1
“سوجونغ!”
استدارت سوجونغ نحو مصدر الصوت القادم من مدخل غرفة المستشفى.
“مرّ وقت طويل، أليس كذلك، سوجونغ؟”
كانت امرأة في منتصف العمر، ترتدي ملابس فاخرة، تقف عند مدخل غرفة المرضى الجماعية ذات الستة أسرّة، وتبدي توددًا تجاه سوجونغ.
“أهلاً بكِ.”
هيو جين جو.
المرأة المعروفة علنًا بأنها زوجة الرئيس إن أون سانغ، رئيس مجموعة سونغ غوانغ، رغم أنها لم تُسجل رسميًا في سجل الأسرة.
ورغم ذلك، فقد كانت تؤدي فعليًا دور “سيدة سونغ غوانغ”، لكنها بالنسبة للناس لم تكن سوى “العشيقة الأولى للرئيس إن”.
“هلّا خرجتِ معي للحظة؟”
رغم لهجتها التي بدت فيها مستعجلة، إلا أن السيدة هيو لم تبدُ مرتاحة لدخول غرفة المستشفى المتواضعة.
نظرت سوجونغ نحو سرير والدتها بوجه متردد.
كانت ملامح والدتها بعد الجراحة مرهقة وخشنة، كما لو أن الحياة قد سُحبت منها، وقد أُدخل إليها أنبوب عبر الأنف ووضِع لها جهاز تنفس، بينما لفّ رأسها بضمادات بيضاء.
“أمي، سأخرج قليلًا.”
همست في أذن أمها التي لم تستعد وعيها بعد، ثم غادرت الغرفة.
“أنا حقًا مستاءة منكِ يا سوجونغ. كيف تقطعين الاتصال فجأة هكذا؟”
“ما سبب قدومكِ إلى هنا؟”
سألتها سوجونغ وهي تسير بجانبها نحو غرفة الاستراحة، متجنبة إطالة الحديث بلا داعٍ.
“لحظة فقط.”
بعد أن تفقدت الغرفة الخالية، دخلت السيدة هيو أولًا وجلست على أحد الكراسي البلاستيكية الخضراء.
وفي الحال، وقف رجلا الحراسة المعتادان بجانب مدخل الغرفة، وكأنهما يمنعان أيّ أحد من الاقتراب أو التدخل.
“أعتذر، لا يوجد ما أقدمه لكِ.”
أشارت سوجونغ بخجل إلى آلة البيع القريبة، والتي لم تحوِ سوى مشروبات غازية وقهوة فورية رخيصة — ما كانت متأكدة أنه لن يرضي ذوق السيدة هيو.
“لا بأس، لا يجب أن أحتجز آنسة مشغولة مثلكِ طويلًا.”
كما توقعت، لم تُلقِ السيدة هيو ولو نظرة على آلة البيع، بل دخلت في صلب الموضوع مباشرة:
“في الشهر الماضي، عاد حفيد زوجي من الخارج، كما تعلمين.”
حفيد زوجي…
كتمت سوجونغ أنفاسها دون أن تشعر.
إن وو تايك…
حفيد مالك مجموعة “سونغ غوانغ”، والوريث الوحيد للرئيس إن أون سانغ.
لم يكن اسمه الحقيقي هو ما يميّزه، بل كان الناس يعرفونه أكثر بلقب: “الوريث الشرعي الوحيد لعائلة الرئيس إن”.
لقد وصلت الأنباء أخيرًا عن عودة إن وو تايك إلى البلاد بعد إنهائه دراسته في الولايات المتحدة.
وسوجونغ كانت قد علمت بذلك من خلال الأخبار والبثوث على الإنترنت.
ففي الآونة الأخيرة، كانت وسائل الإعلام تضج بالتقارير حول إن وو تايك، الجيل الثالث الوسيم والمهذّب من عائلة ثرية، مؤكدة أن مسألة الوريث كانت مبهمة، لكنها الآن قد اتضحت تمامًا بعد عودته.
“ألم تكوني تعلمين؟ الجميع يتحدث عنه هذه الأيام.”
“أجل، أعلم، يا سيدتي.”
أومأت سوجونغ برأسها، مما جعل السيدة هيو التي كانت على وشك الانطلاق في سرد طويل، تضحك ساخرة وكأنها أُحبِطت.
“حسنًا، إذن خذي هذا أولًا…”
فتحت حقيبتها اليدوية الصغيرة المزيّنة بشعار علامة فاخرة، وأخرجت منها فجأة بطاقة مصرفية.
“في العادة، المال النقدي أفضل… لكنني أصدرت هذه البطاقة باسم شخص آخر.”
تناولت سوجونغ البطاقة الذهبية اللامعة بنظرة حذرة ومترقّبة، بينما تابعت السيدة هيو الكلام بثقة:
“عليكِ أن تُخرجي والدتكِ من المستشفى أولًا. سمعت أن مرحلة إعادة التأهيل ستكون الأهم من الآن فصاعدًا… أليس كذلك؟”
بقيت سوجونغ صامتة، عاجزة عن الرد.
“سوجونغ، لا بد أنكِ لم تنسي ما قلته لكِ من قبل، أليس كذلك؟”
قالتها هيو بلهجة باردة وهي تلاحظ التغيّر في ملامح سوجونغ.
“وو تايك، مهما بدا في الظاهر شابًا حسن الهندام ولامعًا… إلا أنه يعاني من مرض لا يعرفه أحد… أتذكّرين؟”
أومأت سوجونغ بصمت.
“لكن، هل يعيبه ذلك بشيء؟ هو الوريث الوحيد لمجموعة هي الأولى في البلاد، وواحد من أكبر الشركات العالمية.”
قالتها هيو بتهكم واضح، لكنها ما لبثت أن بدت متحسّرة حين لم تجد في وجه سوجونغ أي تجاوب.
بقيت سوجونغ صامتة، جالسة بثبات، وكأنها غير معنية بالحديث.
“يعجبني فيكِ ليس فقط أنكِ جميلة، بل لأنكِ قليلة الكلام أيضًا.”
‘جميلة وقليلة الكلام’ — ظلت سوجونغ تردّد هاتين العبارتين في ذهنها، تتمعّن فيهما وكأنهما ترسمان معايير اختيار السيدة هيو.
وفجأة، شعرت بقشعريرة تسري في عظامها.
‘…هل يُمكن القول إننا في قارب واحد؟’
فكّرت في نفسها.
في النهاية، هي وهيو جين جو كانتا من بين النساء اللواتي يحملن جراحًا غائرة تجاه الرئيس إن أون سانغ.
فالسيدة هيو، بالإضافة إلى امرأتين أخريين، كنّ جميعًا عشيقات غير معترف بهن رسميًا، وذهبن يتكاتفن بشتى الطرق لانتزاع أكبر قدر ممكن من المال من الرئيس العجوز.
فهو لم يسمح لأي ابن غير شرعي بحمل لقب عائلته “إن”، وكانت هيو ومن معها ساخطات بشدّة على قلة الأرباح التي يحصلن عليها من توزيعات الأسهم.
أما عن سوجونغ…
فيمكن القول إنها فقدت كل شيء بسبب الرئيس إن أون سانغ.
أباها، نا جي هون، الذي ألقى بنفسه من مبنى المقر الرئيسي لمجموعة “سونغ غوانغ” منهياً حياته.
وأمها، التي أصيبت في حادث بينما كانت تخوض نزاعًا ضد الشركة، وقد نجت من الموت بأعجوبة، لكنها خرجت من سلسلة من العمليات الدماغية وهي مشلولة في نصف جسدها.
وهكذا، لم يكن من المبالغة القول إن حياة سوجونغ نفسها قد انتُزعت منها على يد إن أون سانغ.
كان والدها، نا جي هون، رجلاً موهوبًا اختاره الرئيس بنفسه فور تخرجه من الجامعة، ليصبح سكرتيره المقرب، وخدمه بإخلاص حتى اللحظة الأخيرة.
ورغم ذلك، فقد أنهى حياته بتركه رسالة انتحار تكشف عن فساد الرئيس، تاركًا وراءه زوجته وابنته الصغيرة.
غير أن فريق إن أون سانغ سارع إلى احتواء الوضع وسحب الرسالة، فيما تنقلت زوجة الراحل لأكثر من عشر سنوات بين المحاكم ومراكز الشرطة، مطالبةً بإنصاف زوجها، حتى بدأت في نهاية المطاف اعتصامًا فرديًا أمام مقر الشركة.
وهناك، تعرّضت لحادث سير مأساوي.
تلك السلسلة المتتالية من المآسي غيرت مجرى حياة سوجونغ بالكامل.
فقد انقطع الاتصال بينها وبين الأقارب والمعارف، وزادت الأمور سوءًا عندما حُمّلت مسؤولية الحادث باعتبار أمها هي المخطئة، ما حال دون حصولها على تعويضات، بينما كانت التكاليف الطبية تتراكم يوماً بعد يوم.
‘مرّت خمس سنوات على حادث أمي…!’
تأملت سوجونغ بحزن وهي تحدّق أرضًا، مستشعرة مرور الزمن.
فقد فقدت والدها وهي رضيعة، ولم تحظَ حتى بعاطفة والدتها التي غرقت في نوبات من الصدمة والانهيار، لتتربّى متنقلة بين أقاربها.
ثم حين بلغت مشارف التخرج من الثانوية، داهمها حادث أمها فاضطرت إلى أن تنضج قبل أوانها، وتعاند الحياة بكل ما فيها من قسوة.
وفي تلك اللحظة، ظهرت في حياتها امرأة تُدعى هيو جين جو، زوجة الرئيس غير المسجّلة.
“أنا في علاقة زواج عرفي مع الرئيس. جميع أموره الخاصة أعالجها بنفسي.”
ومنذ لقائهما الأول، مدت هيو يد العون إلى سوجونغ.
وبفضلها، استطاعت أن تتخرّج من الجامعة، بل وتغطي تكاليف العمليات الدماغية المتكررة لأمها.
لكن الآن، ومع مرور الزمن، أرادت سوجونغ أن تبتعد. لم تعد راغبة في الاستمرار بتلقي المساعدة، فقد بدأت تشعر بأنها تُثقل على الآخرين.
“سوجونغ، أهذا وقت التفكير بالكبرياء؟ وماذا عن أمكِ التي تحتاج إلى إعادة تأهيل؟”
رفضت هيو تفهّم مشاعر سوجونغ.
“بفضلي، أنهيتِ دراستكِ الجامعية، وحصلتِ على وظيفة جيدة، أليس كذلك؟”
لم تُعر هيو لامتنان سوجونغ أي اهتمام.
بل إنها جاءت حتى المستشفى، عارضةً مجددًا “بطاقة إعادة تأهيل الأم” مقابل شيء ما كانت تريده.
“سوجونغ، إن وو تايك سيكون لكِ.”
وكأنها كانت تتوقعها…
ارتعد قلب سوجونغ، وازداد وجهها شحوبًا.
“هل فهمتِ ما أقصده؟”
التقت نظرات هيو جين جو، المليئة بالكراهية والمرارة، بعيني سوجونغ مباشرة.
“وماذا أفعل معه؟”
رغم سخونة خلف عنقها المفاجئة، إلا أن سوجونغ سألت بهدوء.
ابتسمت هيو، كمن وجد أخيرًا من يتفاهم معه:
“أنتِ أيضًا، لديكِ ضغينة كبيرة تجاه العجوز، أليس كذلك؟ اعتبريها فرصة، يا سوجونغ.”
كانت سوجونغ على يقين بأن لدى هيو هدفًا خفيًّا من تقربها منها.
كما أن سوجونغ نفسها، كانت طوال الوقت تنظر إلى وجه إن أون سانغ في الأخبار بعين مليئة بالحقد والمرارة.
لكن الآن، وقد فهمت ما تنوي هيو تقديمه على أنه “انتقام”… شعرت سوجونغ بخوف غامض يتسلل إلى قلبها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"