في القصة الأصلية، استغل إمبراطور آردن بدهاء قوة السحر التي تمتلكها عائلة هيللايد.
فقد منحهم لقب “سيف الحماية”، وجعلهم يحرسون الشمال القاحل، متظاهرًا بالثقة، بينما كان يراقبهم عن كثب.
وفوق ذلك، كان رجال عائلة هيللايد يموتون غالبًا قبل بلوغهم الأربعين بسبب الآثار الجانبية لقوتهم السحرية. لقد كان ذلك مكسبًا مضاعفًا للملك، إذ تلاشى التهديد من تلقاء نفسه.
نظرت إلى يوديث بنظرة مختلفة. لا عجب أن تُعد من أبرز رؤساء القوافل في العاصمة، فهي تملك حنكة نادرة.
“ماذا لو وقع جلالة الملك في غرام لطافة وشقاوة شوشو وأراد أن يأخذها معه؟!”
أسحب كلامي السابق. يوديث، لماذا أصبحتِ بهذا الإفراط في العاطفة؟
أين ذهبت تلك الأخت الكبيرة الرائعة التي كانت مليئة بالكاريزما والهيبة؟
كنت واثقة أن كاردين سيتدخل فورًا لردعها، لكن…
هزّ كاردين رأسه بجدية وهو يقول:
“كلامك صحيح. لا يمكننا أبدًا السماح بحدوث شيء كهذا. لن أسمح للملك بأخذ شوشو مهما كانت سلطته.”
“بالطبع لا! حتى لو اضطررت لاستخدام كل قوة قافلتي وقوة عائلة هيللايد، فسأمنعه!”
قالت يوديث وهي تضرب الطاولة بيدها بحزم وتعلن رأيها بعزم.
بين هذا الثنائي الذي يُظهر حماسًا مبالغًا فيه ويعيش لحظة جادة جدًا دون داعٍ، نظرت إليهما بتناوب.
لقد كانت المرة الأولى التي يتفقان فيها منذ أن التقيا مجددًا. مشهد مليء بالعاطفة والأخوّة، رغم أنه في جوهره… تحريض على التمرد.
تنهدت بعمق. أن يخططا للتمرد من أجل شيء كهذا، يا له من أمر مفرط.
صرخت أخيرًا وأنا أصفق بمخالب قدمي:
“اهدأا، كلاكما!”
وعندها فقط استعاد كلٌّ من كاردين ويوديث هدوءه.
لكن يوديث، وقد شبكت ذراعيها، كانت لا تزال غير راضية، والغضب ظاهر على وجهها.
“جلالة الإمبراطور يثق بعائلتنا، لكن النبلاء الانتهازيين هم المشكلة. إنهم يتحينون الفرص للانقضاض علينا. لولا أننا نقضي على الوحوش في المناطق الحدودية، لكانوا تخلصوا منا منذ زمن بوصفنا وحوشًا بأنفسنا.”
أما كاردين، فقد ظل هادئًا بينما حمل كوب الشاي قائلاً:
“أعرف ذلك. إنهم يخشون قوتنا. ويمكننا استغلال هذا الخوف بحكمة. هذا يكفي، يوديث.”
تنهدت يوديث بخفة وأومأت. ثم وجه كاردين نظره نحوي وقال:
“شوشو، لن أُجبركِ على شيء. هل ستذهبين معي إلى العاصمة؟”
رغم أن دعوة الملك تُعد أمرًا لا يُرد، إلا أنني كنت أنوي الذهاب إلى العاصمة على أي حال، ليس بسبب كاردين… بل لأقابل بطلة القصة الأصلية: أوليفيا.
ففي القصة الأصلية، كانت أوليفيا وحدها القادرة على التحكم بسحر كاردين بشكلٍ مثالي وآمن.
والآن وقد تغير كاردين، وأصبح يؤدي دور سيف الحماية للمملكة بدلًا من كونه ظلًا شريرًا، فإن خطر تمرده أصبح ضئيلًا.
لكن المشكلة الحقيقية… هي أنا.
في تلك الليلة، أثناء حفلة الفرسان، عندما ابتلعت سحر كاردين، شعرت بنفسي كوحش جائع يلتهم فريسته.
أدركت حينها أن السحر، بالنسبة لي، كلما تناولته أكثر، زادت شهيتي له، حتى يتحول إلى جشع لا يُروى.
بدأت أفهم لماذا أراد شعب ولفيس أن يتخلص مني.
ربما لأنهم علموا أنني قد أفقد صوابي في سبيل السحر، وأجنّ تمامًا.
أنا لا أزال متماسكة الآن، لكن… إن واصلت التهام سحر كاردين، فقد أصل إلى مرحلة أفقد فيها السيطرة وأسعى إلى نهب كل ما يملكه.
لهذا السبب، يحتاج كاردين إلى مُعالِجة حقيقية يمكنها علاجه بشكل آمن… ولا أرى سوى أوليفيا في هذه اللحظة.
ولا يمكنني البوح بسبب ذهابي إلى العاصمة لكاردين. ربما سأصارح يوديث لاحقًا وأطلب نصيحتها.
أدرت بصري نحو يوديث بلا وعي… ثم تفاجأت.
“ما الذي يشغل تفكير صغيرتي شوشو؟”
لا أعلم متى بدأت تنظر إلي، لكن عيناها كانت تتلألأ وهي تراقبني عن قرب.
“شوشو، حين نصل إلى العاصمة، سأجعلك أجمل نبيلة هناك. فساتين، مجوهرات، زينة… فقط قولي ما ترغبين به. حتى لو اضطُررت لهدم قاعدتي التجارية بالكامل!”
“كعانغ؟ لستِ مضطرة لفعل كل ذلك.”
“لا ترفضي، هذا من حب الأخت الكبرى.”
قالت وهي تبتسم بصفاء، وتحتضنني برقة.
رغم محاولتي الهرب، كانت غارقة بالفعل في حب فرائي الناعم وذيلــي الكثيف.
أردت أن أستغيث بكاردين، لكن همسات يوديث وصلت إلى أذني:
“لا أريدك أن تقاتلي الوحوش على الحدود كما فعلتُ أنا. لقد أهدرت شبابي في هذه المعارك… وسئمت القتال.”
كنت في أحضانها، فلم أرَ تعابير وجهها، لكن صوتها حمل لمسة من الحزن.
أما كاردين، فظل يشرب شايه بهدوء، ولم يبدو أنه سمع شيئًا.
لقد قضت يوديث بدايات شبابها في الشمال تحارب الوحوش… ربما لذلك كانت يداها أكثر خشونة وقوة من يدي النساء في سنها.
لا تزال آثار الجراح باهتة على ظهر يدها.
أعتقد أنني بدأت أفهم لماذا قرر كاردين إرسال يوديث بعيدًا عن القلعة الشمالية.
لقد كان لا يريد رؤية شقيقته تتعذب في هذا المكان القاسي البارد.
مددت لساني
الصغير ولعقت ظهر يدها، وكأنني أواسيها عن تلك الجراح القديمة.
“آه، إنها تدغدغ، شوشو.”
ضحكت يوديث ببراءة كفتاة صغيرة.
“لكنها ممتعة. هل تلعقين أكثر؟”
“توقفي عن قول أشياء خطيرة. هذا محرج.”
“لا تتكلمي بلهجة رسمية هكذا، شوشو. يُقلل من لطافتكِ.”
“أنا من فصيلة الثعالب البشرية. هل أتحول إلى هيئة الإنسان الآن؟”
قلت ذلك بنبرة جادة. فرغم أنني أبدو ثعلبة، إلا أنني كائن ناضج يملك عقلًا.
ظننت أن يوديث ستنفعل، لكنها رفعت كتفيها وابتسمت بسعادة:
“لا بأس، فأنتِ لطيفة في كل الأحوال. الآن أفهم لماذا يرى الأهل أبناءهم صغارًا حتى بعد أن يكبروا.”
“عذرًا؟”
“عندما رأيتكِ أول مرة، اعتقدت أنكِ ثعلبة أغرت أخي. لكنكِ الآن… الثعلبة التي سرقت قلبي. شوشو، ستبقين دائمًا كومة الزغب الجميلة مهما كان شكلكِ.”
آه… لقد استسلمت. يوديث كانت صادقة فعلًا في مشاعرها نحوي.
بدأت تضمّني وتداعب فروي، وتقبل كفوفي الوردية، وتلعب بذَيْلي بكل حماس.
كانت تتنفس بسرعة، وقد احمرّ وجهها وهي تغمرني بحبها.
“كعانغ، كفى! أرجوكِ، كفى!”
“دعيني ألمس كفكِ مرة أخرى، أرجوكِ. فقط مرة واحدة!”
كنت أختنق فعليًا، فأردت أن أطلب النجدة من كاردين… لكنني وجدته يناقش أمرًا مهمًا مع مايلد.
“قبل ذهابكم إلى العاصمة، يجب أن نحل هذه المسألة العاجلة.”
“صحيح. سأباشر بها فورًا.”
“كعانغ؟ دوق كاردين! أنقذني!”
لكن كاردين لم يسمع صرختي، وغادر المكتب مع مايلد…
وتركنا وحدنا، أنا ويوديث.
بعد أسبوع
أخيرًا انتهت الاستعدادات للرحيل إلى العاصمة.
سيتولى مايلد إدارة شؤون القلعة، أما بيرك فسيشرف على تدريب الفرسان والجنود.
تقدم أوين ورون طليعة الموكب، وسيحرسنا خمسون من خيرة الفرسان والجنود.
ركبتُ عربة كبيرة وفاخرة مع يوديث، وقد تحولتُ إلى هيئة الإنسان للتدريب على البقاء بهذه الصورة.
في الحقيقة، لم أكن أتحمل البقاء على هيئة الثعلب طوال الرحلة بجانب يوديث، لأنها بالتأكيد ستغمرني بالحب حتى أختنق.
وحين هممت بارتداء شيء بسيط للسفر، رفضت يوديث بشدة وأصرت على تجهيزي بنفسها.
استغرق التزيين ساعات، حتى شعرت بالإرهاق قبل أن نغادر القصر.
“أنا من زيّنتك، لكنكِ الآن عمل فني متكامل، يا شوفيليا.”
قالت وهي ترتدي بدلة رجالية أنيقة، وتفحصني بإعجاب.
كان فستاني ورديًا زاهيًا، مزينًا بالدانتيل والشرائط، وتزينه وردة حريرية على الصدر.
“ألا ترين أنه مبالغ فيه؟ كأنني ذاهبة إلى حفلة راقصة.”
“نحن ذاهبون إلى العاصمة. علينا أن نكون أكثر بريقًا. هذا هو الطراز الرائج حاليًا. كما أنه يليق بشعركِ الفضي، شوفيليا.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 74"