رسالتان. 

 

“حقًا، أنتِ غريبة لأنك تُقدّرين ذلك الوغد. لوسي أوهان، هل تظنين أنّ هكذا تعلق لا مشكلة فيه؟”

 

لستُ أوهان بعد الآن.

 

عندما يملُّ داميان، يلتصق دومًا بالقلاع التي هجرتها.

 

“لن أتجاوز هذا الأمر هذه المرة.”

 

“…….”

 

“العقوبة سنفكر فيها لاحقًا.”

 

كان رافين مخطئًا بلا شك، لكن بعد رحلة طويلة، لم يكن هناك أي كلمة شكر أو تقدير مثل: أحسنت، عمل جيد.

 

“تقرير نفقات الرحلة يجب أن يُدوّن كل بند فيه ويُقدّم دون نقص.”

 

“لدي سؤال أيضًا.”

 

يجب أن أقول شيئًا.

 

“ما هو؟”

 

“كم عدد الذين تمّ فصلهم؟”

 

ارتعش كتف داميان عند سؤالي.

 

علمتُ أنّ العدد تجاوز الخمسة بكثير.

 

ويقال إنّ اثنين منهم فُصلا لمجرد استقبال ضيف نبيل متكبر داخل النقابة.

 

قد يكون السبب أنّهما أهانوا الزائر، وأفسدا كل الأعمال وحدهما، بينما تم توبيخ الأعضاء فقط.

داميان منذ البداية كان شخصًا غير طبيعي.

 

“رافين، اخرج.”

 

أشار بيده نحو رافين البريء.

 

“لا.”

 

“إذا بقيت، فسأحاسب لوسي أوهان على ذلك.”

 

لا يعرف إلى من ستتجه سهام الغضب الآن.

 

“لن تموتي بسلام.”

 

“أنا أعلم، اخرج الآن.”

 

كان من حسن حظّي أنّه عرف.

 

“تسّك.”

 

صدر عن رافين صوت تنفّس ساخر ثم حول نظره.

 

“لوسي، سأنتظرك في الخارج.”

 

وعلى العكس، أظهر لي ابتسامة لطيفة قبل أن يغادر.

 

“…….”

 

أصبحنا وحدنا أنا وداميان في المكتبة الآن.

 

وضع العقد على الطاولة ثم شَبك يديه.

 

“هناك سبب لكل فصل.”

 

“سأسأل آني.”

 

“……حدث أمر أكبر من ذلك.”

 

“هل هناك شيء تحاول تجنّبه؟”

 

“لا أمزح. أثناء رحلتكم الممتعة، وصلتني رسائل.”

 

أشار داميان، الماكر في الإفلات، إلى كومة من المظاريف على طرف الطاولة.

يبدو أنّ معظمها لم يُفتح بعد، فقد بقيت الأختام سليمة.

 

【السيدة كاردينغ】

 

كانت مرسلة الرسالة غالبًا السيدة كاردينغ.

 

‘من المؤكد أنّها لتسريع الزواج.’

 

هذا يفسّر سبب تدهور مزاج داميان خلال خمسة عشر يومًا…

 

“إذًا، سيصبح زواجًا مدبّرًا!”

 

“لا.”

 

رمقني بنظرة ثم قلب كومة المظاريف.

 

“ليس الرسائل المرسلة من والدتك… ها هي. 

اقرأيها.”

 

مدّ داميان مظروفًا جلديًا داكن اللون نحوي.

 

“من عائلة تولدا.”

 

توقفتُ عن محاولة أخذ الرسالة.

 

“……هل هي العائلة تولدا التي أعرفها؟”

 

“هل نشأت عائلة تولدا جديدة دون علمي؟”

 

مستحيل.

 

‘لماذا تولدا……؟’

 

لم أفتح المظروف فورًا، بل تأملته بهدوء.

 

في أول يوم للرحلة، صادفت فرسان تولدا في مطعم القرية.

فوجئتُ، لكني تصرّفت بدهاء.

 

استخدمتُ تمويهًا سحريًا وأطلقتُ إشاعة عن علاقتي برافين لإرباكهم.

ومع ذلك، هل اكتشفوا الأمر؟

 

“…….”

 

حرّكت أصابعها المتيبسة لفك الختم.

الورق الخشن كان مطويًا بعناية، وعند فتح الرسالة، ظهرت تحية رسمية غير متوقعة.

 

قرأتُ الجمل التالية واحدة تلو الأخرى بعناية.

 

“……هل هذه حقًا رسالة من تولدا؟”

 

أومأ داميان برأسه.

 

كانت محتويات الرسالة بسيطة.

أرادوا التعامل مع نقابة بيندون، وقالوا إنّهم سيأتون قريبًا لإتمام الصفقة.

 

“الوضع في الإمبراطورية مضطرب.”

 

جلس مستويًا وقال:

“سمعت أنّ أحد ذوي القوى السحرية القوية تنبأ بكارثة. الإمبراطورية ستواجه خطرًا كبيرًا.”

 

“…….”

 

“عرضت بعض العائلات علينا صفقات استعدادًا لتلك الكارثة. ومن المؤكد أنّ تولدا يفعل الشيء نفسه.”

 

تلك النبوءة المشؤومة… ما معناها الآن؟

 

『لوسي، هذا بالتأكيد نذير.』

 

هل يقصد تريتون تحذير الموجة؟

 

“قالوا لي أن أخبرك بالموعد الذي يناسبني.”

 

“هل حدّدتم موعد اللقاء؟”

 

“ليس بعد.”

 

“وهل تفكرون في رفض اللقاء؟”

 

“تولدا تختلف عن بقية الصغار الذين جاءوا سابقًا.”

 

أصبح وجه داميان قاتمًا.

 

“لو رفضنا اللقاء من البداية، لكان الوضع صعبًا.”

 

كان كلامه صحيحًا.

‘هنا، المهارة أهم من المال.’

 

لا يهم كم يملك المرء من مال، فإنّ الأسرة التي تظهر قدرات فائقة في السحر أو المانا أو القوة، تتفوق دائمًا.

تأثير أسرة أوهان في السحر هو مثال على ذلك.

 

لا تزال عائلة تولدا قوية، لكنها لم تصل بعد لمستوى أوهان، ومع ذلك تغلّبت على عائلة هانسللاك ونمت قوتها.

 

إذا رفضوا اللقاء، فستكون هناك عواقب.

 

“عندما تأتي عائلة تولدا، سأرسل رافين في رحلة بعيدة غربيًا بذريعة العقوبة.”

 

“……فكرة ممتازة.”

 

تذكرتُ سلوكه الغريب عند لقاء فارس تولدا الأخير.

 

“وما زال هناك المزيد.”

 

قدّم داميان رسالة أخرى.

 

“هذه من برج السحر.”

 

“……برج السحر الذي أعرفه؟”

 

“كما مع تولدا، يبدو أنّه ظهر برج سحر جديد دون علمي.”

 

لو لم يكن كذلك، لقالها مباشرة دون سخرية.

 

‘تولدا ثم برج السحر.’

 

أهم مؤسسة في الإمبراطورية ورمز السحرة.

لا يمكن لأي عائلة التعامل معها بخشونة.

والآن، يوجد العديد من مواهب أسرة أوهان في البرج.

 

لم أتردد، وأخذت الرسالة لأقرأها.

 

【إليك،

 

لقد سمعت كثيرًا عنك.

البرج الشمالي يبحث عن سحرة أكفاء مثلك.

عند قراءة هذه الرسالة، أرسل الرد إلى العنوان المكتوب على المظروف.

 

إذا أمكن، أرسل معها ماناك.

سوف ننتظر.

 

البرج الشمالي】

 

“لا بد أنّ أحدهم تحدّث عن رافين، ووصلت الأخبار إلى البرج. لقد أتمّ رافين مهمات عديدة، فلا غرابة أن تنتشر الشائعات.”

 

“…….”

 

“إذا تعثرت الأمور مع تولدا، سأرسل رافين للبرج. بغض النظر عن إرادته. تعرفين السبب، أليس كذلك؟”

 

“أعرف أكثر منك أيها القائد.”

 

حتى لو كانت تولدا قوية، وجود رافين في البرج الشمالي يعني أنّه لن يتعرض للأذى.

والبرج الشمالي من أقوى الأربعة، مما يزيد الأمان.

كما أنّه مشهور بالاعتماد على الكفاءة فقط.

 

إذا ذهب رافين، سيُعترف بسرعة بمواهبه ويصبح قائد البرج ويحظى بالاحترام بين السحرة.

 

“الأولوية الآن ليست برج السحر، بل تولدا.”

 

مسك داميان صدغه.

 

“سنحدّد موعد اللقاء، لكن بصراحة، لستُ واثقًا أنّني سأتمكّن من الانحناء أمامهم.”

 

صحيح، داميان يشبه النمر، وتولدا أشدّ منه.

‘أستطيع رسم الصورة الآن.’

 

في الفوضى، لن يتمكّن داميان من كبح كلامه أمام تولدا، وسيصبح هدفًا.

 

“أودّ أن تكوني معي عند الحديث مع تولدا.”

 

حتى داميان الشرس تبدو عائلة تولدا صعبة بالنسبة له، فاحمرّت وجهه.

 

“إن رفضتِ، يمكنكِ الرفض.”

 

“لا.”

 

أجبت بحزم.

 

“أريد أن أرى وجوه من سرقوا عائلة رافين.”

 

ارتجفت أطراف أصابع رافين.

 

التقينا فرسان تولدا، لكنهم لم يكونوا سوى صغار، ومع ذلك لم يستطع رافين استخدام سيفه من الرهبة.

 

“وبالنسبة لبرج السحر، سأحدث رافين بعد أن تنتهي مسائل تولدا.”

 

أخذت الرسالة بهدوء.

 

“قد يرغب رافين في الذهاب، لن نمنعه بالقوة.”

 

“لا داعي لإجبار من لا يستمع.”

 

شعرت بالارتياح من هذه الإجابة.

 

“شكرًا، أيها القائد.”

 

حول داميان نظره إليّ.

 

“لقد فكّرتِ في رافين.”

 

حتى لو كانت تولدا عنيفة، فهي عائلة معروفة.

نجاح الصفقة سيزيد شهرة ونفوذ نقابة بيندون بشكل كبير.

ومع ذلك، أجل داميان الصفقة بسبب رافين.

 

“لم أرفض بسببه، لكن التعامل مع عائلة قوية مثل تولدا صعب.”

 

“لكن، مع ذلك…”

 

أليس من الصواب التفكير في الأمر؟

 

“إذا واجهك أي صعوبة مستقبلًا، أخبرني. سأساعدك بالتأكيد.”

 

كما يحب داميان: ‘العمل بلا أجر’!

 

“إذا سارت الأمور على ما يرام، أخبرني حينها.”

 

“حينها سأكون أكثر امتنانًا.”

 

“…….”

 

“لذا سأكون شاكرة لك الآن أيضًا.”