طوال مشاهدتها لذكريات الماضي المتروكة في الفضاء الأبيض، تمنّت تشيشا بحرقةٍ أن تستطيع تغيير ما مضى.
كانت تعلم جيدًا أن الزمن الغابر لا يمكن استرجاعه، لكنها كررت المحاولات العقيمة رغم ذلك. شهدت لحظاتٍ مروعة، لكن الذكريات المتبقية لم تنتهِ عند هذا الحد.
رأت تشيشا أيضًا ما أسماه الملك المقدس سيانوغ “التعليم” الذي فرضه على هايلوغ.
كان ما يُسمى بالتعليم في الأصل هو حقن القوة المقدسة بالإكراه. كان السبب وراء شعور ريميل بقوة الجنبة هو دفع القوة المقدسة إلى ما يتجاوز الحدود، مع مزجها بقوة بني جنسها لمنع انهيار الجسد.
لكن هيلرون كان يمتلك موهبةً تفوق الجميع. بعد أن ابتلع القوة المقدسة للملك المقدس، بلغ ذروة الكمال، فلم يعد من الممكن دفع المزيد من القوة المقدسة عبر النقوش.
سيانوغ، الذي فقد قوته المقدسة، وشباب ذراعيه وجسده، لم يغفر لهيلرون أبدًا. لكنه، كونه أعظم فرسان القداسة في تاريخ هيلديرد، لم يكن من السهل التخلص منه. لذا قرر تعليمه بطريقةٍ أخرى: الزمن اللانهائي.
في أثناء التجارب، اكتشف بالصدفة فضاءً مشوًّا خلقته قوة النقوش، حيث تتحول ثانية واحدة إلى يوم كامل. بعد بضعة أيام من الحبس، يشعر المرء كما لو مرت مئات السنين.
لم يحتفظ أحد بثقته بعد هذا “التعليم”، إلا هيلرون وحده.
كان هيلرون هادئًا بشكلٍ غريب. تقبل التعليم بلا مبالاة، وظل سليمًا حتى بعد أسبوع من الحبس، ليخرج من الفضاء الأبيض كما لو لم يحدث شيء. لكن، رغم هدوئه الظاهري، لاحظت تشيشا وحدها كيف كانت عيناه الزرقاوان تتآكلان تدريجيًا.
بينما كانت تشاهد كيف يُعذّب على يدي الملك المقدس، فكرت: “أعتقد أنني أعرف لماذا أُريتُ هذه الذكريات.”
كانت النقوش تُظهر ذكرياتٍ مرتبطة بهيلرون ، كأنها تريد من تشيشا أن تُكوّن ضغينة ضد الإمبراطورية المقدسة وتنتقم.
تاج ملكة الجنيات، الجنية التي قابلتها قبل قدومها إلى الإمبراطورية، والوحوش المحبوسة تحت الأرض، كل شيء يتعلق بالجنيات كان يتجمع حول تشيشا، كما لو كانت هي ملكة الجنيات بالفعل.
“…”
عندما انتهت الذكريات التي كشفتها النقوش، عادت تشيشا إلى الفضاء الأصلي. تفحصت المكان ببطء. كان الفضاء الأبيض كما هو، باستثناء النقوش التي عادت إلى لونها الأزرق الخالص بعد أن كانت حوافها قرمزية.
كانت تشيشا مُحتضنة بقوة في أحضان ريميل، الذي لم يكن قد استيقظ بعد. كان يرتجف ويئن، كما لو محاصر في كابوسٍ مروع.
تلمست وجهها. كان مبللاً بالدموع. مسحت الرطوبة بظهر يدها كأن شيئًا لم يكن، ثم صفعت ريميل على خده. استيقظ ريميل، يُلهث كمن خرج لتوه من أعماق الماء.
“هاه, آه…”
كان صدره الصغير يعلو ويهبط بسرعة. ريميل، المبلل بالعرق البارد، أمسك تشيشا بقوة في أحضانه، ثم، كمن استعاد وعيه، أفلتها بسرعة.
“السيدة تشيشا…؟”
من نظراته المضطربة، بدا أنه رأى أيضًا ما تعرض له هايلوغ. انتظرت تشيشا حتى يهدأ قليلاً قبل أن تتحدث.
“أنتَ رأيتها أيضًا؟”
“…نعم.”
“إذا استمريت هكذا, سيكون خطرًا.”
“لكن…”
أمسكت تشيشا بيد ريميل المترددة بقوة. في لحظة، ازدهرت عشرات الزهور، محيطةً بهما. عندما انفتحت الرؤية المحجوبة بالزهور، كان الصبي والطفلة قد وصلا إلى الحديقة. حذرت تشيشا ريميل، الذي تجمد من المفاجأة.
“لا تتمادَ. إذا أردتَ ألا تموت.”
كان جسد ريميل قد بلغ حدّه. لو دُفعت إليه قوة مقدسة أكثر، قد يموت فعلاً. تركته تحت شجرة ضخمة، واستجمعت تشيشا قوتها مجددًا. كان عليها أن تلتقي بشخصٍ الآن.
“السيدة تشيشا!”
صاح ريميل بلهفة. كان صوته واضحًا بشكلٍ لا يُصدق، بعيدًا عن تمتماته المعتادة.
محاطة بالزهور، طافت تشيشا في الهواء، ناظرةً إلى ريميل.
“أنا… ماذا يجب أن أفعل من الآن فصاعدًا؟”
كان وجهه يائسًا، مملوءًا بثقةٍ مطلقة، كأنه مستعد للموت إذا أمرته. لكن تشيشا لم تأمره بفعل شيئ.
“افعل ما يحلو لك.”
“أنا… لكن…”
قبل أن تختفي بين الزهور، تركت له كلماتها الأخيرة:
“أنت قادر على ذلك.”
ثم اختفت تمامًا. مدّ ريميل يده، لكن أصابعه لمست بتلات الزهور فقط، التي سرعان ما تحللت إلى نور وتناثرت.
“…”
أخفض يده ببطء. نظر إلى يده بعينين شاردتين، ثم شعر فجأة بالألم وانتفض. كانت دماء تنزف من شفتيه الممزقة، نتيجة قضمه لهما دون وعي. رأى ريميل الذكريات أيضًا، ولكن كان هناك اختلاف واحد.
“…آه.”
انفجر صوت قصير من فمه. أثناء استذكاره، راودته فكرة سيئة دون قصد. أغمض عينيه، وبادر إلى الاستغفار، لكن ذلك لم يجدِ نفعًا. الفكرة، بمجرد أن خطرت، استقرت في ذهنه كوشمٍ لا يُمحى.
“ماذا أفعل…”
تمتم الصبي بحزن. أدرك ريميل أنه قد أصبح يطمع في ما لا يستطيع تحقيقه.
—
انفجر بكاؤها لحظة رؤيتها هيلرون. حاولت جاهدة ألا تبكي، لكن الدموع انهمرت كما لو أن أحًا ضغط زر البكاء. بينما كانت تبكي وتلعنه بالغبي والأحمق، كان هيلرون يهدئها بلطف، بل ويعتذر كأنه المذنب.
“بووو، يا صغيرتي، لا تبكي!”
“انظري إلى هذا، يا صغيرتي، زهرة جميلة حقًا!”
“وهذا نفل رباعي الأوراق!”
بينما كان هيلرون يحتضن تشيشا ويُربت عليها، تجمع الفرسان المقدّسون جميعًا حولها.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات