البحث عن زوج للدوقة - 98
الفصل 98 : الأميرة المليئة بالجراح ¹⁴
كان كالفين، على الرغم مِن صغر سنه، معروفًا بقدرتهِ الفائقة على التحقيق وقراراتهِ العادلة. كان قد تم تكليفُه بالفعل بالعديد مِن القضايا الكبيرة.
“مِن المُدهش أنهُ تطوع بنفسهِ. وتبدو السلطة القضائية مرتاحةً لذَلك، لأن لا أحد يرغبُ في التعامل مع قضايا الاعتداء على الزوجات.”
مِن المؤكد أنْ كالفين لَن يتعامل مع القضية باستخفاف، بل سيُحقق بدقةٍ ويصدر حكمًا مُناسبًا.
لكن عيني كيليان، التي كانت تلمعُ بشراسة، كانت مليئةً بالاستياء.
‘هَذا هو الشخص الذي التقى بأرتيا فون إيدنبرغ.’
قالت أرتيا، التي أجبرتها عمتُها على لقائه، إنه لَمْ يكن مِن نوعها بعد لقاءٍ واحدٍ فقط.
لكن…
‘هل كالفين سيُفكر بنفس الشيء؟’
كانت أرتيا فون إيدينبرغ جميلة. صوتها نقي. حديثُها لطيف. حركاتها أنيقة. تفوح منها رائحةٌ حلوة.
كان مِن الطبيعي أنْ تجذب أيِّ رجُل.
شعر نوكتورن، الذي كان يشهدُ الحضور القاسي لكيليان، بعرق بارد يتدفقُ على ظهره.
‘هو في الوقت الحالي يبدو أكثر وحشية مِما كان عليه في ساحة المعركة.’
آه، كان يرغبُ في الاستقالة والهروب إلى الريف البعيد…
كان يتشبثُ برغباتهِ في الاستقالة.
“إذا لَمْ يعجبك كالفين، هل ترغبُ في تغيّر القاضي إلى قاضٍ أعلى آخر؟”
أو كان بإمكان كالفين أنْ ينسحب بنفسه.
بالنظر إلى قوة الأمير المجنون، لَمْ يكُن هُناك ما يصعب تحقيقه.
لكن كيليان هزّ رأسه.
“لا حاجة لذَلك.”
على الرغم مِن أنْ ارتباط كالفين بأرتيا كان مُزعجًا للغاية، إلا أنه اعتقد أنْ أرتيا ستُفضل أنْ يتولى شخصٌ كفء القضية.
كان الغضب يتصاعدُ في قلبهِ عند التفكير في أرتيا، لكنهُ كان يعرف كيف يتصرف بعقلهِ.
***
لَمْ يمض وقتٌ طويل حتى انتشرت الأخبار الصادمة.
“السيدة فريجيا فون إليزيوم، المعروفة بلقب أميرة المُجتمع الراقي، قامت بالإبلاغ بتهمة الاعتداء على زوجها كونت إليزيوم. وقد تولى القاضي الأعلى كالفين القضية، وتم تحديد موعد المحاكمة في يوم X مِن شهر X.”
تلقى النبلاء في العاصمة الخبر كقنبلةٍ قد انفجرت وسطهم.
“هل تعرضت السيدة إليزيوم للاعتداء مِن قبل زوجها؟”
“هل كان الزوجان اللذان يُشبهان الفراشات مُتحابين قد تعرضا لمثل هَذهِ الأوضاع؟”
تباينت الآراء حول صحة الاعتداء.
“لا يُمكنني تصديق ذَلك. مِن المُستحيل أنْ يقوم الكونت إليزيوم، الذي يعتني بزوجته، بفعل شيءٍ فظيع مثل هَذا.”
“لكن هُناك مَن شهد أنْ الكونت إليزيوم كان يتعامل مع زوجتهِ بشكلٍ خشن عندما يكون في حالة سكر، رغم أنْ الجميع كانوا خائفين مِن قول ذَلك.”
“يا إلهي، أيُّ رجُل مِن النبلاء لا يشرب الخمر بشكلٍ مفرط؟ إنْ الإبلاغ عن زوجها لمُجرد ذَلك السبب أمرٌ متهور مِن السيدة إليزيوم.”
ورغم أنْ العنف الأسري لَمْ يكُن ظاهرًا، إلا أنهُ كان أمرًا شائعًا.
أظهر النبلاء استياءهم الأكبر مِن أنٌ تُبلغ الزوجة عن زوجها بدلاً مِن العكس.
“لقد كانت السيدة إليزيوم مثالًا للنساء المحترمات، واحترمتُها الكثيرات حتى حصلت على لقب إيثيريال. كيف يُمكن لامرأةٍ كهَذهِ أنْ تُكبر الأمور كطفلةٍ غير ناضجة بدلاً مِن الدفاع عن زوجها؟… إنْ الأمر مُحبطٌ حقًا.”
“لقد تحدثت عن كونها أميرة، لكن في النهاية، لا يُمكنها الهروب مِن أصولها الضعيفة.”
توجهت سهام اللوم نحو فريجيا.
* * *
“إنهُ خبرٌ سعيد أنْ كالفين سيتولى القضية، لكن الآراء العامة ليست جيدة.”
أجابت فريجيا بوجهٍ عابس على رد أفعل أرتيا.
“في النهاية، أنا مُجرد غريبةٍ جاءت مِن دولةٍ صغيرة.”
“……”
“لا أزال أتذكر ذَلك بوضوح. عندما دخلتُ عالم النبلاء لأول مرةٍ، كيف كانت نظراتُ الناس تجاهي.”
-حتى لو كانت أميرًة، فهي فتاةٌ مِن دولةٍ مُتخلفة مقارنةً بالإمبراطورية.
-لقد جئتِ هُنا مُقابل المال.
-إذا تصرفت كأنكِ تعرفين مكانتكِ بعد أنْ أصبحتِ زوجة الكونتإليزيوم، فَلَن أترككِ تمُرين دوّن عقاب.
كانت عيونهم مليئة بالعداء المتعالي.
لذا، بذلت فريجيا جهدًا مُضاعفًا أكثر مِما كانت عليهِ في بلدها.
اعتنت بمظهرها بدقةٍ، وقرأت عشرات الكتب عن الإمبراطورية كُل يوم لتتمكن مِن الحوار بشكلٍ سليم، وحضرت تجمعات النبلاء حتى في الأيام التي لَمْ تكُن فيها بصحةٍ جيدة لزيادة معارفها.
ببطء، تغيّرت نظرات الأشخاص الذين عرفوا فريجيا الجميلة والذكية واللطيفة.
وبهَذهِ الطريقة، حصلت على لقب إيثيريال.
“رغم أنني كنتُ في مكانةٍ يتطلع إليّها الجميع، كنتُ أعلم أيضًا أنه مهما مدحني الآخرون، في أعماق قلوبهم، سأظل غريبة.”
كان أولئكَ الذين لَمْ يرُق لهم أنْ تكون أميرةً غريبة واقفةً فوقهم كانوا ينتظرون لحظة سقوط فريجيا، كما هو الحال الآن.
“كان نصفُ صورتي التي قدمتُها للناس مزيفةً، لكن رغبتي في أنْ أكون محبوبة كانت صادقة…”
تابعت فريجيا مُبتسمةً بجهد.
“يبدو أنْ الأمر كان أكثر مِن طاقتي. فَمِن الطبيعي ألا أحظى بالحب مِن زوجي أو مِن والديّ.”
تحدثت أرتيا بلطف.
“هل حقًا تعتقدين ذَلك؟ أنا أعتقد بأنهُ ليس كذَلك…”
“شكرًا على مواساتي.”
“ليست مُجرد مواساة، بل هي حقيقة. إذا لَمْ تكُن فريجيا محبوبةً، فلماذا جاء كلا والديكِ هُنا؟”
كلا والديّ؟
اتسعت عينا فريجيا.
في تلكَ اللحظة، فتح باب الاستقبال وظهرت امرأتان، ماريغولد وداليا.
ركضت ماريغولد وعانقت فريجيا.
“أميرتي، هل أنتِ بخير؟!”
“……”
“لماذا لَمْ تُخبريني أنكِ تعرضت لمثل هَذا الأمر الرهيب؟!”
كان في صوت ماريغولد القلق وأسى شديدين. وبدأت عيون فريجيا المُتجمدة تبتل بالدموع.
ردت بصوتٍ مُرتجف.
“آه، لأنكِ أحببتني كأميرة جميلة وكاملة.”
فإذا أظهرتُ صورة الزوجة التي تُضرب، لَن يُحبني أحد.
صرخت ماريغولد.
“لا، لقد أحببتُكِ لجمالك. لكنني لستُ مِن النوع الذي يرمي الجوهرة إذا كان بها خدش. سأحتفظُ بها بعنايةٍ داخل صندوق.”
تحدثت داليا أيضًا بصوتٍ جاد.
“بصراحة، لا أهتم بالمظهر الخارجي للآخرين. كنتُ أتعامل معكِ لأن…”
كلمة ماريغولد بأنني أحببتُكِ تتناقض تمامًا مع ما كانت تُفكر فيه داليا، تلتها كلماتٍ غير متوقعة.
“لأنني كنتُ أراكِ كمرأةٍ رائعة تُحافظ على مظهرها المثالي في كُل لحظة.”
“……!”
“وبعد هَذا الحادث، زادت احترامي لكِ أكثر. الإبلاغ عن زوجكِ المُعتدي يتطلبُ شجاعةً كبيرة.”
تجمدت فريجيا وهي تُحدق في المرأتين.
لقد اعتقدت أنه لَن يُحبها أحد.
لَمْ يكُن الأمر كذَلك.
لقد كان لديّ أصدقاءٌ يُحبونني بصدق ويعترفون بي.’
“آه!”
نسيت فريجيا جميع آداب السيدة أو مكانة الأميرة وبدأت تبكي كطفلة.
احتضنتها ماريغولد وراحت تواسيها. بينما بقيت داليا بجانبهم على الرغم مِن تعبيرها المُحرج.
“إنها حقًا صداقةٌ رائعة.”
تأثرت أرتيا وهي تُراقب الثلاثي وتدمع عيناها.
اجتمعت أرتيا وفريجيا وماريغولد وداليا معًا.
قالت أرتيا.
“ستعُقد محاكمة اعتداء الكونت إليزيوم بعد شهر. إذا أردنا الحصول على حكمًا إيجابي، يجبُ أنْ نجمع أشخاصًا يُمكنهم إثبات أنْ فريجيا تعرضت للاعتداء. هل هُناك مَن يُمكنه مساعدتنا؟”
أجابت فريجيا، عيونها متورمة مِن البكاء.
“هُناك بعض النبلاء الذين شهدوا أنْ زوجي كان يتعامل معي بشكلٍ سيء عندما كان مخمورًا، ولكن في ذَلك الوقت اعتبر الناس أنْ زوجي كان في حالة سكر، لذا لَن يرغبوا في مساعدتي.”
قبل كُل شيء، كان الكونت إليزيوم نفوذ هائل في مُجتمع النبلاء. لَمْ يكُن هُناك سببٌ للناس ليتحدوا سلطته.
“ومِن المُحتمل أنهم قد تم تهديدهم بشدةٍ مِن قبل الكونت إليزيوم. أعتقد أنْ البحث عن شخصٍ لَمْ يتوقعه سيكون أكثر فعالية…”
فكرت أرتيا للحظةٍ ثم قالت.
“ماذا عن خدم الكونت إليزيوم؟”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة