“حلم؟“
“سمعتُ أن الساحرة العظيمة ظهرت في أحلامك عدة مرات.”
آه، صحيح! تذكرت إستيل أخيرًا أنها كانت قد رأت حلمًا غريبًا. والآن وقد فكرت بالأمر، لم تعد إيلين تظهر في أحلامها منذ أن استلمت دفتر اليوميات. تنهدت واستلت أنينًا بينما كانت تعبث بشعرها بعشوائية.
“حقًا، لماذا تختفي تمامًا كما لو أنها كذبة حالما أريد أن أسألها شيئًا؟“
تمتمت إستيل متذمرة وهي تحدق في دفتر اليوميات في يدها.
كانت تتبع ما كُتب فيه خطوة بخطوة، لكن الطريق أمامها كان مظلمًا. في الأصل، محاولة حل دمار سيحدث في الحاضر استنادًا إلى كلمات إنسان مات منذ عشر سنوات، هل هذا منطقي أصلًا؟ كيف لروح من الماضي أن تعبث بالمستقبل بهذه الطريقة؟
لكن، للأسف، باستثناء دفتر إيلين، لم يكن هناك مصدر يمكن الاعتماد عليه بشأن ختم الشيطان.
أخذت لحظة لترثي حالها البائس. هكذا هو الأمر… لا بد للمرء أن يُولد في العائلة المناسبة.
وحين وصلا إلى مدخل الغابة، راح الاثنان يلتفتان حولهما. وبعد لحظة صمت، فتحت إستيل فمها بصوتٍ مرتجف.
“سيدريك.”
“نعم؟“
كان يتجمد في كل مرة تُنادى فيها باسمه. رغم أنه بنفسه سمح بذلك، فلماذا يتفاجأ في كل مرة؟
إذا فعلت شيئًا لم يطلبه، يغضب. وإذا فعلت ما طلبه، يتفاجأ. رجل لا يمكن فهمه.
وبينما كانت تحدق فيه شاردة الذهن وسط هذه الأفكار، سألت:
“هذا هو مدخل الغابة، صحيح؟“
“يبدو كذلك.”
صوته مثل صوتها، لم يكن واثقًا.
عندها صرخت وهي تمسك برأسها:
“كنت أعلم أن الأمر سينتهي هكذا! لا شيء هنا فعلًا!”
كان مدخل الغابة حيث قالت إيلين في دفترها إنها قابلت “ذلك الوغد“، خاليًا تمامًا، بشكل يصعب تصديقه.
تنهدت إستيل وراحت تقلب دفتر اليوميات الموضوع على ركبتيها مرة أخرى. مهما أعادت القراءة، لم يكن هناك أي دليل آخر غير “مدخل الغابة“. هذا يثير الغضب حقًا…
بصراحة، رغبت في تمزيق هذا الدفتر الذي جعلها تتنقل بلا جدوى وتعلق عليها آمالاً باطلة، لكن لا يمكنها فعل ذلك. فمصير العالم معلق بهذا الدفتر. بينما كانت تحاول كبح غضبها، اقترح سيدريك بعد قليل من التفكير:
“لِنعد الآن.”
“ماذا؟“
“ربما ركزنا كثيرًا على الموقع، وأهملنا الدليل الحقيقي. لِنراجع كل شيء مرة أخرى…”
“لا، دعنا ندخل.”
فجأة، نهضت إستيل واقفة واقتحمت الغابة دافعة أوراق الخريف الجافة المتيبسة تحت قدميها. فأسرع سيدريك خلفها وقال:
“الوقت الممنوح لنا أقصر مما نظن. من الأفضل أن نتحرك بكفاءة.”
“نحن لا ننوي الوصول إلى نهاية الغابة، فقط نُلقي نظرة سريعة. لن نخسر شيئًا إذا مشينا بضع خطوات إضافية، أليس كذلك؟“
حسنًا، صحيح… كان سيدريك من النوع الذي يسعى لتحقيق أكبر فاعلية بأقل جهد، أما إستيل، فلم يكن الحذر من طبعها على الإطلاق، فقد خطت داخل الغابة دون أي تردد.
لم يكن يتوقع أن يجد شيئًا هناك، فلماذا الإصرار؟ وبينما كان يسير بوجه متجهم، امتدت نحوه يد بيضاء. قال بنبرة حادة:
“ما الأمر؟“
“…هلا تمسك بيدي؟“
قفز سيدريك مذعورًا وارتعش فكّه بينما أدار رأسه بسرعة.
“ولِمَ أمسك بيدك؟“
“أوه، فقط… بدا عليك أنك منزعج…”
شعر وكأنه يواجه خصمًا ينتهز الفرصة ليغزه في غفلته.
‘لماذا تطلبين الإمساك بيدي لأنني منزعج؟ هل أبدو وكأنني سأصبح سعيدًا لمجرد أن أمسك يدك؟‘
قطّب سيدريك جبينه بحدة وأجاب وهو يحاول التماسك:
“وما علاقة هذا بذلك؟ لا تقولي أشياء غريبة فجأة.”
“ظننت أنك خفتَ قليلًا من الغابة… يعني فقط تخمين… لا بأس إن لم ترد.”
وبينما كانت تسحب يدها بلا تردد وتتقدّم، انبعث صوت خافت من بين الأعشاب في الأمام. فقفزت إستيل في الهواء واختبأت خلفه، ممسكة بخصره بقوة وعيناها واسعتان تترقبان الأمام.
حين رأى سيدريك تعابيرها تلك، ضيّق عينيه.
هل كانت هي الخائفة، وليس أنا؟
“ألستِ أنتِ من يشعر بالخوف، وليس أنا؟“
“هل كان الأمر واضحًا؟ آآآه، إذًا دعنا فقط نمسك الأيدي، هيا أمسك بي!”
وفجأة، انطلق أرنب صغير من بين الأعشاب وتابع طريقه بعيدًا. حدّق سيدريك في الأرنب للحظة، ثم رمق إستيل بنظرة يائسة، قبل أن يستدير ويبدأ بالمشي مجددًا.
“لا بأس، دعينا نكمل.”
“هل يمكنني الإمساك بطرف معطفك إذًا؟“
“لا… هاه، افعلي ما تشائين.”
وبمجرد سماعه لذلك، أمسكت إستيل بطرف معطفه بإحكام، وهي تتلفت بحذر شديد وكأنها تتوقع خطرًا في أي لحظة. بالنسبة لمن اقترحت الدخول إلى الغابة بحماسة، كان تصرفها الآن شديد الحذر.
وبينما كانت تسير خلفه بخطوات صغيرة، تنهد سيدريك. رغم أنها خائفة، إلا أنها تقترب منه كثيرًا. لكنه لو أشار إلى ذلك، فستجيبه بنظرة غريبة وتقول: “وما المشكلة في هذا؟“
صحيح أنه كان محافظًا نوعًا ما بشأن العلاقات بين الجنسين، لكن إستيل كانت ببساطة… بليدة المشاعر. وبينا كان يبطئ خطواته ليلائم سرعتها، قال:
“أقول هذا على سبيل النصيحة.”
“نصيحة؟“
“في المستقبل، من الأفضل ألّا تتصرفي بهذه الطريقة مع الآخرين، خاصة الرجال.”
نظر نحوها ليرى رد فعلها، لكنها كانت تدير عينيها بملل وكأن كلامه لا يعني لها شيئًا، فعضّ شفتيه غيظًا. حتى عندما يحاول نصحها لا تهتم.
ومع ذلك، هزّت كتفيها بلا مبالاة وبدل أن تبتعد أمسكت بطرف معطفه بإحكام أكثر.
“حتى أروين قال لي نفس الكلام.”
“إذًا، شخصان الآن قد قالا لك نفس النصيحة؟ يبدو أنه حان الوقت لتغيير سلوكك.”
إن تمكنوا من منع الدمار بعد خمسة أشهر، فستصبح إستيل فتاة أحلام الجميع: ابنة الساحرة العظيمة، منقذة العالم! قد تعطيها العائلة الإمبراطورية وليّ العهد نفسه. لذلك كان هذا تحذيرًا من سيدريك لمستقبلها. من الأفضل أن تتعلم كيف تتفادى المواقف المحرجة مسبقًا.
لكن إستيل، بدلًا من أن تتفهم الأمر بدت متعجبة.
أمالت رأسها وسألت:
“لكن، مثلًا، أروين شخص أحبه كثيييرًا، لذلك تفهمت قوله. أما أنت… من تكون أصلًا حتى تقول لي هذا؟“
“…ماذا؟“
أوه… ما العمل الآن؟ لم أكن أقصد هذا، لكن كلامي يخرج بشكل معوج في كل مرة…
كانت إستيل مرتبكة ومتعثرة بالكلام، ثم أعادت ترتيب كلماتها وفتحت فمها لتتحدث:
“أممم، أقصد… ماذا فعلتُ لسيدريك، لتثير كل هذه الضجة؟ أليس من حقي حتى أن أطلب المساعدة عندما أكون خائفة؟“
في تلك اللحظة، تدفقت عشرات الأفكار المعقدة في عقل سيدريك بسرعة خاطفة.
تقول إنها بالغت في التعبير مع رجل يُدعى اروين؟ إذا كانت هي من النوع الذي تقول أنا أحبك لمن كان، وتعترف بنفسها أن ما فعلته معه كان مبالغًا فيه، فكم كان الأمر مبالغًا فيه حقًا؟ إلى أي حد وصلت العلاقة؟
ثم تقول إنها لم تفعل لي شيئًا؟! عندما قالت إنها ستساعدني عانقتني، وطلبت أن أمسك بيدها لأنها كانت خائفة… هاه؟
لو فكر جيدًا، لم تحاول إستيل قط أن تعبر له عن مشاعر حب بشكل متعمّد. ما فعلته لم يكن سوى جزء من تعبيرها العفوي عن مشاعرها… إذًا، هل أنا كنت أبالغ؟ ولماذا؟ لقد اعتدتُ على صد النساء الجافّات دون مشكلة حتى الآن.
وقبل أن يغوص أكثر في التساؤلات، أمسكت هي بطرف سترته، ووقفت أمامه وسألت:
“أه، لا تقل لي… هل كنتَ خائفًا من أن أقع في حبك؟“
كح، كح
سعل فجأة بعدما دخل شيء في حلقه. وفي تلك الأثناء، شعرت إستيل بحاجة شديدة لتفسير موقفها. الأمور بدأت تسير كما في النبوءة…!
فلوّحت بيديها وكأنها تدفع الفكرة بعيدًا، وصرخت:
“آه، إذًا فعلاً كان هذا السبب! لا تقلق، لا توجد نوايا خفية الآن! لقد نسيت للحظة أنك مصاب بمتلازمة الفأس.”
سنو:ابحثوا عنها بنفسكم
“أي متلازمة بالضبط…؟“
“سأوضح الأمر. تمسكي بكمك بهذه الطريقة، لا يعني شيئًا سوى رفقة المعركة الخالصة، لا أكثر؟“
لبثت تتحدث بجدية للحظة، لكن فمها سرعان ما بدأ في المشاكسة:
“يبدو أن سيدريك يرى كل امرأة على أنها شريكة محتملة، لذا لا يعرف التفرقة، لكن… هناك شيء يُدعى “رفقة المعركة” بين الرجال والنساء أيضًا، كما تعلم.”
عندما سمع نبرة صوتها المرحة على نحو مريب، استدار سيدريك بسرعة وحدّق فيها. وعلى وجهها ارتسمت ابتسامة مليئة باللعب. فأغمض عينيه بهدوء.
وجدت فرصة للعب، وها هي تستغلها حتى النهاية.
واصل خطواته بينما ظلت إستيل تلاحقه وهي تثرثر:
“من المؤكد أنك كنت قلقًا، لأن امرأة غريبة تقف بجانبك قد تعترف لك، رغم أنك من المفترض أن تتزوج شريكة قدرك.”
“كفاكِ ثرثرة.”
“لم تلمس أي امرأة طوال حياتك! أول عناق، وأول قبلة، وحتى الزواج، كان من المفترض أن يكون كله لتلك المُقدرة لك…”
وفجأة، صمت صوت إستيل. نظر سيدريك نحوها بفضول، ليرى وجهها قد أصبح شاحبًا. كانت تقفز وتثرثر؟ وما الذي جعلها تتجمد هكذا فجأة؟
في تلك اللحظة، كانت إستيل تحرك عينيها فقط وهي تفكر في رعب:
أوه… ولكن إذا كنتُ أنا تلك المرأة المذكورة في النبوءة… أليس هذا يعني أننا أنجزنا بعضًا من الأحداث بالفعل؟
أطبقت شفتيها، وبدأت تعبث بشعرها، وعلامات الإحباط تملأ وجهها.
كانت نبوءة الساحرة العظيمة، وكنتُ أظن أني أستطيع تفاديها… لكن يبدو أنني دون أن أشعر تقدّمت فيها بسلاسة كبيرة!
كح، كح.
سعلت إستيل بسرعة لتغطي على ارتباكها، ثم أبقت يدها ممسكة بطرف سترته لكنها مدّت ذراعها لتبعد نفسها عنه قليلاً. ضحك سيدريك بمرارة وسألها:
“ما الأمر؟ كنتِ مستمتعة كثيرًا، تابعي كلامك.”
دارت عينا إستيل في كل اتجاه، ثم لمع بريق في عينيها وكأن شيئًا ما خطر ببالها.
‘أه، صحيح! كان هناك شيء أردت معرفته!’
“بالمناسبة… هل فكرت في نوعك المثالي من النساء؟“
ه‘اه؟ من أين جاء هذا السؤال الغريب؟‘
استدار سيدريك نحوها مستنكرًا.
“لماذا تصرين على معرفة نوعي المثالي إلى هذا الحد؟“
“ألم تكن نبوءة أمي قد أُعطيت لك؟ إذًا بما أنني من دمها، فأنا أتحمل جزءًا من المسؤولية… سأهتم بهذا بنفسي هذه السنة! وسأتأكد من أن سيدريك سيتزوج!”
“اهتمي بنفسك أولاً. ومن المسؤول عن من بالضبط…؟“
يا له من رجل غير متعاون.
هل أفعل هذا من أجلي؟ لا، أفعل هذا لأجلك.
تنهدت إستيل بعمق وتوقفت عن السير. وعندما استدار ينظر إليها بتعجب، أمرته بلهجة حازمة:
“قلها بسرعة. واحد.”
“لا، أعني، لماذا يجب عليّ أن―”
“أوه! لا تجادلني!”
يجب أن أقول أي شيء فقط وأنتهي من الأمر.
لكن… لم يكن ذلك سهلاً. لأنه كان إنسانًا ملتزمًا حتى النخاع.
أي شيء؟ لكن… أي شيء يجب أن أقوله بالضبط؟
ترجمة: سنو
انستا : soulyinl
واتباد : punnychanehe
التعليقات لهذا الفصل " 33"