستحيل. هل يمكن تجنّب الموت إذا حاولتَ؟”
ضحكت ليتريشيا بهدوء، ثمّ سكتت.
كان لا يزال لديها أسئلة لكيليان. لمَ بحث عنها بهذا اليأس؟ هل رائحة النعناع منه هي نفس رائحة المهدّئ الذي أعطاها إيّاه؟
لكنّها شعرت أنّ الإجابات قد تجعل مغادرة القصر أصعب، فأغلقت فمها.
وهي تستمع إلى صوت المطر، أصبحت جفونها ثقيلة.
“ليتريشيا.”
“…”.
“ليتريشيا؟ هل أنتِ نائمة؟”
نهض كيليان من الأريكة عندما لم يأتِ ردّ.
لاحظ أنّ رمشها يتباطأ، وأنّها غفت بالفعل.
استمع إلى أنفاسها الهادئة، ثمّ حملها بحذر.
“كم أنتِ قاسية باستمرار.”
ابتسم بمرارة، وهو مليء بالحنين البالي، ووضعها على الشراشف البيضاء بحرص.
“هل يكفيكِ جعلي أفقد صوابي في أيّام المطر، حتّى تريدين فعل ذلك في كلّ يوم؟”
***
“هم…”
استيقظت ليتريشيا مع أشعة الشمس التي اخترقت جفونها.
ربّما بسبب أحداث الأمس، كان فتح عينيها صعبًا اليوم.
فكّرت في النوم أكثر، فغطّت رأسها بالغطاء، لكنّ الضوضاء الخارجيّة أجبرتها على فتح عينيها.
“المطر… توقّف.”
تأكّدت من الطقس المشمس وهي نصف نائمة، ثمّ نظرت إلى الأريكة.
كانت خالية، فبدت كأنّ كيليان نهض مبكّرًا.
“يبدو أنّه تحسّن. لحسن الحظ، لم يدم المطر طويلًا.”
تمطّت ليتريشيا لتخفّف إرهاق جسدها، ثمّ اقتربت من النافذة.
تساءلت عن سبب الضجيج الصباحيّ، فرأت عربات مألوفة تدخل القصر.
“يبدو أنّ القادمين من العاصمة وصلوا.”
ابتسمت ليتريشيا وهي تتطلّع إلى الخارج، ثمّ ألصقت وجهها بالنافذة.
“لكن، لمَ يبدون بهذا السوء؟”
رغم بُعد المسافة، بدا الجميع منهكين، على عكس حيويّتهم قبل أربعة أيّام.
لم يكن ذلك فحسب، بل كان بعضهم يمسكون بطونهم، متألّمين.
ومن بينهم، بدا أحدهم في حالة أسوأ، إذ حمله شخص يبدو أكثر عافية من مؤخّرة العربة.
كانت فتاة صغيرة، بجسم نحيل وشعر أشقر مضفور على جانبين.
نظرت ليتريشيا إلى الشكل المألوف، وهتفت باسم.
“ألين؟”
—
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 31"