تحملت عواقب أفعال والدتي المتجسده [ 49 ]
اليأس؟
أمام الإجابة غير المتوقعة، عجز الثلاثة جميعًا عن الكلام.
وكان سيدريك أول من استعاد وعيه، فاستنتج قائلاً:
“إذن، في ذلك الوقت كان لدى تريستان بلانشيه هدف ليس هدفًا شريرًا، لكنه كان في حالة من اليأس تجعله مضطرًا لفسخ عقده مع إيلين.”
“هذا مدهش، لا يوجد فيه جانب عادي واحد.”
“حسنًا، هذا لأنه ساحر عظيم.”
اقتنع إدغار بكلام سيدريك.
‘أجل، لو سار كما هو متوقع، فهل سيكون ساحرًا عظيمًا حقًا؟’
تمتم هكذا قبل أن يسأل:
“إذن، ما هي وجهتنا التالية؟”
“هذا… يجب أن نفتح هذا أولاً، أليس كذلك؟”
سحبت إستيل دفتر التجسد الثاني أمامها، وأخذت نفسًا عميقًا ثم فتحته.
وبعد أن تحققت من التاريخ، أخذت تتأرجح إلى الأمام والخلف وهي تتمتم:
“لقد مرت سبع سنوات منذ آخر يوميات. عام 769…”
“إنه العام الذي بلغت فيه الساحرة العظيمة السابعة عشرة من عمرها. في ذلك الوقت ربما…”
“لقد شاركت في معركة تطهير الوحوش التي ظهرت في البحر القريبةد من السواحل من أواخر ربيع عام 769 وحتى شتاء العام التالي.”
تفاجأت إستيل وهي تحدق في إدغار الذي أخذ يسرد إنجازات الساحرة العظيمة بسلاسة.
هز كتفيه مجيبًا ببرود:
“الساحرة العظيمة كانت منشغلة بالمشاركة في المعارك لدرجة أنها لم تقم بأي أبحاث في تلك الفترة. وكان ذلك يثير أعصابي، لذا أتذكر الأمر جيدًا.”
‘أعرف أن أمي شخصية عظيمة، لكن أن يكون هناك رجل يعرف تفاصيل والدة شخص آخر بهذه الدرجة… حقًا…’
“مقزز…”
“ماذا؟”
“آه، لا، أقصد… مدهش فعلًا.”
أغلقت دفترها متظاهرة بالتجاهل، ثم ضربت الطاولة بخفة بقبضتها وهي تهتف:
“جيد، إذن فلنذهب إلى البحر القريب من السواحل!”
“الآن، تعنين؟”
قالها سيدريك متلعثمًا بارتباك، ففتحت إستيل عينيها بدهشة وكأنها تتساءل:
“هل دمار العالم سينتظرنا؟”
“ألا ينبغي أن تتلقي بعض دروس السحر أولًا…”
“إذن، لنسأل معلمنا. إدغار، هل هذا ممكن؟”
تردد إدغار قليلًا بعد أن فاجأه عودة قرار الأمر إليه فجأة، ثم ابتسم ابتسامة واسعة قائلاً:
“حسنًا، لا بأس. بما أنكِ فتحتي طاقتكِ السحرية، يمكننا تعلم السحر القتالي أثناء التنقل.”
“إذن فلننطلق مباشرة إلى البحر!”
“واو! البحر! إذا كانت إستيل تحبه فأنا أحبه! لكن… ما هو البحر؟”
تأمل سيدريك بوجه متجهم التنين الصغير الذي قفز فوق الطاولة، والساحر الذي بدا وكأنه بلا أي أمتعة، والمرأة التي تضحك بصوت عالٍ.
‘هل سيكون الأمر على ما يرام حقًا…’
***
كان سيدريك واقفًا أمام العربة في انتظار نزول إستيل.
عند قدميه كان يجلس مخلوق غريب، كبير على أن يكون زاحفًا، وصغير جدًا على أن يكون تنينًا أسطوريًا.
كان يخفيه بعباءته، لكن بدا أن أرجل المخلوق البارزة أثارت فضول طلاب الأكاديمية الذين كانت أنظارهم مركزة عليه.
وبينما كان المخلوق لوتشي يراقب النمل الذي يزحف على الأرض، كاد يلتقط أحدها بفمه، فصُدم سيدريك وأسرع ليمسك به.
“ما هذا! لا تفصلني عن حلمي الأسود المتلوّي!”
“هذا ليس للأكل.”
نظر المخلوق ذو الطبيعة الزاحفة بأسف إلى فرائسه الضائعة، أي النمل، وهو يلعق شفتيه.
‘آه، وكأن عدد الأعباء يزداد مع مرور الوقت…’
سأل سيدريك بعد أن تملكه التفكير:
“ألا تستطيع تغيير شكلك؟”
“لماذااا؟”
“لأنك ستجذب انتباه الناس أكثر من اللازم.”
‘وما المشكلة في ذلك؟’
فكر لوتشي وهو يدحرج عينيه، ثم سأل:
“هل سيسبب ذلك المتاعب لإستيل؟”
“إلى حد ما.”
بووم!
وبدون أي تردد، غيّر التنين شكله. فأصبح فتاة صغيرة ذات شعر أزرق يصل حتى الخصر، ونفضت أطراف تنورتها.
‘تغيير الشكل أسهل مما توقعت.’
وفي تلك اللحظة، رأت لوتشي إستيل وهي تنزل من درج السكن ممسكة بحقيبة، فأسرعت نحوها ركضًا.
“إستيل!!”
بعد أن تحولت، اختفى معها ذلك الصوت الهسهس المميز للزواحف.
تجمدت إستيل من الدهشة وهي ترى الفتاة الصغيرة تمسك طرف فستانها بشدة وتتعلق بها.
“أ… أيتها الصغيرة؟ من أنتِ وأين… أين أمك؟”
“إستيييل…”
قالت الفتاة بصوت حزين وهي تنظر إليها مباشرة.
ارتجفت إستيل عند سماع الصوت المألوف، ثم سألت بلهجة مترددة:
“لوتشي؟”
“نعم! إنها أنا!”
“واو، لقد أصبحتِ لطيفة جدًا!”
كانت إستيل تترنح وهي تحاول حمل الحقيبة الثقيلة وفي نفس الوقت تحتمل وزن لوتشي التي اعتادت أن تتسلق ساقيها.
فجأة، انتشلت يد شخص ما الحقيبة منها.
كان رجل ذو شعر وردي يبتسم ابتسامة مشرقة.
“إذا كنتِ لا تريدين أن ينكسر رأسك، فانتبهِ جيدًا.”
لكن نبرته لم تناسب ابتسامته أبدًا، إذ كانت حادة.
زفر سيدريك براحة بعد أن تأكد أن إستيل لم تسقط، ثم فتح باب العربة.
كان عليهم أن يستقلوها لمدة ثلاث ساعات تقريبًا للوصول إلى بوابة الانتقال.
ازدحمت العربة التي كانت رحبة في رحلة الذهاب، ربما بسبب زيادة عدد الركاب.
جلست إستيل تلقائيًا بجانب سيدريك، فأشار إليها إدغار بإصبعه قائلاً:
“أنتِ يجب أن تجلسي بجانبي.”
“ل-لماذا؟”
“لأننا سنبدأ الدراسة من اليوم.”
“أوه… حسنًا.”
ناول إدغار لوتشي التي كانت تجلس مترددة بجانبه إلى سيدريك، ثم فتح كتابه مباشرة.
رمش سيدريك بدهشة، إذ وجد نفسه فجأة يحمل لوتشي بين ذراعيه.
كان ينظر إلى إستيل التي تتجهم وهي تحاول فهم التاريخ المعقد للسحر، وشعر بانزعاج خفي.
‘أليست قريبة أكثر من اللازم؟ لماذا لا يحضر كتابين بدلًا من مشاركة نفس الكتاب؟’
قالت لوتشي وهي جالسة على ركبتيه تحدق في وجهه:
“أنت الآن في مزاج سيئ جدًا.”
“أنا أعرف…”
“غيرة؟”
‘أي هراء هذا؟’
عبس دون وعي وأجاب:
“لا.”
“حقًا؟ لست كذلك؟”
بدا أن الجواب الحاسم من سيدريك جعل التنين الصغير يظن أنه أخطأ في قراءته.
رفرفت لوتشي بأطرافها القصيرة وألحت عليه أن ينقلها قرب النافذة.
فعل ما طلبته، وجلس مجددًا يراقب الإثنين.
قال إدغار وهو يشرح:
“توجد حوالي 200 نوع من أشكال الدوائر السحرية. يختلف عملها حسب الشكل، فمثلًا النوع الثاني والثمانون…”
“انتظر، تمهل قليلًا في الشرح…”
“ارفعي سرعة استيعابكِ فحسب.”
“أوه، وقح إلى درجة لا تُصدق.”
كانا يتجادلان، لكن علاقتهما صارت أوثق بسرعة.
رفع إدغار رأسه، ولاحظ نظرات سيدريك الموجهة نحوه، فابتسم ابتسامة خفيفة.
‘كما توقعت، هذا الشخص لا يمكن الوثوق به.’
لم يشيح سيدريك بنظره، بل على العكس، نظر إليه بحدة.
وفي تلك اللحظة تمتمت لوتشي، التي ظنوا أنها منشغلة بمشاهدة الخارج:
“كما توقعت، إنها غيرة.”
“قلت لكِ لا.”
‘الأمر فقط أنني لا أثق بإدغار لوران.’
هكذا ردّد في نفسه، فاعتلت لوتشي مقعد العربة ونظرت إليه بعينين مملوءتين بالشفقة، ثم ربتت على رأسه.
‘لا تواسيني أيتها المشاكسة… لا حاجة لذلك.’
شد على أسنانه وهو يواصل مراقبة إدغار، بينما بدأت لوتشي تعبث بشعره وتقول هامسة:
“هل تريد أن أساعدك؟”
“أفضل مساعدة من الأطفال هي أن يناموا.”
“أنا لست طفلة!”
دبّت الأرض بقدمها غاضبة، فابتسم متهكمًا وهو يتذكر أن حجمها في هيئة التنين لم يكن يصل حتى إلى خصره:
“سواء بهذا الشكل أو في هيئة التنين، لا أظنكِ بالغة أبدًا.”
“أغغغ… صحيح أنني لست بالغة، لكنني لست طفلة أيضًا!”
‘كم يكون عمر التنين عند البلوغ؟’
لقد سمع عن ذلك بشكل مبهم في قصص الطفولة، لكنه لم يعرف يومًا تفاصيل دقيقة عن أعمارهم.
‘ربما عليّ أن أبحث عن الأمر لاحقًا…’
تخيل سيدريك تنينًا ضخمًا يعيق طريق بطل ما، جلس على مقعد العربة متأملًا الفتاة التي تحدق فيه بملامح متجهمة.
‘ تافهة… جدًا.’
“…..”
‘هل تشوّهت صورة التنانين عبر الحكايات المتناقلة؟’
وبينما غرق في التفكير، عضت لوتشي كتفه فجأة، فشهق ونظرت إليه قائلة:
“ما بك؟ أفكارك تزعجني.”
“إذا كنتِ من النوع الذي يعض البشر حين تنزعجين، فأنتِ طفلة بالفعل.”
وكأنها تقول وما شأنك؟، أطلقت ضحكة ساخرة وأدارت رأسها.
“همف.”
“اجلسي بهدوء.”
يبدو أن مشاهدة الخارج لم تعد تهمها، إذ صارت تتشبث بذراعه القوية وهي تهمس:
“أيها الإنسان كثير التفكير، سأساعدك.”
“اهدئي فقط…”
“أنت تريد أن تعرف ما في قلب ذلك الساحر، أليس كذلك؟”
تجهم سيدريك وهو يفكر في أنه تولّى فجأة رعاية تنين، ثم جمد للحظة.
نظرت لوتشي إلى عينيه الزرقاوين المرتبكتين وابتسمت بخبث.
حسم أمره في النهاية.
أجل، من الأفضل أن يعرف ما يكفي عن إدغار لوران لتجنب أي حادث محتمل.
أومأ برأسه، فانحنت نحوه وغطّت أذنيه بكفيها وهمست:
“لا شيء… إنه فارغ تمامًا.”
“ماذا؟”
“يعني لا داعي للقلق.”
كانت كلماتها تزيده حيرة بدل أن تطمئنه.
ثم وكأنها أنهت كل ما تريد قوله، عادت إلى مكانها وتثاءبت وربّتت على ذراعه.
“أشعر بالنعاس.”
‘وماذا عليّ أن أفعل بذلك…؟’
رفع حاجبه ورد بإيجاز:
“نامي.”
وكأنها تنتظر الإذن، بدأت تتذمر لإستيل المنهمكة في التعلم:
“إستيييل، أنا نعسانة…”
“لا تزعجي الشخص المشغول، ونامي هنا.”
اضطر سيدريك أن يضع التنين على ساقيه لتنام، وظل يراقب بوجه قلق إدغار وإستيل وهما يدرسان.
ثم تحول نظره نحو الساحر المخادع.
‘يبدو ماكرًا، وكأنه ممتلئ بالطموح… فارغ من الداخل؟’
لم يقتنع، ثم عاد لينظر إلى إستيل.
“أيعقل أن عليّ حفظ كل هذا؟ ألا يمكن توحيد أشكال الدوائر السحرية؟”
‘يبدو أنها لا ترغب في الدراسة أبدًا…’
بينما كان يراقبها، خطر بباله:
‘إذن… ما الذي في قلب هذه المرأة؟’
لقد قال التنين من قبل إنها لم تتلق شيئًا من هذا العالم.
عندها، فتحت لوتشي عينيها من جديد وهمست له:
“إستيل مليئة بالجراح.”
“ماذا؟”
“لكنها أيضًا تملك الكثير من الأشياء الأخرى غير الجراح. إستيل إنسانة ممتلئة… ولهذا فهي أقوى من ذلك الساحر الفارغ.”
كانت كلمات غامضة، يفهم معناها جزئيًا فقط.
كاد أن يضع يده على عينيها لتنام، لكن جملة أخرى جعلته يتجمد:
“أما أنت… فلديك الكثير، لكنك بلا جراح.”
“ماذا؟”
كانت تتمتم وكأنها تهذي قبل أن تغفو تمامًا.
جلس سيدريك يتأملها، يعيد في ذهنه كلماتها المليئة بالمعاني الخفية، ثم نظر إلى إستيل كما لو كان يراقبها.
تمتلك الكثير من الأشياء، لكن في المقابل تحمل الكثير من الجراح، ولذلك فهي قوية… عادةً، كثرة الجراح تعني الضعف، أليس كذلك؟
أخذ سيدريك يردد في ذهنه كلمات لوتشي المليئة بالمعنى، ثم وجد نفسه من غير وعي يعبث بأصابعه.
أريد أن أعرف أكثر عن هذه المرأة التي اعتادت أن تبتسم بابتسامة مشرقة… أعمق، وبصورة أوضح.
—-
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
التعليقات لهذا الفصل " 49"