منذ لقائهما الأول في حفلة الشاي التي أقامتها أرتيزيا عندما كانا في الثامنة، سنحت لليسا بعض الفرص لرؤية لورانس بين الحين والآخر.
وكان من المدهش أن يزور منزل دوق إيفرون بهذا الانتظام، رغم بروده تجاه أرتيزيا.
لم يكن يأتي ليتبادل الأحاديث الودية معها أو ليلعب كأخٍ مع أخته؛ بل كانت أرتيزيا من تبادر بالكلام دومًا، بينما كان هو يستمع بصمت.
كان من الواضح أن سيدريك لا يطيقه، لكنه لم يمنعه من الزيارة، بل أحيانًا كان ينضم إليهما في الجلوس.
وبفضول الطفلة، سألت ليسيا سيدريك ذات مرة عن السبب، فأجابها بابتسامة باهتة:
[في النهاية، هو فرد من عائلة تيا. لا يمكنني فقط قطع علاقتي به، أليس كذلك؟]
تأملت ليسيا هذا الجواب كثيرًا بعقلها الصغير. كانت تشعر أنه من المفترض أن تكرهه لأن سيدريك يفعل، لكنها في الوقت ذاته كانت ترى السعادة بادية على وجه أرتيزيا كلما رأته، ففكرت أن تحبه ربما، مثلها.
لكن بعيدًا عن تلك الحيرة، كانت ليسيا فعلًا سعيدة برؤيته. وفي كل مرة يزور فيها المنزل، كانت تبقى بجوار أرتيزيا.
كان لورانس وكأنه يحمل الشمس معه، يسطع بها أينما حلّ. ومشاهدة عبوسه أو تعبيراته الباردة كان يؤلمها. كانت تتمنى فقط أن تراه يبتسم.
وعندما كانت تسمع أنه سيزورهم في اليوم التالي، كانت تشعر بالحماسة من الليلة التي تسبقها، ولا تنام من شدة الترقب.
كان أول شخص في حياتها تتمنى أن يراها بنظرة جميلة. وكانت تغار من أرتيزيا لأنها شقيقته.
كما أنها فهمت حينها لماذا تتمنى أرتيزيا أن تكبر بسرعة. فقد شعرت ليسيا أيضًا بذلك. لو كانت أكبر بسنة أو سنتين، ربما تمكنت من الاقتراب منه أكثر. وهزّت رأسها بتفهم، وكأنها تدرك الآن تمامًا ما تشعر به أرتيزيا.
لكن لورانس… لم يكن لطيفًا معها يومًا.
[يا فتاة القرية.]
في أحد اللقاءات التي لم يكن فيها سيدريك أو أرتيزيا، قال لها ذلك ببرود.
ضربتها كلماته كصفعة. لطالما شكت في أنه يحتقرها، لكنه لم يُظهر ذلك صراحة من قبل.
وكانت نظرته وقتها، والممتلئة بالاشمئزاز، كأنها سهم في قلبها.
كانت تعرف أنه لا يحبها، لكنها لم تتخيل أن يحتقرها بهذا الشكل الصريح.
وقد تلقت كلمات قاسية من ابن عمها العنيف أكثر من مرة، لكنها لم تؤلمها كما فعلت كلمات لورانس. فابن عمها لم تكن تكن له الاحترام أساسًا، أما لورانس، فقد كان يشعّ بهالة من النقاء والجاذبية، ولهذا كان احتقاره جرحًا عميقًا.
صرخت ليسيا في وجهه، لكنه ضحك ضحكة ساخرة كأنها قالت شيئًا تافهًا.
ومع أن ما قاله كان جارحًا، إلا أن قلبها اعترف بأنه أصابها، فاحمرّ وجهها خجلًا.
في تلك اللحظة، ظهرت أرتيزيا وأنهت المحادثة. لكنها لم تكن المرة الأخيرة التي تُترك فيها ليسيا وحدها معه.
في إحدى المرات في الحديقة، دهس لورانس طوق شعر كانت قد أسقطته. ومهما ترجّته أن يرفع قدمه، لم يستجب.
حاولت ليسيا رفع قدمه بالإمساك بكاحله، لكنه كان أكبر منها بكثير، ولم تتمكن من زحزحته.
[إنه شيء عزيز عليّ. أرجوك، أعده لي.]
[قلت لك خذيه.]
[أنت تدوس عليه. أرجوك، ابتعد قليلاً.]
لكن لورانس لم يجب. لم تستطع ليسيا فهم ما يريده. شعرت بالإحباط والحزن، وبدأت دموعها تتجمع في عينيها.
نظر إليها طويلًا، ثم ضغط بقدمه أكثر على الطوق حتى حطّمه.
وبعد تكرار هذه المواقف، اختفى شعورها الطفولي بالإعجاب تمامًا. دفنت مشاعرها بصمت، ولم تجرؤ على البوح بها لأرتيزيا. وبدأت تفهم لماذا يكره سيدريك لورانس، ومع ذلك لا يقطع علاقته به.
[إنه شخص سيء.]
همست بذلك لنفسها مرارًا، وهي تحت الغطاء في الليل. وكان هذا أول حزن حقيقي في حياتها، ومع ذلك… لم تستطع أن تشتكي لأحد.
لكن، في العام الماضي، تغيّر سلوك لورانس.
حاولت ليسيا تجنبه، لكنها اضطرت أحيانًا إلى لقائه في حفلات الشاي أو أعياد الميلاد.
كانت تكتفي بإلقاء تحية باردة، ولورانس كان يتركها وشأنها.
لكن شيئًا ما تغيّر.
بدأ فجأة يتعامل معها بلطف. يحييها بابتسامة، ويحادثها بأدب، بل ويظهر اهتمامًا.
تمامًا مثل الآن.
“ما الذي تفعلينه هنا؟”
سألها بصوت هادئ. ترددت ليسيا وأجابت دون أن ترفع رأسها:
“لقد دعَتني الآنسة سوارو.”
“آه، نسيت أن إيغور لديه أخت.”
بدأ الأولاد من حوله يتحدثون، بنبرة لم تكن فظة لكنها لم تكن محترمة أيضًا.
“أهي هي؟ أختك؟”
“إنها لطيفة.”
“كم عمرها؟”
لم تكن ليسيا خائفة منهم. في الحقيقة، كانت تخاف من لورانس أكثر من أي أحد.
“لستُ أخت لورانس. أنا ليسيا مورتين، رفيقة أرتيزيا روزان. عمري ثلاثة عشر عامًا.”
“آه، فهمت.”
“فوجئت حين بادر لورانس بتحية فتاة.”
“أنا إيغور سوارو. التقينا من قبل، أليس كذلك؟”
حين رأت وجهًا مألوفًا، شعرت ليسيا ببعض الارتياح، وابتسمت بخفة:
“نعم، رأيتك عندما زرتنا في المرة السابقة.”
“سعيد بقدومك. استمتعي.”
وحين تحدث إيغور بلطف، قاطعه لورانس بنبرة ضيق:
“إلى متى ستبقون واقفين؟ وكأنكم تشاهدون عرضًا؟”
“أليس عرضًا بالفعل؟ أنت من بادر بتحية فتاة.”
تمتم أحدهم، فيما شعرت ليسيا فقط برغبة في الانسحاب.
لورانس لا يزال يحدّق بها، ولو حرّكت رأسها قليلاً، قد يلتقي نظره بعينيها.
“سأراك لاحقًا. اذهبي الآن.”
قالها لورانس. فارتجفت ليسيا. لاحقًا؟ مع أنها كلمات مجاملة، إلا أنها شعرت وكأنها تهديد.
خفضت نظرها أكثر، وألقت تحية سريعة ومتوترة، ثم لحقت بالبتلر في طريقها إلى حفلة الشاي.
راقب لورانس ظهرها وهي تبتعد، وهو ينقر لسانه بضيق.
“ما الأمر؟” سأل إيغور. لم يكن غريبًا على لورانس أن يغضب فجأة، لكن هذه المرة لم يفهم السبب.
هل من أجل تلك الفتاة؟ تساءل إيغور في نفسه بحيرة.
لكن لورانس لم يجب. بدأ يمشي بسرعة.
“هيه، لورانس! انتظر!”
ركض الأولاد خلفه، بينما مسح لورانس وجهه بكفّه في ضيق.
‘عاملتك بلطف، فلماذا تنظرين لي بتلك النظرة الباردة؟’
كان منزعجًا… بشدة.
م.م: ممكن لأنك نكدي و حيوان و سيدريك بدو يتخلص منك وأنا كمان، و بعد عن ليسيا أحسن، انتا ما تستاهلها.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 52"