استمتعوا
حين فكّرت بالأمر، أدركت أنني غفلت عن شيء مهم.
‘كنت منشغلة بالتفكير في القفز فوق السياج، فنسيت أن أحضر المال…!’
بل والأسوأ من ذلك، أن لولو لم ترَ العملة التي يُسميها الرجل ‘غليوم’ قطّ من قبل.
فمن كان يشتري لها البيض والخبز دائمًا هي اختها!
“إذن، لا يمكنني شراء البيض…؟”
وفي تلك اللحظة…
قال الرجل، وقد لاحظ جمود لولو كأنها تمثال.
“أيتها الطفلة، هل أنتِ بخير؟”
جثا الرجل على ركبتيه ليقابل نظراتها، فسحبت لولو عينيها بخفة وهمست.
“لا أملك أي غليوم…”
“لا تملكين مالاً؟”
“نعم…”
“وماذا تملكين إذن؟”
ترددت لولو وهي ترمش بعينيها، ثم أخرجت الحجر الكريم الذي كانت تخبئه في معطفها.
في هذا الموقف، لم يكن معها شيء سوى ذلك الحجر.
قال الرجل، وقد بدا مندهشًا وهو يفرك عنقه.
“أوه، معكِ حجر كريم ثمين… بهذا يمكنك شراء مئة بيضة!”
“هل يمكنني شراء البيض بالحجر؟”
“طبعًا!”
“لكن هذا الحجر ثمينة جدًا بالنسبة لي…”
وفجأة، شعرت لولو أن الحجر على كفّها قد أغلقت عينيها بشدة.
– أيتها المحاربة الصغيرة الجائعة، أنا خادمكِ ورفيقكِ.
“همم؟”
– بادلي بي.
“!”
انفتح فم لولو الصغير دهشةً.
أن تتخلى عن رفيقها الثمين من أجل الطعام؟ هذا غير وارد.
“لا يمكن. لن أبيع الحجر.”
– أيتها المحاربة الصغيرة، ولكن…
“قُلتُ لا!”
رفعت لولو حاجبيها وأعادت الحجر إلى جيبها.
قال الرجل وقد بدا عليه الخذلان.
“إذن، لن تعطيني إياها؟ كنتُ آمل ذلك.”
“بدون الحجر الكريم، لن تتمكني من شراء البيض.”
“…أوه.”
يا له من اختبار قاسٍ للولو.
لكن، لا يمكن لمحاربة أن تخسر رفيقها في مواجهة كهذه!
“لا بأس! حتى لو متُّ جوعًا!”
“ومن قال إنكِ ستموتين؟ ثم إن الحجر الكريم ليس ملكك أصلاً.”
“…هاه؟”
هذا ليس صوت بائع البيض.
استدارت لولو تجاه الصوت العميق والمألوف، لترى كفًّا ضخمة توضع فوق رأسها.
“د، دوق فيليكس! ما الذي أتى بك إلى هنا…! أ-أهلاً وسهلاً!”
شحب وجه بائع البيض فورًا وانحنى احترامًا.
كان فيليكس واقفًا خلف لولو.
ثم قال.
“ستين بيضة، احسبها فورًا.”
“نـ، نعم، حاضر!”
قال ذلك بوجه هادئ وكأنه طلب شيئًا عاديًّا.
ستين بيضة!
“سـ، سيّدي الفارس، أنت ثري!”
انفتح فم لولو دهشة.
“شراء ستين بيضة يجعلك ثريًّا؟”
“نعم! أغنى من اختي!”
“تغلّبتُ على الأميرة، يعجبني هذا.”
في تلك اللحظة، وعندما كان فيليكس يدفع المال للبائع، خرج صوت من خلفه.
“لولو. ألا ترينني؟”
كان هناك شاب واقف لم تره لولو من قبل، لأنه كان مختبئًا خلف فيليكس.
“هاه؟”
في البداية، لم تتعرف لولو عليه.
كان حسن الهيئة، شديد الأناقة.
شعره الأسود يلمع من التصفيف بالزيت، وعيناه حمراوان تضادّان بشرته البيضاء.
كان يبدو كأنه خرج من لوحة فنية.
لكنها صاحت.
“إنه القائد!”
كانت عيونه ذات نظرة جانحة لا تُخطئها لولو، مهما تغيّر مظهره.
قال فيليكس بعد أن أنهى الدفع.
“اشترينا البيض. يكفي لشهرين.”
وحين مدّ يده ليمسك بيد رايان…
“مرحبًا، لولو! كيف حالك؟”
رايان تجاهل يد فيليكس ومر بجانبه وهو يوجه نظره نحو لولو فقط.
“…هم؟”
هناك أمر غير طبيعي.
لكن…
“لولو. ماذا تريدين أن تأكلي أيضًا؟”
“هاااه؟”
أشار فيليكس إلى محل الخبز، مما جعل لولو تنسى ما راودها من شكوك.
وهكذا بدأت جولة التسوق الحقيقية.
***
في ذلك الوقت، في البرج…
“هاه! أظن أن هذا يكفي.”
نظرت أنجيلا بفخر إلى المكتبة التي رتبتها.
فمنذ أن ذاقت لولو طعم القصص في قبو البرج، بدأت تتسلل إليه كلما وجدت فرصة.
فقررت أنجيلا تنظيف المكان جيدًا.
“وضعت قصص التنانين في الزاوية، فهي غير مناسبة للولو.”
“والباقي رتّبته في مكان واضح لتقرأه بسهولة.”
حتى إنها وضعت وسائد وبطانية، تحسبًا لأن تنام لولو أثناء القراءة.
ثم نادت بحماس.
“لولو، انظري! رتّبتُ كل شيء من أجلكِ!”
لكن لم يجبها أحد.
أحست أنجيلا بالإحراج والتفتت يمينًا ويسارًا.
“غريب، كانت تأتي إليّ مهرولة دومًا.”
ثم صرخت مجددًا.
“لولو! أنظري إلى ما فعلتُه لأجلكِ! كتب رائعة كثيرة!”
لكن لا جواب.
قلقها دفعها لتصعد إلى غرفة لولو.
وهناك…
“…يا إلهي.”
اختفت الطفلة.
المرة السابقة، طلبت إذنًا للخروج، أما الآن، فقد غادرت دون حتى أن تخبرها.
“لولو، لولو!”
ارتجّ صوتها من الهلع.
فكّرت في حرّاس الغابة…
هل أخذها الجنود؟
نزلت بسرعة من السلم، جمعت ما استطاعت من الأدوات السحرية وخرجت.
“لولو، أين أنت؟!”
وما هي إلا لحظات حتى سمعت صوتًا رقيقًا من بعيد.
“اخـــتـــي!”
استدارت بسرعة.
ورأت لولو تلوّح بيدها بسعادة، وبجوارها فيليكس ورايان يحملان الأغراض.
“…لولو. آه.”
بعد أن أدركت أنجيلا الوضع، بدأ نفسها الذي كان محبوسًا يخرج أخيرًا.
‘لقد كانت مع الدوق.’
وكانت محظوظة لأنها لم تُختطف من قِبل الفرسان
“طفلتي!”
“اخـــتـــي!”
ركضت كلتاهما نحو بعضهما البعض بالأذرع المفتوحة.
وحين التقتا…
“إلى أين تذهبين دون إذن من أختك؟!”
ضربة خفيفة على الرأس.
“آي!”
قدمت لها لكمة حلوة ملؤها الحب والكره في آنٍ معًا.
“لولو، هيك، اعتقدت أن أنجي ستحبه، نعم، هاه، فكرت بذلك، ههيه-!”
“لماذا ظننتِ ذلك؟”
“لماذا؟ لأن… أنجي… جائعه… ولا يوجد بيض…!”
كانت دموعها تلمع في عينيها المرتجفتين، وتعكس شعورًا بالظلم.
لم تكن لولو تتوقع أن تُوبّخ بهذا القدر.
‘الفارس فيليكس اشترى الكثير من الخبز والبيض!’
رغم أن المائدة كانت ممتلئة، فإن أنجيلا لم ترَ شيئًا.
وقفت أمامها بوجه غاضب وذراعيها متشابكتين.
“خرجتِ لأنكِ خشيتِ أن أجوع؟ كيف خرجتِ؟”
“مع… الحجر…”
– أيتها المحاربة الصغيرة، لا حاجة لذكر اسمي…!
“فردتُ جناحي… وخرجتُ… خفية!”
أغلقت لولو عينيها بقوة وهي تلمس الورم في رأسها.
هذه التنين الصغيرة، التي لم تبكِ حتى والدم يسيل من كفّها، انهارت بسبب توبيخ أختها.
“جناحين؟ أنتِ حتى لا تعرفين صنع ذيل بعد.”
“الحـ، الحجر ساعدنييي…!”
انفجرت بالبكاء.
قال فيليكس.
“…أميرة،”
لكن رايان أوقفه.
“أخي. اصمت.”
أغلق فيليكس فمه بخيبة.
كان لديه أمر مهم ليقوله… أهم من الخبز…
“…….”
ربما ليس مهمًا الآن.
تراجع إلى الخلف، مقتنعًا أن هذا ليس وقته.
***
بعد انتهاء العاصفة…
“رششششب. هذا العصير لذيذ!”
كانت لولو تحتسي عصيرها بقشة، وعيناها متورمتان كعينَي سمكة.
لكنها، كعادتها، نسيت ما حدث سريعًا.
“اختي شريرة! حتى لو كنت لا أفهم، الضرب أمر سيء!”
“وهروبك من دون إذن؟ أتعرفين كم كنت خائفة؟!”
“كـ، كنت خائفة؟”
“بالطبع. ظننتُ أنكِ اختُطفتِ!”
“اختي… أنا آسفة.”
“لا، أنا هي التي آسفه. ضربتكِ ولم يكن يجدر بي.”
“لا، لولو أكثر أسفًا.”
“أنا آسفة، صغيرتي. هل آلمك الضرب؟ رششششب!”
أعطتها قبلة على الخد وكأس عصير برتقال كرمز للمصالحة.
“اختي دائمًا الأفضل!”
كانت قدميها الصغيرتين تتأرجحان وهي تغني بسعادة.
لكن…
“…لولو، هل أنتِ بخير الآن؟”
كان رايان لا يزال يراقب بحذر…
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 12"