“لا تدخلي القبو.”
هكذا قال الخادم توبـي.
هل يمكن أن يكون القبو هو المصدر الرئيسي لاستخراج دماء البشر؟
هل سأجد أكياس الدم معلقة من السقف إذا دخلت القبو؟
ثم يكون زاكاري في الوسط يشرب الدم بشراهة، والدم يسيل على شفتيه.
حتى تخيل ذلك المشهد كان مرعبًا.
لو كان فيلم رعب، لكان مشهدًا رائعًا…
لكن الفيلم والواقع شيئان مختلفان تمامًا.
نزلت يوريتا الدرج بخفة متجنبة أنظار الخدم، وتوجهت بحذر نحو القبو.
باب القبو كان مقفلًا بقفل معدني متين.
لن يكون فتحه سهلًا.
من المؤكد أن مفتاح القبو بحوزة الخادم، وبالطبع لم يكن بإمكانها أن تطلبه.
كانت على وشكِ أن تستدير وتغادر عندما…
بووويينغ—
هم؟
صوت غريب أشبه بالانتفاخ صدر من جهة القفل، وبرزت منه كتلة بيضاء صغيرة.
ما هذا؟ فطر؟
وبينما كانت يوريتا تحدق في هذا الفطر الأبيض، بدأ يكبر ويرفع رأسه.
له عينان وأنف وفم؟!
اتسعت عينا يوريتا من الدهشة.
جسد نصف شفاف بملامح بسيطة: عينان وأنف وفم أسودان صغيران.
شبح؟
رفع الشبح الأبيض رأسه نحوها بملامح غبية، ثم ابتسم بخبث واختبأ في القفل.
وسرعان ما أخذ القفل يهتز ويفتح من تلقاء نفسه، بينما يتردد من داخله صوت ضحكة مكتومة: “إيهيهي~”
إذًا كان في هذا البيت أشباح فعلًا.
رغم أنها كانت تبحث بعينيها منذ مدة، لم تر حتى الآن أي ظل لشبح.
ليس كل من يموت يصبح شبحًا؛ على الروح أن تكون مرتبطة بشدة بهذا العالم، أو أن يكون هناك سبب غامض يجعلها تبقى.
الأبيض غالبًا لون أرواح الأطفال.
أرواح الكبار عادة سوداء، أما الأطفال النقيون فأرواحهم بيضاء.
وجود هذا الشبح الأبيض يعني أن طفلًا قد مات في هذا المنزل، وإن لم تعرف السبب بعد.
ليس فألًا حسنًا…
فتحت يوريتا باب القبو قليلًا، فكشفت الدرج المؤدي إلى الأسفل في ظلام موحش.
هل هناك أشباح أخرى في الأسفل؟
في أول مرة رأت فيها شبحًا، كانت يوريتا المهووسة بعالم الغموض متحمسة بشدة.
لكن الآن، لم تعد متحمسة؛ فهي لا تستكشف الأرواح الحقيقية كمتعة، لأن وراءها دائمًا قصص حزينة، وهي كيانات تستحق الاحترام.
على أي حال… لنجرب النزول
“سيدتي، ماذا تفعلين هنا؟”
فجأة، ظهر الخادم العجوز توبي أمامها وأغلق باب القبو بقوة.
تفاجأت يوريتا في داخلها، لكنها ابتسمت ببرود دون أن تُظهر ارتباكًا.
“كنت أتفقد أرجاء القصر.”
“أخبرتكِ أن القبو ممنوع الدخول إليه.”
“سمعت أن القبو يستخدم كقبو نبيذ، وظننت أن من المهم أن أطلع على حالته إذا كنت سأشرف على أي حفلة مستقبلًا.”
“… قبو النبيذ أنا أعتني به جيدًا، وهو مكان قديم ورطب وغير مريح لسيدتي.”
“أرى.”
“ثم إن الدوق لا يحب الحفلات، فالأفضل ألا تقيمي أيًّا منها.”
ارتفع حاجبا يوريتا.
“حقًا؟ ولماذا لا يحب زوجي الحفلات؟”
“هو يكره الضوضاء والصخب. كان الأمر نفسه في عهد الدوق السابق.”
“يا للعجب، فهمت.”
إذًا لا بد أنني سأقيم حفلة هنا لاحقًا…
ابتسمت في سرها بخبث.
أي شيء يكرهه زاكاري، سأفعله.
كانت مصممة على جمع كل معلومة عنه للانتقام من الإهانة التي تعرضت لها يوم الزفاف.
“توبي، لا بأس ألا أدخل القبو، لكن أريد أن أذوق النبيذ الليلة.”
لأتأكد أنه ليس دمًا.
بالطبع ستُقدَّم لها خمرة عادية، لكنها أرادت التيقن.
“سأخبر رئيسة الخدم بذلك.”
لاحظ توبي القفل المفتوح ونظر إليه بريبة.
“سيدتي، هل معك مفتاح القبو؟”
“لا طبعًا، عندما وصلت كان الباب مفتوحًا.”
“… غريب.”
“عليك الاهتمام أكثر بالقبو يا توبي، فالقفل يبدو ضعيفًا، وهذا مخزن لا يجب أن يدخله أي شخص، أليس كذلك؟”
ابتسمت وهي تغادر، بينما توبي أعاد إغلاق القفل بمفتاحه متجهمًا.
لقد كان الأمر على وشك أن يتعقد.
عادت يوريتا إلى الطابق العلوي وهي تتنفس الصعداء؛ لو كانت قد دخلت القبو ورآها توبي، لربما نقل شيئًا إلى زاكاري.
القبو سيكون صعبًا من الآن، فسيبقى الخادم يراقبه.
ستؤجل التحقيق في شبهة شرب الدم، لكنها كانت تملك أسئلة أكبر عن زاكاري:
هل قتل والده وأخاه حقًا من أجل اللقب كما تقول الشائعات؟
قتل أفراد العائلة جريمة كبرى، ولو عثرت على دليل، قد أستطيع إبلاغ البلاط الإمبراطوري.
لكن أخطر ما كانت تخشاه هو ما ورد في القصة الأصلية:
أن زاكاري ترك زوجته في زواج سياسي حتى انتحرت.
إلى أي درجة من الإهمال يمكن أن يصل الأمر حتى تدفع شخصًا لإنهاء حياته؟
لن أسمح بوقوعي في ذلك الموقف أبدًا.
توقفت عند النافذة تتأمل الغيوم الطافية، فتذكرت حياتها السابقة.
كل ما أردته هو الحرية المالية والاستقالة للعيش بهدوء…
وتذكرت المدخرات التي كانت تجمعها بعناية، فأطلقت تنهيدة.
* * *
بووويينغ—
كان الصوت نفسه الذي سمعته أمام القبو.
رفعت رأسها بسرعة، فرأت نفس الشبح الأبيض يطل برأسه من آخر الرواق.
اقتربت منه بخطوات سريعة، فاختفى، ثم ظهر مجددًا على بعد بضعة أمتار.
هل يقودني أم يلهو معي؟
تبعته حتى وصلت إلى أعلى طابق في القصر.
أين ذهب؟
— هنا.
رن الصوت في رأسها.
— تعالي إلى النافذة.
اقتربت من النافذة، فجاءها الصوت من الخارج:
— انظري للخارج.
مدت رأسها قليلًا، فرأت تمثال ضخم على سطح القصر.
يا له من عمل فني رائع عند النظر عن قرب.
“أعجبك مظهري لهذه الدرجةِ؟”
دوّى الصوت مجددًا، وعينا التمثال تومضان بضوء قوي.
التمثال… يتحدث؟!
هل يمكن أن يكون مسكونًا أيضًا؟
كانت قد رأت أشباحًا من قبل، لكنها لم تحدث أيًّا منها مباشرة.
“أتخشينني؟ هيهيهي، من الطبيعي أن تخافي.”
كان الصوت يحاول تقليد نبرة رجل بالغ، لكن من الواضح أنه صوت طفل.
“أأنت من ناداني؟ من تكون؟”
“لا تصدمي، فأنا الملاك الساقط لوسيفر!”
“لكن لوسيفر اسم شيطان.”
“… إذن أنا الشيطان العظيم لوسيفر!”
“في الحقيقة، الملاك الساقط والشيطان كلاهما صحيح.”
“أأنتِ تسخرين مني؟! هل تريدين أن ألعنكِ؟!”
رغم تهديداته، بدا الأمر تافهًا، كأنها تتحدث مع أخيها الصغير.
“أنا السيد الحقيقي لهذا القصر! إذا أغضبتِني، فلن تعيشي هنا بسلام!”
يا لها من طريقة كلام غريبة.
“إذًا، لماذا ناديتني يا لوسيفر؟”
“نادِني بـ(سيدي)!”
“سيدي.”
“هكذا أفضل. ألا تريدين معرفة نقطة ضعف زاكاري كيلستر؟”
هذا مثير للاهتمام فعلًا.
“وما هي؟”
“ههه، إذا أردتِ أن أخبرك، اقتربي أكثر.”
مدت نصف جسدها خارج النافذة، حتى صارت على مسافة قريبة من التمثال.
“أقرب.”
لكن الاقتراب أكثر كان يعني تعريض نفسها للسقوط.
ضيقت عينيها، ثم رفعت يدها فجأة وضربت جبين التمثال.
“أواه!”
ارتج التمثال، وخرج منه الشبح الأبيض بصوت بووويينغ.
إذًا كان هو نفسه شبح القبو.
— لقد أفزعتِني، أيتها الفتاة!
“أتحاول إسقاطي؟ حتى المزاح له حدود، ولن أعاملك كطفل للأبد.”
— أنا لست طفلًا، أنا الشيطان العظيم لوسيفر! والآن لن أخبرك بضعف زاكاري!
وأخرج لسانه لها، ثم طار مبتعدًا كالبالون الفارغ.
“وقحٌ صغير…”
تمتمت وهي تسحب جسدها إلى الداخل.
“آه؟!”
اختل توازنها فجأة، وكادت تسقط من النافذة، لكن…
قبضة قوية أمسكت بذراعها وسحبتها إلى الداخل.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"