استمتعوا
“أجل. أقسم.”
أجاب كاليكس على الفور. لم يتردد للحظة واحدة أمام الحشود الغفيرة.
وصوته المهيب كان يوحي بأنه سيعتز بهذا القسم كحياته.
شعرت سيلا بخفقان قلبها، فابتهلت واستنشقت نفسًا عميقًا.
“هل تقسمين على أن تتخذي هذا الرجل زوجًا لك، وأن تحبيه وتعتزي به وتلازميه في كل لحظة، سواء كانت سعيدة أو حزينة أو مؤلمة، وأن تبقي مخلصة له مدى الحياة؟”
“أجل. أقسم.”
أقسمت سيلا بنفس التوقير.
كان قسم الزواج مجرد إجراء شكلي، ولكن بعد أن أظهر التزامه الثابت، أرادت أن تصل مشاعرها الصادقة إليه.
الآن، لم يتبق سوى الإجراء الأخير، قبلة القسم.
استدارت سيلا نحو كاليكس، وهو كذلك واجهها.
عندما رفع غطاء رأسها الأبيض بعناية، شدّت عضلات وجهه بشكل مبالغ فيه.
هل هو حقًا مريض؟ أم أن هناك شيئًا على وجهي؟
‘هل أنت بخير؟’
سألته بتعابير وجهها وهي مستغربة.
بدلاً من الإجابة، اقترب منها.
رأى رموشها السوداء بالتفصيل، وكادت أنفاهما أن تتلامسا.
عندما لامست أنفاسه بشرتها، كادت أن تغمض عينيها، ولكن…
“يبدو أنني لست بخير.”
بهمس خافت، تلامست شفاههما.
بعد هذه القبلة الحلوة التي امتزجت فيها أنفاسهما، أصبحا رسميًا زوجًا وزوجة.
وبينما كانت تستمر هذه القبلة العميقة، عبست سيلا قليلاً وفتحت جفنيها بضعف.
‘من الغريب أن تقول إنك لست بخير، ثم تقبلني فورًا.’
أرسلت إليه نظرة خفية، ثم أغمضت عينيها.
على أي حال، كانت هذه القبلة هي الأولى والأخيرة في حياتها.
فالاستجواب يمكن أن ينتظر لاحقًا.
“باسم الحاكم، أعلن أن هذين الشخصين قد ارتبطا في زواج مقدس.”
وهكذا، أصبحا زوجين وسط مباركة الجميع.
بعدما غادر جميع الضيوف، خيم ليل هادئ.
قررا قضاء ليلتهما الأولى في قصر الدوق في العاصمة، ثم الانطلاق إلى الإقطاعية في اليوم التالي.
انغمست سيلا في حوض الاستحمام الذي رُش فيه زيت ورد عطري.
كانت العديد من خادمات الدوقية يخدمنها، ويدلكن جسدها بلطف.
بفضل لمساتهن الحانية، استرخت عضلاتها المتصلبة.
استسلمت لتدليكهن وأغمضت جفنيها.
“سيدتي، إذا كنت بحاجة إلى أي شيء، فما عليكِ سوى أن تخبري.”
“حسنًا.”
في كل مرة كانت إحداهن تناديها بـ ‘سيدتي’، كانت تحتاج للحظة لكي تدرك أنها هي المقصودة.
‘سأحتاج وقتًا للتعود على لقب ‘سيدتي’ أيضًا.’
لن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً، لكن في الوقت الحالي، كان الأمر غريبًا كما كان عندما نادوها بـ’الأميرة لأول مرة.
ومع ذلك، حاولت أن تستجيب على الفور في كل مرة ينادونها.
بعد أن انتهت من الاستحمام، ارتدت روبًا ليليًا.
ثم اتجهت سيلا نحو الغرفة المخصصة لليلة زفافهما.
دخلت غرفة النوم بعد أن عبرت الممر، فوجدت كاليكس جالسًا على الأريكة، مرتديًا روبًا ليليًا شبيهًا بروبها، وكأنه قد انتهى من الاستحمام.
“هل أتيتِ سيلا؟”
كان جسده العضلي يبرز من الروب المفتوح.
أدركت فجأة ما كانا هنا من أجله.
شعرت بالحرارة تندفع إلى وجهها، فأصبح الواقع أقرب إليها من حفل الزفاف.
‘لن يلاحظ ذلك، أليس كذلك؟’
حاولت سيلا أن تبدو طبيعية بينما كانت عيناها تتجولان في الغرفة.
على الطاولة المستديرة أمامه، كان هناك نبيذ وحلويات مناسبة.
“هل تودين كأسًا؟”
“أجل. أنا جائعة.”
بالإضافة إلى ذلك، لا شيء يريح الأعصاب مثل النبيذ.
فتح غطاء القنينة، وبدأ يصب النبيذ الشفاف بلون أصفر في الكأس.
انبعثت رائحة النبيذ الحلوة التي تسكر.
“الرائحة جميلة.”
“أنا سعيد لأنه كان اختيارًا موفقًا.”
“بالمناسبة، لماذا قلت إنك لست بخير في حفل الزفاف؟ هل كنت مريضًا؟”
“آه.”
رفع كاليكس كأسه وابتسم ابتسامة عريضة.
“لأنني وقعت في حب زوجتي الجميلة مرة أخرى، لم أكن بخير.”
اهتز النبيذ في الكأس الذي كانت تحمله بشدة.
“ما الأمر زوجتي؟”
“…زوجتي.”
‘هناك لقب آخر يجب أن أعتاد عليه، بالإضافة إلى ‘سيدتي’.’
حتى عندما كان حفل الزفاف يجري، كانت تشعر وكأنها تتزوج، وفي نفس الوقت، كانت تشعر وكأنها تمشي على الغيوم، فلا تدرك الواقع.
وفي بعض الأحيان، كانت تشعر بأنها يجب أن تعود إلى القصر الإمبراطوري.
“لم أكن أدرك أنني تزوجت، ولكن بفضلك، أشعر بالواقع الآن.”
تكرار عبارة ‘سأتزوج، سأتزوج’ لم يكن له أي تأثير، لكن كلمة ‘زوجتي’ جعلتها تشعر بحقيقة زواجها تمامًا.
لقد تزوجت. لم تعد امرأة عزباء، بل أصبحت زوجة كاليكس.
ستصبح سيدة عائلة إيكاروس، وعائلته الوحيدة، وستعيش بجانبه.
شعرت بالتوتر من هذا الواقع الذي كان يقترب منها تدريجيًا.
فقرعت كأسها بكأسه، وشربت النبيذ بسرعة.
كان النبيذ الحلو باردًا، ثم أصبح ساخنًا وهو ينزل في حلقها.
شعرت بحرارة في جسدها، لكنها كانت بحاجة إلى هذا الشعور لتريح أعصابها.
“يبدو أنني لا أشعر بالتوتر أو القلق بشأن الزواج.”
تمتمت بصوت خفيض، بينما كان كاليكس يحدق فيها.
عندما رأت نظراته الفضولية، حكت له عن محادثتها مع غريس.
“تحدثتِ معها هكذا وأنتِ تنتظرين بالداخل؟”
“نعم. إنه أمر غريب، أليس كذلك، هذا اليقين بلا سبب؟”
الحياة بطبيعة الحال ليست سعادة دائمة، ومع ذلك، كانت تشعر وكأنها أصيبت بالشلل في مكان ما.
شعرت أنها غريبة على نفسها، وكأنها أصبحت حمقاء لا تستطيع فهم الواقع.
لكن حتى الآن، لا يمكنها أن تتخيل أي سحابة تظلل زواجهما.
هل هذا ما يشعر به المرء عندما يتزوج؟ أم أنها وقعت في حب شيء غريب؟
بينما كانت هذه الأفكار تسيطر عليها، نظرت إلى كاليكس بهدوء.
“إنه ليس أمرًا غريبًا، بل أنتِ رأيتِ الحقيقة. أليس لديكِ زوج لن يجعلكِ أبدًا تعيسة أو قلقة؟”
ابتسمت سيلا.
‘آه. لقد وقعت في الحب حقًا.’
هذه الكلمات المتغطرسة غرست جذورها فيها دون أي اعتراض.
‘هو قادر على فعل ذلك.’ كان اليقين يتأكد في قلبها، ورغم أنها علمت أن هذا غريب، لم تستطع أن ترفضه.
لقد وقعت في الحب حقًا.
أمسكت سيلا بقنينة النبيذ.
ماذا لو كان الأمر بعيدًا عن الواقع؟
اليوم هو اليوم المناسب لذلك، فقررت أن تفكر في الأمور المعقدة لاحقًا.
“حسنًا. سنبذل كلانا قصارى جهدنا.”
لكي يكونا سعيدين ولا يشعرا بالقلق في المستقبل.
كانت واثقة من قدرتها على المضي قدمًا نحو الهدف الذي حددته.
وفوق ذلك، كان شريكها قويًا.
ملأت سيلا كأسها بالنبيذ.
رن صوت الكؤوس وهي تتلامس.
بعد أن فرغت الكأس الثالث، شعرت بالحرارة تملأ حلقها.
أصبحت الأجواء بينهما أكثر حميمية.
“هل تريدين كأسًا آخر؟”
“همم. إذا شربتِ أكثر، فسأشعر بالضيق.”
“…”
“لأن هذه الكمية كافية للاسترخاء، ولكن إذا شربتِ أكثر، فلن نستطيع الاستمتاع بليلتنا هذه، يا زوجتي.”
لمعت عيناه الحمراوان بنظرة ساحرة.
تذكرت قط تلمع عيناها تحت ضوء القمر.
عندما واجهت نظراته التي كانت تبدو وكأنها تختبئ في الظلام، وعلى وشك أن تنقض على فريستها وتبتلعها، اختفت كل آثار الكحول على الفور.
عندما اختفى تأثير الكحول الذي كان يدفئ جسدها، شعرت ببرودة في الغرفة.
ارتعش جسدها وقشعر جلدها، فشدّت عليها الشال.
بالتأكيد، كانت تعرف ما كان يقصده.
تنهدت ببطء ثم زفرت، وكررت ذلك عدة مرات.
حدقت في النافذة التي كانت تتلألأ فيها النجوم.
‘ما زال الليل طويلاً.’ زفرت نفسًا عميقًا، ثم التقت عيناها بعيني كاليكس.
“هل أنا فريسة القط الليلة؟”
سألت سيلا بمزاح.
ابتسمت وهي تفكر بسخرية أن استعدادها للاستحمام وتزيين نفسها كان مجرد إعداد لتكون وجبة شهية للقط.
“لا يمكنني أن أقارن زوجتي بفأر.”
“إذن أنت لا تنكر أنك قط؟”
“لا، هذا أمر طبيعي.”
مع هذا الحوار الخفيف الذي يهدف إلى تخفيف التوتر، نهض كاليكس أولاً.
اقترب منها، وأمال جسده فوقها.
انتشرت رائحة النبيذ الحلوة ورائحة أشعة الشمس من حوله.
ظنت أنها أفاقت من تأثير الكحول، لكن عندما شمت رائحة النبيذ الممزوجة برائحته، عاد تأثير الكحول بسرعة.
بينما كانت تحدق فيه، شعرت بقدميها تتركان الأرض.
بشكل غريزي، وضعت ذراعيها حول عنقه، وحدقت فيه وهو يبتسم، ثم ضربت جبهتها بجبهته بلطف.
نظرا إلى بعضهما البعض، فامتلأت أعينهما ببعضهما البعض.
“…..”
“…..”
ثم، دون أن يبدأ أحد، تلامست شفاههما.
امتزجت رائحة النبيذ التي كانت تنبعث من كل منهما بعمق.
***
بعد بضعة أيام، حلمت غريس حلمًا.
رأت قط أصفر، هو نفسه الذي قاد سيلا إليها في الماضي، يمشي بخطوات رشيقة على طريق مليء بالزهور.
في الحلم، قفز القط واحتضنته سيلا.
كان القط يحمل في فمها أجمل زهرة وأكبرها.
—النهاية.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة. شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات