كان معروفاً على نطاق واسع أن كونت باسيليان ساحر بارع، فقد تتلمذ طويلاً على يد دوقة إفرويل. لكن، منذ لحظة معينة، توقف كييرن عن استخدام السحر. بل إنه، منذ البداية، نادراً ما كان يغادر حدود الغابة السوداء الشرقية. وهكذا، أثار سِيانور سؤالاً لم يجرؤ أحد قبله على طرحه.
أدركت تشيشا وسيريا، اللتان فهمتا نوايا سِيانور، فتجمدت ملامحهما. منذ أن أصبح كييرن ساحراً أسود، لم يستخدم السحر علانية ولو مرة واحدة. وكان من الواضح أن إثارة هذا الأمر في هذه اللحظة بالذات لا يمكن أن يكون إلا لسبب واحد: لقد اكتشف الملك المقدس سر كييرن.
لكن، على عكس التوتر الذي اجتاح الآخرين، اكتفى كييرن برفع حاجبيه قليلاً وقال بنبرة متفاجئة، كأنما لم يتوقع السؤال: «لمَ يثير هذا فضولك؟» ثم أضاف، بنبرة فيها شيء من السخرية: «هل أنت مهتم بي؟»
نظر إليه سِيانور بدهشة ممتزجة بالحيرة. أما سيريا، فقد أصدرت أنيناً خافتاً وهي تغطي وجهها بيدها، متمتمة: «يا للعار، تلميذ لا يجلب إلا الفضيحة…»
شعرت تشيشا بتعاطف عميق مع كلمات سيريا. لكن سِيانور لم يتراجع، بل أصر قائلاً: «أجب على السؤال.»
عبس كييرن بوضوح، معبراً عن استيائه بصراحة: «هل يفترض بي أن أقدم عرضاً سحرياً هنا؟ أنا لست مهرجاً.» كانت إجابته خالية من أي ذرة احترام تجاه الملك المقدس.
لكن سِيانور لم يغضب. وبدلاً من ذلك، أعلن بصوت واضح: «أليس كونت باسيليان ساحراً أسود؟»
تجمدت الأجواء بإعلان الملك المقدس هذا الاتهام بالتجديف. في وسط الصمت المشحون بالتوتر، أطلق كييرن ضحكة خافتة، لم ينكر فيها الاتهام ولم يؤكده. بل اكتفى بهز كتفيه بلا مبالاة وقال: «وأنت، أيها الملك المقدس، ألم تشتهر بالشائعات التي تقول إنك أجريت تجارب على الجنيات؟ يُقال إن رئيس محققي الهرطقة ثار عليك بسبب أفعالك الشنيعة باسم الحاكم… ما رأيك في هذا؟»
كان صوت كييرن بارداً، خالياً من أي ابتسامة. تنهد سِيانور تنهيدة طويلة، ثم نظر إلى كييرن بعيون مليئة بالأسى، كأنه ينظر إلى جاهل لا يدرك إرادة الحاكم. وقال: «كنت أبحث عن وسيلة للقضاء على وحوش الغابة السوداء.»
بعد ظهور الوحوش في الإمبراطورية المقدسة، انتشرت أسرار الغابة السوداء والوحوش في القارة بأكملها. في تلك الفترة، طهرت تشيشا الوحوش بقوة الجنيات، مما جعل عائلة باسيليان تكتسب شهرة واسعة في لحظة.
أضاف سِيانور: «كنت أدرس طرق القضاء على الوحوش باستخدام تلك التي أسرناها. لا يمكننا أن نترك هذا العبء على عاتق عائلة باسيليان وحدها، فهذه مسؤولية الإمبراطورية المقدسة. أن تُعتقد أنني أجريت تجارب على الجنيات؟ هذا محض افتراء.»
توقف سِيانور للحظة، وألقى نظرة إلى الأسفل، مما جعل الصمت القصير يجذب انتباه الجميع أكثر. ثم تابع بنبرة جادة: «لكن خلال التحقيق، اكتشفت شيئاً مثيراً للريبة. ترددت في ذكره خوفاً من التشكيك في ولاء عائلة باسيليان، لكنني كملك مقدس للإمبراطورية المقدسة، أسألك: ألم تكن عائلة باسيليان هي من خلقت الوحوش؟»
أطلق كييرن ضحكة ساخرة، لكن سِيانور لم ينتهِ بعد: «ظهور الوحوش فجأة في هيلدرد، ألا يتطابق ذلك مع احتمال استدعاء عائلة باسيليان لها؟ حقيقة أن باسيليان وحدها قادرة على مواجهة الوحوش، أليست فكرة غير منطقية من الأساس؟»
حدّق سِيانور في كييرن بنظرة ثاقبة، ثم أضاف: «أنا هنا لمعاقبة الخائن هيلرون، ولإنقاذ الجنية الصغيرة من كونت باسيليان، الذي ارتكب أفعالاً تجديفية بشعة.» ثم تحولت نظرته إلى تشيشا، ومد يده نحوها بنبرة حنونة:
«تعالي إليّ، أعتذر عن التأخير، سأنقذك الآن.»
عبست تشيشا بوضوح، وهي تفكر: «ما هذا الهراء؟» كادت أن تندفع لتحطيم رأسه بفأس لو أمكنها ذلك، لكنها تماسكت. لم يكن الوقت مناسباً للتصرف بعشوائية. انتظرت رد كييرن.
لم يجب كييرن على الفور هذه المرة. اكتفى بالتحديق في سِيانور بوجه خالٍ من التعابير.
ثم، فجأة، انفجر ضاحكاً: «هاها، أهاها…» كانت ضحكة صاخبة، كأنما فقد عقله حقاً. هدأت الأجواء تحت وطأة ضحكته الحادة، ولم يجرؤ أحد على مقاطعته، بل أُخرسوا جميعاً تحت ضغط هيبته الغامضة.
«يا لها من نية بارعة، مذهل حقاً.» مسح كييرن دموعاً تجمعت في عينيه من فرط الضحك، ثم استرد أنفاسه ببطء. في تلك اللحظة، أدركت تشيشا فجأة، بإحساس مقلق، أن الظلام قد ابتلع قاعة الاحتفال بأكملها بعد أن أطفأ هايلون كل الأنوار. كان الظلام المحيط يتماوج بشكل مشؤوم.
لم يتمكن الناس من الصراخ، بل ظلوا يلهجون خوفاً أمام هذا المشهد الغريب. قال كييرن: «بما أنك تشتاق إلى رؤية ذلك، فلأُريك إياه.»
ومضت عيناه الحمراوان بلمعة مخيفة: «سحري وهو يعمل.»
ارتفعت الظلال فجأة، وتبعتها سلاسل هايلون التي تلوح بالعقاب. بينما غطت السلاسل والظلال المكان، صرخ سِيانور: «عاقبوا المهرطق! يجب قتل هؤلاء!»
صاح الإمبراطور، ووجهه شاحب من الرعب: «احموا جلالة الملك المقدس!»
أشهر فرسان الإمبراطورية سيوفهم، لكن محاولات بعضهم لطلب الدعم من الخارج باءت بالفشل، إذ لم يتمكنوا من مغادرة القاعة. النبلاء الذين حاولوا الفرار واجهوا المصير ذاته. أبواب القاعة، التي كانت تُفتح وتُغلق بسهولة، لم تتحرك، والنوافذ بدت وكأنها مسدودة بحاجز شفاف.
تمتمت سيريا، وهي ترسم دائرة سحرية بيد وتمسك تشيشا بالأخرى: «يبدو أن بيلزيون والتوأم يؤديان عملهما جيداً.» ورغم نبرتها المرحة، لم تستطع إخفاء تعقيد مشاعرها.
شعرت تشيشا بالمثل: «إذا استمر هذا، سيُوسم باسيليان وهيلرون بالخيانة.» حتى لو قتلوا الملك المقدس هنا، فإن ما سيتبع ذلك هو المشكلة. سيُطاردون كمجرمين في القارة بأكملها.
بينما كانت سيريا تصد هجمات الفرسان، فكرت تشيشا بسرعة: «ألا توجد طريقة جيدة؟»
في هذه الأثناء، تقدمت المعركة بثبات. على الرغم من أن كييرن وهيلرون كانا وحدهما، إلا أن عشرات الكهنة والفرسان كانوا يتراجعون أمامهما. فكرت تشيشا: «هذا غريب.» كان من الواضح أن الملك المقدس يعلم أنه لا يمكنه مواجهتهما بالقوة، فلماذا أثار حرباً شاملة؟ «لا بد أن هناك شيئاً آخر.»
لم يكن سِيانور ليندفع إلى معركة خاسرة، حتى لو كان موته سيلوث سمعة كييرن وهيلرون. فهدفه، في النهاية، هو الخلود.
فجأة، خطرت فكرة لتشيشا. في تلك اللحظة، شعرت بطاقة غريبة ومألوفة في آن. رفعت عينيها إلى السماء. من السماء المظلمة، تسرب صوت مخيف، صوت يثير الرعب البدائي في النفوس. مع هدير كالرعد، انشقت السماء، ومن الشق الأسود بدأت كائنات سوداء تتدفق.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات