2
2
لم تكن قد بدأت منذ البداية بما يُسمّى ‘تجارة الطلاق’.
آيريس، ذلك الاسم الثاني الذي حصلت عليه.
كانت تتأمل داخل العربة المهتزّة كيف انتهى بها المطاف إلى هذه الحياة.
فقد كانت في الأصل ‘سيو شينا’، امرأة تعيش في كوريا الجنوبية الحديثة.
ضاقت آيريس بالعربة المغلقة بإحكام، ففتحت النافذة وأزاحت الستارة الصغيرة.
اندفع الهواء مع حركة العربة، ليحرّك خصلات شعرها الرقيق بخفة.
“حياة كالحضيض…”
تمتمت وهي تسند رأسها على نافذة العربة.
تزوجت سيو شينا في الثامنة والعشرين من عمرها. لا، بل كادت أن تتزوج.
‘كنت أظن أن قصة هروب العريس مع حبيبته الأولى يوم الزفاف لا تحدث إلا في الدراما.’
ضجّة الحاضرين، وجهها الذي احمرّ كالجمر، والإحساس باليأس.
‘مع ذلك، حسنًا، كان خيرًا أن تخلصت منه. قلت لنفسي فلأتركه يتحمل شرط الجزاء، وأبدأ من جديد… لكن من كان يتوقّع أن أموت في رحلة السفر تلك؟’
وحين فتحت عينيها بعد موتها، وجدت نفسها قد تقمّصت جسد فتاة تدعى ‘آيريس’، فلا تملك سوى وجه جميل، بينما يغرق والدها في إدمان الخمر والقمار، ويورّثها جبلًا من الديون.
‘تباً على هكذا حياة…’
أما والدتها فقد ماتت منذ زمن بمرض، بينما تضخمت الديون إلى حد يعجز عنه حتى نبلاء كبار.
كيف كان هناك مرابون يُقرضون مهووس قمار كهذا أصلًا؟
هل كانوا يحفرون الأرض ليستخرجوا منها ذهبًا؟
وبينما كانت تخشى أن تُباع يومًا بسبب ديون أبيها، مدّ لها شخص ما يده.
‘غيرتز هاينري.’
أول أزواجها.
بفضل جمالها، استطاعت أن تجد عملًا بسهولة، بل وحتى في فندق راقٍ براتب جيد.
وهناك ظهر غيرتز هاينري، ماركيز من مملكة أجنبية. كان أكبر منها سنًا بقليل، لكنه بدا أصغر من عمره الحقيقي، أنيقًا وذو ذوق رفيع، بكل معنى الكلمة رجل من الطبقة الراقية.
«الساعة الثالثة، سأكون بانتظارك في حديقة الورود بالفندق. سأكون ممتنًا حقًا إن منحتِني من وقتك.»
حين تلقت منه أول مرة منديلًا يحمل هذه الكلمات، لم تستطع أن تنكر أنّ قلبها خفق بقوة. فالمسألة لم تكن مجرد ديون، بل إنه كان رجلًا مميزًا بكل وضوح.
خرجت للقائه في الساعة الثالثة، وجلست في حديقة الورود. ومنذ ذلك اللقاء، توالت بينهما اللقاءات، حتى تحوّلا إلى حبيبين.
‘مع ذلك، لم أستطع أن أطلب منه أن يسدد ديوني.’
إلا أنّ ذلك كان سيجعل علاقتها به تبدو كأنها بدافع المال.
لكن في المقابل، لم يكن بإمكانها التظاهر بأن الديون غير موجودة، فالمراهنون يعرفون وجهها واسمها.
في النهاية، ظلت تخفي ديونها وتعمل بجد لتسديد الفوائد يومًا بيوم، لكنها على الأقل كانت تجد بعض السعادة في الأوقات التي تقضيها معه.
إلى أن جاء اليوم الذي قال فيه:
[أريد أن أكون زوجكِ، لا مجرد حبيب.]
وعندما قدّم لها خاتم ألماس مع مئة زهرة آيريس، نسيت وضعها وغرقت في نشوة السعادة، فقبلت عرضه.
مرت سنة على زواجهما، ولم تكن سيئة. بل بفضل اسمه، استطاعت الدخول إلى مجتمع النبلاء.
لم تعد مجرد مدينة مثقلة بالديون، بل أصبحت زوجة ماركيز، مدام آيريس.
كانت تعيش مع زوجها في البيت الذي اشتراه بالعاصمة الإمبراطورية، وتوفّر من المخصصات المالية الممنوحة لها لتسدد شيئًا فشيئًا من ديونها.
حتى ذلك الحين، لم يكن شعور الذنب بسبب احتفاظها بهذا السر يُوصف بالكلمات، لكنها لم تستطع أن تجد الشجاعة للاعتراف.
‘ماذا لو تحطّم هذا السعادة إن اعترفت؟’
لكن تلك المخاوف الواهية لم تستمر إلا عامًا واحدًا فقط.
ففي ذكرى زواجهما، انتهت حياتهما الزوجية بشكل فجائي.
كانت قد أعدّت الكثير لتجعل ذكرى الزواج يومًا مميزًا، لكن زوجها بدا منذ الصباح الباكر منشغلًا بالتحضير لرحيل بعيد.
“عزيزي، إلى أين تذهب؟”
“آه، استيقظتِ يا آيريس.”
ابتسم لها برفق وقبّل جبينها. فتلاشى بعضٌ من شعورها الغريب بالقلق.
“لو كنت مسافرًا، لقلتَ لي مسبقًا.”
“صدقتِ، الأمر كان مفاجئًا قليلًا.”
ابتسم مجددًا وأعطاها ظرفًا.
كان وجهه الوضّاء وكأنه يقدّم لها هدية ذكرى الزواج، ففتحت الظرف وقلبها يخفق.
لكن أول ما وقعت عيناها عليه كان:
<أوراق الطلاق>
“ما هذا…؟”
سألت بعينين مضطربتين، فابتسم زوجها بنفس الهدوء وأجاب:
“لقد حان وقت إنهاء لعبة الأطفال هذه والعودة إلى بلادي. فزوجتي بانتظاري.”
“زوجتك؟ ماذا تعني؟”
“آه.”
فتح الباب متجهًا نحو الخارج، وأجاب بابتسامة يضيئها ضوء الشمس الصباحي بوحشية:
“زوجتي الحقيقية. تلك النبيلة، لا أنتِ، أيتها العامة.”
بييييب–
أصوات طنين دوّت في أذنيها. من شدّة الصدمة تجمّدت ملامحها في ابتسامة باهتة، فيما كان يأمر الخدم بجمع أمتعته.
“أعددت لك ما يكفي حتى لا تشعري بالغبن، فلنتعاهد على ألا نلوم أحدًا. على أية حال، ألم يكن لديك الكثير مما أخفيته عني أيضًا؟”
“…….”
كان لديها الكثير لتقوله، لكن شفتاها لم تُصدر صوتًا واحدًا. فما قاله كان الحقيقة.
فهي لم تكن سوى آيريس المدينة المثقلة بالديون.
صرير… طق.
وهكذا غادر القصر. ولم يترك لها سوى أوراق الطلاق، وصكّ ملكية القصر، وبعض الشيكات في البنك، أي النفقة.
ارتعشت يداها وهي تحدّق في الظرف. وسرعان ما تساقطت دموعها على الورق البني قطرة بعد أخرى.
امتلأ القصر الفارغ بصدى بكائها المبحوح.
لكن فجأة قطع أحدهم شرودها.
“فيما تفكرين هكذا؟”
وجه وسيم، لكن تغطيه ندبة كبيرة تضفي عليه مظهرًا مخيفًا.
“ذكريات بغيضة من الماضي.”
“ولماذا تستحضرينها إذن؟”
“فقط… لأنني أسترجع كل شيء. لم يبقَ الكثير الآن، أليس كذلك؟”
في تلك اللحظة لم يتبقَ في قلبها سوى الغضب.
تعهدت أنها لن تثق بعد اليوم لا في رجل، ولا في حب.
لم تدرك ذلك إلا بعد أن خُدعت مرتين. مرتين كاملتين.
وصلها خبر وفاة والدها في تلك الفترة، ويبدو أنه مات كما عاش، جالسًا في زاوية يشرب الخمر ويقامر حتى هلك.
أما الديون، فقد آلت إليها كما هي. لكن بما أنها كانت في الأصل هي من يسددها، فلن يزداد الأمر سوءًا سوى بالفوائد، وهذا كان أهون مما توقعت.
على أية حال، لم يكن في قلبها أي شعور بالابوّة تجاهه.
ومن المال الذي تركه لها زوجها كنفقة، سددت جزءًا كبيرًا من الديون التي بدت بلا نهاية.
ومنذ ذلك الحين، فتحت عينيها على طريقة جديدة: الطريقة الأسرع لسداد الديون.
ليست العمل الشاق، ولا حياة الكدح. بل الطلاق، أو بالأصح النفقة التي يُجبر عليها الطرف الآخر غير المذنب.
“الآن لم يتبقَ لي سوى المال حقًا.”
“بل لم يتبقَ لكِ سوى الديون.”
“لم يبقَ الكثير بعد.”
تمتمت بذلك، ثم أضافت:
“يكفي أن أتزوج مرة واحدة فقط بعد الآن.”
فأطبق الشاب ذو الشعر الأحمر شفتيه.
“ما هذا الوجه؟ سأسترجع كل تلك الديون المقيتة أخيرًا.”
“اصمتي.”
“جاك، ما زلت لا أفهمك.”
ضحكت ساخرة. كان جاك، الشاب ذو الشعر الأحمر الذي يرافقها، قد ظهر أول مرة بعد طلاقها الأول بصفته ابن أحد الدائنين.
بل قال تحديدًا إنه ابن المُرابي الذي ورث عنه العمل.
وقد جاء ليُشرف بنفسه على تحصيل ديونها، لأنها كانت صاحبة الدين الأكبر عندهم.
‘هل يُعقل أن ينزل زعيم المرابين بنفسه ليجمع الديون؟’
لكن زعيمًا في النهاية، وما هو إلا مرابي من أزقة الظل.
“إذن ستأخذين استراحة الآن؟”
“لا، لقد اخترت هدفي القادم بالفعل.”
رفع جاك حاجبه وسأل متفاجئًا:
“بالفعل؟ المعتاد أن تتركي فاصلًا زمنيًا.”
“هذه المرة سأصطاد صيدًا ثمينًا. إنها الضربة الأخيرة.”
“صيد ثمين؟”
“نعم، بعدها أحصل على نفقة ضخمة، أسدد بها ما تبقى من الديون، ثم أرحل خارج البلاد.”
“خارج البلاد؟”
قالها بنبرة مرتبكة، ثم سرح قليلًا وكأنه يفكر، ومسح شعره بيده قبل أن يسأل:
“ومن هو هذا الهدف؟”
ابتسمت آيريس بعينيها المتلألئتين:
“كليف فون بارسيديس.”
“كخخ…!”
شهق جاك وكاد يختنق من المفاجأة. لم يكن ذلك غريبًا، فالاسم بحد ذاته يكفي.
“إنه ولي عهد الإمبراطورية.”
– وهو ذاته بطل رواية الخيال الرومانسي التي وجدت نفسها متقمّصة فيها.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"