**الفصل 196**
في حقلٍ تعجّ فيه الأعشاب البرية المجهولة، تلألأ ضوءٌ أبيض نقي.
من بين الضوء، ظهر رجلٌ وامرأة.
كانا تشيشا وهيليرون، مكبلين بسلاسل العقاب.
تلاشت السلاسل برفق، واختفى الضوء المتلألئ على الأرض.
أخيرًا، كان هذا الواقع.
ربما بسبب بقائهما الطويل في المملكة الوهمية، اشعرهما الواقع بغرابة.
شعرت تشيشا بالهواء يلامس بشرتها، فاستنشقت بعمق.
ثم أطلقت صوتها بحذر:
“لقد عدنا، أليس كذلك؟”
أجابها هيليرون بإيجاز:
“على الأرجح.”
نظر كلاهما حولهما بعيونٍ غريبة لبعض الوقت.
بمشاهدة النعش الفارغ المهجور، كان من الواضح أن هذا المكان هو الغابة السوداء.
لكن الغابة لم تكن كما يمكن تخيلها.
تلاشى اللون الأسود الكئيب تمامًا.
كان المشهد المليء بالخضرة الداكنة لا يختلف عن أي غابةٍ هادئة.
بدلاً من أصوات الوحوش المشؤومة، كانت أصوات العصافير تتردد بنقاء.
تحولت الغابة إلى مكانٍ ينبض بالحياة.
لم يعد اسم “الغابة السوداء” يناسب هذا المشهد.
بينما كانت تشيشا تحدق في الغابة المورقة، فحصت جسدها.
“عادت قوتي؟”
استعادت قوتها الحيوية وقوة الجنيات التي فقدتها بالكامل.
يبدو أن الجنيات التي كانت محتجزة قد تحررت جميعها.
بما أن هيليرون كان محاصرًا في فجوة الزمن، فمن المحتمل أن الإخوة الثلاثة أو دوقة إيفرويال قد تدخلوا.
كتجربة، أنبتت تشيشا زهرةً برفق.
صنعت زنبقةً بيضاء، واستنشقت عطرها النقي.
بعد التأكد من أنها زهرة جنيات مثالية، قدمتها إلى هيليرون.
“…”
نظر هيليرون إلى الزنبقة دون أن يأخذها.
شعرت تشيشا بالحرج وهي تمد الزهرة، فأدارت عينيها، ثم قدمتها مجددًا معتذرة:
“آسفة على الكذب.”
طوى هيليرون ذراعيه ونظر إليها بنظرةٍ جانبية.
تحت نظرته الثاقبة، شعرت تشيشا بمزيدٍ من الخجل.
أخيرًا، فتح هيليرون شفتيه.
“ريتشيسيا.”
تسارع قلبها عندما نادى اسمها.
انتظرت تشيشا كلامه وهي متوترة، خائفة من التقريع على أخطائها العديدة.
لكن بدلاً من سرد أفعالها السيئة، قال هيليرون كلمةً واحدة فقط:
“لا تقدمي على الموت بتهور.”
جعلها كلامه تشعر بغرابة.
لأن هذه كانت الكلمات التي قالتها هي لهيليرون.
“أنت فريستي، هيليرون.”
“لذا لا تقدم على الموت بتهور.”
ردّ هيليرون كلماتها التي قالتها وهي تضع وشم الجنيات عليه، ومد يده ببطء.
ظنت أنه قد يضربها، فأغلقت عينيها بقوة.
لكن بدلاً من الألم، شعرت بلمسةٍ ناعمة على خدها.
فتحت تشيشا عينيها بدهشة.
عندما فتحت عينيها المستديرتين، كان يميل برأسه نحوها، ممسكًا وجنتيها.
“أوه…”
أصدرت تشيشا صوتًا أحمق بعض الشيء.
تحت رموشه الفضية الطويلة، حدقت عيناه الزرقاوان فيها مباشرة.
على الرغم من أنها كانت تستطيع الابتعاد، إلا أنها ظلت تحدق فيه في ذهول.
لامست شفتاه جبهتها في موجةٍ زرقاء.
كانت قبلةً ناعمة لكنها عميقة.
أثناء ضغط شفتيه، كانت تشيشا تحبس أنفاسها.
وعندما انتهت القبلة الطويلة أخيرًا، اخذت نفسا عميقا .
غطت جبهتها بيدها ونظرت إلى هيليرون.
“أنت، أنت…”
احمر وجهها كأنه سينفجر.
حتى دون مرآة، كانت متأكدة أنها أصبحت حمراء بالكامل.
على عكس تشيشا المرتبكة، كان هيليرون هادئًا.
“هل يعني هذا أنكِ لن تعودي إلى شكل ريتشيسيا؟ إذا كنتِ بهذا الشكل… سيكون علينا الانتظار عامين فقط حتى تصبحين بالغة.”
بعد أن حسب فترة نمو تشيشا بنفسه، سأل بنبرةٍ هادئة:
“هل ترضيكِ صفة ملكٍ مقدسٍ للإمبراطورية المقدسة؟”
“ماذا؟”
“أعني، هل ترضيكِ هذه الصفة كزوجٍ لكِ؟”
“…ماذا؟”
“أريد الزواج منكِ.”
“…ماذاا؟!”
كانت هناك أمورٌ عديدة بينها وبين هيليرون.
كان يهتم بها بشكلٍ خاص، وكانت هي أيضًا تعتبره شخصًا مميزًا.
لكن ذلك كان كل شيء.
لم تخطر ببال تشيشا فكرة الخطوة التالية.
كما لو أنه يعرف قلب تشيشا، دفعها هيليرون بجرأة.
واصل كلامه وهو لا يزال ممسكًا بوجهها:
“سأعد اقتراحًا لائقًا. سأستولي على عرش الملك المقدس أولاً، ثم أتقدم رسميًا.”
“انتظر، لحظة…”
“السبب في قولي هذا الآن…”
توقف هيليرون للحظة.
توقفت تشيشا، التي كانت على وشك الاعتراض على كلامه الجريء، أيضًا.
تشابكت أعينهما.
كالعادة، كانت عيناه تنظران إليها مباشرة.
“لأنني أتمنى ألا تتركي أحدًا بجانبك خلال هذين العامين.”
أمام تشيشا التي أُسكتت، كرر هيليرون اقتراحه.
“اجعليني زوجكِ واجعليني الأول في حياتك.”
“أعني، هيليرون…”
“هل هناك شخصٌ آخر يمكن أن يكون بجانبك غيري؟”
“ليس هذا ما أعنيه!”
أمسكت تشيشا بمعصمه.
شعرت ببرودة سوارٍ تحت يدها.
كان سوار هيليرون، سلسلة العقاب المقدسة.
شعرت ببرودة السوار وسألته:
“ألا تشعر بشيء؟”
“بماذا؟”
“بأفعالي… وكل شيء آخر…”
كانت لحظات خداعها لهيليرون لا تُحصى.
صراحةً، كانت مستعدة لتلقي ضربةٍ منه.
“لأنني أخطأت حقًا.”
في كل مرة تجاهلت فيها قلق هيليرون وهو يبحث عن ريتشيسيا، شعرت بالذنب.
كانت مستعدة حتى للتعذيب بسلسلة العقاب، لكنها لم تفهم لماذا قرر هيليرون تجاوز كل شيء.
انتظرت تشيشا إجابته بحذر.
أجاب هيليرون، كما لو أن كل همومها لا قيمة لها، دون أي تردد:
“لا يهم طالما أنكِ بجانبي.”
“إذا كان مجرد البقاء بجانبك كافيًا، فليس علينا بالضرورة الزواج…”
“أحبك.”
“…”
أُسكتها بإعلانه الهادئ، كما لو كان يتلو صلاة.
لم يكن هيليرون ليسمح لتشيشا بالهروب.
حاصرها تمامًا وثبت مشاعره كإسفين.
عندما لم تجب تشيشا، ضاقت عيناه قليلاً.
بعد صمتٍ قصير، سأل:
“ألا تحبينني؟”
“ماذا؟”
“قولي ما تريدين وسأغيره. إذا كنتِ تكرهين تمسكي الزائد…”
“ليس هذا…”
اشتعل وجه تشيشا أكثر، حتى أصبحت رقبتها حمراء.
مرّت ذكرياتها معه في ذهنها.
اللحظات التي كان يجدها فيها دائمًا.
هذه المرة أيضًا، لولا هيليرون، لما خرجت من فجوة الزمن.
وبفضله…
استجمعت تشيشا الشجاعة.
“…!”
فجأة، جذبها إليه.
احتضنها هيليرون بقوة.
هبت الرياح، فاهتزت الغابة بأكملها.
بينما كانت الأوراق والبتلات تتطاير، همس في أذنها بنبرةٍ منخفضة:
“لا تتركينني بعد الآن. ابقي بجانبي، ريتشيسيا.”
لم تستطع الإجابة بسهولة بـ”حسنًا”.
لكنها لم تستطع أن تقول “لا” أيضًا.
فكرت تشيشا في روز وكييرن اللذين افترقا.
اختيارٌ واحد قد يدمر كل شيء أو يغيره.
في الزمن المحدود، إذا أخطأت العلاقة، قد لا يلتقيا أبدًا.
اختيار تشيشا الآن سيحدد مستقبل الزمن القادم.
“في المستقبل… أتمنى أن يكون هيليرون موجودًا.”
لقد رأى هايلون كل شيء مع تشيشا في فجوة الزمن.
لذلك، ربما قرر أنه لا ينبغي أن يفقدها بعد الآن.
ترددت تشيشا طويلاً، ثم عانقته بدورها.
ونطقت بكلماتٍ قد تندم عليها لاحقًا:
“…حسنًا.”
الزواج.
خطر ببالها أن الإخوة الثلاثة، بما فيهم كييرن، سيثيرون ضجة، لكنها قالت ذلك على أي حال.
لأنها أيضًا تريد أن تكون بجانبه.
بينما تتساقط البتلات والأوراق، ظلت تشيشا في أحضان هيليرون لوقتٍ طويل.
─── ・ 。゚✧: *. ꕥ .* :✧゚. ───
اخييراا ككييوووتتتيي