تصدّيتُ لهجوم السيف الذي لاحقني باستخدام رمح الفأس.
كان الجو مشحونًا بهالة قاتلة، باردة وقشعريرة تسري في العظام.
تختلف تمامًا عن تلك التي تطلقها الشياطين.
الشياطين تنغمس في متعة اللعب بي، أما هذه … فهدفها الوحيد هو قتلي.
بوووم!
حين اصطدم رمح الفأس بسيف يوريل، لم يصدر صوت اصطدام المعادن المعتاد، بل دوّى انفجار هائل.
‘قوي … و سيفه لم يتضرر حتى بعد أن اصطدم برمحي. هذا غير عادل.’
أتذكّر أن قدراته ترتفع كثيرًا عند قتال الأعداء ذوي الهيئة البشرية. لقد كان أقوى من أي وحش قاتلته من قبل.
بل وربما كان أصعب من الوحوش.
الوحوش تتحرّك وفق أنماط محددة أو تبعًا للغريزة.
لكن ضربات يوريل كانت حادة ومتقلّبة بشكل لا يُتوقّع.
ما إن لاحظ أنني أرتجف عند أقل حركة له، حتى بدأ يُقحم خدعًا في هجماته.
في لحظة قصيرة كأنها طرفة عين، بدا وكأنه سيهاجمني من عدّة نقاط ضعف في آنٍ واحد، فسمحت له بهجمةٍ واحدة.
كادت شفرتُه تُصيب يدي.
لو كنتُ أواجهه فقط بعينيّ، لكان القرار بيدي في كلّ مرة.
لكن مع يوريل، بات القرار بيده، إذ يختار من بين مساراتٍ عدّة ويهجم مباشرة.
بدأتُ أعتقد أنه لو لم يكن تحت تأثير “الافتراس”، لكان قد هزمني بالفعل.
“يوريل؟ هل أنت مرهق؟ إبريل أيضًا تدرّبت على السيف حين كانت صغيرة، على يد والدها. كانت تجربة ممتعة”
ربما هذا هو الفرق بين فارس متدرّب و شخصٍ عادي.
لاحظت أن عينَي يوريل تنظران إلى خصري، وتحركت ذراعه وكأنه سيضرب عند تلك المنطقة، فاستجبتُ، لكنه هاجم رقبتي.
إنها المرة الأولى التي يُستغل فيها بصري ضدي.
لكن … إلى هنا فقط.
يوريل، الخاضع لغريزة القتل، لا يستطيع إخفاء نواياه.
رغم محاولته التمثيل، إلا أن كلّ هجمة حقيقية منه كانت تبثّ في جسدي قشعريرة قاتلة.
وبجسد إبريل، الذي يتمتع بحسّ عالٍ، كنتُ أستطيع تمييز تلك الهالة بسهولة.
ما إن بات بالإمكان التفرقة بينها، حتى أفلتُّ رمح الفأس، وانقضضتُ مباشرة على يوريل.
كوووم!
حين سقط الرمح، اهتزّت الأرض.
بدا على “الجزار” علامات الدهشة.
ثم بخفة، اقتربتُ منه كأنني ألقي بنفسي بين ذراعيه.
ثم، في اللحظة التالية، ركلتُه في بطنه.
شهق يوريل وتكوّر جسده للأمام.
“يوريل.”
كان الضوء من السقف يسقط على وجهه. عيناه الحمراء ما زالتا متوهجتين، لكنّ جزءًا من وعيه بدا وكأنه عاد إليه، ونظر إليّ.
أغمضتُ عينيّ وابتسمتُ له ابتسامة مشرقة.
“تصبح على خير.”
[تم رفع درجة المودّة مع الفارس العبد يوريل بشكل كبير!]
ثم ضربتُه ضربة مباشرة على مؤخرة عنقه، فمال جسده و سقط عليّ.
تلقّيتُ جسده بين ذراعيّ. لكنه كان طويل القامة، فجرّت ساقاه وقدماه على الأرض.
حتى وهو فاقدٌ للوعي، ظلّ ممسكًا بسيفه بقوة، لذا قررتُ تركه هكذا.
“…ليدي إبريل؟”
“لقد جعلتُ يوريل ينام، سموّ الأمير.”
ابتسمتُ ابتسامة واسعة بينما كنتُ أنظر إلى ولي العهد ، الذي اتّسعت عيناه من الصدمة.
“هل … هل يُسمّى هذا ‘جعلته ينام’؟ أليس هذا إغماءً؟”
“ألم أُحسن التصرف؟ حين لا يستطيع أحد النوم، هذا ما نفعله دومًا! في شارون، الجميع يساعد بعضهم على النوم بهذه الطريقة.”
تمتمَ ولي العهد بدهشة: “كما توقعتُ … أنتِ من أهل شارون …”
كان هناك حدث ساخر مشابه لهذا في اللعبة.
حين يرفع اللاعب مستوى المودّة مع إبريل، يصبح من الممكن التحدث معها بشأن بعض الأمور.
ومن بين الخيارات، يمكن اختيار: “لا أستطيع النوم.”
[إينيل: (سأتحدث مع الليدي إبريل.)
▷ أطلب نصيحة بشأن الرفاق
▶ أقول أنني لا أستطيع النوم
▷ أطلب معلومات جديدة
▷ أسألها عن حلّ لمسألة رياضية]
[الليدي إبريل: “أوه، لا تستطيعين النوم؟ إذن دعيني أساعدكِ على النوم!”]
تقترب إبريل من الشخصية. ثم تصبح الشاشة سوداء.
حين تضغط على الشاشة، تظهر شخصية إينيل وهي تمسك رأسها، كما لو استيقظت من شيء مؤلم.
[إينيل: (لقد … جعلتني ‘أنام’).]
ومن بعد ذلك، لو اختار اللاعب نفس الخيار مجددًا، ترفض إينيل الاستجابة.
[إينيل: (ليس وقت النوم الآن.)]
[إينيل: (لن أختار هذا الخيار مجددًا.)]
[إينيل: (لا يجب أن أقول أنني لا أستطيع النوم.)]
لكن إن أصرّ اللاعب على اختيار “لا أستطيع النوم” رغم تلك التحذيرات:
[الليدي إبريل: “إذن سأجعلك تنام … للأبد.”]
تظهر صورة لإبريل وهي تبتسم كالملائكة، ثم تصبح الشاشة حمراء.
كون الحدث ساخرًا، فلن يصل إلى “إنتهت اللعبة”.
وبعد ساعة من اللعب، تستيقظ إينيل، لكنها إن حاولتَ اختيار نفس الخيار مجددًا، تقول أحيانًا:
[إينيل: (لستُ حمقاء.)]
ويُمنح اللاعب إنجازًا خاصًا:
<أنا قاتل إينيل: اطلب من الليدي إبريل مساعدتك على النوم 100 مرة (تمّ الإنجاز)>
لهذا السبب، كان موضوع “النوم في شارون” أمرًا شهيرًا داخل اللعبة.
حملتُ يوريل، الذي فقد وعيه، بين ذراعيّ كدمية، وفي اليد الأخرى التقطتُ رمح الفأس من الأرض.
الخادم قُتِل، لكن قد يكون هناك وحش آخر مختبئ في هذه الخريطة السرية.
بدأتُ أتصوّر في رأسي كيف سأتعامل مع الموقف إن هاجم ولي العهد.
بقايا حرارة المعركة لا تزال في الهواء.
بصراحة؟ لقد كان الأمر ممتعًا. خديّ احمرّا قليلًا.
لأول مرة، أقاتل خصمًا يُهدّد حياتي بصدق، وأتمكّن من النجاة.
لم أكن أتخيّل أن القتال مع شخص بمستواي قد يكون ممتعًا إلى هذا الحد.
لو كانت هذه هي طبيعة الألعاب … ربما كنت سأحبها فعلًا.
نظرتُ إلى ولي العهد و هو يرفع رأسه نحو السقف المحطّم، وفجأة أشرق وجهه.
“ليدي، هناك درج ينزل من الأعلى! يبدو أن هناك آلية تساعدنا على الصعود”
الضوء الذي دخل جعل الدماء المتناثرة على الجدران واضحة.
السقف المنهار انفتح كليًا، وانكشف طابقٌ أعلى يبدو كأنه الطابق الثالث.
“لنصعد.”
تقدّم ولي العهد أولًا.
لكن ما زال لديّ ما أقوم به.
جررتُ يوريل إلى بركة الدماء التي غمرت زيّ الخادم.
رغم أنهم وحوش من عالمٍ آخر ، إلا أن دماءهم لا تزال حمراء.
‘ها هو.’
فتشتُ جيب الصدر في السترة.
و قبل أن يلحظ ولي العهد ، بسرعة أمسكتُ بساعة جيبٍ فضية صغيرة.
التعليقات لهذا الفصل " 70"
الرواية تجنن 😍