‘سيّدة؟’
التفتت يوريتا بدهشة، فإذا بزاكاري واقف هناك.
وبطريقة عجيبة، توقفت الموسيقى لحظة ظهوره.
كل من في القاعة وجّه أنظاره نحو زاكاري.
“بحثتُ عنكِ طويلًا، يا زوجتي الدوقة.”
كان زاكاري يرتدي بدلة أنيقة، وقد صفّ شعره الأشعث المعتاد بوساطة الشمع، فبدا مرفوعًا ومرتبًا.
تدلّت بضع خصلات حمراء على عينيه.
أصاب يوريتا الذهول حين وقعت عيناها على إصبعه الرابع.
‘…حتى خاتم الزواج ارتداه؟’
حين ذهبا للقاء الإمبراطور ارتداه مرغمًا، لكن منذ ذلك الحين لم تره يضعه ولو مرة.
“تساءلتُ لمَ يلتفّ كل هؤلاء حول زوجتي الدوقة.”
قال زاكاري وهو يمسح بنظره من حول يوريتا.
ثم توقّف بصره عند الليدي نورا، بعد أن مرّ بيوستاس وهيلينا.
ارتجفت الليدي نورا بوضوح.
“دوق كيلستر… كنتُ أبحث عنك، حان وقت تقديم التهاني. مبارك زواجكما.”
انحنت الليدي نورا ومعها باقي السيّدات، فالتفت زاكاري نحو يوريتا.
يوريتا شبكت ذراعيها ونظرت بعيدًا، وعلامات الاستسلام مرسومة على وجهها.
‘هذا الأحمق لن يردّ التحية بشكل لائق أبدًا.’
بالنسبة لليدي نورا، كان هذا احتفالًا بحد ذاته.
إذ ستشهد أخيرًا حقيقة دوق كيلستر وزوجته التعيسة، الخاضعة لزوجها الأهوج.
“إنه لشرف أن أحظى بتهاني سيدات راقيات مثلكن.”
‘هاه؟’
ردّ زاكاري بأدب جمّ لم تره يوريتا في حياته.
فوجئت الليدي نورا، لكن الأكثر صدمة كانت يوريتا نفسها.
‘هل تناول دواءً ما؟ لمَ يتصرّف هكذا فجأة؟’
أخفت اندهاشها وأخذت تراقب كيف يدير زاكاري الحديث بمهارة.
“الاحتفال رائع ومميّز، يا دوق.”
“إنه من صنع زوجتي الدوقة. لم أفعل شيئًا يُذكر.”
“سمعنا أنّها أول حفلة في قصر كيلستر منذ عقود. هل ستقيمون المزيد لاحقًا؟”
“آه، هذا…”
كاد أن يتلعثم.
“سأفكر في الأمر.”
‘هه.’
ضحكت يوريتا في سرّها.
‘لو كان الأمر لأجلك فقط، فسأقيم العشرات منها، يا زاكاري.’
وكأنّه قرأ سخرية عينيها، رمقها بنظرة حادة، فتجاهلته متظاهرة باللامبالاة.
ولحسن الحظ، لم تلتقط السيدات حربهما الصامتة.
“بما أن الدوق قد حضر، سنترك لكما المجال.”
لوّحت الليدي نورا بمروحتها وهمّت بالمغادرة.
“لكن.”
بصوت منخفض من زاكاري، ساد جو من التوتّر.
تحوّلت نظرته نحو الليدي نورا.
“كنتِ تتحدثين عن إشاعة تقول إن دوق كيلستر لم يحضر حفل زفافه، أليس كذلك؟”
“أ.. أهذا…”
اقترب منها، فألقى بجسده الضخم ظلًا فوقها.
“لا تعبئي بتلك الترهات مرّة أخرى.”
انعكس بريق عينيه الحمراء في رعبٍ جعلها تكاد تُغشى عليها.
“أليس كذلك، سيداتي؟”
نظر إلى البقيّة، فسارعن إلى هزّ رؤوسهن بشدّة.
“بالطبع، يا دوق. لا يمكن لمثل هذه الأكاذيب أن تكون صحيحة!”
هيلينا اكتفت بإيماءة صغيرة، ثم احمرّ وجهها وأشاحت ببصرها.
حين تأكّد زاكاري من موافقة الجميع، رسم ابتسامة مخيفة.
“والآن.”
مدّ يده نحو يوريتا.
“هل نرقص، يا زوجتي الدوقة؟”
في تلك اللحظة فقط سمعت لحن الأوركسترا وقد تبدّل.
لقد شلّها التوتر حتى لم تلاحظ بداية المقطوعة.
‘حتى يطلب مني رقصة؟’
نظرت إليه غير مصدقة.
شفاهه تحرّكت بصمت لترسم كلمتين:
‘ماذا تنتظرين.’
فهمت قصده، فوضعت يدها في يده.
أمسك بها بقوة وقادها إلى وسط القاعة.
ظلّ يوستاس يراقبها بصمت وهي تبتعد.
وأصبح كل الاهتمام، حتى الإمبراطور نفسه، موجّهًا إليهما.
كانت تلك أول مرة يظهر فيها دوق كيلستر وزوجته رسميًا معًا.
صورتهما وهما يتمايلان في رقصة ساحرة أنست الناس شائعاتهما للحظات.
“كأنّ مصّاص دماء يرقص مع عروس شبح.”
همس أحدهم معجبًا.
استدارت يوريتا مرارًا بانسياب تحت قيادته، حتى استقرّت على صدره، فتمتم قائلًا:
“أترين كم أجيد التمثيل؟”
“…يبدو ذلك.”
“هكذا هو شأن النبلاء. نتعلّم منذ الصغر كيف نخفي مشاعرنا.”
“ولِمَ لا تخفيها عادةً إذن؟”
“لأني لا أحتاج لذلك.”
ابتسم بغرور، ولا حجة لمعارضة رجل يمسك بالسلطة بعد الإمبراطور مباشرة.
فقط كان مثيرًا للغيظ.
“ظننتُك ستتغيّب الليلة أيضًا.”
“كِدتُ أن أفعل. لكنكِ تبالغين في التقرّب من الإمبراطور، فقلتُ أسايرك قليلًا.”
“أتريد مني أن أشكرك إذن؟”
“زوجتي كثيرة المطالب… ما الذي تريدينه أكثر؟”
وفجأة مال بجسدها إلى الخلف، ثم همس:
“أم أنكِ تريدين هذا؟ قبلةً أمام الجميع، لنبدو زوجين مثاليين؟”
اقتربت شفتاه من شفتيها.
دهشة يوريتا سرعان ما تحوّلت إلى غضب.
‘هذا الوغد… أمام كل الناس!’
حتى الأزواج السعداء لم يجرؤوا على استعراض عاطفتهم أمام الإمبراطور.
كان هناك خط أحمر يحترمه جميع النبلاء.
حتى وإن لم تولد يوريتا في هذا العالم، فقد أدركت أنّ عرضه إهانة صريحة لها كسيدة نبيلة.
عبست وأطبقت شفتيها، فعدل عن الحركة وساعدها على النهوض.
انتهت المقطوعة، وتعالت التصفيقات حولهما.
غادرت يوريتا القاعة، متجاهلة كلماته.
كان الهواء الليلي باردًا إلى حدّ القشعريرة.
خطوات يوريتا في الممرّ الخارجي كانت تحمل غضبها.
قدماها تؤلمانها من طول ارتداء الكعب العالي، وحلقها يحترق بكلمات مكبوتة.
بينما كانت تتمنى أن يسرق الهواء البارد غضبها، سمعت وقع أقدام تقترب.
“سيدة كيلستر، لحظة من فضلك!”
استدارت مستعدة لتسديد لكمة إن كان زاكاري، لكنها وجدت يوستاس.
“الجو بارد، إلى أين تذهبين؟ لا تجولي بلا حراسة، الطريق مظلم.”
“…أنا عائدة إلى غرفتي، فلا تقلق.”
“آه، أزعجتك إذن. أعذريني. خشيت فقط أن تكوني قد انزعجتِ من حديثنا قبل قليل.”
تلاقت عيناهما.
“لم أنزعج. بل كان حديثًا ممتعًا حقًا.”
ابتسم يوستاس.
“هذا مطمئن. لا أحب أن أقع من عينكِ، لذا تبعتك رغم علمي بعدم لباقة ذلك.”
ارتسمت على وجهها ابتسامة صغيرة.
“أحسنت، هذا يُحسب لك.”
احمرّت وجنتاه، لعلّه بسبب البرد.
“الاحتفال البديع الذي نظمتهِ لم ينتهِ بعد. أما زلتِ لا تفكرين في العودة لمتابعته؟”
“ماركيز يوستاس، أحتاج بعض الوقت وحدي…”
“سيّدتي.”
تدخّل صوت أجشّ وحاد.
كان زاكاري قد تبعهما، وشعره مبعثر وكأنه هرع مسرعًا.
رمق يوريتا ثم صوب نظراته الغاضبة إلى يوستاس.
“أنت… ماذا تفعل هنا؟”
اختفى كل أثر للأدب الذي أبداه سابقًا.
بدت على يوستاس الغيرة، لكنه تمالك نفسه قائلًا بأدب:
“أنا ماركيز يوستاس هاينزاك، يا دوق كيلستر. رأيتُ زوجتك خارجًا فتحدّثتُ معها قليلًا.”
“إن كنتَ أنهيت، فلتعد أدراجك. عليّ التحدث مع زوجتي.”
“حسنًا.”
تحرّك يوستاس مبتعدًا، لكنه توقّف بجانب زاكاري وقال ببرود:
“لو كنتُ مكانك، لما تركت زوجة فاتنة تنتظر ساعةً كاملة في الحفل.”
“…من الأفضل ألا تتدخّل في شؤون غيرك، ماركيز.”
بدأ الجو يثقل بحدّة زاكاري.
“زاكاري.”
جاء صوت يوريتا، قاطعًا ذلك التوتر بينهما.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 11"