11
الفصل 11 (النهايه)
منذ متى أصبحتُ متمسكه بالحياة.
لا بل… أشعر أنني بدأت أتعاطف مع من حولي منذ لقائي من مافريك.
وحتى قبول عرضه للزواج بي، لم يكن دون سبب.
لقد قررت الزواج منه لأنه أصبح شخصاً اعتدتُ على وجوده بالقرب مني.
بعد كل ما حصل، كان الوحيد الذي لم يتخلى عني وعاملني بشكل جيد.
لا أعرف إذا كنتُ احمل مشاعر حميمه ناحيته ولكن… أريد أن استقر في أقرب وقت وأن يكون لدي مكانة في هذه الحياة.
لذا اخترتُ أن أكون زوجته.
وليس فقط زوجة… بل منصب إمبراطورة تعتني بشعبها جيداً.
بالرغم من أنني لم أحب التقرب من الناس لكن أشعر أنني أريد أن اساعد من هم بحاجة إلى المساعدة.
وبينما كنتُ جالسه على السرير واتأمل في افكاري، فجأة شعرتُ بنغز في ساقاي.
تجعد حاجباي واخفضت رأسي ثم وقع نظري على ساقاي.
مؤلم… ما هذا؟…
وبينما كنتُ اعض بشفتي، سطعت ذكرى داخل رأسي.
[عند منتصف الليل سوف يزول تأثير الدواء لذا سوف ترجعين إلى حالتكِ الأصلية.]
هذا ما اخبرتني به رئيسة الخدم بيسي.
هاه.. هاه…
شعرتُ بشيء بدأتُ بفقدانه من ساقاي. وعندما حاولت تحريك قدماي لم أستطع فعل ذلك.
عاد كل شيء.. إلى طبيعته.
أطلقتُ تنهيدة خفيفه ونظرت بعيداً نحو النافذة الزجاجيه الطويله.
فجأة وقع صوت خطوات قريبه عند مسامعي.
التفتُ بسرعة إلى الجانب ووقع نظري على هيئة مافريك وهو واقف داخل الظلام وبعيداً عن ضوء القمر.
عاد الى المشي مرة أخرى بعد أن توقف وتقدم ببطئ حتى توقف على مسافه اقرب الى السرير الذي كنتُ جالسه عليه.
توسعت عيناي في صدمه وتفرفت شفتاي.
كان مافريك مغطى بالدماء من رأسه حتى قدميه.
اغلقتُ فتحات انفي بأصابعي بعد أن شعرتُ بأن الرائحة كانت كثيفه، ثم أدرتُ رأسي بعيداً إلى الجانب.
سمعتُ صوت خطواته تقترب اكثر من السرير حتى شعرتُ بأنه تسلق على السرير ووضع يده اسفل ذقني.
تحول رأسي ناحيته بحركة خفيفه من قبله ثم التقت عيوننا معاً.
شعرتُ إن الهاله المحيطه به كانت مظلمه وغير مريحه.
كانت عيناه مركزة ولكنها خالية من المشاعر.
عضضت شفتاي السفليه في محاولة لتهدئة نفسي ثم فتحت فمي ببطئ وخرج صوتي بنبرة هادئة:
“لقد تأخرتَ كثيراً. أين كنتَ طوال هذا الوقت؟”
‘نعم… دعونا نتظاهر بأنني هادئة ومتماسكه. لأني شعرتُ أن مافريك الذي امامي الآن لم يكن مثل مافريك المعتاد.’
حل صمت ثقيل ومرت ثواني من عدم الرد ولم يبتعد أحدنا عينيه عن الآخر.
‘لماذا لا يرد؟’
“….”
“تريستي.”
“….”
رفع يده ببطئ ووضعها على خدي.
“أنا آسف. قلتِ أنكِ لا تحبين سفك الدماء لكني قتلتُ أحدهم.”
‘هذا واضح دون أن تخبرني.’
لكني لم اجيب بشيء وبقيتُ انظر ناحيته بصمت.
ولكن بالرغم من هذا.. كنتُ أعلم أن مافريك يقتل الأشخاص دون علمي لأن هذه كانت طبيعته.
لذا… لماذا يخبرني الآن؟
لحضه..
تجمد عقلي وطبقت شفتاي معاً بأحكام.
وقعت فكرة داخل رأسي جعلتني أصاب بالقشعريرة.
“و… ويليام.. أنتَ… قتلته؟..”
“….”
وكان صمت مافريك هو علامة على الموافقه.
اخفضت تريستيا رأسها للأسفل وغطى شعرها الأخضر الكثيف عينيها لذا لم تكن تعابير وجهها واضحه.
رفع مافريك يده ليبعد شعر تريستيا لكنها صفعت يده بعيداً.
“لماذا قتلته؟”
كان صوتها بارداً جداً وثقيلاً.
صمت مافريك لثواني قبل أن يجيب بتعابير وجه غامضه:
“لقد كان يستحق ذلك.”
خرج صراخ من فم تريستا وانتشر في ارجاء الغرفة.
“هل تمزح الآن؟!! من أنت لتقرر إذا كان يستحق ذلك أم لا؟!”
صمتت لثواني محاوله الحفاظ على تنفسها ثم عادت للحديث بصوت حاد وصاخب مرة أخرى:
“لقد وعدتني أنك لن تقتله! هل نسيتَ ذلك؟! اهه..”
وضعت تريستيا يدها على جبينها بسبب شعورها بالدوار المفاجئ.
لقد اشتيفضت منذ الفجر استعداداً لهذا اليوم. هي لم تأكل شيئاً لأنه كان عليها الحفاظ على مظهر رشاقتها عند ارتدائها الفستان.
ولم تنم لأنها كانت منغنسه من أجل تحضيرات الزفاف التي لا تعد لا تحصى.
ولكنها الآن بدأت تشعر بخيبة أمل لأنها وافقت على الزواج منه.
فتحت تريستيا فمها بتعبير مستاء وكانت على وشك التحدث لكن العناق المفاجئ من مافريك اوقفها.
لمس انفها رائحة الدماء مما جعلها في حالة صداع أكبر.
“تريستيا.. أنا آسف.. لقد كنتُ مجبر على التخلص منه لأنه بقي يذكر اسمكِ وكيف أنه سوف يمتلككِ! لقد شعرتُ بالغضب الشديد والأحباط لذا لم يسعني سوى قتله!.. ايضاً.. لم استطع تحمل رؤيتكِ تتعرضين للخطر من قبله مرة أخرى.. ماذا لو خطفكِ أو فعل لكِ شيء سيء…”
اصيبت تريستيا بالصداع بسبب مواصلته الحديث بلا توقف ولكنها شعرت أن كلماته بدأت تجعلها تعيد التفكير في الأمر.
حل الصمت ولم يبتعد مافريك عن عناقه من تريستيا.
“….”
“تريستيا… أحياناً يجب أن يختفي الأشرار من هذا العالم حتى يولدو المزيد من السيئات. أتمنى ان تتفهمي فعلي لذلك.. أنا اردتُ حمايتكِ فقط.”
انظروا من يتحدث.
كان مافريك الذي قتل العديد من الأشخاص من قبل هو من يطلق هذه الكلمات التي اسمعها الآن.
ولكني في قلبي اردتُ تصديقه مما جعلني في حالة صمت قسري.
اطلقتُ انفاسي المكبوته ثم قلت بهدوء مخالف للحضات الصراخ التي مرت قبل ثواني:
“ابتعد الآن. العناق يجعلني اشعر بالاختناق.”
ابتعد مافريك بتردد عن تريستيا ثم وقعت عينيه الحمراء الياقوتيه على عيناها ذات اللون الذهبي التي كانت تنظر إلى الجانب في تفكير.
“عدني أنك لتقتل أحدهم دون سبب بعد الآن. اقتل من حولك بصفتك ملك عادل وليس ملك طاغي.”
صمت مافريك لثواني محاولاً التفكير في كلماتها ولكن عندما لاحظ عبوس تريستيا عند رؤيتها تردده ، اومأ بسرعة في ابتسامه صغيرة قائلاً بهمس:
“أعدكِ.”
حل الهدوء والسكينه اخيراً داخل الغرفه واختفت الأجواء العصيبه التي مرت قبل دقائق.
“والآن.. ما رأيكِ أن نكمل ليلتنا؟”
كان صوته عذباً ويحمل لمحه من المكر عند قوله لكلماته.
تهجمت تعابير وجه تريستيا عند سماعها لكلماته، وتحول طرف اذنيها إلى اللون الأحمر الباهت.
ابتسم مافريك بشكل أوسع عند ملاحضته لرد فعلها العصبي. لقد أحب رؤيته لمشاعرها وهي تخرج إلى العلن في كل مرة.
أنحنى رأس مافريك عند مستوى عينيها واقترب ببطئ ناحيتها.
لم تبعده تريستيا وكانت تنظر له بصمت، لذا هو كان سعيداً برؤيته لذلك كأشارة على موافقتها به.
“لحضه.”
توقف مافريك فجأة عند صوتها الحاد، وبدت تعابير وجهه عصبيه لأنه فكر أنها كانت لا تزال لم تتقبله.
انخفضت نظرات تريستيا إلى انحاء بدلته الرسميه البيضاء التي كان يرتديها منذ لحضة زفافهما.
كان وجهها عابساً ومستاء بسبب بقع الدم التي لطخت أنحاء بدلته الرسميه.
“ألا يجب أن تغير ملابسك أولاً؟..”
عند صوتها الجاف، اخفض مافريك نظره ناحية ملابسه وادرك متأخراً وضعه المزري.
خرجت ضحكه متعثره من مافريك ثم اومأ بسرعه في تفهم.
“أنا آسف تريستي. سوف أذهب ولن اتأخر كثيراً.”
عند كلماته ذات الصوت العذب، احنه رأسه وطبع قبله بطيئة وعاطفيه على جبين تريستيا مما جعلها ترتعد قليلاً لكنها حاولت الحفاظ على رباطة جأشها واستدارت بهدوء برأسها إلى الجانب الآخر.
نهض مافريك من السرير وكان يبدو أنه لا يريد مقاطعة هذه اللحضه ولكنه لم يرد أيضاً أن يجعل تريستيا تشعر بعدم الراحة منه لذا مشى ودخل إلى الحمام المتصل بالغرفة.
****
في صباح اليوم التالي تم إرسال العديد من الصناديق مختلفة الحجم من قبل العديد من النبلاء.
وكان من بينهم هدايا مقدمة من اجاثا، جدة مافريك.
ولم تكن الهدايا وحدها من تم تقديمها بل كان وجود اجاثا داخل غرفة تريستيا أمر غير متوقع ونادر.
كانت اجاثا جالسه على كرسي بجانب سرير تريستيا وكانت تريستيا جالسه على سريرها ومتكئه على الوساده الكثيرة.
بدا عليها علامات التعب ولكنها حاولت بالفعل عدم إظهار اي شيء للشخص المقابل لها.
ابتسمت اجاثا ابتسامه طفيفه على وجهها المليئ بالتجاعيد وتحدثت بصوت واثق وفخور:
“يبدو أنني سأرى احفادي مبكراً.”
شعرت تريستيا بالحرج عند كلماتها الصريحه ولكنها اومأت مثل حجر صلب في ابتسامتها المتعثرة.
“هوهوهو~ لا داعي للخجل. ليس من العيب أو الغريب أن تكوني اماً في عمركِ هذا. رغم أنه عمر صغير نسبياً بالنسبة لنا نحن الشياطين لكنه لا يزال عمر البلوغ عند البشر.”
اطلقت اجاثا ضحكة غير متوقعه اثناء حديثها، وجعلت الخدم في حالة صدمه مما رأوه من شخصية اجاثا ملكتهم السابقة المعروفه بشخصيتها الصارمه والباردة.
“ثم سوف اترككِ الآن لترتاحي. لابد أنكِ لا زلتِ تشعرين بالتوعك بسبب ليلة امس. لا تنسي تأخذي الأعشاب التي ستعطيها لكِ الخادمة، أنها مفيدة لجسدكِ.”
بدت اجاثا لطيفه في اعماقها على عكس مظهرها الخارجي.
استدارت بهدوء وخرجت من الغرفه مع خادمتها الشخصيه.
ولكنها توقف عند عتبة الباب كما لو كانت قد تذكرت شيئاً فدخلت مرة اخرى وتحدثت بصوت هادئ:
“اه. وبخصوص ابيجيل، فلا تقلقي بشأنها. قالت أنها لن تدخل في شؤونكما منذ يوم الزفاف. كما أنها ترسل التهاني.”
بدا صوت اجاثا حساساً وهي تقول تلك الكلمات كما لو كان موضوع ابيجيل يزعجها ويرهقها.
استدرات مرة أخرى وخرجت بصمت من الغرفه، تاركه تريستيا التي كانت تفكر بصمت بعيون مركزة.
****
مر شهر منذ أن كانت ديليا برفقة اورنر طوال الوقت.
لقد شعرت أنها بدأت تشعر ناحيته بمشاعر متردده وحذرة ولكنها لم ترغب في تركه والأبتعاد عنه.
ولكن سلوك اورنر الطفولي والجاهل، يستفزها كثيراً.
كان الهواء منعش داخل الحديقه العامة لإمبراطورية البشر.
اورنر كان جالس على احد المقاعد الخشبيه داخل الحديقه النهاريه. وكان يأكل اعواد اللحم المشوي المتبل الذي اشتراه قبل لحضات من محلات الكشك من وسط العاصمة.
“اممم~ الطعام هنا لذيذ ويناسب ذوقي تماماً.. حار ولكنه حامض أيضاً.”
تجعد جبين ديليا وتهجم وجهها ذو التعابير اللطيفه ولكن المغري والجميل.
استدارت بعيداً برأسها بعنف إلى الجانب وتحرك شعرها الوردي المجعد اثناء تحركاتها.
ورغم سلوكها المنزعج الواضح ألا أن اورنر لم يبدو مهتماً كما لو كان وجود ديليا معدوم بالنسبة له.
شدت ديليا على قبضتيها التي كانت على حضنها وكان وجهها احمر من الغضب ومحبط جداً.
فجأة نهضت من مقعدها مع استقامة ظهرها ثم استدارت بجسدها وبدأت بالأبتعاد والمشي بعيداً.
“همم؟”
لاحظ اورنر ذلك فنهض وبدأ بتتعبها بنفس خطواتها اثناء مضغه لطعامه داخل فمه.
“امم~ اه. ديليا لماذا تغادرين هكذا فجأة؟”
توقفت ديليا عند خطواتها بشكل مفاجئ ونظرت له بعيون حاده:
“هل لا تعلم حقاً أي شيء؟ أنت.. أنت لستَ سوى احمق غبي طفولي همجي متخلف وقبيح.”
“هاها. انتِ غاضبه حقاً هذه المرة.”
بدا صوتها مسترخي وتعابير وجهه مبتسمه ولا مباليه.
“ماذا؟ هل تقول أنكَ لاحظت غضبي طوال هذا الوقت ولكنك تجاهلته؟! أنا حقاً حمقاء لأنني بقيتُ برفقتكَ طوال الوقت!! سأغادر ولن تجدني مرة أخرى. ولتبقى هنا مع مكانك المفضل وطعامك المفضل الذي تعتز به أكثر مني!!”
اخرجت كلماتها الاخيرة في صراخ حاد ثم استدارت وبدأت بالركض بعيداً ولكنها فجأة شعرت بقبضة على معصمها الأيسر، جعلتها تترنح وتتوقف.
استدارت برأسها للخلف بتعبير وجهها الغاضب ولكنها توقفت عن قول أي شيء.
لقد لاحظت ابتسامة اورنر المزيفه مما جعلها تشعر بالقشعريرة بشكل مفاجئ.
“ماذا؟! هل..! هل أنت غاضب الآن؟! أنا من يجب أن اغضب! ليس لديكَ سبب للغضب!”
“بل لدي يا عزيزتي ديليا.”
تقدم ناحيتها بخطواته الواسعه وتوقف امامها على بعد سنتمترات.
“كل تلك المشاعر المختلطه لديكِ.. هل هناك سبب لها؟”
كان صوته هادئاً وخالي من الهموم كما لو كان يحاكي طفلاً.
“ماذا؟”
شعرت ديليا بالدهشه من سلوكه المتغير المفاجئ ونظرت له بعيونها المتوسعة ذات اللون الأسود المتناقض مع لون شعرها الوردي المشرق.
“هل يعقل.. أنكِ تحبيني؟”
احمر وجه ديليا عند كلماتها وعضت شفتيها ونظرت بعيداً ثم بعد لحضات نظرت له مرة أخرى وقالت بصوت حاد:
“بما أنكَ احمق وغير مدرك لما حولك لذا سأخبركَ بنفسي!. نعم! انا معجبة بك!”
ابتسم اورنر ابتسامة انتصار جعلت ديليا ترتعد في حيرة.
“ماذا.. لماذا تضحك؟ هل تسخر مني؟”
“لا. ولكنكِ تأخرتِ حقاً في الافصاح عن مشاعركِ. لقد كنتُ انتظركِ طويلاً.”
تجمدت ديليا في مكانها عند ادراكها للوضع الحالي ثم بدأت في شد قبضتيها الممدوده على الجانب وقالت بصوت مكتوم اثناء نظرها للأسفل:
“هل تعني انكَ كنت تعلم أنني معجبه بك لكنك تظاهرت بعدم ملاحظتك؟ والسبب هو أنكَ اردتَ أن اخبركِ بنفسي؟.. ها.. يا لك من وغد.”
“هاهاها. لماذا انتِ مستاءة هكذا؟~ أنا فقط اردتُ أن احصل على اعتراف منكِ بدلاً من قيامي بذلك شخصياً. لأنه سيكون أكثر إثارة.”
توقفت ديليا في تفكير عند كلماته ورفعت رأسها ببطئ ونظرت له بعيون غير مصدقه.
“هل تعني أنكَ معجب بي ايضاً؟”
لم يجبها اورنر على الفور ولكنه بقي ينظر ناحيتها بأبتسامته الجميله.
حل صمت محرج وشعرت ديليا أنها ارادت الركض بعيداً والأختفاء عن الأنظار.
ولكن كبريائها لم يسمح لها بتطبيق ذلك لذا استقامت بظهرها في غرور ورفعت ذقنها قائلة بصوت مستاء:
“اه. لم يكن عليكَ أن تفعل كل هذه المسرحية من أجل أن تضمن حصولك على الاستمتاع. كان عليك فقط تكون أكثر جديه.”
ولكن عندما فتحت عيناها وتوقفت عن التحدث لاحضت أن اورنر كان يمشي بعيداً بلا مبالاة.
“..اهه! انتظر!..”
لاحقت ديليا خطواته بسرعة بتعابير وجهها المتهجمه ونظرت له بحده وعدم رضا بطرف عيناها.
****
مرت سنتين منذ أن تم تنصيب تريستيا كملكه على شعب إمبراطورية لودريس.
لم تتفاعل تريستيا في الشهور الأولى مع مجتمع النبلاء ولكنها في النهاية كونت علاقات مع العديد من العوائل النبيلة الذين اعترفوا بها كملكه بعد رؤيتهم لمدى ذكائها وتناسبها مع هذا المنصب الرفيع.
استيقضت تريستيا في الصباح الباكر على مناداة بيلا الصاخبه والصارمه.
“جلالتكِ! استيقضي من فضلكِ. لقد عاد الملك إلى القصر منذ الفجر. كما أن هناك العديد من المهام التي يجب انجازها وفقاً لأجتماع الظهيرة.”
بيلا، الخادمة التي كان لديها شعر ذات لون اسود قصير وعيون زرقاء ووجه شبيه بالدميه.
لقد خدمت بيلا تريستيا عندما كانت في قصر المركيز، والآن عادت الى خدمتها مرة أخرى بأمر من مافريك.
كانت بيلا تقف على بعد امتار من السرير وتنتظر نهوض سيدتها.
تحركت تريستيا بصعوبة مع عيونها الناعسه ونصف المغلقه ثم تقدمت الى حافة السرير ببطئ ثم انزلت قدميها على الأرض.
نظرت بصمت ووجه ذو تعابير غامضه إلى ساقيها اللتان اصبحت قادرة على تحريكهم.
لقد شعرت بالحريه وبثقه اكبر عندما اصبحت بالكامل قادرة على المشي بفضل مساعدات مافريك واجاثا لها.
نهضت بصمت ووقفت بأستقامه على قدميها ثم توجهت نحو الحمام ودخلت إليه ثم بدأت بالأغتسال لبدأ يومها.
تبعتها بيلا بخطوات هادئة وقالت بصوت احترامي:
“جلالتكِ. الامير ريان بدأ بالزحف على بطنه منذ ليلة امس. لقد زاره جلالته أيضاً وبدأ باللعب معه. ما رأيكِ بزيارته الآن؟ سموه الآن يتناول فطوره من قبل المربيه.”
توقفت تريستيا عن الاغتسال واصبحت تعابير وجهها مسترخيه عند سماع موضوع عن ابنها الوحيد.
“قومي بتحضير ملابسي يا بيلا.”
اومأت بيلا مع ابتسامه طفيفه على وجهها وتحركت بسرعة لتبدأ في تجهيز سيدتها.
***
خطوات سريعة متجهة ناحية الغرفة الموجودة في الطابق الثاني.
فتحت تريستيا الباب بسرعة متجاهله انحناء الفرسان على الجانب وتوجهت ناحية الطفل الصغير الجالس على الأرض ويمتص قطع التفاح التي في يده البيضاء الصغيره.
تحولت نظرات الطفل الصغير الذي بدا عمره عشرة شهور ناحية تريستيا بشكل تلقائي.
نظرت عيونه الكبيرة ذات اللون الذهبي التي كانت بنفس لون عيون تريستيا إلى الهيئة التي دخلت الغرفة بشكل مفاجئ.
ارتسمت ابتسامه مشرقه وتوسعت عيناه ثم مد ذراعيه الصغيرة في الهواء ناحية تريستيا مع اصداره لأصوات غير مفهومه.
ابتسمت المربيه ونهضت بسرعة على الجانب لتفسح المجال لوالدة الطفل بالتقدم إليه.
تقدمت تريستيا بخطوات واسعة ناحية ريان الصغير ثم حملته بين ذراعيها.
ارتسمت ابتسامه حقيقيه ومليئة بالموده على وجه تريستيا اثناء مداعبتها لخد ريان بأصابعها الطويلة ثم بدأت بتمشيط شعره الاسود بلطف.
كان الجو داخل الغرفة مليئاً بالسلام والبهجه ونظر الجميع إلى المشهد بود.
فجأة تم فتح الباب الخشبي الذي كان مغلقاً ودخل مافريك بخطوات واسعة.
كان يرتدي زيه الملكي ذات اللون الاسود ومرصع بالجواهر الذهبيه والفضيه مما اعطاه جو من الرقي والفخامه.
احيطت ذراعين حول جسد تريستيا من الخلف، وكانت لا تزال تحمل ابنها بين ذراعيها إلى صدرها.
تم طلع قبله حميميه على طرف اذن تريستيا مما جعلت ترتجف قليلاً في حرج لكنها تحدثت بسرعة متخلصه من الموقف الحالي، وكان صوتها يحمل حده واستياء:
“..مافريك. أين ذهبتَ البارحة؟ هل تعلم أنكَ مؤخراً تغادر القصر دون أن تخبرني بوجهتك؟”
اجابها بلطف ولم يبعد ذراعيه عنها:
“أنا آسف. كنتُ مشغول في البحث عن حيوان أليف يناسب ابننا الصغير.”
“..حيوان أليف؟..”
نظرت تريستيا له في حيرة وعدم فهم وحاولت التفكير في ما كان يفكر فيه مافريك بالضبط.
“نعم حيوان أليف، ويبدو أنني قد وجدته.”
تم فتح الباب بشكل مفاجئ ودخل الفارس بخطوات مهيبه ممسك بيده ذراع ديليا.
ابتعدت تريستيا من بين ذراع مافريك ونظرت إلى ديليا بتعبير غامض.
سقط صوتها بهدوء مختلط مع البرود:
“هل تخطط لتعيين تلك الفتاة كرفيقة لعب لريان؟ لماذا؟”
ورغم ملاحظة مافريك لرد فعل تريستيا الحساس، ولكنه اجاب بهدوء مفسراً السبب:
“والدة ديليا كانت تعمل كمربية لي عندما كنتُ طفلاً. لذا بطبيعة الحال أرادت ديليا أن تعمل في القصر هنا مثل متتبعة والدتها.”
“لا اضن انكِ وافقتَ من أجل هذا السبب فقط.”
اطلق مافريك ضحكة صغيرة عند رؤيته لملاحظة تريستيا الحادة والصحيحه تماماً. ثم اومأ مكملاً كلماته:
“أنها حبيبة أخي غير الشقيق، لذا كان علي أن اكون كريماً معها.”
دهشت تريستيا من سماع كلماته ولم تتوقع أن يكون لدى مافريك أخ غير شقيق.
“.. أين هو الآن؟ اعني أين هو اخاك الان ولماذا لا يعيش في القصر؟. اه. أنت لم تخبرني من قبل عن أن لديك شقيق.”
عبست تريستيا اثناء قولها لكلماتها ونظرت له بعتاب وعدم رضا.
تقدم مافريك واضعاً كلا ذراعيه حول خصر تريستيا. وعندما كانت على وشك ابعاده قاطعها بصوته اللطيف:
“أنه ابن خادمة كانت تعمل عند خدمة والدي لذا لم يكن هناك مكان له في قصر ملكي يحتويه فقط أصحاب الدم النقي. كما أنه فعل العديد من اعمال الشغب لذا لم يكن هناك فرصة تسمح لي بأعادته. ولكن.. يبدو أنه تغير مؤخراً لذا بصفتي الأخ الأكبر كان علي أن أعطيه فرصة. هذا كل ما في الأمر.”
اومأت تريستيا بصمت عند كلماته وبدا أنها تفكر لثواني.
“افهم. ولكن ماذا لو أصيب ابننا بأذى؟ حينها أن لن ادع الامر يمر بسلام، كما أنني سوف احملكَ المسؤولية كلها.”
كان صوتها جاداً وتعابير وجهها حاده وهي تتحدث بتلك الكلمات، اومأ مافريك بهدوء وثقه ثم بدأ بمسح اصابعه على ظهرها ببطئ ووديه.
“لا تقلقي يا زوجتي العزيزة وثقي فقط بزوجكِ.”
“…ابتعد.. بما أننا انهينا ما لدينا.”
ابعد مافريك ذراعيه للخلف، ثم لفت انتباهه ابنه الصغير الذي كان يمص قطعة التفاح بين اصابعه.
لاحضت تريستيا نظراته فأبتسمت قليلاً ثم رفعت ريان إلى مافريك ليحمله.
أصبح ريان بين ذراعاي مافريك وبدأ مافريك باللعب مع ريان وتعابير وجهه هادئة ووديه الى حد ما.
راقبت تريستيا المشهد الودي امامها بصمت وبدا على وجهها تعابير الراحة والسعادة.
– النهايه –
—✎✎✎✎✎—
شكراً لكم على متابعة روايتي التي كتبتها بكل صدق واتقان من اجلكم ومن أجل شخصياتي الأعزاء اللي داخل الرواية.
—✎✎✎✎✎—
•
•
•
افكر في تنزيل كتاب جديد وهناك أفكار في ذهني عن العالم الذي سوف انشأه في كتابي الجديد…
انتظروني بعد انتهائي من الامتحانات للدور الثاني.
—-
حسابي على الواتباد اللي انزل فيه أول قبل نزولي في هذا الموقع ، هو :
moon_8_6_200
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 11"