في لمح البصر، انكمش جسدي وغُمرت تمامًا داخل أغطية السرير.
حينما أخرجت رأسي من بين الأغطية، التقت عيناي بنظرات يوديث المذهولة. ارتعدتُ من الخوف، وانخفض ذيلي تلقائيًا.
“كيااانغ؟”
“إنها… إنها حقًا ثعلبة؟!”
حدّقت يوديث بي بذهول وكأنها لا تُصدق ما ترى.
كانت نظراتها مرهقة ومخيفة لدرجة أنني أسرعت بالاختباء مجددًا داخل الأغطية.
حلّ كاردين ذراع يوديث وتقدّم ناحيتي.
“شوشو، هل أنتِ بخير؟ هل أخفتكِ؟”
“كيااانغ، أنا بخير تمامًا.”
“أعتذر عن وقاحة شقيقتي.”
“لا بأس، لا حاجة لأن تعتذر يا سيدي الدوق. ويوديث أيضًا، تصرّفت بدافع القلق، أليس كذلك؟”
تنهد كاردين بخفة، ثم مدّ يده ليُربّت على وجنتي بلطف.
حينما فركت وجهي براحة كفّه، بدأ قلبي المرتجف يهدأ تدريجيًا.
زمّ كاردين حاجبيه وحدّق بأخته بنظرة صارمة، بينما ظلت يوديث متسمّرة في مكانها تحدق بي وكأنها لا تزال تحت وقع الصدمة.
“شوفيليا هي من فصيلة الثعالب، وهي من تُساعدني في علاج سحر جسدي بصفتها معالجة. إنها منقذتي. يوديث، لقد أسأتِ لها إساءة بالغة. باعتبارك فردًا من عائلة هيللايد، عليكِ تقديم اعتذار رسمي.”
تملّكني القلق من أن تُغضبها كلماته، فتثور عليه لأنه لم يقف في صفها.
لن يكون جيدًا إن تسببتُ أنا في شقاق بين الأشقاء.
لكن يوديث تنفّست بعمق، ثم بدّلت ملامحها إلى هدوء تام.
تلك الهيئة، ذلك الثبات… كان يذكّرني بكاردين كثيرًا، حتى أنني شعرت بقشعريرة.
ثم انحنت لي يوديث احترامًا.
“أقدّم اعتذاري الرسمي للسيدة شوفيليا. لقد أسأت الفهم بسبب الظنون دون أن أتأكد.”
“أنا هنا فقط لأُساعد سيدي الدوق، وإن كانت الشكوك قد زالت، فهذا يسعدني.”
آه… وكأن عمري قد زاد عشر سنوات من التوتر! لم أتوقع أن تتقبل الأمر بهذه السلاسة.
صحيح أنها تبدو متهورة ومندفعة، لكن يبدو أنها شخصية صريحة لا تتردد في الاعتراف بخطئها.
انطباعي الأول عنها كان حادًا، لكن الآن… أشعر أنني أرغب بالتقرب منها.
ثم انحنت أيضًا لكاردين بكل تهذيب.
“أعتذر بصدق لسيدي الدوق على ما بدر مني من وقاحة.”
هممم، بالتأكيد ليس هذا نمط الاعتذار بين الأشقاء العاديين.
“لقد جئتُ إلى هنا لأُبلغ رغبة جدّتنا. أرغب في مناقشة الأمر لاحقًا بشكل رسمي.”
كأن كاردين شعر بإرهاق مفاجئ، فرفع يده يمررها على شعره.
“اليوم لدي دورية على الحدود. فلنؤجل الأمر إلى وقت آخر. اذهبي وخذي قسطًا من الراحة، وناقشي أي أمر مع مايلد.”
“كما تأمر.”
حينها همّت يوديث بالانصراف، لكنها توقفت للحظة ونظرت إليّ بتركيز.
حلّ صمت مشحون بيننا، وموجة توتر خفي أحاطت بالجو.
لأكن صريحة، كنت آمل أن تحبني على الأقل بعد أن تحوّلت إلى ثعلبة صغيرة. فغالبًا لا يكره أحد الحيوانات اللطيفة، أليس كذلك؟
حسنًا… حان وقت شنّ “هجوم القلب”! السلاح السري الذي تعلمته في حياتي كثعلبة صغيرة.
“مهما قلت، أستطيع أن أرى كم تهتم بها، يا سيدي كاردين.”
“وأنتِ؟ هل أنتِ بخير حقًا؟”
رفعني بين ذراعيه بنعومة ونظر في عينيّ، عاقدًا حاجبيه كما لو كان يشعر بالذنب.
“أعتذر. تصرفت أختي بوقاحة تجاهكِ. هل جرحت مشاعركِ؟”
“لا، لم تتأذّ مشاعري. يوديث اعتذرت بالفعل. أظن أنها أساءت الفهم بناءً على شائعة ما… ربما كانوا يظنون أنني امرأة عادية، لا ثعلبة.”
ابتسمتُ وتحدثت بهدوء، لكن وجه كاردين تجمّد فجأة.
“إذن… شائعة؟”
“عفواً؟”
“تقولين إنها شائعة، لكنني في الحقيقة… أراكِ شريكتي.”
صُدمت من جديّته، ولم أجد ما أردّ به.
بينما كنت أرتبك وأبحث عن مخرج، انعكست ابتسامة فاتنة على وجهه، وزاوية شفتيه الحمراء
ارتفعت برقيّ.
“الآن بعد أن فكرتُ في الأمر… لم أسمع منكِ إجابة واضحة بعد، شوشو. ما رأيكِ بي؟”
“ك-كيااانغ؟”
أمالتُ رأسي ببراءة قدر الإمكان. أنا ثعلبة الآن، من فضلك لا تُحدق بي بهذه العيون المليئة بالجنون والتملك.
قلبي سينفجر من شدة التوتر!
زاد عمق نظرته، وصوته أصبح مبحوحًا وهمس بكلمات ثقيلة:
“التظاهر بالجهل الآن لن يُجدي نفعًا، أتعلمين ذلك، أليس كذلك؟”
“لكن، يا سيدي الدوق، أنتَ بالنسبة لي…”
كان يُنصت لي وكأنه ينتظر أهم جواب في حياته، ورغم أنه بدا هادئًا، كانت هالة سوداء من التهديد تُحيط به من كل جانب.
يا للمأزق… لا يمكنني أن أقول له: “أنت بمثابة خادمي المدلل”، وهو أمامي بهذه الهيئة!
لو قلتها فعلاً، أشعر أنه سيضع لي طوقًا حول عنقي!
وفجأة، قاطعنا صوت طرق الباب.
“سيدي الدوق، معذرة. أنا بيرك، لديّ تقرير عاجل.”
لم أشعر أبدًا بالامتنان له مثل هذه اللحظة!
استغليت اللحظة التي خفّت فيها قبضة كاردين، وقفزت من السرير بسرعة.
“شوشو!”
ناداني كاردين بقلق، لكني كنت قد اندفعت بالفعل من الباب كنسمة ريح وصرخت:
“سيدي الدوق هو خادمي الرسمي! سأعتمد عليك دائمًا! كيااانغ!”
* * *
خرجتُ مسرعة من المكان، وفي الممر صادفت بيتي وبعض الخدم. كان كل خادم يحمل صناديق هدايا ممتلئة بين ذراعيه.
بادرتني بيتي وقطعت طريقي بعجلة:
“أوه، آنسة شوشو، إلى أين أنتِ ذاهبة بهذه السرعة؟ لا بد من تمشيط الفرو أولًا!”
“لا بأس، يوم واحد بدون ذلك لن يضر. لكن… ما الذي يحمله الجميع؟”
“آه، هذه هدايا أحضرتها السيدة يوديس. إنها تحضر معها دائمًا الكثير من الهدايا والبضائع النادرة كلما زارت القلعة الشمالية.”
كما هو متوقع من رئيسة إحدى كبرى شركات التجارة… يوديث كريمة فعلًا. رغم أنها ليست على علاقة جيدة بكاردن، فإنها لا تبخل على القلعة الشمالية بالدعم السخي.
رفعتني بيتي بين ذراعيها واقتادتني إلى النوافذ الكبيرة الممتدة على طول الممر.
“انظري، عربات شركة ‘هيلّيون’ التابعة للسيدة يوديث بدأت تصل تباعًا.”
ومن نافذة القصر، كان يمكن رؤية صف طويل من عربات الشحن مصطفّة أمام البوابة الرئيسية.
كانت العربات محمّلة بصناديق مكدّسة تحوي مختلف أنواع البضائع.
وأمام المدخل، كانت يوديث تقف وذراعاها معقودتان، تراقب المشهد بهدوء.
وبجانبها، كان رئيس الخدم يتحرك بنشاط، يوزع التعليمات على العمال لنقل الصناديق. وقد نُقل بعضها إلى مركز التدريب.
قالت بيتي بحماس واضح في صوتها:
“شركة ‘هيلّيون’ تُعد الأشهر في العاصمة. فهم يتاجرون بالبضائع النادرة والغريبة، ولذلك يحظون بشعبية كبيرة. السيدة يوديث مذهلة حقًا.”
كانت ملامح بيتي تفوح منها الفخر وهي تتحدث.
“هل تعرفين الكثير عن السيدة يودث يا بيتي؟”
“نعم، حين كنت خادمة مبتدئة قبل خمس سنوات، كان لي شرف خدمتها شخصيًا.”
“كيف كانت؟ ما نوع شخصيتها؟”
جمعت بيتي يديها فوق مئزرها، وارتسمت على وجهها ابتسامة هادئة.
“كانت طيبة وودودة للغاية. رغم أنها كانت في ذلك الوقت قائدة وحدة التدريب، وكانت صارمة مع الجنود، إلا أنها كانت لطيفة مع موظفي القصر.”
يوديث… طيبة؟ رغم أنني لم أعرفها إلا مؤخرًا، فقد بدت لي صارمة وباردة للغاية.
“هل من الممكن أن تكون لديها حساسية من الفرو؟ أو أنها لا تحب الحيوانات؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 65"