حين انطفأت الشموع، بدأ عبق الدخان يتسلّل في الظلام.
نعم … من الأفضل أن تبدأ معركة، فهذا يساعدني على البقاء متيقظة.
كلّما تخيّلتُ نفسي أخرج من اللعبة وأعود إلى الواقع، كان أخي دومًا حاضرًا هناك.
ليس كبطل من عالمٍ آخر أنقذ العالم قبل ألف عام ومات.
بل كشخصٍ حيّ، في عالمنا الحقيقي.
لكن … لا بدّ أن أعيش أولًا. غالبًا ما يحدث الآن هو الحدث الذي يظهر فيه “الخادم”.
تحسّستُ رمح الفأس خاصتي.
‘ما كانت أنماط هجمات الخادم؟’
لا أذكرها تمامًا، لكنّي أذكر أنه كان يستخدم السم، وكان نطاق هجماته واسعًا نوعًا ما.
أما ما لم أكن أتوقّعه، فهو أن تكون الأضواء قد انطفأت، ربما لأنّنا في “الوضع الصعب”.
هل سأتمكن من حماية ولي العهد في هذا الظلام؟
أنا و يوريل ربما يمكننا التحمل، لكنّ ولي العهد؟ إصابة واحدة فقط قد تكون قاتلة له.
‘الاعتماد على السمع فقط … لستُ واثقة تمامًا، لكن لا بأس.’
وفجأة، سُمِع صوت شيءٍ ضخم يقفز من السقف.
ما إن ظهر الوحش حتى انتشر في الأجواء عبق الدماء، وتأكدت أنه “الخادم” بالفعل.
البشر دائمًا ضعفاء أمام الظلام.
أنفاس ولي العهد بدأت تضطرب.
“الغرفة ضيّقة للهروب. آنسة، أريد أن أحميك … لا أعلم ماذا أفعل …”
بدا وكأنه يعاني من فرط التنفس.
غالبًا ليس قلقًا عليّ، بل قد يكون مصابًا برُهاب الأماكن المغلقة.
في لحظة قصيرة بلغ فيها التوتر أقصاه، سُمِع صوت شيء يتحطّم، وشيء يقفز من الجدار والسقف ليهاجمنا.
بناءً على الصوت، تصديت لذلك الهجوم برمح الفأس.
دوّى صوتٌ عنيف.
الاعتماد على الصوت فقط … ليس سيئًا في الحقيقة.
لكن يجب أن أتأكد من مكان ولي العهد، كي لا أضربه عن غير قصد.
أمسكتُ بمعصمه بشدّة حتى لا يتحرّك.
“ليدي إبريل!”
“سيدي.”
سُمِع صوت سلاحٍ يُلوّح في الهواء من مسافة قريبة.
نسمة من الهواء الممزوجة برائحة الدماء ضربت وجهي.
“ابقَ في مكانك. إن لم تكن تريد أن تُقطع إربًا”
تسرّب صوتي من الظلام، عفويًّا، صادقًا.
في تلك اللحظة، صدر من جهة يوريل صوتٌ خافت وحادّ لمعدنٍ يُستَلّ بسرعة.
صوت سحب سيف.
من البداية، لم أكن قلقة ما دام يوريل معنا.
فالخادم، في النهاية، عدوّ على هيئة بشرية.
لكن سمة <الجزار> كانت تحمل آثارًا جانبية مميتة.
تعاقبت أصوات الانفجارات واحتكاك السلاح. شيء ما تناثر، ورغم أني لم أره، إلا أنني علمت أنه دمٌ حار.
توهّجَ وهجٌ أزرق قاتم في الظلام، ثم اختفى.
ركّزتُ بكلّ حواسي على الصوت.
مع الاستمرار، استطعت التمييز: الصوت الأجوف هو من الخادم، والصوت المعدنيّ الحادّ من يوريل.
‘الآن.’
وها قد وصلت ضربة من جهة يوريل.
صددتُها برمحي.
ولي العهد كان لا يزال في مكانه، لا يفهم ما يحدث، ممسوكًا من معصمه.
بوووم! كراااش!
بعد تلك الأصوات العنيفة، تحطّم جزء من سقف الزاوية.
دخل الضوء من الفتحة التي في الأعلى، يتبعها نسيمٌ بارد.
وقتها فقط، استطعنا أن نرى يوريل بوضوح.
أفلتُّ معصم ولي العهد.
يوريل كان يقف على بعد خطوات منّا.
في وسط الغرفة، لكنّ الضوء لم يكن يصله.
شيءٌ ضخم وثقيل انهار عند قدميه.
“سيدي …”
الوحش الذي كان أمام يوريل اختفى تمامًا، لم يترك خلفه سوى بركة من الدماء.
حتى ثياب الخادم الملطخة بالدماء كانت ممددة على الأرض.
أنا فقط، من رأت تلك الثياب من قبل في اللعبة، تمكنتُ من معرفة أنّه هو الخادم.
ثم نظر يوريل نحو ولي العهد.
عيناه، اللتان كانتا سوداوتين، أصبحتا حمراء متوهّجة.
سمة <الجزار> تحمل تأثيرًا جانبيًا يُدعى <الافتراس>، يحدث بنسبة معيّنة بعد المعركة.
ويتمثّل في أن يشعر الشخص برغبة قاتلة تجاه “السيّد” أو “صاحب أعلى رتبة في المجموعة”.
ولا يمكن السيطرة عليه.
يوريل، حين يُفتَرس بالكامل، لا يتوقّف حتى يُقتَل أو يَقتُل.
وكلّما كانت العلاقة أقوى مع “السيّد”، كلّما اشتدّ تأثير “الافتراس”.
ولهذا السبب، في اللعبة، فإنّ النهاية الرومانسية من منظور إيفلين لا تكون سوى “أن يوريل يقتلها” أو “أن تقتله”.
‘يا لسوء الحظ. كنتُ أرجو ألا يحدث، لكن فعلاً … وقع تحت تأثير الافتراس. يبدو أنّ الوضع الصعب غيّر النسب.’
في الوضع العادي، لم يكن ذلك يحدث بسهولة. كان لا بد من التركيز على خطه السردي مع إيفلين لتظهر حالة الافتراس.
وهنا، أعلى شخص رتبة هو ولي العهد.
يوريل، الذي باتت عيناه حمراء، رفع سيفه الملطخ بدم الخادم قبل أن يجفّ.
وفي لحظاتٍ كهذه، تُظهِر النفس البشرية طبيعتها الحقيقية.
“ليدي إبريل.”
ناداني ولي العهد.
“نعم، سيدي؟”
“هل … ستحمينني من يوريل؟”
أن أواجه شخصًا تغلّفَه نية قتلٍ صريحة؟
يا له من طلب وقح.
“آنسة، سأحاول أن أحميكِ. قد يكون الأمر محبطًا ومخيفًا، لكن …”
من البداية، لم أصدّقه.
مرّة، اعتقدتُ أن ولي العهد يشبه أخي قليلًا.
لكنّني مسحتُ تلك الفكرة تمامًا.
ولي العهد لا يُشبه أخي في أيّ شيء.
لي سيو وو، كان أكثر شخص إيثارًا عرفته في حياتي.
حتى بعد أن قال إنه يحبّني ، ظلّ محافظًا على عقلانيته و هدوئه. لم يكن أبدًا مثل هذا الرجل الذي يصدر الأوامر بوجهٍ بارد.
ولن يكون من الغريب إن كان هو من ضحّى بنفسه لأجل هذا العالم.
لا. يجب أن أركّز الآن. فكّرتُ بأخفّ شكل ممكن:
‘حسنًا، إن مات ولي العهد فسيكون الأمر مزعجًا لي أيضًا.’
من عدّة نواحٍ، في الواقع.
“يوريل؟ حسنًا! لا أعرف التفاصيل، لكنني سأحمي سموّك!”
أملتُ رأسي ببراءة و ابتسمتُ بسطوع. كما لو أنني لا أفهم الوضع.
ثم رفعتُ بصري نحو يوريل و ضحكتُ برقة: “أوه، يوريل!”
قلتُ ذلك بعفوية و أنا أنظر إلى عينيه الحمراوين.
“تبدو متعبًا! عندما تسهر طويلًا أو لا تنام، تصبح عيناك حمراوين، أليس كذلك؟ لقد تعلّمتُ أنّ إبريل يجب أن تنام جيدًا لتبدو جميلة.”
كان ولي العهد يضغط شفتيه بصمت.
أما يوريل، فكانت نظراته الحادّة موجهة نحوي تمامًا.
ربما شعر، بشكلٍ غريزي، أنني تهديد خطير.
وأدرك أيضًا، أنه لا يستطيع قتل ولي العهد دون المرور بي أولًا.
“آنسة …”
بدأ ولي العهد بالكلام.
لكن قبل أن يُكمل، اندفع يوريل نحوي كالصاعقة.
التعليقات لهذا الفصل " 69"