في طريقهم إلى أراضي ماركونتي، انضمت إلى الرحلة ثلاث الأخوات القراصنة، وديلان، وهيلي، بالإضافة إلى روز وموري. بدا وكأن زيارة أبناء أيغيل لهذه الأراضي خلال طفولتهم كانت تقليدًا غير معلن.
توزّع سبعة أشخاص، ستة من البشر ونصف حاكم، على ثلاث عربات؛ رافقت ميتيس وتيتيس روز في عربةٍ واحدة بدلًا من الزوجين، وركبت إيريس مع موري في الأخرى.
كانت روز مبتهجة للغاية لفكرة الذهاب إلى مكان غير بلوتاروس، حتى أنها بدأت تدندن بلا وعي.
‘ألم يُقال مؤخرًا إن أبناء النبلاء زاروا قصر الأميرة الثانية؟‘
سألت ميتيس روز بعدما سمعت الخبر.
“سمعت أنكِ تعرفتِ على أصدقاء جدد. هل وجدتِ من يُعجبكِ منهم؟“
“أمم…”
ترددت روز لحظة قبل أن تبتسم وتجيب.
“أصبحت قريبة من ميلياغروس. صحيح أنه مزعج قليلًا، لا يتوقف عن قول، لا تفعلي هذا، ولا تفعلي ذاك… لكنّه طيب.”
تذمرت روز من كونه ،إنسانًا كتابيًّا،، كما وصفته، لكنها لم تُخفِ ابتسامتها التي دلّت على إعجابها به.
“هكذا إذًا.”
هزّت ميتيس رأسها وأوضحت لتيتيس من هو ميلياغروس.
إنه الابن البكر لعائلة كارون النبيلة.
“اتفقنا لاحقًا أن نذهب للصيد معًا، حين نصبح بارعين في الرماية!”
برقت عينا تيتيس فور سماعها ذلك، ثم نظرت إلى ميتيس بنظرة تحمل سؤالًا صامتًا.
‘هل عائلة كارون تخطط لشيء ما؟‘
‘يُحتمل، يكفي أن تنظري لما يفعله خال ذلك الفتى.’
‘أنا لا أعرف من هو خاله، ولا ما فعله، أختي…’
‘…إنه موجود. إنسان تافه.’
واصلت الفتيات الثلاث حديثهن وسط جوٍ مليء بالألفة. وقد نظرت ميتيس وإيريس إلى روز بعينين مليئتين بالحنان، فقد رأتا ديانا وديلان من قبلها، ويبدو أن الطفلة تنمو بخير.
أما في العربة الأخرى، فقد تبادلت إيريس وموري بضع كلمات فقط قبل أن تغفو. وعندما وصلوا إلى القصر، كانت أول من نزل من العربة، مبتسمة تقول إنها حلمت حلمًا جميلًا بعد طول غياب، وشكرت موري قائلة،
“كما هو متوقع من حاكم الأحلام! أنت الأفضل!”
“الأفضل!”
بات موري شيئًا كوسادة الأحلام للجميع. كانوا يقولون إن النوم بجانبه يجلب أحلامًا طيبة ويمنح نومًا هادئًا.
وحين وصل ديلان وهيلي في آخر عربة، توجهت الأنظار نحوهما. كانت هيلي تمرر يدها على عنقها متأففة، وكأنها لم تنم جيدًا في الطريق، واستخدمت قواها المقدسة لتخفيف التعب. أما ديلان فكان صوته مسموعًا بوضوح.
“يعني، أنا حقًا لا أفهم لماذا تنامين وأنتِ مستندة إلى جدار العربة بينما كتفي هنا.”
“آه. قلت لك إني كنت خائفة أن يسيل لعابي. هل تفضل أن يصبح كتفك مبللًا؟“
“لا يهمني الصراحة…”
“لقد ارتديت ملابس أنيقة، لا أريد أن أُفسدها ببقعة لعاب.”
“كان يمكن أن تُصبح نمطًا جديدًا. موضة لشتاء سنة 683.”
“ماذا بحق…”
نظر إليه ديلان مبتسمًا بفخر لا يخلو من الوقاحة، فهزّت هيلي رأسها ضاحكة، رغم دهشتها من رده.
***
“اذهبي أنتنّ إلى الداخل! أنا سأرافق سمو الارشيدوق!”
كان واضحًا أن تيتيس تتحجج للتهرب من دخول القصر، لكن ميتيس وإيريس وافقتا دون اعتراض. فوجودها من عدمه لن يُحدث فرقًا كبيرًا.
وكانت أول وجهة سياحية لهم هي أطلال قلعة قديمة. قيل إن امرأة كانت تسكنها، انتظرت زوجها الذي خرج للحرب، وحين وصلها نبأ وفاته، أنهت حياتها بيدها. وقد كان من أبلغها بذلك هو حاكم الأحلام.
“أعرف هذا المكان. لقد زرته من قبل.”
“حقًا؟ وهل كنتَ أنت من ظهر لها في الحلم وأخبرها؟“
“نعم. ربما لم يكن عليّ فعل ذلك…”
قال موري بحرج، ثم بدأ يشرح لهم المكان. لقد بدا وكأنه مرشد سياحي بارع، ربما لأنه زار أماكن كثيرة.
وبعد بضع ساعات، عادت المجموعة إلى القصر لتناول العشاء. وبسبب الملل، بدأت تيتيس تتجول مع روز في أنحاء القصر. وهناك سألت الخادم.
“لا أرى توري. هل حدث له شيء؟“
“قال إنه مريض منذ يومين، فأرسلناه إلى المنزل.”
“ما الذي يؤلمه؟“
كان توري أحد معارف الأخوات الثلاث منذ ما قبل أن يصبحن قراصنة. كان رفيقًا لهم في مغامرات البحر، وعلاقتهم به قوية، لذلك ارتسم القلق على وجوههن.
“يبدو أنه أصيب بالحمى بعد عودته من الميناء، وكان يسعل كثيرًا.”
كان واضحًا أنه غير قادر على العمل في تلك الحالة.
قالت إيريس بخفة، وكأنها تحاول أن تخفف من القلق.
“آه، توري شاخ. زمننا في حكم البحر شتاءً قد ولّى.”
“وتظنين أن توري وحده من شاخ؟ رأيت بعض الشعيرات البيضاء في رأسك، اختي إيريس.”
“ثلثها بسبب التقدّم في السن، والثلثان بسببك أنت، تيتيس.”
“هاها! يا لك من مُداعِبة!”
رغم أنها أنكرت كونها تمزح، بدا أن تيتيس قررت تلقّي الكلام على سبيل المزاح.
***
في تلك الليلة.
ذهبا إلى الوادي الذي ظهر في حلم ديلان.
ورغم أنه زاره سابقًا، بدا عليه الارتباك وكأنه يخطو هناك لأول مرة، بينما مشت هيلي إلى جانبه بثبات وكأنها تعرف الطريق.
قال سكان القرية إن مياه ذلك الوادي، التي كانت تفيض بها ضحكات اخته التؤام وكاليستو وثلاثي القراصنة، قد تجمدت، لكن اليوم كانت المياه تتدفق.
“ترى، هل ذاب الجليد؟ النهر يجري اليوم.”
“… شكرًا لكِ. على مرافقتي إلى هنا.”
كان التيار القوي الذي جرى في الوادي، بعد جمود طويل، وكأنه يُعلن أن زمن ديلان المتوقف قد بدأ في الانسياب من جديد.
أمسك ديلان يد هيلي بإحكام، وابتسم برقة وهو ينظر إلى المشهد أمامه. رغم أن الموسم كان مختلفًا عن زيارته الأولى، فقد ظل بياض الجليد في الوادي آسرًا بشكل يخطف الأنفاس.
‘لم أكن أملك حينها الوقت لأتأمل هذا المكان كما ينبغي.’
وشعر ديلان بالامتنان.
لأنه استطاع أن يزور هذا المكان مع من يحب.
“هاه؟“
التفت نحو هيلي، لكنه تفاجأ باختفائها، بعد أن كانت قبل لحظات إلى جواره. نظر إلى يده الخالية، ثم أخذ يفتش بعينيه. كانت هيلي تتجول حول الوادي.
“هيلي؟“
“نعم؟“
استدارت إليه عند حافة الوادي المغطى بالثلج، وكانت خصلاتها الفضية تتلألأ تحت ضوء القمر، ورفّت بجفنيها تنتظر كلماته.
نظر إليها ديلان، وقال بصوت دافئ يكاد يذيب جليد الأرض كلها.
“زوجكِ… وقع في حب امرأة بشدة.”
“…زوجكِ أيضًا يشعر بالكثير من الغيرة.”
ابتسمت هيلي، مسترجعة الحديث الذي دار بينهما في بلوتاروس. ومع أنها كانت تعرف الجواب، سألت، وقد عقدت ذراعيها وضيّقت عينيها.
“ومن تكون هذه المرأة؟“
“كانت قديسة، وهي الآن مقيمة في بلوتاروس.”
عضّ ديلان على شفته السفلى يفكّر، ثم أرخى قبضته وترك الكلمات تخرج بخجل من بين شفتيه.
“هو معجب بها جدًا… يرغب في لمسها، وأن تُحبّه…”
“لا بأس أن تلامسها. لقد سألتها بنفسي، وأنا من أذنت لها بذلك.”
مدّت هيلي يدها، فاقترب ديلان من ضفة الوادي وأمسك بها.
“أتعلم ؟ زوجتكِ أيضًا… وقعت في حب شخص ما.”
“لا أعلم من هو، لكنني أغبطه. لقد نال حب زوجتي. هلّا أخبرتني باسمه؟“
“ولماذا تريد الاسم؟“
“إن اختلف اسمه عن اسمي ولو بحرف، سأذهب إليه فوراً وأنصحه بالهجرة بعيداً!”
عندما أشارت إليه هيلي بخفض رأسه، انحنى ديلان على الفور، وهمست باسمه في أذنه بصوت خافت.
“لن تحتاج إلى إقناعه بالهجرة. ليس هناك من يحمل ذلك الاسم سواك.”
ابتسم ديلان ابتسامة صافية، كمن نال هدية طالما حلم بها. رغم البخار الأبيض الذي خرج من فمه، كانت أذناه تتوهجان احمرارًا وكأنها احترقت بنار خفية.
***
بعد أسبوع، جالت هيلي أرجاء أراضي ماركونتي برفقة الرفاق في عربات يملؤها الضحك والمرح. كان ذلك آخر يوم لهم في الإقامة، وقد أصرّت روز وموري على استغلال الرحلة حتى آخر لحظة.
لكن في تلك الليلة، بينما سقط الجميع في نومٍ عميق، بقيت هيلي مستيقظة.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات