إن مشاركة من كان بينهم خلاف في حفلٍ واحد يُعتبر في أوساط المجتمع إشارة إلى أنّ ‘سوء الفهم قد زال’، أو أنّها بادرة غفران ومصالحة. وبما أنّه من غير اللائق توجيه النقد لأمرٍ حُسِم بالفعل بين أصحابه، فلن يستطيع أحد بعد ذلك إقصاء كانا كما فعلوا من قبل.
‘في القصة الأصليّة، حين غفرت ليليا لكانا، لم يجرؤ أحد على انتقادها.’
ثمّ أثنوا على ليليا باعتبارها امرأة ملائكيّة رحيمة غفرت حتّى لمن حاول قتلها.
دخلت ومعها خادمتها إلى صالون الاستقبال في الطابق الأوّل، حيث استقبلها الكونت والكونتيسة بلانشيت وابنهما، والذين بدوا أكثر وَهَنًا وهزالًا ممّا رأتهم آخر مرّة في الصيد.
“ليحفظ جلالةُ الإمبراطور منزل الكونت بلانشيت. بلغني أنّكم رغبتم في لقائي.”
فأجاب الكونت. “وليحفظ جلالتُه كذلك الأنسة سيلا أرسيل. نشكركِ على تلبية طلبنا المفاجئ.”
لطالما قيل إنّ ‘جميع المعادن والجواهر في الإمبراطوريّة تمرّ بين أيدي صنّاع عائلة بلانشيت’، في إشارة إلى براعتهِم في تجارة المعادن.
فأرض بلانشيت معروفة بجدبها، لكنّها حافلة بالمناجم. فتجمّع الحِرفيون حولها، حتّى في الأزمان التي كان يُزدَرى فيها أرباب الحِرَف، سعت عائلة بلانشيت إلى نصرتهم. فأضحى منزل بلانشيت بمرور الزمن ‘مركزَ الصنّاع’.
ولهذا السبب عهد أكثر النبلاء بتصنيع المعادن إلى حرفيي منزل بلانشيت.
‘حتى العائلة الإمبراطوريّة أوكلت صقل أحجار المانا إلى صنّاع منزل بلانشيت.’
جلست سيلا أمامهم وقالت.
“أيجوز أن أسألكم عن سبب استدعائي؟”
أجاب الكونت، ومسحة الأسى ظاهرة في تجاعيده المتعمّقة.
“إنّه بشأن ابنتي كانا، إذ رغبتُ أن أراكِ معها.”
ثم تنفّس تنهيدة قصيرة وهو يمسح رأسه الأجرد.
فبعد الحادثة المفاجئة التي سبّبتها ابنته العزيزة، فقدت كانا ذاكرتها. لم تَعُد تذكر أنّ الصيد قد انتهى، ولا ما فعلته.
وعندما تمسّكت بثوبه باكيةً متوسّلة تُصرّ أنّها بريئة، لم يستطع أن يقول إنّه يصدّقها. لقد اعترفت آنذاك، بل وُجِدت أدلّة. وأيّ خطأ في التعامل مع الوضع قد يُعرّضها لعقوبة أشدّ من التي تلاقاها.
“وحين طلبت كانا أن تكتب لكِ رسالة، أخبرني ابني أنّه سمعكِ تقولين. لا تمنعوها إن أرادت.”
ثمّ نظر الكونت إلى ابنه برهةً قبل أن يعيد بصره إلى سيلا، وسأل بلهجة المستغيث.
“هل تعلمين سبب تصرّف كانا على هذا النحو؟”
كانت سيلا قد علمت أثناء بحثها عن عائلة بلانشيت أنّ روابطهم العائليّة متينة كما يُشاع. على خلاف تقارب أسرتها المصطنع، كان إخلاصهم صادقًا.
“إن بُحتُ لي بما تعلمين، فأنا على استعداد أن أُعطيك أيّ طلب يدخل ضمن قدرتي. بل وأعدك أن أقبل شروط ماركيز أرسيل بلا اعتراض.”
‘شروط ماركيز أرسيل؟’
فتحت سيلا عينيها ببطء وقد بدا عليها الذهول، وسألت. “ما هي تلك الشروط التي طلبها؟”
قال الكونت. “غضبًا من الحادثة التي كادت تودي بحياتكِ، زعم أنّه يريد تسوية الأمر بنُبل وإنسانيّة، ثم طالب بأن تكون أجرة استئجار الصنّاع… هكذا.”
قطّب حاجبيه ثم مسحهما سريعًا، متفحّصًا أثر كلماته على سيلا.
“لقد طلب خفضًا بنسبة ثمانين في المئة من المبلغ الأصلي.”
قالت سيلا ببرود. “أي أنّه لجأ إلى التهديد كي يخفض السعر، وذلك أبعد ما يكون عن النبل.”
“اهم، اهم… أجل…”
أيّ هراء هذا؟ لا، بل كان هراءً منذ البدء
لو لم تكن حادثة الصيد، لما فكّر الكونت أصلًا بقبول مثل هذا الشرط الفاحش، ولرفضه منذ الوهلة الأولى. لكنّ ماركيز أرسيل استغلّ الوضع ليضغط عليه.
‘جشعه لا حدود له.’
ابتسمت سيلا بسخرية خفيّة وهي تُلقي بنظرة بطيئة متعمّدة في أنحاء الغرفة، كأنّها تبعث إشارةً خفيّة. فالتقط الكونت مرادها وأمر الخدم بالمغادرة.
وعندما وافق الآخران، باشر رون بفحصهم باحثًا عن أعراض مماثلة لما أصاب كانا.
فقال. “لا وجود لأي أعراض.”
ثم أخذت سيلا لحظةً لتجمع أفكارها قبل أن تواصل. “لا أدري لِمَ فقدت الأنسة كانا ذاكرتها. فحين أشارت الدلائل إليها، لم أستطع أن أقول رأيي آنذاك، لكنني أظنّ أنّ المجرم الحقيقي شخص آخر.”
سألها الكونت. “أتقولين إنّك لا تصدّقين أنّ كانا هي الفاعلة؟”
“نعم. إنما أُرجّح أسرتي أنا. فخلافًا لما يُظَنّ، ليست علاقتي بهم طيّبة.”
وأوضحت لهم سيلا بهدوء أنّ لدى أسرتها دافعًا كافيًا، مستشهدة بما مرّت به بنفسها. فأصابهم الذهول، لا سيما بقصّة الابنة المُتبنّاة التي عانت القسوة، إذ بدا لهم ذاك أشدّ قسوة ممّا حلّ بابنتهم.
قالت سيلا.
“لدي ثلاثة أسباب. أوّلها أنّ ليليا وحدها أمسكت بمعصمي تحديدًا في الموضع الذي وُضِع فيه السمّ.”
ثمّ تابعت بعد نفسٍ عميق.
“وثانيها أنّ الأنسة أييشا رأت ليليا تضحك بعدما قصدت الأنسة أرسيل لتبدي قلقها على سلامتي.”
ثم شرحت بجلاء السبب الأخير الذي كشفته مؤخرًا.
“وثالثها أنّه حين سقطتُ في الغابة، كان أحدهم يراقبني خلسة، وبعد أن تعرّفتُ إليه، اكتشفت أنّه حارس والدتي الشخصي. وقبل لقائي بكاليكس، كنتُ على وشك التعرّض للخطر مرارًا، لكن ذلك الحارس لم يحرّك ساكنًا ليحميني.”
ساد الصمت البارد حين أنهت كلامها. ثم تكلّمت الكونتيسة بصوت أجوف، ويديها المرتعشتان تضغطان إحداهما على الأخرى.
“الآن إذ تذكّرت… حين حضرتُ اجتماع أحد الآنسات مؤخرًا، كان حارس السيدة أرسيل قد استُبدل.”
“أحقًّا؟”
“نعم. وأيضًا… خلال الصيد، كانت كانا، التي بقيت في المعسكر معظم الوقت، قد ذهبت لتلتقي ليليا. وكنتُ أظنّ أنّهما حضرتا بعض اللقاءات معًا فحسب، لكن…”
ارتجف صوتها بعنف، ثم لم تستطع إتمام الجملة، فانخرطت في بكاءٍ مُرّ. وخطر لها أنّ ابنتها، التي أصبحت فجأة تتصرّف على غير عادتها كأنّها مسحورة، قد تعرّضت لشيءٍ ما في تلك اللحظة.
فقال الكونت وهو يطحن أسنانه غضبًا، واحمرّت فروة رأسه الصلعاء. “كيف يجرؤون…!”
تذكّر عائلة أرسيل، الذين ربما دبّروا المكيدة، وماركيز أرسيل الذي تجرّأ على طرح شروط مجحفة.
“لقد قلتَ بوضوح ‘ستستجيب لطلبي في حدود المعقول’، أليس كذلك ايها الكونت؟”
“نعم. إنني أقدّرك كثيرًا، لذا سأفي بكلمتي. غير أنّه، ابتداءً من اليوم، أرى أنّ علاقتي بعائلة آرسيل قد انتهت.”
كانت تلك كلمة فاصلة بقطع كل صلة مع عائلة أرسيل. ورغم امتنانه لسيلا على كشف الحقيقة، لم يرغب بالتراجع عن عزمه، إذ هم الذين أوصلوا كانا إلى ما هي فيه.
ابتسمت سيلا فورًا كما لو أنّها كانت تنتظر هذه اللحظة، وقالت.
“رائع! وفي هذه الحال، لمَ لا تعقد صفقة معي بدلًا من أسرة أرسيل؟”
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة. شاد.
~~~~~~
End of the chapter استمتعوا
“قبل أن تفقدي ذاكرتكِ…”
ضغطت كانا بإبهامها على راحة يدها بإحكام، وكأنها مترددة في من أين تبدأ، وملامح الغشاوة مرتسمة على وجهها.
قالت. “بوسعك أن تأخذي وقتك وتبدئي بما تذكرينه.”
وبعد لحظةٍ من التردّد، تكلّمت كانا أخيرًا.
“كنتُ في حفلة الشاي لدى الأنسة هايلي. وكنتُ أتحدّث مع الفتيات عن آخر ما فعلناه مؤخرًا.”
سألتها. “وما طبيعة ذاك الحديث؟”
“أم…”
تاه بصر كانا نحو النافذة. ومن خلال رؤيتها المشوّشة استطاعت أن تلمح حركة الغيوم البيضاء البطيئة وهي تنساق في السماء.
“أحاديث عن الفساتين أو الأقنعة المُعَدّة لحفلة التنكّر، أو كيف أفسد كلب الأنسة ميلو فستانها المفضّل… أمور تافهة جدًا. آه، والآن إذ تذكرت…”
راحت أصابع كانا تمسّ بخفّة حافة عينيها الحادّتين، ثم قالت.
“الآنسة ليليا ذكرت أنّها حصلت على أوراق شاي جديدة من القارّة الشرقيّة خلف البحر، وأرادت أن تُريها للجميع.”
ليليا. بمجرّد أن ورد الاسم، انقلب بصر سيلا الحادّ صوب كانا. لكن هذه الأخيرة ظلّت عيناها معلّقتين بالنافذة، لا تشعر بالتبدّل في ملامح سيلا.
“وقد سمحت الأنسة بذلك، فقامت خادمة ليليا الشخصيّة بتقديم الشاي. وأذكر أنّه كان شايًا ذا عبق قوي للغاية.”
بعد ذلك انشغل الحديث بالثناء على مذاق الشاي. بل إنّ بعض الفتيات سألْن عن مصدر أوراقه.
“ثم عدتُ إلى القصر، لكن في طريق العودة…”
توقّفت شفتا كانا، التي كانت تتحرّك ببطء، عن الكلام.
“في طريق العودة…”
وإذا بالغيوم الوديعة تبتلع الشمس فجأةً باندفاعٍ كاسح.
“أظن أنّي التقيتُ أحدًا… أو ربما اكتفيتُ بالحديث مع أخي في القصر؟”
تأرجح بصر كانا المرتبك بين النافذة وسيلا ثم الأرض. فأدركت سيلا ارتباكها، وحاولت تهدئتها بلطف وهي تطرح عليها مزيدًا من الأسئلة.
“أعتذر أنّي لم أقدّم عونًا أكبر. أمّا بخصوص نوع أوراق الشاي التي جاءت بها ليليا، فيمكنك سؤال إحدى الفتيات الأخريات…”
تلاشى صوت كانا في منتصف الجملة وغشي الغبش ملامحها. انحدرت عيناها النافذتان قليلًا، حتى غدت أشبه بقطٍّ مكرَه على الاستحمام.
ولم يكن عسيرًا على سيلا أن تدرك سبب ذاك التعبير.
‘لقد كانت حادثة كبيرة.’
في يوم مناسبةٍ للإمبراطورية، اندلعت فضيحة – إذ حاولت ابنةُ كونت قتلَ ابنةِ ماركيز. وبسبب فداحة الحادثة، كان من المحتوم أن تُقصى كانا عن المجتمع.
قالت سيلا. “إن رأيتِ الأمر شديد الصعوبة، فسوف أجد سبيلًا آخر. وبالمناسبة، ما رأيك أن ترافقيني إلى حفل اجتماعي قريبًا؟”
إن مشاركة من كان بينهم خلاف في حفلٍ واحد يُعتبر في أوساط المجتمع إشارة إلى أنّ ‘سوء الفهم قد زال’، أو أنّها بادرة غفران ومصالحة. وبما أنّه من غير اللائق توجيه النقد لأمرٍ حُسِم بالفعل بين أصحابه، فلن يستطيع أحد بعد ذلك إقصاء كانا كما فعلوا من قبل.
‘في القصة الأصليّة، حين غفرت ليليا لكانا، لم يجرؤ أحد على انتقادها.’
ثمّ أثنوا على ليليا باعتبارها امرأة ملائكيّة رحيمة غفرت حتّى لمن حاول قتلها.
دخلت ومعها خادمتها إلى صالون الاستقبال في الطابق الأوّل، حيث استقبلها الكونت والكونتيسة بلانشيت وابنهما، والذين بدوا أكثر وَهَنًا وهزالًا ممّا رأتهم آخر مرّة في الصيد.
“ليحفظ جلالةُ الإمبراطور منزل الكونت بلانشيت. بلغني أنّكم رغبتم في لقائي.”
فأجاب الكونت. “وليحفظ جلالتُه كذلك الأنسة سيلا أرسيل. نشكركِ على تلبية طلبنا المفاجئ.”
لطالما قيل إنّ ‘جميع المعادن والجواهر في الإمبراطوريّة تمرّ بين أيدي صنّاع عائلة بلانشيت’، في إشارة إلى براعتهِم في تجارة المعادن.
فأرض بلانشيت معروفة بجدبها، لكنّها حافلة بالمناجم. فتجمّع الحِرفيون حولها، حتّى في الأزمان التي كان يُزدَرى فيها أرباب الحِرَف، سعت عائلة بلانشيت إلى نصرتهم. فأضحى منزل بلانشيت بمرور الزمن ‘مركزَ الصنّاع’.
ولهذا السبب عهد أكثر النبلاء بتصنيع المعادن إلى حرفيي منزل بلانشيت.
‘حتى العائلة الإمبراطوريّة أوكلت صقل أحجار المانا إلى صنّاع منزل بلانشيت.’
جلست سيلا أمامهم وقالت.
“أيجوز أن أسألكم عن سبب استدعائي؟”
أجاب الكونت، ومسحة الأسى ظاهرة في تجاعيده المتعمّقة.
“إنّه بشأن ابنتي كانا، إذ رغبتُ أن أراكِ معها.”
ثم تنفّس تنهيدة قصيرة وهو يمسح رأسه الأجرد.
فبعد الحادثة المفاجئة التي سبّبتها ابنته العزيزة، فقدت كانا ذاكرتها. لم تَعُد تذكر أنّ الصيد قد انتهى، ولا ما فعلته.
وعندما تمسّكت بثوبه باكيةً متوسّلة تُصرّ أنّها بريئة، لم يستطع أن يقول إنّه يصدّقها. لقد اعترفت آنذاك، بل وُجِدت أدلّة. وأيّ خطأ في التعامل مع الوضع قد يُعرّضها لعقوبة أشدّ من التي تلاقاها.
“وحين طلبت كانا أن تكتب لكِ رسالة، أخبرني ابني أنّه سمعكِ تقولين. لا تمنعوها إن أرادت.”
ثمّ نظر الكونت إلى ابنه برهةً قبل أن يعيد بصره إلى سيلا، وسأل بلهجة المستغيث.
“هل تعلمين سبب تصرّف كانا على هذا النحو؟”
كانت سيلا قد علمت أثناء بحثها عن عائلة بلانشيت أنّ روابطهم العائليّة متينة كما يُشاع. على خلاف تقارب أسرتها المصطنع، كان إخلاصهم صادقًا.
“إن بُحتُ لي بما تعلمين، فأنا على استعداد أن أُعطيك أيّ طلب يدخل ضمن قدرتي. بل وأعدك أن أقبل شروط ماركيز أرسيل بلا اعتراض.”
‘شروط ماركيز أرسيل؟’
فتحت سيلا عينيها ببطء وقد بدا عليها الذهول، وسألت. “ما هي تلك الشروط التي طلبها؟”
قال الكونت. “غضبًا من الحادثة التي كادت تودي بحياتكِ، زعم أنّه يريد تسوية الأمر بنُبل وإنسانيّة، ثم طالب بأن تكون أجرة استئجار الصنّاع… هكذا.”
قطّب حاجبيه ثم مسحهما سريعًا، متفحّصًا أثر كلماته على سيلا.
“لقد طلب خفضًا بنسبة ثمانين في المئة من المبلغ الأصلي.”
قالت سيلا ببرود. “أي أنّه لجأ إلى التهديد كي يخفض السعر، وذلك أبعد ما يكون عن النبل.”
“اهم، اهم… أجل…”
أيّ هراء هذا؟ لا، بل كان هراءً منذ البدء
لو لم تكن حادثة الصيد، لما فكّر الكونت أصلًا بقبول مثل هذا الشرط الفاحش، ولرفضه منذ الوهلة الأولى. لكنّ ماركيز أرسيل استغلّ الوضع ليضغط عليه.
‘جشعه لا حدود له.’
ابتسمت سيلا بسخرية خفيّة وهي تُلقي بنظرة بطيئة متعمّدة في أنحاء الغرفة، كأنّها تبعث إشارةً خفيّة. فالتقط الكونت مرادها وأمر الخدم بالمغادرة.
وعندما وافق الآخران، باشر رون بفحصهم باحثًا عن أعراض مماثلة لما أصاب كانا.
فقال. “لا وجود لأي أعراض.”
ثم أخذت سيلا لحظةً لتجمع أفكارها قبل أن تواصل. “لا أدري لِمَ فقدت الأنسة كانا ذاكرتها. فحين أشارت الدلائل إليها، لم أستطع أن أقول رأيي آنذاك، لكنني أظنّ أنّ المجرم الحقيقي شخص آخر.”
سألها الكونت. “أتقولين إنّك لا تصدّقين أنّ كانا هي الفاعلة؟”
“نعم. إنما أُرجّح أسرتي أنا. فخلافًا لما يُظَنّ، ليست علاقتي بهم طيّبة.”
وأوضحت لهم سيلا بهدوء أنّ لدى أسرتها دافعًا كافيًا، مستشهدة بما مرّت به بنفسها. فأصابهم الذهول، لا سيما بقصّة الابنة المُتبنّاة التي عانت القسوة، إذ بدا لهم ذاك أشدّ قسوة ممّا حلّ بابنتهم.
قالت سيلا.
“لدي ثلاثة أسباب. أوّلها أنّ ليليا وحدها أمسكت بمعصمي تحديدًا في الموضع الذي وُضِع فيه السمّ.”
ثمّ تابعت بعد نفسٍ عميق.
“وثانيها أنّ الأنسة أييشا رأت ليليا تضحك بعدما قصدت الأنسة أرسيل لتبدي قلقها على سلامتي.”
ثم شرحت بجلاء السبب الأخير الذي كشفته مؤخرًا.
“وثالثها أنّه حين سقطتُ في الغابة، كان أحدهم يراقبني خلسة، وبعد أن تعرّفتُ إليه، اكتشفت أنّه حارس والدتي الشخصي. وقبل لقائي بكاليكس، كنتُ على وشك التعرّض للخطر مرارًا، لكن ذلك الحارس لم يحرّك ساكنًا ليحميني.”
ساد الصمت البارد حين أنهت كلامها. ثم تكلّمت الكونتيسة بصوت أجوف، ويديها المرتعشتان تضغطان إحداهما على الأخرى.
“الآن إذ تذكّرت… حين حضرتُ اجتماع أحد الآنسات مؤخرًا، كان حارس السيدة أرسيل قد استُبدل.”
“أحقًّا؟”
“نعم. وأيضًا… خلال الصيد، كانت كانا، التي بقيت في المعسكر معظم الوقت، قد ذهبت لتلتقي ليليا. وكنتُ أظنّ أنّهما حضرتا بعض اللقاءات معًا فحسب، لكن…”
ارتجف صوتها بعنف، ثم لم تستطع إتمام الجملة، فانخرطت في بكاءٍ مُرّ. وخطر لها أنّ ابنتها، التي أصبحت فجأة تتصرّف على غير عادتها كأنّها مسحورة، قد تعرّضت لشيءٍ ما في تلك اللحظة.
فقال الكونت وهو يطحن أسنانه غضبًا، واحمرّت فروة رأسه الصلعاء. “كيف يجرؤون…!”
تذكّر عائلة أرسيل، الذين ربما دبّروا المكيدة، وماركيز أرسيل الذي تجرّأ على طرح شروط مجحفة.
“لقد قلتَ بوضوح ‘ستستجيب لطلبي في حدود المعقول’، أليس كذلك ايها الكونت؟”
“نعم. إنني أقدّرك كثيرًا، لذا سأفي بكلمتي. غير أنّه، ابتداءً من اليوم، أرى أنّ علاقتي بعائلة آرسيل قد انتهت.”
كانت تلك كلمة فاصلة بقطع كل صلة مع عائلة أرسيل. ورغم امتنانه لسيلا على كشف الحقيقة، لم يرغب بالتراجع عن عزمه، إذ هم الذين أوصلوا كانا إلى ما هي فيه.
ابتسمت سيلا فورًا كما لو أنّها كانت تنتظر هذه اللحظة، وقالت.
“رائع! وفي هذه الحال، لمَ لا تعقد صفقة معي بدلًا من أسرة أرسيل؟”
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة. شاد.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 71"