“جلالتك!”

ركض ماكس مذعورًا حتى كاد أن يُسقِط المُطهّر من يده.

“سيدي!”

أمسكت إينيل بالمطهّر الذي كاد أن يفلت من يد ماكس.

كان زيان يحدّق بعينيه الواسعتين في الدائرة السحرية التي ظهرت فجأة.

رأينا أنه بدأ يستدعي الأرواح بعدما استعاد وعيه متأخرًا –

لكن سرعان ما ارتجّت المساحة أمام أعيننا ، و انكشفت خريطة مخفية، فيها كبير الخدم، وهو الزعيم في الطابق الثالث.

ظهر مذبح غريب منقوش عليه رموز غامضة.

غرفة مُغلقة تمامًا، محاطة بالجدران من كل الجهات دون أي باب.

ثمّ انطفأ الضوء الذي كان يحيط بأجسادنا، وبقينا نحن فقط، ولي العهد وأنا، داخل هذه الغرفة.

“هل أنا و الآنسة إبريل عالقان هنا وحدنا؟”

اتّسعت عينا ولي العهد بدهشة، وبدا أنّه يحاول استيعاب الموقف وهو يلتفت حوله.

“يا آنسة ، سأحاول أن أحميكِ قدر ما أستطيع. أعلم أنّ الأمر مربك و مخيف ، و لكن …”

“أنا أيضًا موجود.”

جاء صوت من الخلف، فارتعد ولي العهد وكأنّه انكشف له ماضٍ محرج.

“الآنسة إبريل وأنا، وجلالتك. نحن الثلاثة عالقون في هذه الغرفة.”

كان ذلك الفارس المملوك ‘يوريل’ ، بطريقته الهادئة والواثقة.

‘ما الأمر؟ كيف دخل هذا؟’

لقد أرعبني فعلًا.

حين فكرتُ، تذكّرت أنّ يوريل كان بالفعل بالقرب من ولي العهد ومني.

فهو لطالما تبع بطلة القصة، وكان دائمًا يسير خلفي طوال الوقت.

وبما أنّه فارسٌ بارع، فمن الطبيعي ألا أشعر بوجوده بسهولة.

“متى وصلتَ إلى هنا؟”

لم يكن ولي العهد يبدو سعيدًا بوجوده.

أجاب يوريل بوجه خالٍ من التعبير: “كنت هنا منذ البداية. منذ أن قلتَ ‘هل أنا و الآنسة إبريل عالقان هنا وحدنا؟'”

ولّى ولي العهد وجهه وبدا عليه الحرج، لكنه هزّ رأسه بعد لحظة.

“يبدو أننا نحن الثلاثة عالقون هنا. لا وقت للمجادلة الآن.”

“قرار حكيم.”

انحنى يوريل بانضباط رغم ملامحه الخالية من أي تعبير.

ويبدو أنّ الجميع توصلوا ضمنًا إلى ضرورة حلّ هذا الموقف أولًا.

نهض ولي العهد من مكانه و أخذ يتفحص الغرفة.

“علينا أن نضع خطة للخروج من هنا. أظنّ أن هذا أيضًا من صنع الساحر الأعظم”

“ما الذي يجعلك تعتقد ذلك؟”

هل يوريل أدرك أنّني من فعّل الدائرة السحرية؟

لا يمكن معرفة ذلك من وجهه.

“عادةً ما يحيط زيان نفسه باثنين أو ثلاثة من الأرواح. في هذا العالم الموازي قلّ عددهم ، لكن في بعض الأحيان كان يُحاط بأكثر من عشرة. في الحالات الطارئة، تظهر روح أو اثنتان على الأقل. لكن الآن لم يظهر شيء.”

“كلام منطقي. فالساحر الأعظم هو الوحيد القادر على منع الأرواح العليا بقوته السحرية.”

“فلنبدأ بتفحص الغرفة لنعرف أين نحن. آنسة إينيل ، لا تقتربي من هذه الزاوية ، فقد يكون هناك خطـ … أوه.”

استدار ولي العهد دون أن يشعر وهو ينادي على إينيل، ثم بدت على وجهه ملامح خيبة.

“لم أشعر بذلك طوال الوقت لأنها كانت إلى جانبي، لكن غياب زيان والآنسة إينيل يترك فراغًا مزعجًا. حسنًا، فلنبدأ باستكشاف الغرفة بأنفسنا.”

كانت الخريطة المخفية، رغم أنها مجرد غرفة، واسعة جدًا.

والإضاءة فيها تأتي فقط من بعض الشموع المتناثرة هنا و هناك. لم يكن في السقف أيّ مصدر للضوء، لذا كانت الغرفة معتمة جدًا.

على ضوء الشموع، ظهرت ظلالنا الطويلة على الأرض، وبدأ صوت خافت لحفيف شيءٍ ما يصدر من مكان مجهول، يخدش الأعصاب.

حين اعتادت أعيننا على الظلام، بدأت معالم الغرفة تتّضح تدريجيًا.

“واو، جلالتك. لا يوجد لا باب ولا نافذة. في غرفة إبريل كان هناك باب كبير ونافذة جميلة.”

قلتُ ذلك لولي العهد بمرح.

“لابد أنها كانت غرفة رائعة. دَعيني أزور مساحتكِ الخاصة يومًا ما.”

قالها ولي العهد بنبرة طبيعية، ثم سرعان ما قطّب جبينه عندما شمّ رائحة دماء قوية.

“لكن … ألستِ تشمين رائحة دماء؟”

بدأت رائحة الدم تفوح في الغرفة دون أن نلاحظ منذ متى.

رائحة حادّة تلسع أنفك من الداخل.

اقترب يوريل من أحد الجدران وتأمّله، ثم قال: “يبدو أن أحدهم لطّخ الجدران بالدماء. بيده.”

شحب وجه ولي العهد فورًا. 

ربما تذكّر وحشًا يستخدم يده في تلطيخ الدماء.

الهيكل الوحيد الواضح في الغرفة كان المذبح الضخم في الوسط.

تبعتُ ولي العهد مع يوريل نحو المذبح.

على سطحه كانت هناك دماء لم تجف بعد، مبلّلة.

“ربّما هناك وحش بالجوار.”

ظهر على ولي العهد التوتر والحذر.

كانت الدماء تتقطّر من حواف المذبح إلى الأرض خلفه.

وحين رأيت لون الأرض المبلل، أدركت الحقيقة.

جدران هذه الغرفة وأرضيتها غارقة في الدم. ولهذا تنبعث الرائحة القوية، ولهذا أيضًا الغرفة مظلمة إلى هذا الحد.

كان المذبح منقوشًا عليه رموز غريبة.

‘ماذا أفعل؟’

حدّقت في المذبح وأنا أتساءل إن كان يجدر بي تدميره الآن.

فهذا هو الشرط لظهور وحش كبير الخدم، زعيم الطابق الثالث.

في الوضع العادي على الأقل.

عادةً، يظهر هذا المذبح بحالة مهترئة ومكسورة جزئيًا، مغطى بالغبار وشبكات العنكبوت.

[إينيل: (عند فحص المذبح المكسور جزئيًا.)]

▶ من الأفضل فحصه الآن.

▷ دعونا نبحث عن أدلة إضافية أولًا.

حين يفحص اللاعب المذبح، يسقط جزءٌ منه فجأة، ثم يشقّ وحش كبير الخدم المذبح ويظهر فجأة ليُفاجئ الجميع.

أتذكّر كيف صرخ أخي صراخًا رهيبًا حينها.

‘لكن، على عكس الوضع العادي، المذبح هنا بحالة ممتازة؟’

المذبح نظيف للغاية. ليس لامعًا، لكنه ليس قديمًا ولا مكسورًا.

‘هل هناك شرط آخر لظهور كبير الخدم غير فحص المذبح؟’

فكرتُ للحظة إن كنتُ أفتعل هجومًا خفيفًا بالفأس، لكن تذكرت بوضوح وجه أخي الصارم حينها.

> “إذا لم تفهمي ما تفعليه ، فلا تقتلي شيئًا. لا تدمّري شيئًا. إذا واجهتِ وحشًا لأول مرة، لا تقتليه. ليس كل شيء في العالم يدور حول التدمير. هل تعتقدين أن الهياكل موجودة فقط لتُدمَّرَ؟ لا، بل لحلّ الألغاز.”

> “حسنًا، فهمت. لكن، ما هذا الأسلوب في الكلام؟”

> “……”

في ذلك الحين، كان ولي العهد ويوريل يتفحصان النقوش على المذبح بتمعّن.

بعد لحظات من التمعّن في الرموز الغريبة، قال يوريل بهدوء:

“إنّه نقش مقلوب. يبدو أنّه مذبحٌ للتضحية بالبشر الأحياء.”

“نقش مقلوب؟ إبريل لا تعرف ما هذا. لكنها تعرف المعابد المقلوبة! ربما …”

قلتُ ذلك ببراءة.

مدّ يوريل يده فوق النقش، ثم أداره نصف دورة. 

سُمِعَ صوت ‘طَق’ حين ثبتت.

وبدا أن الرسم المقلوب يُشعّ بهالة جليلة بشكل غريب.

ثم فُتِح الغطاء الذي نُقش عليه الرسم.

و كان بداخله رموز غريبة الشكل و الهيئة:

< ㅎ├ Y l ○ >