1
الفصل الأوّل
أؤكِّدُ لك أنّني خادمةٌ من الدرجة الممتازة (A)، لا أتقاعسُ عن أيّ عملٍ يُوكَل إليّ، بل أؤدّيه بإخلاصٍ وتفانٍ تامّ.
ولأنّني متواضعةٌ بطبعي، فلن أقول إنّني من الدرجة (S)، لكنّ الصراحة تقتضي الاعتراف بأنّني أستحقّها عن جدارة.
طوالَ الأشهر الثلاثة التي قضيتُها في قصرِ الكونت ريتشموند، لم أرَ خادمةً واحدة تعملُ بجدٍّ واجتهادٍ مثلي.
“عالمُ نابولي… شيءٌ ما.”
ذلك هو العالَم الذي وجدتُ نفسي مندمجةً فيه.
الاسمُ الكامل نسيته، لكنّه كان يبدو لذيذًا كاسمِ طبقٍ إيطالي، ربّما لهذا السبب لم يعلق بذهني.
هل كان عالَمًا خياليًّا؟ لو كان كذلك، لظهرت في شاشتي حالةٌ تقول إنّني “خادمةٌ من الدرجة SSSSS”، لكنّ هذا لم يحدث.
على أيّ حال، أفهم أنّني متجسّدٍة في عالمٍ داخل روايةٍ، وليس في الواقع، لذا من الطبيعيّ أن تختلف بعضُ الأمور.
لكنّ قصر الكونت بالذات يختلف أكثر من غيره، فهنا… تختفي الخادمات باستمرار.
ولا الخادمات فقط، بل الخدم أيضًا.
خذوا مثلًا ما حدث مع “إيمي”.
قبل ثلاثة أسابيع تقريبًا، خرجتُ من غرفتي بعد إطفاءِ الأنوار، لأنّ الجوعَ كان ينهشني.
فأنا أعملُ منذ الفجر حتى المساء، ووجبةُ العشاء وحدها لا تكفي.
كنتُ في طريقي إلى المطبخ أبحثُ عن شيءٍ آكله، وفجأةً التقيتُ بإيمي في الممرّ المظلم.
كانت بخيرٍ تلك الليلة.
لم تظهر عليها علاماتُ حُمّى أو مرضٍ مفاجئ.
قالت لي بابتسامتها المعتادة:
“هل تحتاجين شيئًا يا لينا؟”
رافقتني إلى المطبخ، ثمّ… اختفت.
اختفت تمامًا!
ومنذ اليوم التالي، لم أرَها مجددًا في القصر.
سألتُ مدبّرةَ الخدم فقالت:
“إيمي في إجازةٍ مرضيّة.”
إجازةٌ مفاجئة؟ غريبٌ جدًّا.
هل كان السبب تلك الدودةُ العملاقة التي رأيناها في الممرّ تلك الليلة؟
لكنّني أنا التي تخلّصتُ منها!
ربّما أصيبت إيمي بصدمةٍ نفسيّة من ذلك المشهد.
وأريد أن أوضح أنّني لستُ من النوع الذي يتذمّر لأنّ زميلتها أخذتْ إجازة.
فمن الطبيعيّ أن يستريح المريض، وهذا حقٌّ إنسانيّ.
لكنّ المشكلة أنّ العاملين هنا يأخذون الإجازات كثيرًا، وكأنّهم يتسابقون على الغياب!
أمّا أنا، فلم أتغيّب يومًا واحدًا.
أنهضُ قبل الفجر، أؤدّي كلّ ما يُطلب منّي بدقّة، وأكمل يومي بجدٍّ لا يُضاهى.
لهذا أستحقّ تمامًا لقب “الخادمة الممتازة”.
غير أنّ ما يحدث الآن… لا أفهمه.
قال لي الكونت ريتشموند بنفسه:
“لقد فزتِ يا لينا.”
“ماذا؟”
“يمكنكِ المغادرة، أنتِ حرّة.”
حدّقتُ به بدهشة.
الكونت رينُكس ريتشموند، صاحبُ الوجهِ الملاكِيّ الجميل، وسيدي الذي أعملُ لديه، كان يقول كلامًا غير معقول!
“لم أرَ خادمةً مثلكِ من قبل. ربما أنتِ الأولى في تاريخِ بيتِ ريتشموند.”
أهذا جنون؟
هل نسيَ كلَّ ما فعلتُه لأجل هذا القصر؟
هناك مثلٌ يقول: “عندما ينتهي الصيد، يُطبَخ كلبُ الصيد.”
وهكذا أشعرُ الآن.
يا سيّدي! القصرُ ظلّ نظيفًا ومتألّقًا بفضلي، فكيف تطرد خادمةً مثلي؟
إنّ غيابي سيجعل كلّ شيءٍ ينهار!
تدفّقت في ذهني صورُ أيّامي الطويلة وأنا أعملُ وحيدةً لأنّ الجميع في إجازةٍ.
شعرتُ بمرارةٍ في صدري، وبدموعٍ على وشكِ الانهمار.
لم أكنْ قد ادّخرتُ ما يكفي لشراء بيتٍ صغيرٍ بعد.
كنتُ أنوي البقاء هنا حتى أجمع المبلغ اللازم.
أما الآن، فسأنتهي مفلسةً مشردة.
قال لي الكونت بصوتٍ هادئ:
“يمكنكِ أن تفخري بنفسكِ. لكن عليكِ أن تُخفي إلى الأبد أنّكِ عملتِ في قصر ريتشموند.”
رغم الصدمة، استجمعتُ قواي.
أنا فتاةٌ تتكيّف بسرعة، بدليل أنّني تكيّفتُ مع هذا العالم الجديد وأصبحتُ خادمةً من الدرجة الممتازة خلال وقتٍ قصير.
لذا، لم أستسلم.
صرختُ بصدقٍ هذه المرّة:
“لاااا! لا تطردني من هنا!”
“لينا؟”
“أرجوك لا تفعل! لا أريد المغادرة!”
تعلّقتُ بثوبه بكلّ قوّتي.
“لماذا؟”
“أيّ خادمةٍ تعمل مثلي؟ اسأل مدبّرة الخدم والقيّم على القصر! لم أتقاعس يومًا!”
ثمّ بدأتُ أبكي بصوتٍ عالٍ، عمدًا.
أردتُ من الجميع في الغرفة أن يسمعوني — من مدبّرة الخدم إلى القيّم الذي يقف هناك بوجهٍ جامدٍ كتمثال.
لكن لا أحد تحرّك أو تكلّم.
كم هو مؤلمٌ هذا البرود.
وفجأة، أمسك الكونت بذراعي برفقٍ، وانحنى أمامي.
كانت عيناه البنفسجيتان تتلألآن بنورٍ غريب.
“أنتِ حرّة يا لينا. أعدكِ، لن أؤذيكِ، ولن يلمسكِ أحد. فقط اخرجي من هنا بسلام. لم يحدث مثلُ هذا من قبل. إنّه حظٌّ فريدٌ من نوعه، أفهمتِ؟”
“كيف يكون هذا حظًّا؟”
“ماذا؟”
“لقد فقدتُ عملي للتوّ! كيف يُمكن أن يكون ذلك حظًّا؟ كنتُ أعتمد على راتبي الشهريّ، بل إنّني اشتريتُ فستانًا جديدًا بالتقسيط!”
ثمّ نظرتُ إليه بثبات وقلتُ بحزم:
“لن أخرج! لا تطردني! أريد أن أبقى معك إلى الأبد!”
أيعرف كم من القصور تستعبد الخادمات بلا أجر؟
بينما قصر ريتشموند كان جنّةً بالمقارنة.
لقد جئتُ إلى هذا العالم فجأة، بلا مالٍ ولا عائلة، لذا لا بدّ أن أتمسّك بهذه الوظيفة.
“من فضلك، تحمّلْ مسؤوليتي!”
“أنتِ… ما الذي تقولينه؟”
كان وجهه يزداد احمرارًا.
حتى أذناه صارتا كحباتِ الطماطم.
‘يا إلهي، يبدو كطماطم ناضجة.’
وفجأة تذكّرتُ.
الاسم الكامل لعالَم الرواية التي اندمجتُ فيها هو:
“نابوليتان سباغيتي.”
عالمُ سباغيتي… يا للعجب.
* * *
في غرفةٍ صغيرةٍ كعلبة، بالكاد تصلُ ذراعاي إلى الجدران حين أتمطّى.
جلستُ على الكرسيّ أمام المكتبِ البالي، أحدّق في شاشةِ الحاسوب المحمول.
حرّكتُ الفأرة بيدٍ مرتجفة، فظهرَ على الشاشة نموذجٌ يطلبُ كتابة الاسم والرقم.
نقرتُ المفاتيح ببطءٍ، ثمّ انتظرت.
قلبي يخفقُ بقوّة.
وأخيرًا… ظهرت النتيجة:
[نأسفُ لإبلاغك أنّه على الرغم من مؤهلاتك الممتازة، لم يتمّ اختيارك في التوظيف الجديد. نتمنّى لك مستقبلًا مشرقًا…]
“آآآه!”
شهقتُ ودفنتُ وجهي بين يديّ.
لقد فشلتُ… كانت تلك آخر شركةٍ اجتزتُ اختبارها المبدئي.
عمري ستٌّ وعشرون سنة، خريجةُ جامعة، يتيمةٌ نشأتُ في دارِ أيتام، وباحثةٌ عن عملٍ بلا أمل.
والآن… فشلتُ مجددًا.
“لا أستطيع الصمود أكثر…”
لقد مضت ثلاث سنواتٍ على محاولاتي العقيمة.
نفدتْ أموالي تمامًا، والإيجارُ في الشهرِ القادم سيرتفع.
تنهّدتُ، وفتحتُ المتصفّح مجددًا لأبحثَ عن أيّ إعلانِ توظيفٍ جديد.
مرّت الدقائق، وأنا أتجوّل بين المنتديات والمواقع، حتى استوقفني عنوانٌ غريب:
[إن صمدتَ سنةً واحدة… ستحصل على عشرة مليارات، صدّق أو لا تصدّق؟]
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"