البحث عن زوج للدوقة - 95
الفصل 95 : الأميرة المليئة بالجراح ¹¹
“عندما نام زوجي، أخذت ليزي وغادرتُ القصر سرًا.”
لَمْ يكُن في ذهن فريجيا سوى فكرة الهروب إلى مكانٍ بعيد حيثُ لا يُمكن لزوجها الوصول إليّها.
لكن، على الرغم مِن كونها المرأة الأكثر حُبًا في المُجتمع، لَمْ يكُن هُناك مكانٌ تذهبً إليّه.
كيف يُمكنها الذهاب إلى أيِّ شخصٍ بهَذا الشكل؟
ماريغولد؟ داليا؟ لكنها لَمْ ترغب في عرض هَذا المشهد المأساوي أمامهن.
في خضم هَذا الواقع المُحبط، كان هُناك شخصٌ واحد يتبادر إلى ذهنها.
أرتيا.
‘لقد قالت بإنها لديها ألمًا مُشابهة. وعدت بأنها ستُساعدني.’
لذا، توجهت فريجيا إلى أرتيا.
“أعتذر عن زيارتي غيرِ المُبررة رغم أننا لسنا مُقربين.”
“……”
“لكن، هل يُمكنكِ مُساعدتي؟ لقد كنتُ أستطيع تحمل الضرب، لكن لا أستطيعُ تحمل رؤية ليزي في هَذا الموقف. إذا ساعدتني، سأجدُ وسيلةٌ لتقديم الشكر.”
سمعت أرتيا الكثير عن فريجيا مِن ماريغولد.
على الرغم مِن مظهرها الرقيق، فقد قيل إنها لا تتوقع المُساعدة مِن الآخرين.
‘يبدو أنها تشعرُ بالخجل مِن طلب المُساعدة. لذَلك أشعر بالأسف.’
كان تضرعها للمُساعدة يعني أنها وضعت كبريائها جانبًا، كل ذَلك مِن أجل ابنتها.
وضعت أرتيا يدها فوق كف فريجيا المُرتجف.
“لقد أخبرتُكِ سابقًا، عندما أكون قلقةً على شخصٍ ما، يجبُ أنْ أساعده لكي أشعر بالراحة. هَذا ما أريدُ فعله، لذا ليس عليكِ تقديم أيِّ شكرٍ. لا داعي للشعور بالضغط.”
“……”
“أنتِ هُنا في المكان الصحيح.”
“……!”
بكلمةٍ واحدة، عادت الدموع إلى عيني فريجيا.
انتظرت أرتيا بصمتٍ حتى توقفت فريجيا عن البكاء.
بعد أنْ هدأت فريجيا، بدأت أرتيا حديثها بشكلٍ مُباشر.
“هل فكرتِ في الانفصال عن الكونتإليزيوم؟”
هزّت فريجيا رأسها بتعجُب.
لَمْ يكُن السبب فقط أنْ روابط الزواج لا يُمكن قطعها أبدًا وفقًا لعقيدة بلدها.
“عندما أرادت السيدة إيدينبرغ الطلاق، دعم الإمبراطور والكثير مِن النبلاء الانفصال.”
لَمْ يكُن ذلك دعمًا نقيًا لأرتيا، بل كان بسبب الطموح لمكانة دوق إيدينبرغ والاحتقار لويد الذي أصبح قمامةً في المُجتمع، ومع ذَلك كانت الآراء في صالح أرتيا بشكلٍ ساحق.
بفضل ذَلك، تمكنت مِن الحصول على الطلاق.
لكن وضع فريجيا كان مُختلفًا تمامًا.
“أنا مُجرد أميرةٍ بلا قيمة في بلدٍ أصغر بكثير وأقل ثراءً مِن الإمبراطورية، وليس لديّ شيءٌ أستند إليّه. كُل ما حصلتُ عليه في المُجتمع كان بفضل كوني زوجة الكونت إليزيوم. إذا عبرتُ عن رغبتي في الطلاق، فَلَن يدعم أحدٌ ذَلك. الأمر نفسه في بلدي.”
سيتعاطف الناس مع الكونت إليزيوم القوي وسيتهمون فريجيا الضعيفة.
قالت أرتيا بصوتٍ واضح.
“الرأي العام يُمكن أنْ يُشكل حسب الحاجة. سأساعدُكِ في تكوين جوٍ يدعمُ الانفصال.”
لكن فريجيا هزّت رأسها مرةً أخرى.
“إذا تطلقت، لَن أكون زوجة الكونت إليزيوم بعد الآن. سيتعين عليِّ العودة إلى بلدي. في مملكة فالينتا، هُناك قواعدٌ صارمة تتطلب مِن النساء أنْ تحتفظ بحمايتهن.”
قبل الزواج، كان والدُها يحميها، وبعد الزواج، كان زوجها، وبعد وفاته، كان مِن واجب أشقائها أو أبنائها…
تظلّ النساء في مملكة فالينتا محاصراتٍ تحت ظلّ الرجال طوال حياتهن.
“في بلدي، لا يوجد حتى كلمةُ طلاق. لكن في كثير مِن الأحيان، تُعتبر المرأة التي تفر مِن زوجها مجرمة، ويتم اقتيادها إلى عائلتها أو عائلة زوجها، ويُفرض عليها عقوباتٌ صارمة.”
“عقوبات؟”
“يحبسونها في غرفةٍ دوّن طعام ويضربونها… وفي أسوأ الأحوال، سوف تموت.”
تجمد وجه أرتيا.
“كنتُ أعتقد أنْ حقوق المرأة ضعيفةٌ في الإمبراطورية، لكن يبدو أنْ هُناك أماكنٌ أسوأ.”
لذا، فإنْ الطلاق سيكون أسوأ قرارٍ لفريجيا. بدلاً مِن ذَلك، إذا قرر الكونت إليزيوم الطلاق، فسيتعينُ عليها أنْ تمنعه بطريقةٍ ما.
“يجبُ أنْ نركز على منع الكونت إليزيوم مِن مُمارسة العنف أكثر مِن التركيز على الانفصال.”
بالطبع، لَمْ يكُن الأمر سهلاً.
فلا يُمكن للإنسان الذي يضربُ زوجته أمام ابنته الصغيرة أنْ يستمع إلى توسلاتها ليتوقف عن ضربها.
ومع ذَلك، هُناك طرقٌ مُختلفة لتحريك الناس. على سبيل المثال…
“ماذا لو جعلناهُ غير قادرٍ على الضرب حتى لو أراد؟”
ومع بقايا الدموع في عينيها، نظرت فريجيا بدهشة.
“مثل أنْ نجعل جسدهُ مشلولًا إلى درجة أنهُ لَن يستطيع حتى أنْ يؤذي زهرةً نمت في الحقل؟”
“ماذا؟!”
نظرت فريجيا إلى أرتيا بعيونٍ مُتسعة.
استمرت أرتيا في حديثها.
“يُمكننا التلاعب بالأمر بحيث يبدو كحادث. مِن المُمكن تمامًا أنْ يؤدي ذَلك إلى فقدان أحد الأعضاء، أو حتى إلى الموت، لكن…”
نظرت فريجيا إلى أرتيا بصدمةٍ.
كانت أرتيا رقيقةً جدًا، لدرجة أنها بدت وكأنها قد تذوب في الهواء. كان لون عينيها الوردي يبدو ضعيفًا للغاية، بحيث لا تستطيع حتى قتل نملة.
ما الذي تقوله تلكَ الفتاة؟ هل هي تمزح؟
عندما رأت أرتيا تعبير فريجيا المُتجمد، عَبُست.
“حتى لو فعلتُ أشياء فظيعة، أليس مِن غيرِ المرغوب أنْ نصل إلى هَذا الحد مع زوجكِ؟”
عندها أدركت فريجيا أنْ كلمات أرتيا لَمْ تكُن مُجرد خيالٍ أو تهكم، بل كانت صادقة.
‘لقد كنتُ أعتقد أنها مُجرد شخصٍ لطيف تسمعُ للآخرين، ولكنها لَمْ تكُن كذَلك.’
كانت أرتيا تُخفي مخالبها الحادة مثل قطةٍ، ويُمكن أنْ تستخدمها في أيِّ وقت عند مواجهة العدو.
‘لو كانت هَذهِ المرأة تعتبرُني عدوة، لكان الأمر مُختلفًا تمامًا.’
شعرت بالارتعاش عند التفكير فيما كان سيحدث إذا اعتبرت أرتيا نفسها عدوةً لها.
وفي الوقت نفسه، أساءت أرتيا تفسير تعبير وجه فريجيا الشاحب.
‘أوه، يبدو أنني أخترتُ قصةً مًخيفةً جدًا.’
حاولت أرتيا تهدئة فريجيا، مثلما تفعل مع طفلٍ خائف.
“إذا كنتِ لا تُريدين إيذاء الكونتإليزيوم، هًناك طريقةٌ أكثر اعتدالًا.”
“ما هي؟”
بدت فريجيا مُستعدةً لقبول أيِّ شيء، طالما لَمْ يكُن يتضمن إيذاء زوجها.
فجأةً، قالت أرتيا جملةً صادمة.
“علينا الإبلاغ عن الكونت إليزيوم في المحكمة.”
أصيبت فريجيا بالذهول، وأخذ الأمر وقتًا لتستوعبه.
“الإبلاغ؟”
أومأت أرتيا برأسها.
“المحكمة العليا في الإمبراطورية تتعامل مع قضايا النبلاء. مِن ضمن مهامها الوساطة بين العائلات، لكن يُمكن الإبلاغ عن الأمور التي تحدُث داخل الأسرة أيضًا.”
عادةً ما تتعلق هَذهِ القضايا بالوراثة أو حقوق الملكية. أما الإبلاغ عن العُنف، فهو نادرٌ للغاية.
ولَن تستطيع الزوجة أنْ تُبلغ عن زوجها.
رأت أرتيا وجه فريجيا الشاحب وفهمت ما تشعرُ به.
“أعلم أنْ الأمر ليس سهلاً. لكن الكونت إليزيوم ليس شخصًا سيتوقف عن العُنف إذا طلبتِ منهُ ذَلك. هو بحاجةٍ إلى عقوبةٍ صارمة. إذا أصدرت المحكمة حكمًا يمنعهُ مِن إيذاء زوجتهِ مرةً أخرى، فَلَن يجرؤ على التصرف بهَذهِ الطريقة.”
تتمتع المحكمة بسلطةٍ مُستقلة تفصل بينها وبين الإمبراطورية. حتى النبلاء المُتعجرفين يجدون صعوبةً في تجاهل أحكام المحكمة. وإذا ضربها مرةً أخرى بعد تجاهل أوامر المحكمة، فقد ينتهي بهِ الأمر في السجن.
ومع ذَلك، لَمْ تستطع فريجيا أنْ تومئ برأسها بسهولة.
تحدثت بعد فترةٍ مِن الصمت.
“إذا قمتُ بالإبلاغ، سيعرفُ الجميع أنني أتعرضُ للضرب على يد زوجي، أليس كذَلك؟”
“نعم.”
عضت فريجيا شفتيها.
“كم سيكون مُحزنًا أنْ يعرف الجميع أنْ المرأة الجميلة والنبلية تعيشُ تحت ضرب زوجها.”
بالإضافة إلى ذَلك، إذا أُضيفت إلى ذَلك تهمة إبلاغها عن زوجها، فإنْ سمعة فريجيا التي بنتها على مدار السنوات الخمس الماضية ستنهارُ مثل قلعةٍ مِن الرمل.
رُبما لَن تتمكن مِن الظهور في المُجتمع مرةً أخرى.
‘الأهم مِن ذَلك، سيشعرُ زوجي بخيانة هائلة تجاهي.’
عندما تخيلت زوجها الوسيم وهو يحمل السوط، اختنقت أنفاسها. اجتاحت مشاعرُ الخوف جسدها.
‘ما الذي أفكرُ فيهِ الآن؟ الإبلاغ عن زوجي هو أمرُ غير معقول…’
في تلكَ اللحظة، تحركت إليزابيث، التي كانت نائمةً على ركبتي فريجيا، وهمست بكلماتٍ غير واضحة.
“أمي، لا تؤذيها…”
“……!”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
《واتباد: cynfti 》 《انستا: fofolata1 》