الحلقة 23

 

تظاهر كايل بعدم سماع برودي وهي تناديه لأن الأمر كان واضحًا ما الذي ستجعله يفعله.

 

 

بينما كان يُظهر لها مؤخرة رأسه ويتظاهر بعدم السماع، صاحت برودي مجددًا.

 

“تعال بسرعة وساعدني!”

 

“أنتِ تعالي! دعينا نذهب بسرعة!”

 

لقد أضاع وقتًا في البحث عن ذلك الغزال دون أن يدرك، ولم يكن ينوي إضاعة المزيد من الوقت هنا.

 

بالإضافة إلى ذلك، لم يكن يريد أن يهدر طاقته المتبقية في رفع شجرة ثقيلة من أجل غزال لم يرَه من قبل.

 

كانت برودي لا تزال تتأوه وتحاول رفع الشجرة بجانب الغزال بينما كانت تناديه.

 

لكن الشجرة لم تتحرك على الإطلاق. في البداية، كان كايل يشاهدها فقط وهي تكافح في محاولة لفحص الغزال عن كثب.

 

لكن سرعان ما بدأ يشعر بالانزعاج.

 

كان ينزعج من الأرنب التي كانت تضيع الوقت هنا بينما كان لديهم أمور أهم للقيام بها، وكان أيضًا منزعجًا من طريقة اهتمامها ورعايتها للغزال.

 

ليس ذلك فحسب، بل إن رؤية الأرنب وهي تعتني بالغزال وكأن هذه ليست المرة الأولى التي تراه فيها جعله يشعر بمزيد من التوتر لسبب ما.

 

في النهاية، سار كايل نحو الغزال.

 

أدرك أنه يجب أن يخرج ذلك الغزال من تحت الشجرة بسرعة ليتمكن من إعادة برودي.

 

‘إنه مزعج حقًا.’ 

 

لاحظت برودي اقتراب كايل منهم وهو ينقر على لسانه منزعجًا، فقالت بعض كلمات التشجيع للغزال المتعب.

 

“فقط اصمد قليلًا! سنخرجك قريبًا!”

 

فتح الغزال جفونه المغلقة بصعوبة عندما سمع صوت الإنقاذ.

 

لكن بمجرد أن فتح عينيه، تلوى الغزال في صدمة وكأنه على وشك أن يغمى عليه عند رؤية الذئب يقترب منه.

 

“آه، ذئب…!”

 

صاحت برودي لتهدئة الغزال الذي كان مشلولًا من الخوف.

 

“سيدي الغزال، لا بأس! هذا الشخص هنا لمساعدتك!”

 

لكن الغزال لم يصدقها. وعندما رآته يرتجف من الخوف، فكرت برودي لحظة ثم فكرت في فكرة جيدة.

 

“هذا الشخص في الواقع ليس ذئبًا، إنه كلب. هو كلب مدرب جيدًا ولن يعضك أبدًا. لذا لا تقلق.”

 

“ماذا بحق الجحيم، أرنب لعين ؟”

 

كايل، الذي تحول إلى كلب في لحظة، أظهر أنيابه.

 

كاد الغزال أن يغمى عليه عندما رآى أنيابه.

 

برودي، التي لم تتمكن من تهدئته مهما قالت، هزت رأسها في النهاية وتحدثت إلى كايل كما لو أنها طبيب يريد إجراء جراحة بدون تخدير.

 

“أعتقد أنه يجب عليك فقط المجيء ومساعدتي.”

 

نظر كايل إلى الغزال الذي كان يتنفس بسرعة ويصدر أصواتًا مذعورة عند رؤيته يقترب، وكأنه كان منزعجًا، ثم زحف تحت الشجرة التي كان الغزال تحتها.

 

“كيف الحال؟ هل تستطيع رفعها؟”

 

سألت برودي بنظرة قلقة على وجهها.

 

كان وزن الشجرة التي كانت تلامس ظهره ثقيلًا جدًا. ومع ذلك، لم يكن ثقيلًا لدرجة أنه لا يستطيع رفعها.

 

تمكن بالكاد من إيجاد مكان بين الأرض والشجرة، وشد أسنانه بينما نهض.

 

بوم.

 

مع صوت طحن الأسنان، بدأت الشجرة الساقطة تتحرك.

 

أخذت برودي تنهيدًا ودفعته من الخلف في مؤخرة الغزال.

 

تأرجح الغزال المكافح وهو يرفس بأرجله. دفعًا على الأرض، تمكن بالكاد من الخروج من تحت الشجرة.

 

جلس كايل ببطء على رجليه الخلفيتين بمجرد أن ابتعد الغزال.

 

انزلقت الشجرة التي كانت على ظهره عنها وسقطت على الأرض مع صوت قوي لفرعها وهو ينكسر.

 

“كايل، هل أنت بخير؟”

 

بينما اقتربت برودي، قوس كايل ظهره الذي أصبح متصلبًا من حمله للشيء الثقيل، ثم قام بتصحيحه.

 

لم يكن هناك شيء غير آلام خفيفة في ظهره، ولم يكن هناك شيء خطير.

 

“هل ظهرُك يؤلمك؟ هل ظهرُك بخير؟ هل ظهرك على ما يرام؟”

 

استمرت برودي في الدوران حوله، مظهرة هوسًا متعصبًا بظهره.

 

“قلت إنه بخير، فلماذا تواصلين السؤال عن ظهري؟ هل رفعته بظهري أم بظهرك؟”

 

أخيرًا، عندما لم يعد كايل يتحمل وبدأ يشعر بالانزعاج، أخيرًا سكتت برودي.

 

بعد تحدث معها، بدأ يبحث عن الغزال، لكنه اختفى دون أن يترك أثرًا.

 

“ماذا؟ أين ذهب؟”

 

تمتمت برودي، التي كانت أيضًا تبحث في المكان، بتعبير متفاجئ.

 

 

“أعتقد أنه هرب لأنه كان خائفًا من أن يُؤكل على يدك.”

 

 

“هل لم يشكر حتى الذين أنقذوا حياته؟ هل يجب عليّ أن ألاحقه وأقتله بالفعل؟”

 

 

بينما كان كايل يطحن أسنانه ويشتم الغزال الجاحد.

 

 

“أ، أنا…”

 

 

فجأة، التفت الاثنان إلى الصوت القادم من خلفهما.

 

 

هناك، كان الغزال الذي أنقذوه يختبئ خلف شجرة، ولم يظهر منه سوى رأسه.

 

 

على الرغم من أن كايل أنقذه، إلا أنه كان لا يزال خائفًا منه.

 

 

مع ذلك، شكره الغزال بصوت مرتجف، وهو يتحقق من تعبير وجهه.

 

 

“شكرًا جزيلاً على إنقاذي…”

 

 

كان الغزال شابًا، أصغر من كايل وكان في نفس عمر برودي.

 

 

على الرغم من أنه بدا أصغر من ذلك لأنه كان صغير الحجم جدًا.

 

 

كايل، الذي كان يشتكي من جحوده سابقًا، لم يكلف نفسه عناء الرد عليه، لذلك ابتسمت برودي بشكل محرج وأجابت بدلاً منه.

 

 

“أنا سعيدة لأنك بخير. نحن بخير، يمكنك الذهاب الآن.”

 

 

“شكرًا جزيلاً…”

 

 

ظل الغزال يومئ برأسه شاكرًا، ثم استدار بسرعة وكأنه خائف من أن يلاحقه أحد، وركض إلى الغابة.

 

 

راقبت برودي الغزال وهو يركض بصحة جيدة، وابتسمت قليلاً وقالت لكايل:

 

 

“كايل، شكرًا لمساعدتك السيد غزال سابقًا.”

 

لكن كايل انزعج فورًا عندما سمع كلمات برودي.

 

 

“لماذا تشكرينني؟ هل أنتِ صديقة ذلك الشخص؟”

 

 

“لا، ليس هذا، لكنني ممتنة لأنك استمعت إلى طلبي.”

 

 

احتضنت برودي ساقيه كما لو كانت تحاول تهدئة غضبه وفركت وجهها ضد وجهه بطريقة لطيفة.

 

بالطبع، لم يخفف ذلك من انزعاج كايل رغم لطافة برودي.

 

 

ولكن من ناحية أخرى، وبالحديث عن كيفية اهتمامها بالغزال سابقًا، لم يشعر كايل بالسوء من تمسك برودي به.

 

 

حدق في المكان الذي ركض فيه الغزال للحظة، ثم التفت مع برودي، القرد الصغير، وهي تتدلى من ساقه.

 

 

كان هناك شيء فاته بسبب الرياح. الغزال الذي ابتعد كثيرًا، توقف فجأة في مكانه لحظة أن التفت.

 

 

وقف الغزال ساكنًا ونظر وراءه ببطء.

ثم راقب ظهور برودي وكايل وهما يبتعدان لفترة طويلة.

 

 

***

 

عاد الاثنان إلى رأس الغابة الذي يطل على الميناء.

 

 

بينما بدأ الشمس في الغروب، كانا يراقبان السفن القادمة والمغادرة من الميناء وجماعة الايل، ويضعان خططًا.

 

 

“سأنزل الليلة لاحقًا لأرى إذا كانت هناك سفن متجهة إلى البحار الجنوبية في المستقبل القريب.”

 

 

عبس كايل وهو يسمع كلمات برودي.

 

 

“كيف ستعرفين ذلك؟”

 

 

“سأذهب فقط إلى الحانة التي يتجمع فيها الصيادون وأحصل على بعض المعلومات.”

 

 

كان هذا خطة معقولة إلى حد ما، ولكن كايل، الذي لم يكن شخصًا متعاونًا جدًا، كان لديه رأي مختلف.

 

 

“لماذا لا نذهب نحن الاثنان بدلًا من ذلك؟”

 

 

“هل ستتحول إلى إنسان؟”

 

 

“أوه.”

 

 

“لكن ليس لدينا أي ملابس.”

 

 

“يمكننا فقط الحصول على ملابس منه.”

 

 

“من منه؟”

 

 

 

نظرت برودي إليه بعينين متسعتين وسألته. ثم نظر كايل فجأة بعيدًا عن برودي، وحدق في الغابة وأجاب:

 

 

“من ذلك الشخص.”

 

 

“ذلك الشخص؟”

 

 

حدقت برودي في المكان الذي كان ينظر إليه، غير فاهمة لما قاله.

 

 

لكن بعد فترة، خرج شخص خجول من خلف الشجرة الكبيرة التي كان كايل يحدق فيها.

فتحت برودي فمها مندهشة لرؤية ذلك الوجه المألوف.

 

 

“السيد غزال؟”

 

 

كان بالفعل الغزال.

 

 

في الواقع، كان كايل قد لاحظ وجود الغزال منذ حوالي 30 دقيقة عندما تبعهم.

 

 

السبب في أنه تركه دون أن يفعل شيئًا رغم أنه كان يعلم بما يحدث؛ هو أن الغزال لم يحاول إخفاء نفسه.

 

 

لو كان يتبعهم سرًا ويتجسس عليهم، لكان قد ذهب مباشرة إلى حيث كان وقتله.

 

 

لكن الغزال تمكن من البقاء على قيد الحياة لأنه كان واقفًا هناك كما لو كان يريد أن يجده أحدهم ويتحدث إليه أولًا.

 

“أعتذر. تابعتكم من دون أن أخبركم.”

 

 

على عكس المرة السابقة عندما كان الغزال متوترًا للغاية وقلقًا، يبدو أنه بعد مرور بعض الوقت، هدأ.

 

 

اعتذر لهم بأدب.

 

 

على عكس برودي، التي كانت سعيدة لرؤيته، تجاهل كايل اعتذاره وطلب منه أن يتابع عمله.

 

 

“إذا كنت نادمًا، فاشرح لماذا تابعتنا خلسة.”

 

 

بلع الغزال مرة وهو ينظر إلى كايل وتحدث بصوت هادئ.

 

 

“كنت في عجلة من أمري في وقت سابق، فقلت شكري وذهبت، لكن ذلك ظل يزعجني وأنا آسف لأنني تبعتكم رغم انه عدم الاباقة . ولكن إذا كان ذلك مقبولًا لكم، أود أن أدعوكم إلى وجبة…”

 

 

“أوه، حقًا؟”

 

 

برودي كانت متأثرة جدًا لدرجة أنها بدت ممتنة.

 

 

لكن كايل استمع إليه بتعبير خالي من المشاعر قبل أن يفتح فمه.

 

 

“لا أريد الوجبة، فقط أعطني المال.”

 

 

تفاجأ الغزال من الطلب المباشر. وشعر بالإحراج عندما سمعه.

 

 

رفعت برودي قدمها الخلفية على قدم كايل.

ثم، تاركة كايل خلفها، الذي بدأ يغضب ويسأل لماذا، وضعت قدميها الأماميتين معًا وتحدثت بصوت خشن.

 

 

“هاها. سيكون لنا شرف كبير إذا دعوتنا! كنا بالفعل نتوق للطعام بعد رحلة طويلة!”

 

 

بالطبع، كانت هذه وجهة نظر برودي. كايل، الذي كان مليئًا بالشكوك، عض حقيبة برودي وسحبها خلفه.

 

 

صرخت برودي أنها تريد التحدث مع الغزال لحظة قبل أن تُسحب، وأخبرها كايل أن تعود إلى صوابها فورًا بعد أن أسقطها.

 

 

“ماذا، تقولين إنه سيكون شرفًا أن تُدعين؟ استريحي، أيتها الأرنب اللعينة. لماذا تريدين متابعة شخص قابلتيه اليوم؟”

 

 

 

كان صوته مرتفعًا بما يكفي ليُسمع من قبل الغزال. هزت برودي أرجلها الأمامية بعنف وهمست له لتخفيض صوته.

 

 

“ألن نأكل ونغادر فقط؟ هل هناك مشكلة في ذلك؟”

 

 

في الواقع، قبلت دعوة العشاء لأنها كانت تريد أن يشبع كايل أكثر منها.

 

 

لذا حاولت إقناعه بشكل أكثر فاعلية.

 

 

“وما الذي يجعلك مشكوكًا فيه؟ هو ليس من النوع الذي يؤذي من أنقذه في البداية.”

 

 

“كيف تعرفين إذا كان من هذا النوع أم لا؟”

 

 

“يا إلهي، كايل. ذلك الشخص غزال. هل رأيتَ غزالًا يفعل شيئًا سيئًا؟ فقط انظر إلى تلك العيون البريئة والواضحة.”

 

 

“أنتِ تقولين هراء.”

 

 

لم يُذعن كايل لها بسهولة لأن إقناعها كان خاليًا تمامًا من أي حكم عقلاني.

 

 

بينما استمر الاثنان في الشجار، قاطع صوت الغزال حديثهما فجأة.

 

 

“أعتذر لقول ذلك، لكن…”

 

 

التفت برودي وكايل نحوه.

 

 

“سمعتُ أنكم كنتم تخططون للصعود إلى سفينة متجهة إلى الجنوب قبل قليل.”

 

 

تردد الغزال للحظة ثم تحدث إليهم، وهم يحدقون فيه بهدوء.

 

 

“أعتقد أنني أستطيع مساعدتكم في ذلك قليلاً…”